أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


خاطرة في قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا"

في هذه الآية الكريمة عجائب يعجز العقل عن الإحاطة بها. ذلك لأن الله تعالى أخبر أنه يصلي على المؤمنين وملئكته كذلك. والإخبار عن صلاته بصيغة الفعل المضارع يدل على استمراية الصلاة وعدم انقطاعها. ثم أخبر عن سبب الصلاة وذلك كي يخرج المؤمنين من الظلمات إلى النور أو ليكون عاقبة ذلك خروجهم من الظلمات إلى النور. وهذا يعني أنه يصلي عليهم وهم مازالوا في الظلمات. وجمع الظلمات يدل على تعددها فقد تكون ظلمة الجهل والظلم وغير ذلك. وهذا من أعظم مظاهر رحمته ولذلك ختمت الآية بقوله وكان بالمؤمنين رحيما.

ونفهم من ذكر صلاته على المؤمنين ثم لعنته للكافرين، واللعن هو السب والطرد والابعاد، أن الصلاة على المؤمنين تتضمن معاني الثناء عليهم وتقريبهم وصلتهم ورحمتهم. رغم أنهم ما زالوا في الظلمات، فأي خير أعظم من هذا؟

ثم عطف على صلاته على المؤمنين صلاة ملئكته أيضا، وإن كانت صلاته كافية شافية. وذلك يدل على قبول شفاعة ملئكته، وكمال تكريمه لهم. ويدل كذلك على كرم ملئكته وشرفهم، لأنهم وهم المطهرون من الذنوب يصلون على المؤمنين رغم تلبسهم بالذنوب والمعاصي. فلماذا لايقتدي صالحوا المؤمنين بالملئكة ويدعون لعصاة المسلمين بالهداية والصلاح؟

وتدل هذه الآية الكريمة أن صلاة الله لاتقتصر على النبي وآله فقط بل هي لعموم المؤمنين. وإن كانت صلاته على النبي، صلى الله عليه وسلم، أعظم وآكد لأنه خصه بها في قوله : "إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"، ولأنه أكدها بإنّ ولأنه أوجب على المؤمنين الصلاة والسلام عليه.

ومن هنا يظهر جهل البعض باعتقادهم أن الصلاة خاصة بالنبي وأهل بيته فقط، رغم أن الله تعالى أمر نبيه، عليه السلام، بالصلاة على المؤمنين بقوله: " وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ" وفي صحيح مسلم، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أُتِيَ بصدقة قوم صَلَّى عليهم، فأتاه أبي بصدقته فقال: "اللهم صَل على آل أبي أوفى". وفي الحديث الآخر: أن امرأة قالت: يا رسول الله، صلّ عليَّ وعلى زوجي. فقال: "صلى الله عليك، وعلى زوجك" رواه أبو داود والنسائي.

اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.