السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إليكم أحباب قلبي ..
الحلقة الثانية .. من الاضطرابات جسدية الشكل
أرجو أن تستفيدوا من طرحي الهادف ..
ثانياً : عُصاب الهستيريا ( اضطراب التحول ) :
يتميز بتغير أوفقدان وظيفة جسمية تنتج عن صراع نفسي أو حاجة نفسية , ويعي مريض هذا الاضطراب الأساس النفسي لأعراضه , ولكنه لا يتمكن من التحكم فيه بإرادته .
وأكثر أعراض هذا الاضطراب شيوعاً تلك التي توحي بمرض عصبي مثل شلل الأطراف مع بقاء الجهاز العصبي سليماً , واحتباس الصوت حيث يعجز المريض عن النطق والكلام ، ونوبات التشنج , واضطراب التحكم الحركي ، العمى الهستيري , الرؤية الأنبوبية ، وفقدان حاسة الشم ، وتنمل في جزء أو كل الجسم .
وفي حالات نادرة تحدث الأعراض التحولية في الجهاز العصبي المستقل أو جهاز الغدد الصماء , فالتقيؤ يعتبر كعرض تحولي يمكن أن يمثل رفض وقرف , والحمل الكاذب يمكن أن يمثل وجود رغبة في الحمل والخوف منه معاً .
- وهناك آليتان لتفسير تكون الأعراض التحولية :
الأولى : المكسب الأولي :
حيث يحتفظ الشخص بصراعاته الداخلية أو حاجاته النفسية التي لم تجد طريقاً للتعبير عن نفسها , فتُكبت من قبل الأنا في منطقة اللاشعور بعيداً عن دائرة الوعي .
وهناك علاقة مبدئية بين المثير البيئي الذي له علاقة بالصراع النفسي أو الحاجة النفسية المكبوتة أو بدء تفاقم المرض مثل الاستفزاز الذي يولد صراعاً داخلياً حول التعبير عن الغضب فيعبر هذا الصراع باحتباس الصوت أو رؤية منظر صادم يثير صراعاً عنيفاً يعبر عنه بعمل هستيري .
الثانية : المكسب الثانوي :
تُستعمل الأعراض الهستيرية على المستوى اللاشعوري من أجل حماية الذات ، كالجندي الذي يشعر بالخوف والهلع في ساحة المعركة قد تُصاب أطرافه بالشلل مع بقاء الجهاز العصبي سليماً فيجتنب حمل السلاح بالإضافة إلى ما يكسبه هذا من عطف المحيطين به واهتمامهم .
ويبدأ هذا الاضطراب في أي مرحلة من مراحل العمر ، وتكون بدايته مفاجئة نتيجة تعرضه لموقف ضاغط ، كما يكون الشفاء بشكل مفاجئ أيضاً ويؤثر اضطراب التحول على أداء الشخص الوظيفي والحياتي ، وكثيراً ما يعوقها ، إذ أن الفقدان الطويل لوظيفة جسمية قد ينتج عنه مضاعفات حقيقية مثل تقوس الأطراف أو ضمور العضلات المشلولة بسبب إهمالهما وعدم حركتهما .
* أسباب عصاب الهستيريا :
أ- عوامل بيولوجية :
يعتقد البعض أن اضطراب التحول هو صورة اضطراب في يقظة جهاز المرضى العصبي المركزي ، وإن الأعراض تنشأ من فرط اليقظة القشرية التي تولد تغذية مرتجعة سالبة بين القشرة المخية والجاهز المنشط الشبكي في جذع الدماغ وزيادة معدلات (corticofugal output ) الذي يثبط النبرات الحسية الحركية الصاعدة ، وهكذا يقل الوعي بإحساسات الجسم التي تظهر في بعض مرضى اضطراب التحول كنقص حسي .
ب- عوامل نفسية :
تُفسر النظرية التحليلية اضطراب التحول على أنه كبت الصراعات الداخلية اللاشعورية وتحويل القلق إلى عرض جسمي ، ويقع الصراع بين رغبة غريزية (عدوانية أو جنسية ) وبين حرمة التعبير عنها أو منعها فيظهر العرض ليسمح بالتعبير الجزئي للرغبة الممنوعة والتي لا يتقبلها المريض ولا يستطيع أن يواجهها شعورياً ، أي أن العرض التحولي له علاقة رمزية بالصراع اللاشعوري .
* تشخيـص عصاب الهستيريا :
1- ملاحظة فقدان أو تغير في وظيفة جسمية بما يوحي باضطراب عضوي .
2- وجود عوامل نفسية اجتماعية لها علاقة سببية مبدئية بالأعراض ، ولها علاقة بصراع داخلي أو حاجة نفسية تسبب ظهور العرض أو تفاقمه .
3- لا يكون الشخص متمارضاً ولا يقصد إحداث الأعراض .
4- بعد إجراء الفحوصات اللازمة يلاحظ الطبيب عدم وجود أسباب عضوية أو مرض جسمي يفسر العرض .
5- لا ينحصر العرض في الشعور بالألم أو اضطراب الوظيفة الجنسية
التشخيص الفارق :
1- بعض الأمراض الجسمية ذات الأعراض الغامضة والمتعددة مثل التصلب المتناثر أو مرض الذئبة الحمراء الجهازي ، وخاصة في المراحل المبكرة من المسار فقد يخطئ الطبيب في تشخيصه على أنه اضطراب التحول , ويتم تشخيص اضطراب التحول إذا كانت الأعراض لا تتفق مع أعراض مرض جسدي عضوي معروف ، كالشكاوي التي تكون غير متناسقة مع التوزيع التشريحي للجهاز العصبي أو وظيفة حركية جيدة لجزء من الجسم مفترض أنه مشلول أو عمى هستيري ، لكن توجد استجابات سوية للبؤبؤ .
2- الأمراض الجسمية التي تلعب فيها العوامل النفسية دوراً هاماً مثل القولون المتصلب ، أو أزمة الربو القصبي ( الشعبية ) لا يجب تشخيصها على أنها اضطراب تحول لأن لها أسباباً مرضية محددة أو أسباباً باثوفسيولوجية مسئولة عن الاضطراب .
3- اضطراب التجسيد ونادراً الفصام : عندما تعزى الأعراض لأي من هذين الاضطرابين لا يشخص على أنه اضطراب التحول .
4- الاضطرابات الجنسية : نظراً لصعوبة تحديد ما إذا كان اختلال الوظيفة الجنسية يمثل تفاعلاً فسيولوجياً للقلق ، أو أنه تعبير مباشر عن الحاجة النفسية أو الصراع النفسي ، بالإضافة إلى وضع كل الاضطرابات الجنسية معاً في مجموعة ، فإن الأعراض التحولية التي تتضمن اختلالاً في الوظيفة الجنسية لا تشخص على أنها اضطراب التحول .
5- الألم الجسمي الشكل : لاختلاف مسار المرض وعلاجه ونتائجه ، فإنه يوضع كاضطراب منفصل وإن كانت أعراضه تدل على أنه عرض تحولي .
6- توهم المرض : حيث توجد أعراض جسمية ولكن لا يوجد فقدان أو تشوه فعلي لوظائف الجسم .
7- اضطراب استحداث أعراض جسمية : تحدث الأعراض فيه عن قصد ويصعب تمييز نوبات صرعية هستيرية عن نوبات أخرى مستحدثة .
8- ادعاء المرض : يكون فيه ادعاء المرض عن قصد ولهدف واضح .
* علاج عصاب الهستيريا :
يتم العلاج عن طريق إخبار المريض بعدم وجود خلل عضوي في جسده وأن العرض سوف يختفي مع الوقت .
والطريقة المثلى في علاج اضطراب التحول هو العلاج النفسي ، وخاصة العلاج النفسي التحليلي الذي يهدف إلى استكشاف الصراعات النفسية الداخلية وفهم جوانبها ورمزية العرض وأسباب حدوثه ، وهو مفيد جداً في علاج هذه الحالات مقارنة بعلاج التنويم المغناطيسي والأدوية المضادة للقلق وتمارين الاسترخاء فإنها جميعاً تفيد أحياناً ولكنها تزيل العرض بشكل مؤقت .
وقد يستلزم الحقن الوريدي لأميتال الصوديوم لأخذ التاريخ المرضي خاصة في حالات الصدمات العاطفية من أجل مساعدة المريض على إزالة الصراعات المكبوتة وإعادة معايشة الصدمة ، ويلاحظ أن استمرار العرض لفترة طويلة يثبت العرض ويعود المريض على استمرار تقمص الدور المرضي .
(( انتظروا الحلقة الثالثة من سلسلة الاضطرابات جسدية الشكل ))
أختكم المحبة // دفا المشاعر
رد مع اقتباس
