أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد :
فالطريق إلى معرفة الله سبحانه وتعالى بأسماءه وصفاته عند الأشاعرة ليست ببعيدة عن هذا المثال الذي أضربه لك أخي القارئ...
فمثلهم في صفات الله سبحانه وتعالى كمثل رجل سمع عن فلان من الناس بأنه عظيم في قومه مبجل بين أقرانه ،فأراد أن يتعرف عليه وعلى صفاته التي تميز بها عن غيره مما جعله في هذه المنزلة فسأل عنه فقيل له :
أنظر إلى هذه الحشرة الحقيرة وإلى صفاتها ،فكل ما تتصف به هذه الحشرة الحقيرة من أوصاف فلا يتصف به فلان هذا !!!
فهل وقفت على عظيم قدره وجلالة منزلته ؟!

فهؤلاء اعتمدوا في وصف ربهم على سلب مالا يليق به سبحانه من صفات النقص التي يتصف بها المخلوقين ، وهذا معنى لا بأس به على الإجمال ،وفي حدود ما جاء في نصوص الشريعة ، ولكن لا يعتمد عليه ابتداءا في معرفة الله سبحانه وتعالى ولا في وصفه بصفات الكمال ، فالسلب المحض ليس بشيء لأنه يساوي العدم ،بل ويستوي معه العدم فيس ذلك الوصف ،والوصف بعدم الشيء ليس فيه كمال ولا مدح ،وإنما يعتمد في ذلك على الأوصاف الثبوتية التي تقوم بالموصوف ،فيتمدح بما قام فيه لا في ماليس فيه مما قام في غيره ، ثم إذا نفي عنه صفة لا تليق به فإنما تنفى عنه للتدليل على إثبات كمال ضدها ، لا لمجرد النفي ،كقوله سبحانه " الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم " فنفي السنة والنوم كان لإثبات كمال القيومية والحياة له سبحانه ،أما النفي المحض الذي لا يلزم منه إثبات فليس بمدح مطلقا ، وهذا للأسف هو منهج الأشاعرة !

فقالوا إن الله سبحانه وتعالى ليس بجسم ولا عرض ولا جوهر وليس في جهة وليس له حد وهو لا داخل العالم ولا خارجه ، ولا فوق ولا تحت ولا يمين ولا سشمال وأمام ولا خلف ...إلخ
ثم بنوا على ذلك أن كل ما يلزم منه ثبوت هذه المعاني أو أحدها من نصوص الكتاب أو السنة فإنه يجب تأويله أو تفويض معناه ...
فعلطوا جميع صفات الرب سبحانه وتعالى الفعلية المتعلقة بمشيئته وإرادته بحجة أنه يلزم منها قيام الحوادث بذاته سبحانه وتعالى ، ولأن من قامت به الحوادث فهو حادث والله سبحانه قديم ..
وعطلوا جميع صفات الله الذاتية بحجة أنها يلزم منها اختصاصه بالجهة والحيز وهذا يلزم منه التركيب والجسمية !
فإذا عرفت أن ثلث كتاب الله سبحانه وتعالى أو يزيد يدور حول هذه الصفات وإثباتها لله سبحانه وتعالى وقفت على حجم الجناية التي قام بها هؤلاء في تحريف الدين والخروج عن قواعده ...
فهؤلاء انطلقوا في التعامل مع نصوص الكتاب والسنة من خلال قواعد ومصطلحات وضعية كلامية فلسفية زعموا انها أدلة عقلية يقينية ! فأولوا وفوضوا وأثبتوا بناءا عليها ثم زعموا أنهم بذلك عرفوا ربهم وأثبتوا له الكمال المطلق !!!
وكل هذا مع اعترافهم أن هذه الطرق وهذه المصطلحات لم يكن يعرفها النبي صلى الله عليه وسلم المبلغ عن ربه ولم يكن يعرفها صحابته الكرام والتابعون لهم بإحسان الذين هم حفظة الدين وناقلي الشريعة ،وأئمة الأمة ، فهل لهؤلاء أن يتاملوا قليلا في حالهم وأن يقفوا وقفة ليتدبروا في شأنهم ،فوالله إنهم لعلى خطر عظيم وخطب جليل انتبه إليه بعض ائمتهم قبل موتهم فتمنوا أن كانوا على دين العجائز .
فنسال الله لنا ولهم الهداية والتوفيق .