شجعوا الطلاب على القراءة يا وزارة التعليم
--------------------------------------------------------------------------------
لا نريد للأجهزة أن تحل محل الكتب
قرأت المقالين اللذين كتبهما الدكتور محسن الشيخ آل حسان، وكان المقال الأول بعنوان: لماذا لا نخصص أحد المهرجانات للدعوة للقراءة ونشر في جريدة الجزيرة بتاريخ 27 من ذي القعدة 1428هـ العدد 12853 والثاني بعنوان (هل صحيح أننا شعب لا يقرأ.. ولماذا؟!! ونشر بتاريخ 6 من ذي الحجة 1428هـ العدد 12861.وكانت الجزيرة قد نشرت مقالاً للدكتور عبدالمجيد محمد الجلاّل بعنوان (سيظل خير جليس) يوم الجمعة 27 من ذي القعدة العدد 12853.والمقالات الثلاثة تجمع على أهمية القراءة وأنها من أهم روافد ومصادر الثقافة، وأنه لا يمكن لأي أمة من الأمم أن تنهض وترتقي في سلم العلم والمعرفة والصناعة وجميع جوانب الحياة إلا بقراءة جادة منظمة مستمرة.والدكتور آل حسان يشير إلى جوانب مهمة في الموضوع منها:
1- إن عندنا عزوف عن القراءة.. واستبدالها بوسائل تثقيفية أخرى!!
2- إن بعض الدول قد خطت في طريق ترغيب الناس في القراءة خطوات رائعة جادة.
3- إن دولاً وشعوباً سبقتنا في اكتشاف واستعمال وسائل الثقافة الحديثة ومع ذلك فمتوسط القراءة عندهم أن الفرد منهم يقرأ سنوياً ما بين (11 و12) كتاباً، بينما معدل القراءة عند العرب هو ربع إلى نصف كتاب سنوياً!!
واقترح الدكتور آل حسان اقتراحات رائدة وأهمها:
1- أن تخصص أمانة مدينة الرياض أحد مهرجاناتها السنوية للقراءة، واقترح أن يكون هناك مهرجان للأطفال ومهرجان للشباب وآخر للكبار رجالاً ونساء.
2- خطوات مهمة لتدريب الأطفال والأولاد على القراءة وترغيبهم فيها، وتشترك في ذلك دور التربية والتعليم والمنازل التي يوجد بها أولئك الأولاد. ولقد أحسن الدكتور محسن حينما اختار هذا الموضوع وكتب عنه، وأحسن في عرضه، فإن تردي مستوى القراءة بلغ عندنا حداً لا يليق السكوت عنه، وهو ينذر بمستقبل سيطول فيه ندمنا، ولقد وجدت أن ما وصلنا من وسائل وأدوات وأجهزة حديثة في مجال الثقافة والإعلام قد تركت أثراً سيئاً جداً على نظرتنا وحبنا ورغبتنا في القراءة.. والناظر لسوق أجهزة الحاسبات الآلية على اختلاف أنواعها وأحجامها وأشكالها وما يرتبط بها من أجهزة يفوق في حجمه وقيمته النقدية سوق الكتاب مئات المرات، ولذلك فقد حل الجهاز محل الكتاب، رغم غلاء ثمن الجهاز وصعوبة نقله، والعقبات التي تعترض من يتعامل معه.. فالكتاب رخيص الثمن، سهل الحمل، وهو كذلك مصدر موثوق للمعلومات، وحكم عدل بين المتخاصمين. ومع ذلك فإن النفوس لا تميل إليه ما لم يكن لها دوافع قوية ومغريات كبيرة وأهداف سامية.لقد كانت أول آية نزلت من القرآن الكريم هي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، ولأمر أراده الله سبحانه وتعالى جاء الأمر بالقراءة في ذلك الوقت المبكر من دعوة الإسلام، وقبل أن تفرض أركان الإسلام وواجباته.. وفي ذلك دلالة كبيرة وقوية على:
- أن الإسلام دين العلم والحضارة.
- أن القراءة طريق مهم وأمثل للعلم والحضارة والرقي.
فضل القراءة ومكانتها بين وسائل العلم والثقافة والوعي، فبها يفقه المرء دينه ويزيل ظلام الجهل والأمية، ويستنير عقله، وتنمو ملكاته، وتبرز مواهبه، وتسمو آماله وطموحاته.ويوم أن علم المسلمون الأولون ذلك وتيقنوا منه بنوا حضارة شهد بها العالم كله، وصارت لهم هيبة بين الأمم وضمتهم (حكومة) واحدة ودولة واحدة كانت غرّة في جبين التاريخ.أما اليوم فقد ضعف المسلمون وتفرقوا وهانوا على أعدائهم لأسباب كثيرة يأتي في مقدمتها إهمالهم للعلم وخمولهم عن أسبابه الحقيقية وميلهم إلى الترف وقعود همهم وطموحاتهم.والسؤال الذي يجب أن نكرره ونتفق على جوابه: هل ستغني وسائل العلم الحديثة ووسائل الإعلام الجديدة عن القراءة والكتاب؟!! وهل تحل محله وتأخذ مكانه وتلغي دوره.يقول الفاهمون: لا، وتقول مؤسسات الإنتاج الإعلامي: لا، وتقول شركات الحاسب: لا، ولقد رأينا -كما ورد في مقدمة هذا المقال- الدول والشعوب غير العربية وهي من تفوقت في صناعات الحاسب واستعمالاته المختلفة مع هذا نراهم أكثر اهتماماً بالكتب وأكثر قراءة لها، ورأينا أن ما يباع ويوزع عندهم من الكتب أضعاف ما عندنا.. فلم يكتفوا بالجهاز وهم صانعوه، ولم يقولوا إن الجهاز يغني عن الكتاب وهم مبدعوه!!وإلى كل مسؤول عن التعليم في بلادنا أسوق هذه الشكوى، وأبث هذا الأمل: فالطلاب من أحوج الناس للقراءة فشجعوها لديهم، والمجتمع بعامة محتاج إلى الكتب بأنواعها، فهيئوها له، والمدرسون لابد أن يقرؤوا، فأين المكتبات التي توفر لهم الكتب القديمة والحديثة.. ولقد ساءني ما سمعت من توجه وزارة التربية للوسائل الحديثة المعتمدة على الجهاز فقط وتوقفها عن إمداد مكتباتها بالكتب بحجة التطوير والتحديث ومواكبة النهضة الحديثة!!فهل من مراجعة لذلك التوجه تتسم بالشمولية والعمق والدراسة المتأنية، إنه أمل نقدمه للمسؤولين عن التربية والتعليم ومديري جامعات المملكة وهم من يرعى تعليم أبناء وبنات بلادنا الكريمة أن يولوا الكتاب عنايتهم ويوفروا في المكتبات ما يحتاج له الباحثون وما يطلبه الدارسون من كتب قديمة هي المراجع والمصادر في كل التخصصات وما يخرج من مؤلفات حديثة تثري العلم والمعرفة وتقدم المزيد والجديد في كل علم وفن.. ويجب أن نعلم جميعاً أن المعلومة في الجهاز تؤخذ من الكتاب، فالكتاب مرجع موثوق ولا يمكن للجهاز أن يقدم المعلومة كما يقدمها الكتاب.فتلقي المعلومة من الكتاب تشترك فيه حواس كثيرة ويمكن إعادته وتكراره وبعكس ذلك الجهاز.أمل ورجاء من كل أب ومعلم عاشوا مع الكتاب ونعموا معه بمتعة لا تعادلها متعة، وسما بهم إلى منازل العلماء والفقهاء.. فهل سيجد هذا النداء استجابة ويجد هذا الأمل من ينهض به، لعل وعسى.
عبدالعزيز بن صالح العسكر - الدلم
http://www.al-jazirah.com/93052/rv1d.htm