أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


حديث « سبحان الله وبحمده : عدد خلقه , ورضا نفسه , وزنة عرشه ومداد كلماته » ( ثلاث مرات إذا أصبح ).
__________
هذا الحديث مداره على محمد بن عبدالرحمن مولى آل طلحة يرويه عن كريب عن بن عباس  ((أَنَّ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ، كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ، فَغَيَّرَ النَّبِيُّ  اسْمَهَا، وَكَرِهَ أَنْ يُقَالَ: خَرَجَ مِنْ عِنْدِ بَرَّةَ، فَسَمَّاهَا جُوَيْرِيَةَ))
((فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَجَعَ إِلَيْهَا بَعْدَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ، وَهِيَ عَلَى حَالِهَا، فَقَالَ: " لَمْ تَزَالِي عَلَى حَالِكِ بَعْدُ ؟ "، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: " إِنِّي قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِجَمِيعِ مَا قُلْتِ، لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ))
ورواه عن محمد بن عبدالرحمن كلٌ من :
1- سفيان بن عيينة .
2- مسعر بن كدام .
3- عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي.
4- شعبة بن الحجاج .
5- سفيان بن سعيد الثوري . رحم الله الجميع .
(( أولاً )) رواية سفيان بن عيينة :
فأمَّا سفيان بن عيينة فرواه عن محمد بن عبدالرحمن واختلف عليه فيه فتارة يجعله من حديث بن عباس  وتارة يجعله من حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها :
فأما روايته عن بن عباس  فيرويها عنه :
1- عبدالغني بن رفاعة بن أبي عقيل.
في ((شرح مشكل الآثار للطحاوي برقم (6033)
2- وداود بن أمية.
عند ((أبي داود (1503) ومن طريقه البيهقي في الأسماء والصفات (425))
3- وعبدالجبار بن العلاء.
في ((صحيح بن خزيمة (753) والتوحيد له (5) و (233) وبن حبان (832) والهروي في الأربعين في دلائل التوحيد برقم (11))
4- وعبدالله بن الزبير الحميدي.
في ((مسند الحميدي (496) و من طريقه البيهقي في الدعوات الكبير (127) وبن حجر في نتائج الأفكار (1/51)
5- ومحمد بن عبدالله بن يزيد المقريء .
في ((السنن لكبرى للنسائي (9916) وعمل اليوم والليلة له (161))
6- وعمرو الناقد
عند ((مسلم (5729) حيث روى المقطع الأول وقال :(( واللفظ لعمرو )) وجعله من مسند بن عباس  ))
7- ومحمد بن سعيد بن غالب .
في ((الترغيب والترهيب لقوام السنة (760) )
8- ومحمد بن سعد صاحب الطبقات
في ((الطبقات الكبرى لابن سعد (8/94))
جميعهم عن سفيان بن عيينة عن محمد بن عبدالرحمن عن كريب أبي رشدين قال :سمعت ابن عباس يقول خرج رسول الله  من عند جويرية بنت الحارث ذات غداة حين صلى الصبح وكان اسمها برة فحول اسمها وسماها جويرية وكره أن يقال : خرج من عند برة ، فخرج وهو في المسجد ثم رجع بعد ما تعالى النهار فقال:(( ما زلت في مجلسك هذا منذ خرجت بعد ؟)) قالت :(( نعم)) فقال :(( لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت اليوم لوزنتهن = سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته.) فجعلوا الحديث من مسند عبد الله بن عباس 

وأما روايته عن جويرية فيرويها عنه كلٌ من :
1- يحي بن حكيم
في ((صحيح بن خزيمة (753))
2- وقتيبة بن سعيد
عند ((مسلم (6913) والحسن بن سفيان في مسنده ذكره بن حجر في الإصابة (4/267) ونتائج الأفكار (1/51))
3- ومحمد بن أبي عمر
عند ((مسلم (9613) والطبراني في الكبير (162) وفي الدعاء (1742) والآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (صـ612-613) وبن حجر في نتائج الأفكار (1/51))
4- وعلي بن المديني
عند ((الطبراني في الكبير (163) والبغوي في شرح السة (1260) وفي تفسيره (6/265) والبخاري في الأدب المفرد (647) والدارمي في الرد على الجهمية (300) ومن طريق الدارمي أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (604) لكن جعله من مسند بن عباس  . ))
جميعهم رووه عن سفيان بن عيينة عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ جُوَيْرِيَةَ أَنَّ النَّبِىَّ  خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِىَ فِى مَسْجِدِهَا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِىَ جَالِسَةٌ فَقَالَ « مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِى فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا ». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ النَّبِىُّ  « لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ، وَرِضَا نَفْسِهِ ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ ،وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ))
وجعلوه من مسند جويرية بنت الحارث رضي الله عنها .
وبالنظر إلى هذين الطريقين يمكن ترجيح إسناد سفيان لهذا الحديث عن بن عباس  وذلك للأسباب التالية :
((الأول)) :أن الذين رووه عن سفيان بن عيينة من حديث بن عباس  أكثر عدداً
و لاشك أنَّ من المرجحات توافر العدد الكثير في رواية الحديث فهو مقدم على العدد القليل لاحتمال نسبة الخطأ فيه أقل من العدد القليل
((الثاني)) :أنَّ من ضمن هذا العدد الكثير من هو مقدم على غيره عند الترجيح لا ختصاصه بسفيان بن عيينة ألا وهو = عبدالله بن الزبير الحميدي الذي قال فيه أبو حاتم:(( أثبت الناس في بن عيينة الحميدي وهو رئيس أصحاب بن عيينة وهو ثقة إمام ))،
((انظر تهذيب الكمال (14/513) والجرح والتعديل (5/75))
(( الثالث )) يضاف إلى ذلك قول البخاري عقب إخراجه لهذا الحديث في الأدب المفرد : (( حدثنا علي قال: حدثنا به سفيان غير مرة قال : حدثنا محمد عن كريب عن بن عباس : ان النبي  خرج من عند جويرية ولم يقل عند جويرية إلا مرة)) فعلي بن المديني يقرر أنَّ سفيان حدث به مرات عديدة عن بن عباس  دون أن يذكر جويرية إلاَّ مرة واحدة ، ولعلها هي المرة التي سمع فيها يحي بن حكيم ، ومحمد بن عمر، وقتيبة بن سعيد هذا الحديث من سفيان وجعله من مسند جويرية رضي الله عنها .
(( الرابع )) ويؤيد ذلك ما رواه البيهقي في شعب الإيمان (604) من طريق الدارمي عن علي بن المديني بسنده إلى بن عباس  فقط ، كما سبق التنبيه عليه آنفاً .
وعليه فتترجح رواية بن عباس  على رواية جويرية حينئذٍ للأسباب السابقة .
ولهذا يقول أبو زرعة الرازي كما في العلل لابن أبي حاتم برقم (2111) :(( قالَ أَبُو مُحَمَّد – يعني عبدالرحمن بن أبي حاتم - : وَرَواهُ ابن عُيَينَةَ ، عَن مُحَمَّد بن عَبد الرَّحمَن ، عَن كريب ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ .
قالَ أَبُو زُرعَةَ : الصَّحِيح : عَنِ ابنِ عَبّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ .))أهـ
لكن هذا الاختلاف لا يعد اضطراباً من سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى. لاحتمال أن يكون ابن عباس  سمعه من جويرية  ، فكان يحدث بهذا الحديث عنها تارةً ، وتارة أخرى يحدث به عن نفسه ، فنقل عنه الوجهين مولاه أبو رشدين كريب ،وعن كريب تلقاهما محمد بن عبدالرحمن فنقل عنه من روى هذا الحديث بهذين الوجهين .
ولهذا اختلف الرواة لهذا الحديث فمنهم من جعله عن بن عباس  عن جويرية ، ومنهم من جعله عن بن عباس  ، كما سيأتي بيانه .

وقد اختلفت ألفاظ متن حديث سفيان بن عيينة بعض الشيء !!
1- فقد اتفق الجماعة وهم :((داود بن أمية )) و ((عبدالجبار بن العلاء )) و (( علي بن المديني )) و ((محمد بن أبي عمر )) و (( الحميدي )) و (( محمد بن سعيد بن غالب )) و(( قتيبة بن سعيد )) و (( يحي بن حكيم )) على رواية هذا الذكر بهذه الصيغة :(( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته))بزيادة (( وبحمده ))
2- بينما أنقصها ((عبدالغني بن أبي عقيل )) واقتصر على قوله :
(( سبحان الله عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته ))
3- وبعكسه ((محمد بن عبدالله بن يزيد المقريء )) فقد أثبتها لكنه أتى بزيادة في هذا الذكر تفرد بها عن البقية وهي :(( لا إله إ لاَ الله )) لتصبح صيغة هذا الذكر مع الزيادة هكذا :(( سبحان الله وبحمده ،ولا إله إلا الله عَدَدَ خَلْقِهِ ، وَرِضَا نَفْسِهِ ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِه))

ومن المعلوم أنَّ قول الجماعة أقرب إلى الصواب منه من قول الفرد فكل من ((عبدالغني بن أبي عقيل ، والمقريء )) = قد تفرد كل واحدٍ منهما بشيءٍ إمَّا بزيادة أو نقص .
بينما اتفق الجماعة - وعددهم ثمانية رواة- على صيغة واحدة ،لم يختلفوا فيها ، فلا شك أنَّ قولهم مقدم على غيرهم ، مع أنَّ معهم الحميدي وبن المديني وكفى بهما حجةً . والله أعلم
إذن الصيغة الراجحة في رواية سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى هي :(( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته))

(( ثانياً )) رواية مسعر بن كدام :
روى أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه برقم(30008)
وعنه مسلم في صحيحه برقم (6914)
وكذا بن ماجه برقم (3808)
وبن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (صـ612)
ومن طريق بن أبي شيبة أخرجه الطبراني في الكبير برقم (161)
وفي الدعاء برقم (1741) وبن حجر في نتائج افكار (1/51-52)
ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة برقم (7440) وفي مستخرجه كما عند بن حجر في نتائج الأفكار (1/52)
وبن منده في فوائده برقم (6) جميعهم من طريق أبي بكر بن أبي شيبة .

وروى الطبراني في الكبير برقم (161) وفي الدعاء برقم (1741) من طريق عثمان بن أبي شيبة .

وروى مسلم في صحيحه برقم (6914) من طريق محمد بن العلاء أبي كريب .

وروى إسحاق بن راهويه في مسنده برقم (2077) وعنه مسلم في صحيحه برقم (6914) ومن طريق إسحاق أخرجه أبو نعيم في مستخرجه كما ذكر ذلك بن حجر في نتائج الأفكار (1/52) والبيهقي في الأسماء والصفات برقم (687).
جميعهم أعني (( أبا بكر ، وعثمان ابني أبي شيبة ، و أبا كريب ، وبن راهويه )) عن محمد بن بشر العبدي .
وروى النسائي في الكبرى برقم (9920) وفي عمل اليوم والليلة برقم (165) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة
كلاهما أعني (( محمد بن بشر العبدي ، وأبا أسامة حماد بن أسامة )) عن مسعر بن كدام عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى رِشْدِينَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ جُوَيْرِيَةَ قَالَتْ :( مَرَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ  حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الْغَدَاةِ أَوْ بَعْدَ مَا صَلَّى الْغَدَاةَ.وَهِيَ تَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، فَرَجَعَ حِينَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ أَوْ نِصْفَ النَّهَارِ وَهِيَ كَذَلِكَ ، فَقَالَ :(( لَوْ قُلْتِ مُنْذُ قُمْتُ عَنْكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ أَكْثَرُ وَأَرْجَحُ وَأَوْزَنُ مِمَّا قُلْتِ : سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ)).
ولم يختلف أصحاب مسعر عليه لا في إسناده ولا في متنه – والحمد لله -

ورواه المسعودي وجعله من مسند عبدالله بن عباس 
(( ثالثاُ )) رواية عبدالرحمن بن عبدالله المسعودي .
فقد روى الطحاوي في شرح مشكل الآثار برقم (6063) من طريق أبي داود الطيالسي وكان قد سمع منه بعد الاختلاط ((انظر ثقات بن حبان (7/568) والمجروحين لابن حبان (2/13) وتاريخ بغداد (11/482))

وروى أحمد في مسنده برقم (3308) عن يزيد بن هارون
وكان قد سمع منه أحاديث مختلطة (انظر الجرح والنعديل (5/251) والعلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد رواية ابنه عبدالله (3/50) .

وروى بن عساكر في تاريخ دمشق (15/233) من طريق عاصم بن علي
وكان قد سمع منه بعد الاختلاط ((انظر تاريخ بغداد (11/484)) .

فهؤلاء رووا عن المسعودي بعد اختلاطه ، لكن تابعهم على رواية هذا الحديث أبو نعيم
فقد روى بن أبي خيثمة في تاريخه برقم (1841) عن أبي نعيم الفضل بن دكين
وكان قد سمع منه قبل الاختلاط ((انظر العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد رواية ابنه عبدالله (1/325) و (3/50))
لكنه روى عنه المقطع الأول الذي فيه تغيير اسم جويرية دون بقية القصة.
وتابعهم أيضاً خالد بن الحارث فقد روى النسائي في الكبرى برقم (9917) وفي عمل اليوم
والليلة برقم (162) والبزار في مسنده برقم (5211) من طريق خالد بن الحارث وكان قد سمع منه قبل الاختلاط (( انظر الكواكب النيرات (صـ293)).
ويضاف إلى ذلك ما رواه أحمد في مسنده أيضاً برقم (2900) و (3005) عن عبدالله بن يزيد المقريء لكن مقتصراً على المقطع الأول حيث لم يذكر قصة جويرية  مع النبي  .
جميعهم أعني :(( الطيالسي ، وبن هارون ، وأبا نعيم ، والمقريء ، وعاصم، وخالد )) عن عبدالرحمن بن عبدالله المسعودي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، مَوْلَى بَنِي طَلْحَةَ ، عَنْ كُرَيْبٍ ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ، قَالَ : ((كَانَ اسْمُ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ بَرَّةَ ، فَحَوَّلَ النَّبِيُّ  اسْمَهَا ، فَسَمَّاهَا جُوَيْرِيَةَ ، فَمَرَّ بِهَا النَّبِيُّ  ، فَإِذَا هِيَ فِي مُصَلاَّهَا تُسَبِّحُ اللَّهَ وَتَدْعُوهُ ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا بَعْدَ مَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ ، فَقَالَ : (( يَا جُوَيْرِيَةُ مَا زِلْتِ فِي مَكَانِكِ ؟ )) قَالَتْ :(( مَا زِلْتُ فِي مَكَانِي هَذَا ))، فَقَالَ النَّبِيُّ  : ((لَقَدْ تَكَلَّمْتُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ ، أَعُدُّهُنَّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، هُنَّ أَفْضَلُ مِمَّا قُلْتِ : سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ، وَسُبْحَانَ اللهِ رِضَاءَ نَفْسِهِ ، وَسُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، وَسُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلُ ذَلِكَ.))
قلت : رواه خالد بن الحارث واختلف عليه فيه :
حيث روى عنه ((محمد بن عبد الأعلى )) و ((عمرو بن علي)) عن المسعودي كما مرَّ معنا .
وروى النسائي في الكبرى برقم (9918) وعنه الطحاوي في شرح مشكل الآثار برقم (6035) وكذا أبو القاسم الأصبهاني كما في الحجة في بيان المحجة برقم (89) عن محمد بن عبدالأعلى عن خالد [بن الحارث ] عن شعبة بن الحجاج به.
تنبيه : ((كان المسطور في السنن الكبرى ((عن خالد)) فقط ، بدون نسبته ، وكنت أخشى أن يكون هذا تصحيفاً حتى رجعت إلى تحفة الأشراف فوجدته كما هو مسطور في السنن (( عن خالد ))، وزاده توضيحاً الطحاوي في شرح مشكل الآثار حيث جاء به عن النسائي ثم قال :((حدثنا خالد يعني بن الحارث ))

فخالد بن الحارث رواه تارةً عن المسعودي .
وتارة أخرى عن شعبة بن الحجاج –رحمهم الله تعالى –
والذي يظهر أنَ هذا لا يعد اختلافاً من خالد بن الحارث ، بل غايته أنَّ خالد بن الحارث سمع هذا الحديث من المسعودي تارةً وسمعه من شعبة تارةً أخرى، فحدث به كما سمعه ، ويدل على ذلك أن متن الحديث لم يختلف في كلا الروايتين سواء عن المسعودي أو عن شعبة
لكن ورد في الحديث زيادة تفرد بها المسعودي وهي :(( والحمد لله مثل ذلك )) وفي لفظ :(( والحمدلله كذلك )) وفي لفظ آخر :(( والحمدلله رب العالمين مثل ذلك )) وهذه تفرد بها المسعودي من بين جميع من روى الحديث عن محمد بن عبدالرحمن وهو ممن اختلط في آخر حياته – رحمه الله تعالى – و لايحتمل منه هذا التفرد ، وعليه فهي شاذة – والله أعلم-

قلت : اتفق جميع من روى عن المسعودي هذا الحديث على روايته بهذه الصيغة :(( سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ، وَسُبْحَانَ اللهِ رِضَاءَ نَفْسِهِ ، وَسُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، وَسُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ ))
وهي نفس الصيغة التي رواها مسعر بن كدام رحمه الله تعالى .

(( رابعاً )) رواية شعبة بن الحجاج .
وأمَّا رواية شعبة بن الحجاج
فقد روى أحمد في مسنده برقم (27421) ومن طريقه الطبراني في الكبير برقم (160)
وروى الترمذي برقم (3555) و النسائي برقم (1352) وفي الكبرى برقم (1277) و (9919) وفي عمل اليوم والليلة برقم (164) وبن خزيمة في التوحيد برقم (234) وبن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (صـ 612) من طريق محمد بن جعفر غندر .

وروى أحمد في مسنده برقم (26758) وبن حجر في نتائج الأفكار (1/52) ومن طريقه أبو نعيم في حلية الأولياء (7/162)
وروى أبو يعلى في مسنده برقم (7032) ومن طريقه بن حبان في صحيحه برقم (828) وبن حجر في نتائج الأفكار (1/52) وكذا روى قوام السنة في الترغيب والترهيب برقم (742) من طريق روح بن عبادة .

كلاهما أعني :(( غندر ، وروح )) عن شعبة عن محمد بن عبدالرحمن عن كريب عن بن عباس عن جويرية : أن النبي  مر عليها وهي في مسجد ثم مر النبي  بها قريبا من نصف النهار فقال لها:(( ما زلت على حالك ؟ )) فقالت :((نعم )) قال :(( ألا أعلمك كلمات تقولينها :
((سبحان الله عدد خلقه ، سبحان الله عدد خلقه ، سبحان الله عدد خلقه
سبحان الله رضا نفسه ، سبحان الله رضا نفسه ، سبحان الله رضا نفسه
سبحان الله زنة عرشه ، سبحان الله زنة عرشه ، سبحان الله زنة عرشه
سبحان الله مداد كلماته ، سبحان الله مداد كلماته ، سبحان الله مداد كلماته .))

وخالفهما الربيع بن يحي عند بن أبي حاتم في العلل برقم (2111)
وكذا خالد بن الحارث عند النسائي في الكبرى برقم (9918) وفي عمل اليوم والليلة برقم (163)
فروياه عن شعبة عن محمد بن عبد الرحمن قال سمعت كريبا يحدث عن ابن عباس ..فقط .

إذن اختلفت الرواية عن شعبة بن الحجاج :
فهناك راويان يرويانه عن شعبة بسنده إلى بن عباس  عن جويرية رضي الله عنها ، وهما: 1- محمد بن جعفر المعروف بغندر
2- وروح بن عبادة رحمهما الله تعالى .
وهناك راويان يرويانه عن شعبة أيضاً لكن جعلاه من مسند عبدالله بن عباس  وهما : 1- خالد بن الحارث
2- والربيع بن يحي
وعند الموازنة بين هؤلاء الرواة نجد أنَّ أغلب أئمة النقد كانوا لا يقدمون أحداً على محمد بن جعفر في شعبة
قال الحافظ بن رجب في شرح علل الترمذي (2/703) :((قال عبد الله بن المبارك : (( إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم فيما بينهم )) .وذكر ابن خراش عن الفلاس قال : (( كان يحيى وعبد الرحمن ومعاذ وخالد وأصحابنا إذا اختلفوا في حديث عن شعبة رجعوا إلى كتاب غندر فحكم عليهم )) .وقال العجلي : (( غندر من أثبت الناس في حديث شعبة )) أهـ .
وقد تابعه على ذلك روح بن عبادة الذي قال فيه عفان بن مسلم كما في تهذيب الكمال (9/243) وذكر روح بن عبادة فقال :((هو عندي أحسن حديثا من خالد بن الحارث....)).
أمَّا الربيع بن يحي وإن قال فيه أبو حاتم كما في الجرح والتعديل (3/471):(( ثقة ثبت ))
تنبيه : ((قال الذهبي في المغني في الضعفاء برقم(2101) :(( روى عنه البخاري وفيه بعض اللين والعجب أن أبا حاتم مع تعنته قال:(( ثقة ثبت))
وذكره ابن حبان في الثقات(8/240) ولكنه قال :( يخطيء )).
إلاَّ أنَّ ابن قانع قال عنه :((إنه ضعيف)) وقال الدارقطني :((ضعيف ليس بالقوي ، يخطئ كثيرا حدث عن الثوري عن ابن المنكدر عن جابر جمع النبي  بين الصلاتين.
وهذا حديث ليس لابن المنكدر فيه ناقة ولا جمل وهذا يسقط مائة ألف حديث .
وقال أبو حاتم في العلل هذا باطل عن الثوري.)) كما في تهذيب التهذيب (3/253)
ولخص حاله بن حجر في التقريب بقوله:(( صدوق له أوهام))

وأمَّا خالد بن الحارث فإنَّه وإن كان من أصحاب شعبة كما قال ذلك بن عدي كما في الكامل في الضعفاء (4/278) إلا أنه لا يقف في مصاف محمد بن جعفر في روايته وتحديثه عن شعبة فإنَّه قد اختص به حتى أصبح كتابه إماماً في هذا الباب رحمهم الله تعالى .

وعليه فتترجح رواية محمد بن جعفر وروح بن عبادة عن شعبة بسنده إلى جويرية بنت الحارث رضي الله عنها .
ولهذا يقول النسائي كما في السنن الكبرى برقم (9917) بعد أن ذكر هذا الحديث من طريق سفيان بن عيينة وعبدالرحمن المسعودي رحمهما الله تعالى عن بن عباس  قال النسائي بعدها :(( جوده شعبة : رواه عن محمد بن عبدالرحمن عن كريب عن بن عباس عن جويرية ))

ولكن هذا لا يمنع أيضاً أن يكون الحديث محفوظاً من الوجهين عن شعبة

وسبق أن ذكرنا عبارة أبي زرعة الرازي رحمه الله عندما قال :(( أَبُو مُحَمَّد – أي بن أبي حاتم- : وَرَواهُ ابن عُيَينَةَ ، عَن مُحَمَّد بن عَبد الرَّحمَن ، عَن كريب ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ  . قالَ أَبُو زُرعَةَ : الصَّحِيح : عَنِ ابنِ عَبّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ .))

فهذا الاختلاف بين هذين الإمامين أعني - ابا زرعة والنسائي – يؤكد ما قلناه سابقاً من أنه يمكن أن يكون بن عباس  قد سمع هذا الحديث من جويرية رضي الله عنها ، فكان تارةً يحدث به عنها ، وتارةً أخرى يحدث به عن نفسه .

وقد اتفقت جميع الروايات على رواية الحديث عن شعبة بهذه الصيغة :
(( سبحان الله عدد خلقه ، سبحان الله عدد خلقه ، سبحان الله عدد خلقه
سبحان الله رضا نفسه ، سبحان الله رضا نفسه ، سبحان الله رضا نفسه
سبحان الله زنة عرشه ، سبحان الله زنة عرشه ، سبحان الله زنة عرشه
سبحان الله مداد كلماته ، سبحان الله مداد كلماته ، سبحان الله مداد كلماته .))
بتكرار كل كلمة ثلاث مرات في موضعها ، مع إضافة التسبيح مع كل كلمة .
وهي الصيغة التي رواها ((روح بن عبادة)) و((خالد بن الحارث))

وهكذا رواها ((محمد بن جعفر)) في رواية محمد بن بشار عنه ، لكن خالفه عقبة بن مكرم العمي كما عند بن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (صـ612) فرواها عن محمد بن جعفر هكذا :(( سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ )) ووافقه الربيع بن يحي كما في علل بن أبي حاتم برقم (2111) فرواه بنحوه أو قريب منه .
وأمَّا رواية سفيان الثوري
فقد روى الإمام أحمد في مسنده برقم (2334) وكذا البيهقي في الدعوات الكبير برقم (322) من طريق أسود بن عامر شاذان
وروى بن سعد في طبقاته (8/94) وعبد بن حميد كما في المنتخب لعبد بن حميد (705) ومن طريقه الطبراني في الدعاء (1742) والطحاوي في شرح مشكل الآثار برقم (6034) عن قبيصة بن عقبة
كلاهما أعني (( أسود بن عامر ، وقبيصة )) عن سفيان الثوري عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ اسْمُ جُوَيْرِيَةَ بَرَّةَ فَكَأَنَّ النَّبِيَّ  كَره ذَلِكَ فَسَمَّاهَا جُوَيْرِيَةَ كَرَاهَةَ أَنْ يُقَالَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ بَرَّةَ قَالَ وَخَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى فَجَاءَهَا فَقَالَتْ ((مَا زِلْتُ بَعْدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَائِبَةً)) قَالَ : فَقَالَ لَهَا :((لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ كَلِمَاتٍ لَوْ وُزِنَّ لَرَجَحْنَ بِمَا قُلْتِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ،سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَاءَ نَفْسِهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ))
هذا لفظ أسود بن عامر وفيه :(( سبحان الله عدد ما خلق )) ولم يذكر العدد .
وأمَّا لفظ قبيصة ففيه :(( سبحان الله عدد خلقه )) مع ذكر العدد ، وهو موافق لرواية الجماعة .
وقبيصة بن عقبة وإن كان فيه مقال في روايته عن سفيان الثوري إلا أنَّه كان يأتي بلفظ الحديث كما سمعه من سفيان ولهذا يقول ابن أبي حاتم كما في الجرح والتعديل (7/127):((سألت أبي عن قبيصة وأبي حذيفة فقال:(( قبيصة أحلى عندي ، وهو صدوق ، ولم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظٍ واحدٍ لا يغيره سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري))
وهذا يقوله أبو حاتم على تشدده – رحمه الله -
وبعد هذا كله :



فالذي يظهر:
(( أولاً )) أن هذا الاختلاف في تحديد صحابي الحديث ليس له أثرٌ في صحة الحديث وعدمه فإنَّه إن كان عن جويرية رضي الله عنها فالحديث حديثها والقصة قصتها ، وإن كان عن عبدالله بن عباس  فلا ضير أيضاً وإن كان مرسل صحابي ، فمراسيل الصحابة مقبولة باتفاق أهل العلم لكونهم عدولاً .

ثم لا يمنع – كما ذكرنا سابقاً - أن يكون بن عباس  سمعه من جويرية رضي الله عنها فحدث بهذا الحديث عنها ، ثم بعد ذلك كان يحدث بهذا الحديث دون أن يذكر جويرية بنت الحارث رضي الله عنها ، ولا يوجد إلاَّ هذان الوجهان
تنبيه : ذكر محققوا كتاب العلل لابن أبي حاتم طبعة الشيخ سعد الحميد (5/458 برقم 2111) أنَّ لهذا الحديث ثلاثة أوجه !!)) ويظهر أنَّهم يقصدون أنَّ :
((الوجه الأول)) هو :(( عن بن عباس  عن النبي  ))ونسبوه إلى الحميدي.
((والوجه الثاني )) هو :(( عن بن عباس  عن جويرية ))
((والوجه الثالث )) هو :(( عن بن عباس  قال قالت جويرية  ))
فقالوا :(( فهذه ثلاثة أوجه عن سفيان : أحدها يجعل الحديث من مسند بن عباس ، والآخر يجعله من مسند جويرية ، والثالث محتمل )) أهـ . هكذا قالوا !!
والصواب أنَّه ما ثمَّ إلاَّ وجهان ، وأمَّا أن يكون الوجه الثالث محتمل فهذا بعيد جداً إذ لا يعقل أن يقول بن عباس  قالت جويرية ويكون محتملاً لأن يكون من قول بن عباس أو جويرية ، بل لا يكون إلا من مسند جويرية رضي الله عنها،
وأمَا نسبة الوجه الأول بهذه الصورة للحميدي وقولهم :(( هكذا )) أي :(( عن بن عباس  عن النبي  ))
فهذا على المجاز ، وإنما لفظ الحميدي في مسنده وبقية المصادر : عن (( أبي رشدين قال سمعت ابن عباس يقول خرج رسول الله  من عند جويرية بنت الحارث الخزاعية ذات غداة حين صلى الصبح ....))

(( ثانياً )) ويظهر أيضاً – والعلم عند الله - أنَّ الرواية التي فيها طريقة التكرار جاءت تفسيرية من بعض رواة الحديث لقول النبي  :(( لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات ))
فلهذا جاءت الروايات مختلفة في بيان المراد منها :
فمنهم من رواها بهذه الصيغة :((سبحان الله عدد خلقه ، سبحان الله رضا نفسه ، سبحان زنة عرشه ، سبحان الله مداد كلماته ))وكررها هكذا ثلاث مرات كما هي رواية مسعر بن كدام ، وعبد الرحمن المسعودي ، وسفيان الثوري .
ومنهم من رواها بهذه الصيغة :(( سبحان الله عدد خلقه ، سبحان الله عدد خلقه ، سبحان الله عدد خلقه ، سبحان الله رضا نفسه ، سبحان الله رضا نفسه ، سبحان الله رضا نفسه ،سبحان الله زنة عرشه ، سبحان الله زنة عرشه ، سبحان الله زنة عرشه ، سبحان الله مداد كلماته ، سبحان الله مداد كلماته ، سبحان الله مداد كلماته .)) كما هي رواية شعبة بن الحجاج .
ومنهم من رواها بهذه الصيغة :(( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته )) تكرر هكذا ثلاث مرات ، كما هي رواية سفيان بن عيينة.

وإذا جئنا إلى الموازنة بين هذه الألفاظ نجد أن ((مسعر بن كدام)) و((المسعودي)) و((الثوري )) قد اتفقوا على صيغة واحدة .
وخالفهم (( شعبة )) ، لكن يظهر أنَّ خلاف شعبة ليس من خلاف التضاد ، وإنما هو من اختلاف التنوع حيث لم يخالفهم إلاَّ في موطن تكرار التسبيح فقط .كما هو واضح من الحديث .
وحينئذٍ يكون شعبة قد وافقهم في الفاظ الذكر
لكن سفيان بن عيينة خالف الجميع :
1- في عدم تكرار التسبيح مع كل كلمة .
2- وزاد عليهم قوله :(( وبحمده ))
فإذا جئنا إلى الترجيح والموازنة بين هذه الروايات فلا شك أنَّ رواية الجماعة وهم:(( مسعر بن كدام والمسعودي والثوري - بالإضافة إلى - شعبة بن الحجاج )) لا شك أنَّها مقدمة على رواية سفيان بن عيينة .
ومع هذا فالذي يظهر أنَّ هذا الاختلاف غير مؤثر ،ولهذا أخرج كلا الصيغتين – أعني صيغة سفيان ومسعر – أخرجهما الإمام مسلم في صحيحه ، ولعله لوجود هذا الاختلاف في هذا الحديث لم يخرجه الإمام البخاري في صحيحه .
وهذا الحديث كما سبق يرويه هؤلاء الإئمة – أعني :((سفيان بن عيينة ، ومسعر بن كدام ، والمسعودي وشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري – جميعهم عن محمد بن عبدالرحمن مولى آل طلحة (( كوفي ثقة )) قال سمعت كريباً (( وه ثقة )) يحدث عن بن عباس  عن جويرية

تنبيه : ورد عند البخاري في الأدب المفرد برقم (647) قوله في السند عن ((جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار )) وجاء عند البيهقي في الدعوات (127) :(( الخزاعية )) بينما قال بن حبان في صحيحه (832) :(( جويرية هي بنت الحارث بن عبد المطلب عمِّ النبي  )) وهذا وهم منه - رحمه الله تعالى - فهذه قرشية وتلك خزاعية ، ولهذا لما ترجم بن سعد في الطبقات (8/94) وأبو نعيم لجويرية الخزاعية ذكرا لها هذا الحديث .
ثم وجدت الحافظ الذهبي قد نبه على ذلك حيث قال بن حجر في الإصابة (4/267) :(( جويرية بنت الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ،قال الذهبي في آخر حرف الجيم من النساء :((جويرية التي قال لها النبي :(( لقد قلت بعدك أربع كلمات)) الحديث أخرجه مسلم .قال بن حبان في الأنواع:(( هي ابنة عمة النبي ) – هكذا ابنة عمة - :والصواب ابنة عم النبي - ) كذا قال وإنما هي أم المؤمنين وقد رواه بن عباس عنها)) أهـ كلام الذهبي . قلت – القائل بن حجر - :(( قد ذكرته في ترجمة أم المؤمنين جويرية بنت الحارث))


وقال الترمذي عقب هذا الحديث برقم (3555) (( هذا حديث حسن صحيح ، ومحمد بن عبد الرحمن هو مولى آل طلحة وهو شيخ مدني ثقة وقد روى عنه المسعودي و سفيان الثوري هذا الحديث ))

وبهذا الحديث أكون قد أتممت الجزء الأول
من
كتاب ((تخريج أذكار الصباح والمساء ))
على أمل أن أوفق في إتمام هذا العمل
وأن يعذرني الأخوة الكرام على كل تقصير أو تفريط أو إفراط حصل مني وجزاكم الله خيرا
أسأل الله أن ينفع به كاتبه وقارئه
وأن يجعله زاداً لي عنده يوم لا ينفع مال و لا بنون
والحمدلله رب العالمين ،،،،،،،،