أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


حديث :(( اللَّهُمَّ إِنِّى أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلاَئِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وحدك لا شريك لك وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ))
روى بن أبي شيبة في كتابه العرش (23) وأبو داود (5069) وبن السني في عمل اليوم والليلة (740) والطبراني في مسند الشاميين (1542) و(3369) وفي كتابه الدعاء (297) والبيهقي في الدعوات الكبير (40) وعلي الحربي في الفوائد المنتقاة عن الشيوخ (59) وأبو نعيم في الحلية (5/185) والضياء المقدسي في المختارة (2664) و(2665) والمزي في تهذيب الكمال (17/255) والحافظ بن حجر في نتائج الأفكار (2/375) وعزاه إلى الخرائطي في مكارم الأخلاق ،
من طرق عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن عبدالرحمن بن عبدالمجيد السهمي عن هشام بن الغاز بن ربيعة عن مكحول الدمشقي عن أنس بن مالك  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ « مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِى:(( اللَّهُمَّ إِنِّى أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلاَئِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ )) أَعْتَقَ اللَّهُ رُبْعَهُ مِنَ النَّارِ فَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ نِصْفَهُ وَمَنْ قَالَهَا ثَلاَثًا أَعْتَقَ اللَّهُ ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِهِ فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ ». وهذا لفظ أبي داود .
وهذا الحديث علل بالعلل التالية :
(أولاً ) الاختلاف في اسم الراوي عن هشام بن الغاز
فقيل:عبدالرحمن بن عبدالمجيد ، وهو رواية الأكثرية .
وقيل عبدالرحمن بن عبدالحميد .كما عند بن السني في رواية جعفر ، وفي نسخة لأبي داود ، وفي مكارم الأخلاق للخرائطي، قال الحافظ في " النتائج (( 2 / 376)) : وقع في نسخة الخطيب في سنن أبي داود ((عبد الرحمن بن عبد المجيد)) كما في روايتنا وفي بعض النسخ بتقديم الحاء المهملة على الميم ، و كذا هو في رواية الخرائطى والفريابى و جزم به صاحب الأطراف ورجحه المنذرى ، و أنه أبو رجاء المكفوف، فإن كان كذلك فهو مصرى صدوق لكن تغير بأخرة و إن كان ابن عبد المجيد فهو شيخ مجهول))
وقال الضياء المقدسي في المختارة (7/226) :(( ويقال عبدالحميد بن سالم بن أبي رجاء المكفوف ))
وقال المزي في تحفة الأشراف (1/410) :((...عن ابن أبي فديك، عن عبد الرحمن بن عبد المجيد السهميِّ - ويقال :((ابن عبد الحميد بن سالم أبي رَجاء المكفوف )) عن هشام بن الغاز، عنه به.)) .
وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود (4/451):(( وقد وقع في أصل سماعنا وفي غيره ، "عبدالرحمن بن عبدالمجيد "والصحيح " عبدالحميد "هكذا ذكره بن يونس في تاريخ المصريين ، وله العناية المعروفة بأهل بلده ، وذكره غيره أيضاً كذلك .))
فإن يكن هو : عبدالرحمن بن عبدالمجيد فهو مجهول كما قال الحافظ بن حجر في التقريب ، وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (4/302) والمغني في الضعفاء (2/383): (( لا يعرف ))
وذكره المزي في تهذيبه فلم يذكر فيه جرحاً أو تعديلاً .

وإن يكن عبدالرحمن بن عبدالحميد فقد وثقه أبو داود ،وقال الحافظ بن حجر في التقريب :
(( ثقة)) لكنه قال في نتائج الأفكار :(( فإن كان كذلك فهو مصرى صدوق لكن تغير بأخرة)) وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود (4/451) ((في إسناده عبد الرحمن بن عبد الحميد أبو رجاء المهري مولاهم المصري المكفوف . قال ابن يونس : كان يحدث حفظًا وكان أعمى وأحاديثه مضطربة)) وانظر تهذيب التهذيب (6/219)، وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (2/383) :((وقال أبو سعيد بن يونس :(( أحاديثه مضطربه)) وقال بن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/261) :(( سئل أبو زرعة عنه فقال شيخ من أهل مصر يكنى أبا رجاء.))
فلعل من وثقه أراد أنه عدل في ديانته أمَّا في ضبطه ففيه اضطراب –والله أعلم .
والذي يظهر أنَّ المقصود منهما هو (( عبدالرحمن بن عبدالمجيد السهمي)) وذلك لما يلي :
1- أنَّه رواية الأكثرية .
2- أنَّ من ذكره قدَّمه أولاً على ((بن عبدالحميد )).
3- أن بعضهم عندما يذكره ثم يلحقه بذكر بن عبدالحميد قال : (( ويقال عبدالحميد بن سالم )) على سبيل التضعيف .
4- يضاف إلى ذلك أنَّ من ترجم لعبدالرحمن بن عبدالمجيد كالمزي ذكر من ضمن من روى عنه بن أبي فديك ، ولم يذكر ذلك في ترجمة بن عبدالحميد .
5- وكذلك ذكر المزي في تهذيبه هذا الحديث عند ترجمته لابن عبد المجيد دون الآخر
فقال المزي في تهذيب الكمال (17/255-256) :(( عبد الرحمن بن عبد المجيد السهمي روى عن : هشام بن الغاز ، روى عنه : محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، روى له أبو داود حديثا واحدا ....ثم ذكر هذا الحديث ))أهـ .
6- بينما لم يذكر المزي ذلك في ترجمة عبدالرحمن بن عبد الحميد في التهذيب (17/250) .
7- وأمَّا قول المنذري وترجيحه أنه :"عبدالحميد " فقد خالف أصل سماعه ، فالأصل عنده (بن عبدالمجيد) وليس ( عبدالحميد ) . والله أعلم .
( ثانياً ) أنَّه من رواية مكحول الدمشقي عن أنس بن مالك 
قال العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الضعيفة (3/43):
(( قلت : وهذا سند ضعيف ، وله علتان :
الأولى : عبد الرحمن بن عبد المجيد لا يعرف كما في "الميزان " وقال الحافظ في "التقريب " : مجهول.
الأخرى : أنهم اختلفوا في سماع مكحول من أنس ، فأثبته أبو مسهر ، ونفاه البخاري ، فإن ثبت سماعه منه فالعلة عنعنة مكحول فقد قال ابن حبان : ربما دلس .)) أهـ
قلت : أمَّا نفي البخاري لسماع مكحول من أنس  فلعل اعتماد الألباني رحمه الله في نفي ذلك على ما في تهذيب التهذيب للحافظ بن حجر (10/292) حيث قال : ((وقال البخاري في تاريخه الأوسط والصغير لم يسمع – أي مكحول - من واثلة وأنس وأبي هند.))

وهذا وهم من الحافظ بن حجر رحمه الله ، أو خطأ من النساخ ، فالبخاري في تاريخه الأوسط (2/965) أثبت سماع مكحول من أبي هند فقال:(( اسم أبي هند النعمان بن أشيم الأشجعي.ويقال اسم أبي هند الداري : بريم بن عَبد الله أخو تميم نزل الشام سمع منه مكحول.)) ومثله قال في التاريخ الصغير(1/205) .
بل قال البخاري في التاريخ الصغير(1/307):(( سمع أنس بن مالك وواثلة بن الاسقع وأبا هند الداري))
وقال البخاري في تاريخه الكبير (8/21) :(( مكحول أبو عبد الله الدمشقي مولى امرأة من هذيل سمع أنس بن مالك)) .
ولهذا يقول أبو حاتم في الجرح والتعديل (8 / الترجمة 1868):((سمعت أبا مسهر وسألته : هل سمع مكحول من أحد من أصحاب النبي  ؟ فقال : سمع من أنس.))
وقال الترمذي في سننه (2506) : سمع من واثلة. وأنس ، وأبي هند الداري ويقال : إنه لم يسمع من أحد من أصحاب النبي  إلا من هؤلاء الثلاثة.))
وعليه فــ :مكحول سمع من أنس بن مالك  ، ولم يأت عن أحد من المتقدمين نفي ذلك .
فنسبة ذلك للبخاري إمَّا وهم وإمَّا خطأٌ من النساخ – والله أعلم -
وأمَّا وصم مكحول بالتدليس فلأنَّ الحافظ بن حجر رحمه الله ذكره في كتابه تعريف أهل التقديس برقم (108) في المرتبة الثالثة من المدلسين فقال :(( مكحول الشامي الفقيه المشهور تابعي يقال انه لم يسمع من الصحابة إلا عن نفر قليل ووصفه بذلك بن حبان وأطلق الذهبي أنه كان يدلس ولم أره للمتقدمين إلا في قول بن حبان))
فقول الحافظ :(( ولم أره للمتقدمين إلا في قول بن حبان)) أي إطلاق التدليس عليه .
فابن حبان إنما قال في ثقاته (5/447) :(( وربما دلس )) ، وقوله ( ربما ) تفيد التقليل أو احتمال وقوع ذلك منه ،هذا إذا لم يرد بن حبان بالتدليس هنا = الإرسال ، فلعل بن حبان أراد بالتدليس هنا الإرسال .
ويؤيد ذلك اطلاق المتقدمين عليه بأنه يرسل كثيراً ولهذا غاير بينهما العلائي في جامع التحصيل فقال (صـ110):((مكحول الدمشقي ذكره الحافظ الذهبي بالتدليس وهو مشهور بالإرسال عن جماعة لم يلقهم))
وقال العلائي أيضاً (ص285) :(( مكحول الفقيه الشامي كثير الإرسال جداً )).
وأمَا وصف الذهبي له بالتدليس فمقصوده الإرسال ولهذا قال الذهبي عنه في ميزان الاعتدال برقم (8749) :(( قلت: هو صاحب تدليس، وقد رمى بالقدر، فالله أعلم، يروى بالإرسال عن أبى، وعبادة بن الصامت، وعائشة، وأبى هريرة.وروى عن واثلة، وأبى أمامة، وعدة.)) أهـ.
فقوله :(( صاحب تدليس )) يوضحه قوله بعده :(( يروى بالإرسال عن أبى ،و...))
فوصف الذهبي له بالتدليس يعني بالإرسال .
وعليه فالإمام مكحول الدمشقي رحمه الله تعالى موصوف بالإرسال لا بالتدليس ،وصنيع الحافظ بن حجر رحمه الله تعالى في جعله من الطبقة الثالثة من طبقات المدلسين وهي :(( من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ومنهم من رد حديثهم مطلقا ومنهم من قبلهم كأبي الزبير المكي )) فهذا الصنيع فيه إجحاف بهذا الإمام .
وبناءً عليه فجعل العلامة الألباني رحمه الله رواية مكحول عن أنس بالعنعنة علةً يرد بها هذا الحديث ، مبنيٌ على صنيع الحافظ بن حجر رحمه الله ، وليس الأمر كذلك .
بل العلة القوية في رد هذا الحديث هو رواية هذا المجهول أعني عبدالرحمن بن عبدالمجيد لهذا الحديث .
وهناك علل أخرى ذكرها بعض أهل العلم وهي :
( ثالثاً ) نَّ هذا الحديث تفرد به محمد بن إسماعيل بن أبي فديك .
( رابعاً ) كذلك تفرد به هشام بن الغاز ، ومكحول الدمشقي أيضاً .
ولهذا يقول المزي في التهذيب (17/256) :(( قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة : هذا حديث غريب من حديث مكحول وهشام ، تفرد به ابن أبي فديك. )) أهـ.
ويقول أبو نعيم في الحلية (5/185) :(( غريب من حديث مكحول وهشام ، لم نكتبه إلاَّ من حديث بن أبي فديك )) أهـ .
إذن هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف لجهالة عبدالرحمن بن عبدالمجيد
قلت : بالإضافة إلى تفرد هشام بن الغاز بهذا الحديث إلاَّ أنَّه اختلف عليه فيه فروى تمام في فوائده كما في الروض البسام برقم (1576) حيث قال : ((أخبرنا أبو بكر يحيى بن عبيد الله بن الحارث ، ثنا محمد بن هارون بن بكار ، ثنا أبو بكر عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا هشام بن الغاز ، عن أبان بن أبي عياش ، عن أنس بن مالك عن رسول الله  قال : « من قال حين يصبح : أصبحت أشهدك ، وحملة عرشك ، وملائكتك ، وجميع خلقك ، أنك أنت الله وحدك لا شريك لك ، أعتق الله عز وجل ربعه من النار ، فإن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار ، فإن قالها ثلاثا أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار ، فإن قالها أربعا أعتقه الله من النار ، ومن قالها حين يمسي فمثل ذلك »
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ،ولهذا يقول الحافظ بن حجر في نتائج الأفكار (2/376) :(( وأبو بكر المذكور ضعيف ، وأبان متروك )) .
ومع هذا فقد قال النووي في الأذكار برقم (215):((وروينا في " سنن أبي داود " بإسناد جيد لم يضعفه عن أنس  ))
قال الحافظ بن حجر تعليقاً عليه في نتائج الأفكار (2/376) :((ففي وصفه هذا الإسناد بأنه جيد فيه نظر ولعل أبا داود إنما سكت عنه لمجيئه من وجه آخر عن أنس )) ثم ذكر الطريق الآخر وهو من رواية بقية بن الوليد عن مسلم بن زياد
فقد روى البخاري في الأدب المفرد (1201) والنسائي في الكبرى (9753) و(9754) وفي عمل اليوم والليلة (9) و(10) وعنه بن السني في عمل اليوم والليلة (71) والإشبيلي في الأحكام الشرعية (3/505) والضياء في المختارة (7/210-211) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن راهويه .
وروى بن عساكر أيضاً في تاريخ دمشق (58/97) والضياء في المختارة (7/210) وابن حجر في نتائج الأفكار (2/376) من طريق لوين محمد بن سليمان بن حبيب .
كلاهما أعني ( إسحاق بن راهويه ، ومحمد بن سليمان بن حبيب) قالا أخبرنا بقية قال حدثني مسلم بن زياد مولى ميمونة زوج النبي  قال :سمعت أنس بن مالك :((يقول قال رسول الله  : ((من قال حين يصبح :((اللهم إني أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك إنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك اعتق الله ربعه ذلك اليوم من النار فإن قالها أربع مرات أعتقه الله ذلك اليوم من النار))
وهذا الحديث علل بالعلل التالية :
( أولاً ) أنَّ في إسناده بقية بن الوليد وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء -كما قال الحافظ بن حجر في التقريب – فيخشى أنَّه دلس في هذا الحديث ، ولا سيما إذا علمنا أنَّ بقية ممن يدلس تدليس التسوية أيضاً .
ولهذا يقول النسائي :(( إذا قال : حدثنا وأخبرنا" ، فهو ثقة. وإذا قال : عن فلان"فلا يؤخذ عنه ، لأنه لا يدرى عمن أخذه.)) انظر تهذيب الكمال (4/198)
لكن يجاب عن ذلك بأنَّ بقية بن الوليد قد صرح بالتحديث عن مسلم بن زياد حيث قال إسحاق بن راهويه في رواية النسائي وأثبتها بن السني والإشبيلي من طريق النسائي:(( أخبرنا بقية قال حدثنا مسلم بن زياد ))
كما تابعه على ذلك لوين محمد بن سليمان في تاريخ دمشق والمختارة للضياء ونتائج الأفكار لابن حجر .حيث قال بقية : ((أخبرني مسلم ))
بينما في الأدب المفرد قال :(( عن مسلم ))
ولهذا فإعلال الشيخ المحدث الألباني رحمه الله تعالى لهذا الحديث في الضعيفة (3/144) بعنعة بقية بن الوليد لكونه مدلساً ، بل جعل تصريح بقية بالتحديث عن مسلم بن زياد عند النسائي غير محفوظة، وقال :(( ولعله خطأٌ من بعض النساخ )) دعوى تحتاج إلى دليل !!
بل قال الحافظ بن حجر في نتائج الأفكار (2/377) :((وبقية صدوق أخرج له مسلم ، إنَّما عابوا عليه التدليس والتسوية ، وقد صرح بتحديث شيخه له ، وسماع شيخه ، فانتفت الريبة ))
وعليه فإعلال الحديث بعنعنة بقية منتفية في هذا الحديث .
(ثانياً ) كما أعل هذا الحديث أيضاً برواية (( مسلم بن زياد ))
وهو مسلم بن زياد الحمصي مولى ميمونة وقيل مولى أم حبيبة.
رأى فضالة بن عبيد. وروى عن أنس ومكحول الشامي وعبد الله بن أبي زكرياء وعمر بن عبد العزيز وكان صاحب خيله. ، وعنه ابن لهيعة واسماعيل بن عياش وبقية ابن الوليد.
ذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن القطان حاله مجهول.)) وذكره البخاري في التاريخ الكبير ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل فلم يذكرا فيه جرحاً أو تعديلاً . وقال الحافظ بن حجر في التقريب :(( مقبول ))
انظر ترجمته في تهذيب الكمال( 18 / 76 ) وتهذيب التهذيب ( 5 / 429) والجرح والتعديل ( 8 / 184) والتاريخ الكبير( 7 / 261) .
لكن الذي يظهر – والعلم عند الله – أنَّه مجهول ، كما قال بن القطان لا يعرف ضبطه ، ولم تسبر روايته ، ولو كان معروفاً بالضبط أو عدمه لذكره أئمة النقد ، فلمَّا لم يذكروا شيئاً من ذلك = دل هذا على جهالته .
( ثالثاً ) وكذلك أعل هذا الحديث بوجود الاضطراب في متنه .
ولهذا لمَّا ذكره النسائي في الكبرى قال :(( خالفه – أي إسحاق بن راهويه - عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد في لفظ الحديث)) .
فقد روى أبو داود (5078) والنسائي في الكبرى (9754) وفي عمل اليوم والليلة (10) من طريق عمرو بن عثمان وهو صدوق
وروى النسائي أيضاً في الكبرى (9754) وفي عمل اليوم والليلة (10) من طريق كثير بن عبيد وهو ثقة
وروى الطبراني في الأوسط (7205) من طريق محمد بن مهران الجمال وهو ثقة حافظ
وروى الترمذي (3501) من طريق حيوة بن شريح وهو ثقة
وروى بن عساكر في تاريخ دمشق (58/97) من طريق محمد بن عمرو بن حنان وهو صدوق يغرب
وروى نجم الدين النسفي في القند في أخبار سمرقند (صـ16) من طريق عبدالرحيم بن حبيب وهو أبو محمد الفاريابي يروي عن بقية ، قال يحيى:(( ليس بشيء )) وقال ابن حبان :((كان يضع الحديث على الثقات ولعله قد وضع اكثر من خمسمائة على رسول الله 
انظر الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي (2/102)
وروى البغوي في شرح السنة (1317) من طريق يزيد بن عبد ربه وهو ثقة .
جميعهم أعني ( عمرو بن عثمان ، وكثير بن عبيد ، ومحمد بن مهران ، وحيوة بن شريح ، ومحمد بن عمرو بن حنان ، ويزيد بن عبد ربه (( واستبعدت عبدالرحيم بن حبيب لكونه وضاع )) ) عن بقية عن مسلم بن زياد عن أنس بن مالك  قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  « مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: (( اللَّهُمَّ إِنِّى أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلاَئِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ)) إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا أَصَابَ فِى يَوْمِهِ ذَلِكَ مِنْ ذَنْبٍ وَإِنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِى غُفِرَ لَهُ مَا أَصَابَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ».
قال الطبراني في الأوسط عقب هذا الحديث :(( لايروى هذا الحديث عن أنس إلا بهذا الإسناد تفرد به بقية))
وهذا الحديث بهذا اللفظ:
1- تفرد به بقية بن الوليد
2- وفي جميع الطرق لم يصرح بسماعه من مسلم بن زياد
3- ويضاف إليه جهالة مسلم بن زياد .
وعليه فالحديث ضعيف ، ولهذا يقول الترمذي عقبه :(( هذا حديث غريب )) أي ضعيف .
وقد ذكر الحافظ بن عساكر –رحمه الله – في تاريخ دمشق (66/278-279) في ترجمة أبي سليمان الحرستاني هذا الحديث فقال :
(( أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل أنبأ أبو بكر محمد بن عبد الله بن عمر العمري قال أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أبي شريح الأنصاري قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرزاني أنا أبو أحمد حميد بن زنجويه النسوي نا أبو أيوب ثنا مطر بن العلاء الفزاري حدثني أبو سليمان الحرستاني قال أتيت أنس بن مالك فسمعته يقول قال رسول الله :(( من قال حين يصبح وحين يمسي أربع مرات اللهم إني أشهدك وملائكتك وحملة عرشك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك أربعا غدوة وأربعا عشيا ثم مات دخل الجنة))
ثم قال :
(( أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عمر وأبو تراب حيدرة بن أحمد إذنا قالا أنا علي بن الحسين بن أحمد بن صصري أنا تمام بن محمد أنا أبو الميمون نا أبو الأصبع عبد العزيز بن سعيد الهاشمي نا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن ثنا مطر بن العلاء الفزاري نا أبو سليمان الحرستاني قال كان والدي مع أنس بن مالك بنيسابور إذ كان عليها واليا أميرا فتوفي والدي وجعل وصيته إلى أنس بن مالك وقد احتلمت فدفع إلي ما ترك أبي فسمعته هو يقول قال رسول الله  :((من قال حين يصبح وحين يمسي أربع مرات اللهم إني أشهدك وملائكتك وحملة عرشك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك أربعا غدوة وأربعا عشية ثم مات دخل الجنة)) أهـ
قلت : وفي إسناده أبو سليمان الحرستاني لم أجد من ترجم له إلاَّ بن عساكر اكتفى بذكر اسمه فقط ثم ذكر له هذا الحديث .فيظهر أنه مجهول
وفيه أيضاً مطر بن العلاء الفزاري ذكره البخاري في التاريخ الكبير(7/401) ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/289) فلم يذكرا فيه جرحاً أو تعديلاً إلاَّ أنَّ بن أبي حاتم قال :( سألت ابى عنه فقال: هو شيخ.)) وذكره بن حبان في ثقاته (9/189) وقال :(( مطر بن العلاء الفزاري من أهل الشام يروى المقاطيع)) .

وبناء على ما سبق فهذا الحديث ضعيف للأسباب التالية :
( أولاً ) أنَّ مداره في كل الطرق على المجاهيل ففي :
1- حديث مكحول مداره على عبدالرحمن بن عبدالمجيد وهو مجهول .
2- وفي حديث بقية عن مسلم بن زياد مداره على مسلم وهو مجهول .
3- وفي حديث مطر بن العلاء عن أبي سليمان الحرستاني مداره على الحرستاني وهو مجهول .
( ثانياً ) يضاف إلى ذلك الاختلاف الواقع في متنه :
فتارة يروى بـ(أعتق الله عز وجل ربعه من النار ، فإن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار ، فإن قالها ثلاثا أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار ، فإن قالها أربعا أعتقه الله من النار ، ومن قالها حين يمسي فمثل ذلك ))
وتارة يروى بلفظ آخر وهو :(( إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا أَصَابَ فِى يَوْمِهِ ذَلِكَ مِنْ ذَنْبٍ وَإِنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِى غُفِرَ لَهُ مَا أَصَابَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ))
(ثالثاً ) يبدو فيما يظهر أنَّ سبب هذا الاختلاف راجع إلى بقية بن الوليد ، ذلك لأن الذين روو عن بقية هم من الثقات الكبار:
فقد اتفق إسحاق بن راهويه ولوين محمد بن سليمان على لفظ .
واتفق محمد بن مهران الجمال ويزيد بن عبد ربه .. وغيرهم على اللفظ الآخر ، وهذا يدل على أنَّ بقية رواه على اللفظين ولم يضبطه جيداً
(رابعاً ) ويضاف إلى ذلك أيضاً أنَّ حديث بقية بن الوليد عن مسلم بن زياد والذي فيه ((إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا أَصَابَ فِى يَوْمِهِ ذَلِكَ مِنْ ذَنْبٍ وَإِنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِى غُفِرَ لَهُ مَا أَصَابَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ)) = ضعيف بسبب عنعنة بقية في جميع طرق هذا الحديث بل وتفرد بقية بهذا اللفظ .وكذا جهالة مسلم بن زياد – كما مر معنا -
لهذا كله يترجح ضعف الحديث. والله أعلم .

ولهذا الحديث :
1- شاهد من حديث أبي سعيد الخدري 
2- وشاهد من حديث سلمان الفارسي 
أمَّا حديث أبي سعيد الخدري 
فرواه الطبراني في الدعاء (298) حيث قال :(( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ طَارِقٍ الْوَايِشِيُّ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيُّ عَنْ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ  عن النَّبِيِّ  قَالَ : ((مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَكَفَى بِكَ شَهِيدًا وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلائِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلا أَنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ إِلا كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ.))
وهذا حديث إسناده ضعيف فيه :
1- عمرو بن عطية العوفي.
قال عنه أبو زرعة : ((ليس بقوى.)) وقال الدارقطني ((ضعيف)) وقال البخاري ((في حديثه نظر))
انظر الجرح والتعديل (6/250)والضعفاء والمتروكون لابن الجوزي (2506) و الضعفاء والمتروكون للدارقطني (381) وضعفاء العقيلي (1291) .
2- وفيه عطية العوفي
ضعفه أحمد وهشيم والثوري وأبو حاتم الرازي والنسائي وبن عدي
انظر تهذيب الكمال (20/148)
3- وفيه أحمد بن طارق الوايشي وقيل الواشي.
لم أعثر على ترجمة له فهو مجهول فيما يظهر إلاَّ أنَّ أبا نعيم في الحلية (3/225) قال :(( حدثنا سعد بن محمد بن ابراهيم الناقد ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا احمد بن طارق الواشي ثنا عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال قال رسول الله :(( إن لله خلقا خلقهم لحوائج الناس يفزع الناس إليهم في حوائجهم أولئك هم الآمنون من عذاب الله عز و جل)) هذا حديث غريب من حديث زيد عن ابن عمر لم يروه عنه إلا ابنه عبدالرحمن وما كتبناه إلا من حديث أحمد بن طارق))
ولهذا قال الألباني عقب هذا الحديث في الصحيحة (7/327) :((قلت : يبدو أنه غير معروف ، فلم نجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال التي عندي ، ولا ذكره السمعاني في مادة (الوابشي) من "أنسابه" . فالله أعلم به .
وقال الألباني أيضاً في الضعيفة (8/276):(( لم أجد له ترجمة ))

وأماَّ حديث سلمان الفارسي 
فروى الطبراني في الدعاء (299) وفي المعجم الكبير (6/220 برقم 6061) حيث قال :(( حدثنا محمد بن راشد الأصبهاني ثنا ابراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال حدثني سلمان بن الاسلام قال : قال النبي  : (( من قال اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وحملة العرش والسماوات ومن فيهن والأرضين ومن فيهن وأشهد جميع خلقك بأنك الله لا إله إلا أنت وأكفر من أبي ذلك من الأولين والآخرين وأشهد أن محمدأ عبدك ورسولك من قالها مرة عتق ثلثه من النار ومن قالها مرتين عتق ثلثاه من النار ومن قالها ثلاثا عتق من النار ))
وهذا حديث موضوع:
فيه ابراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي قال فيه الذهبي في ميزان الاعتدال (1/40-41) :(( احد المتروكين ، قال ابن حبان: ( إبراهيم بن عبد الله بن خالد يسرق الحديث ويروي عن الثقات ما ليس من حديثهم) قلت – أي الذهبي - :((هذا رجل كذاب قال الحاكم احاديثه موضوعة ))
وانظر المجروحين لابن حبان (1/115 برقم 31) والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/40) برقم (80) والضعفاء والمتروكون للدارقطني (برقم 22)

وروى بن عدي في الكامل (3/76) والبزار (2531) والطبراني في الدعاء (300) وفي المعجم الكبير (6/220-221 برقم 6062) حيث قال :(( حدثنا زكريا بن يحيى الساجي ثنا أحمد بن يحيى الصوفي ثنا زيد بن الحباب حدثني حميد مولى آل علقمة المكي عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن سلمان  قال : قال رسول الله  : (( من قال اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وحملة عرشك وأشهد من في السماوات والأرض إنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأشهد أن محمدًا عبدك ورسولك من قالها مرة أعتق الله ثلثه من النار ومن قالها مرتين أعتق الله ثلثيه من النار ومن قالها ثلاثا أعتق كله من النار ))
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/87) :(( رواه الطبراني بإسنادين وفي أحدهما أحمد بن إسحاق الصوفي ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح))
قلت : في نسخة الدعاء والمعجم الكبير(( أحمد بن يحي الصوفي ))
وثقه أبو حاتم في الجرح والتعديل (2/81) وقال النسائي في مشيخته (67) :(( كوفي : لا بأس به ))
وهذا حديث ضعيف فيه العلل التالية :
( أولاً ) فيه حميد المكي مولى آل علقمة ، وهو مجهول .
قال عنه أبو حاتم :(( هو شيخ مكى ليس بحديثه بأس)) وقال البخاري :(( روى عنه زيد بن حباب ثلاثة أحاديث زعم أنه سمع عطاء عن أبى هريرة عن سلمان عن النبي  وحديثين آخرين لا يتابع فيهما)) فعقب المزي على قول البخاري بقوله :(( يعني حديث سلمان في الدعاء :(( من قال اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك .. الحديث. وفي آخره من قالها مرة عتق ثلاثة من النار الحديث )) وقال بن عدي :(( وحميد المكي لم ينسب ولم يذكر أبوه وحديثه هذا المقدار الذي ذكره البخاري لا يتابع عليه كما قال)) وقال الحافظ المزي :(( روى عنه زيد بن الحباب ، ولا يعرف له راو غيره )) وقال الحافظ بن حجر:(( مجهول ))
انظر الجرح والتعديل (5/40) والتاريخ الصغير للبخاري (2/123) والكامل لابن عدي (3/76) وتهذيب الكمال (7/415) والتقريب (1568)
(ثانياً) الشك في سماع حميد المكي من عطاء وهذا ما يومئ إليه كلام البخاري آنفاً حيث قال :(( زعم أنه سمع عطاء ))
( ثالثاً )تفرد من لا يحتمل تفرده فقد تتابع الأئمة على أنَّ هذا الحديث مما تفرد به حميد المكي و لا يتابع عليه.
قلت : روى الحاكم في مستدركه (1920) هذا الحديث من طريق زيد بن الحباب ثنا حميد بن مهران ثنا عطاء عن أبي هريرة  قال : حدثنا سلمان الفارسي قال : قال رسول الله  : ((من قال اللهم إني أشهدك و أشهد ملائكتك ..............الحديث )) .
وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه ))
وحميد بن مهران ((ثقة)) لكن الذي يظهر أنَّه تصحيف عن حميد المكي للأسباب التالية :
1- أنَّ الحديث حديث حميد المكي ، في جميع المصادر التي سبق ذكرها ، بل يكفي في ذلك تصريح البخاري بأنَّ هذا أحد أحاديثه الثلاثة .
2- أنَّ كل من ترجم لعطاء بن أبي رباح لم يذكر ضمن الذين أخذوا عنه : حميد بن مهران ، بل على العكس من ذلك فقد ذكروا أنَّ ممن أخذ عنه = حميد المكي .
3- أنَّ البخاري أكد تفرد حميد المكي بهذا الحديث بهذا السند ، ونفى وجود متابع له ، ووافقه بن عدي على ذلك لذا يستحيل أن يكون حميد بن مهران متابعاً لحميد المكي .
4- أنَّ حميداً المكي لم ينسب في جميع الطرق ، ولم يذكر أبوه . بخلاف هذه الرواية فقد نسبت حميد إلى أبيه مهران .
5- تأكيد البخاري وغيره على هذه السلسلة :(( زيد بن الحباب عن حميد المكي مولى آل علقمة عن عطاء عن أبي هريرة  عن سلمان الفارسي)) وأنَّ حميداً هذا هو حميد المكي .
ولهذا قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/86):(( رواه البزار عن شيخه أحمد ولم ينسبه ، وفيه حميد مولى أبي علقمة وهو ضعيف))
وبعد أن كتبت هذا المبحث عثرت على كلام نفيس للعلامة محمد عمرو بن عبداللطيف رحمه الله تعالى في كتابه أحاديث ومرويات في الميزان ( الجزء الأول صـ46-48) فقال :(( وما رواه ابن عدي (2/689 ـ690) والطبراني في «الكبير» (6/220) من طريق أحمد بن يحيى الصوفي ، ثنا زيد بن الحباب به إلى أبي هريرة : حدثني سلمان الفارسي قال رسول الله  : « من قال : اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك ، وحملة عرشك ، وأشهد من في السموات ومن في الأرض أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، وأكَفِّر من أبى من الأولين والآخرين ، وأشهد أن محمداً عبدك ورسولك. من قالها مرة عتق ثلثه من النار، ومن قالها مرتين عتق ثلثاه من النار، ومن قالها ثلاثاً عتق كله من النار » .
وتقدمت إشارة البخاري ـ رحمه الله ـ إلى هذا الحديث مما لم يتابع عليه حميد .
ورواه أيضاً البزار كما في «مختصر زوائده» (2089) للحافظ ـ رحمه الله ـ : «حدثنا أحمد ، ثنا زيد بن الحباب ...» فذكره .
وشيخه ـ أحمد ـ لم يعرفه الهيثمي (10/86) ، وأعله هو والحافظ بضعف حميد.
وهذا الشيخ قد يكون ابن يحيى الصوفي الذي رواه ابن عدي والطبراني من طريقه ، وقد يكون ابن يحيى الحجري الآتي ذكره فقد رواه ـ أيضاً ـ الحاكم (1/523) من طريق أبي عبد الله أحمد بن يحيى الحجري عن زيد بن الحباب ، فقال : « حدثنا حميد بن مهران (!) ثنا عطاء ... » فذكره بنحوه ، وقال : « هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه » .
قال الذهبي ـ ملخصاً كلامه بغير تعقب ـ : « صحيح » . وقد اغتر بظاهر هذا الإسناد : الأستاذ العلامة الألباني ـ حفظه الله ـ فقال في «الصحيحة» (267) :
« وهو كما قالا . وله شاهد ضعيف كما بينته في «سلسلة الأحاديث الضعيفة» رقم (1041) ا هـ .
قلت : والحجري ـ في إسناد الحاكم ـ هو أحمد بن يحيى بن المنذر الكوفي ، قال الدارقطني ـ رحمه الله ـ : « صدوق » كما في « سؤالات الحاكم له » ( ترجمة : 4 ) .
وأما أحمد بن يحيى الصوفي ، وهو ابن زكريا الأودي الكوفي العابد أبو جعفر، فهو من رجال «التهذيب» .
وهو ثقة بإطلاق ، فقد وثقه أبو حاتم وابن حبان ، وقال النسائي : « لا بأس به ». وروى عنه هو والبخاري في «تاريخه» كما في «تهذيب الكمال» (1/518) .
ومعلوم ـ بداهة ـ أن الصدوق ـ بل الثقة الحافظ ـ يهم ، ويخطئ ، ويخالف .
فإن لم يكن الوهم في تسمية شيخ زيد بن الحباب من الحاكم نفسه أو شيخه الأصم ، فهو من أحمد بن يحي الحجري ، يؤيد ذلك قرائن شتى منها :
1 ـ أن الحديث معدود في مناكير حميد المكي ، وبه يعرف ، ولذلك ساقه في ترجمته: البخاري ، وابن عدي ، والذهبي نفسه .
2 ـ أن المتن منكر ـ لا محالة ـ فلا يتناسب ، بل لا يستحق أن يرد بهذا الإسناد النظيف.
3 ـ أن حميد بن مهران ـ وهو الكندي البصري الخياط ـ لم يذكر أحد ـ علمته ـ روايته عن عطاء بن أبي رباح ، أو رواية زيد بن الحباب عنه ، وإن كان من نفس طبقة الآخر. (وقد) نزا على الحديث : إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي ـ فيما يظهر ـ فرواه عن حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عطاء به عند الطبراني (6/220) .
ولما رآه بعضهم اتهم ابن جريج بتدليسه وإسقاط حميد من إسناده فأغرب (!) فالمصيصي كذاب متهم بسرقة الحديث . انظر «الميزان» (1/40 - 41) ثم ما لابن جريج وحميد مولى آل علقمة حتى يدلسه ؟!)) أهـ كلامه .

ثم وجدت بعد ذلك كلاماً مشابهاً لكلام الشيخ محمد عمرو، وهو للشيخ طارق بن عوض الله في كتابه :(( الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات)) (صـ161-163) حيث قال : (( حديث : أحمد بن يحيى الصوفي : ثنا زيد بن الحباب : حدَّثني حميد مولى آل علقمة المكي : ثنا عطاء ، عن أبي هريرة : حدَّثني سلمان الفارسي ، قال : قال رسول الله : "من قال :(( اللهم إني أُشهدك ، وأُشهد ملائكتك وحملة عرشك ، و أُشهد من في السماوات ومن في الأرض ، أنك أنت الله ، لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، وأُكَفِّر مَنْ أبى من الأولين والآخرين ، وأشهد أن محمداً عبدك ورسولك ، من قالها مرة عُتق ثلثه من النار ، ومن قالها مرتين عُتق ثلثاه من النار ، ومن قالها ثلاثة عُتق كله من النار)).
أخرجه : ابن عدي (2/689 - 690) والطبراني في "الكبير" (6/220) والبزار (2531) وحميد المكي هذا ؛ مجهول ؛ لم يرو عنه إلا زيد بن الحباب ، وما رواه عنه فمنكر كله ، وهي نحو ثلاثة أحاديث ، أنكرها عليه البخاري في "التاريخ الصغير" (2/133 - 134) وابن عدي وغيرهما ؛ وهذا منها .
ولذا ؛ أعله الحافظ ابن حجر في "مختصر الزوائد" (2089) بحميد هذا ، وكذا فعل الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/86) .
لكن ؛ روى الحاكم في "المستدرك" (1/523) هذا الحديث من طريق أبي عبد الله أحمد بن يحيى الحجري : ثنا حميد بن مهران : ثنا عطاء ، به .
فهذه الرواية ؛ تقتضي أن حميداً المكي لم يتفرد بهذا الحديث ، وإنما تابعه عليه حميد بن مهران ، وابن مهران ثقة .
وليس الأمر كذلك .
بل الصواب أن الحديث حديث المكي ، وليس حديث ابن مهران ، وأن ما وقع في رواية الحاكم خطأ من أحد الرواة .
وقد اغتر بظاهر هذا الإسناد الحاكم ، فصححه ، وكذلك الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (267).
وممن يرجع إليه الفضل ـ بعد الله عز وجل ـ في بيان علة هذا الحديث شيخنا الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف في كتابه ((حديث . قلب القرآن يس ؛ في الميزان)) ، فقد فصَّل القول في طرق هذا الحديث ، ...)) ثم ذكر كلام الشيخ محمد عمرو السابق .أهـ.
وبناءً على ما سبق يتبين لنا ضعف هذا الحديث من جميع الأوجه حسب علمي – والله أعلم وأحكم -