أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحلقة الرابعة
[ رواية القاسم بن عبدالرحمن مولى معاوية ]
فقد :روى ابن خزيمة (534) وأحمد (17296) والنسائي (5437) وفي الكبرى (7794) و(7795) وأبو يعلى (173) وابن السني في عمل اليوم والليلة (761) والطبراني في مسند الشاميين (596) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (124)و(125) وابن سمعون في أماليه (969) ومن طريقه رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (36/49)وابن الضريس في فضائل القرآن (279) من طريق عبدالرحمن بن يزيد بن جابر

وروى الروياني في مسنده (272) من طريق يزيد بن يزيد

وروى أحمد في مسنده (17392) ومن طريقه الحاكم (877) وابن خزيمة (535) من طريق عبدالرحمن بن مهدي.
وروى أبو داود (1462) ومن طريقه البيهقي (4151) والنسائي (5436) وفي الكبرى (7799) من طريق عبدالله بن وهب .
وروى الطبراني في الكبير (926) وعلقه في مسند الشاميين (1987) وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه برقم (1312) من طريق عبدالله بن صالح.
وروى أحمد في مسنده (17350) وبن خزيمة (535) والبيهقي (4150) من طريق زيد بن الحباب
جميعهم أعني (بن مهدي وبن وهب وعبدالله بن صالح وزيد بن الحباب) عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث

جميعهم أعني (( بن جابر ، و العلاء ، ويزيد ))
عَنِ الْقَاسِمِ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ كُنْتُ أَقُودُ بِرَسُولِ اللَّهِ  نَاقَتَهُ فِى السَّفَرِ فَقَالَ لِى « يَا عُقْبَةُ أَلاَ أُعَلِّمُكَ خَيْرَ سُورَتَيْنِ قُرِئَتَا ». فَعَلَّمَنِى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) قَالَ فَلَمْ يَرَنِى سُرِرْتُ بِهِمَا جِدًّا فَلَمَّا نَزَلَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ صَلَّى بِهِمَا صَلاَةَ الصُّبْحِ لِلنَّاسِ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ  مِنَ الصَّلاَةِ الْتَفَتَ إِلَىَّ فَقَالَ « يَا عُقْبَةُ كَيْفَ رَأَيْتَ ». هذا لفظ أبي داود رحمه الله تعالى ، من رواية العلاء بن الحارث .
وعند البيهقي في السنن الكبرى (4150) قال : ((أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ : زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنِى الْعَلاَءُ بْنُ كَثِيرٍ الْحَضْرَمِىُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحَمْنِ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِىِّ قَالَ : كُنْتُ أَقُودُ بِرَسُولِ اللَّهِ  نَاقَتَهُ فَقَالَ لِى :« يَا عُقْبَةُ أَلاَ أُعَلِّمُكَ خَيْرَ سُورَتَيْنِ قُرِئَتَا؟ ». فَقُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْرَأَنِى ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) فَلَمْ يَرَنِى أُعْجِبْتُ بِهِمَا ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْغَدَاةَ فَقَرَأَ بِهِمَا فَقَالَ لِى :« يَا عُقْبَةُ كَيْفَ رَأَيْتَ؟ ».
كَذَا قَالَ : الْعَلاَءُ بْنُ كَثِيرٍ ، وقال بن وهب : عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث وهو أصح .))
قلت : تابع بنَ وهب كلٌ من:((زيد بن الحباب ،وعبدالرحمن بن مهدي ، وعبدالله بن صالح))
وأمَّـا لفظ عبدالرحمن بن جابر عن القاسم أبي عبد الرحمن عن عقبة بن عامر قال :(( بينما أقود برسول الله  في نقب من تيك النقاب إذ قال :(( ألا تركب يا عقبة)) فأجللت رسول الله  أن أركب مركب رسول الله، ثم قال:(( ألا تركب يا عقبة)) فأشفقت أن يكون معصية فنزل وركبت هنيهة ثم نزلت وركب رسول الله  ثم قال:(( ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأتهما الناس؟)) فأقرأني {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} وأقيمت الصلاة فتقدم فقرأ بهما ثم مر بي فقال:(( كيف رأيت يا عقبة بن عامر اقرأ بهما كلما نمت وقمت .)) هذا لفظ النسائي .
وعند أحمد في مسنده قال : (( عن القاسم بن عبدالرحمن مولى معاوية بن أبي سفيان )).
وهذا حديث إسناده حسن ورجاله رجال الصحيح إلاَّ القاسم بن عبدالرحمن فليس من رجال الصحيح ومدار الحديث عليه وهو: القاسم بن عبد الرحمن الشامي أبو عبد الرحمن الدمشقي مولى آل أبي سفيان بن حرب الأموي، قيل إنه لم يسمع من أحد من الصحابة ، وقيل سمع من بعضهم ،وهذا لا يضر في حديثنا هذا لأنَّه ثبت سماعه من عقبة بن عامر:
كما في رواية عبدالله بن المبارك عند النسائي في الكبرى (7795)
وفي رواية بشر بن بكر عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (125)،وهو كما لخص الحافظ حاله في التقريب بقوله (صدوق يغرب كثيراً) وعليه زال ما كنَّا نخشاه من انقطاع . والله أعلم .


قلت : لكن اختلف على معاوية بن صالح :
 فتارة عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عَنِ الْقَاسِمِ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ  .
 وتارةً عن مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحَمْنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر
 وتارة عن معاوية عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن عقبة بن عامر

فأمَّا رواية معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عَنِ الْقَاسِمِ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ – فقد مرت معنا –
وأضف إلى ذلك أنَّ الحديث ورد من رواية القاسم بن عبدالرحمن مولى آل معاوية من طريق آخر.
فقد روى محمد بن الضريس في كتابه فضائل القرآن برقم (278) قائلاً :(( أخبرنا عبد الرحمن بن المبارك ، قال : حدثنا عبد الوارث ، عن الجريري ، عن معبد بن هلال العنزي ، عن رجل من آل معاوية يفقهونه عن عقبة بن عامر ، قال : « كنت مع النبي  في سفر ، فقال :(( أعجزت يا عقبة ؟)) قال : (قلت : (لا .) قال : (فسار ما شاء الله ، ثم قال لي : (( يا عقبة أعجزت ؟)) قال : (قلت :( نعم يا رسول الله ) قال : (فنزل) وقال : ((اركب )) قال : (قلت : على مركبك يا رسول الله ؟) قال : ((نعم )) قال : (فصلى بنا الغداة ، فقرأ بـ ﴿قل أعوذ برب الفلق ﴾، و ﴿قل أعوذ برب الناس ﴾، فلما سلم أقبل علي فقال :(( أسمعت يا عقبة ؟ يا عقبة أسمعت ؟ ))
وهذا الرجل المبهم من آل معاوية هو ((القاسم بن عبدالرحمن مولى معاوية بن أبي سفيان ))كما جاء مفسراً في بقية الروايات .
وهذا الحديث إسناده رجاله كلهم ثقات إلاَّ أنَّ فيه رواية سعيد بن إياس الجريري وكان –رحمه الله – قد اختلط قبل موته بثلاث سنوات تقريباً وقد قال أبو حاتم :((تغير حفظه قبل موته فمن كتب عنه قديما فهو صالح وهو حسن الحديث)) وقال يحيى بن سعيد القطان عن كهمس :(أنكرنا الجريري أيام الطاعون )) وقال النسائي:(( ثقة أنكر أيام الطاعون )) وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود:(( أرواهم عن الجريري إسماعيل بن علية وكل من أدرك أيوب فسماعه من الجريري جيد))
فسعيد بن إياس الجريري قد اختلط قبل موته بثلاث سنين كما سبق لكن الراوي عنه هنا هو عبدالوارث بن سعيد الذي روى عنه قبل الاختلاط كما ذكر ذلك الأبناسي في الشذا الفياح (2/753) حيث قال :(( وممن سمع منه قبل التغير: شعبة وسفيان الثوري والحمادان وإسماعيل بن علية ومعمر وعبد الوارث بن سعيد ويزيد بن زريع ووهيب ابن خالد وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي.
وذلك لأن هؤلاء كلهم سمعوا من أيوب السختياني وقد قال أبو داود فيما رواه عنه أبو عبيد الآجري :((كل من أدرك أيوب فسماعه من الجريري جيد))
ولهذا أخرج الشيخان للجريري من رواية عبدالوارث بن سعيد .
لكن اختلف على الجريري فيه :
1- فرواه عبدالوارث بن سعيد عنه عن معبد بن هلال العنزي عن رجل من آل معاوية عن عقبة _ كما مر معنا آنفاً –
2- ورواه خالد بن عبدالله الواسطي عن الجريري عن معبد بن هلال عن عقبة بن عامر الجهني .بدون ذكر الواسطة بين معبد وعقبة بن عامر  أخرجه الطبراني في معجمه الكبير برقم (957) .
وكلاهما أعني ( عبدالوارث وخالد) مما أخرج له الشيخان عن الجريري ، وكلا المتنين ليس فيهما نكارة
لكن في النفس شيء من رواية معبد بن هلال عن القاسم بن عبدالرحمن فإنّي لم أجد من ذكر ذلك ، ومعبد قد سمع من عقبة بن عامر  ، فوجود الواسطة بينهما ودون نسبته يوحي أنَّ الجريري لم يضبط السند كما ينبغي . والله أعلم .
وأمَّا رواية مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحَمْنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر
كما عند النسائي(952) وفي الكبرى (1026) و(7802) وابن خزيمة (536) والحاكم (876) و(2083) والبيهقي (4152) وابن أبي شيبة (30836) ومن طريقه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1311) وأبو يعلى (1728) جميعهم من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة بن زيد القرشي .
وروى ابن خزيمة (536) وابن حبان (1818) من طريق زيد بن أبي الزرقاء
كلاهما أعني ( أبا أسامة وزيد بن أبي الزرقاء ) عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِىِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحَمْنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ : ((أن النبي  كان يقرأ في صلاة الغداة ﴿قل أعوذ برب الفلق﴾ و ﴿قل أعوذ برب الناس﴾ .)) هذا لفظ حديث يزيد بن أبي الزرقاء .
وفي حديث أبي أسامة قال : ((سألت رسول الله  عن المعوذتين أمن القرآن هما ؟ فأمنا بهما رسول الله  في صلاة الفجر)) هذا لفظ بن خزيمة .
وقد اختلفت أنظار النقاد في تحديد الواهم في هذا الطريق :
1- فمنهم من حمله على أبي أسامة كالحاكم حيث قال:(( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه. وقد تفرد به أبو أسامة عن الثوري و أبو أسامة ثقة معتمد ، و قد رواه عبد الرحمن بن مهدي و زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح بإسناد آخر.))
قلت : لم يتفرد به أبو أسامة كما ظنه الحاكم رحمه الله ،فقد تابعه زيد بن أبي الزرقاء -كما مرَّ معنا -.
2- ومنهم من حمله على سفيان الثوري قال بن خزيمة :(( أصحابنا يقولون : الثوري أخطأ في هذا الحديث وأنا أقول : غير مستنكر لسفيان أن يروي هذا عن معاوية وعن غيره))
قلت : إن صح الحمل على أحدهما فالذي يظهر أنّ الوهم من سفيان الثوري رحمه الله وذلك أنَّ أبا أسامه تابعه على هذا الأمر زيد بن أبي الزرقاء التغلبي رحمهما الله ، فحينئذٍ يكون مرجع هذا الوهم على سفيان .
هذا إذا لم نقل ما قاله بن خزيمة من إمكان أن يكون سفيان رواه عن معاوية وعن غيره .
ومع ذلك لم يتفرد سفيان الثوري بهذا الإسناد فقد تابعه عليه بحير بن سعد عند الطبراني في الكبير (931) قال الطبراني : ((حدثنا الحسين بن اسحاق ثنا هارون بن عبد الله الحماني ( ح ) و حدثنا عبيد بن غنام ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قالا ثنا أبو أسامة عن بحير بن سعد عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عقبة بن عامر : أنه سأل رسول الله  عن المعوذتين قال عقبة : ((فأمنا بهما رسول الله  في صلاة الفجر.))
قلت : وهذا إسناد حسن من أجل معاوية بن صالح ، إلاَّ أنَّ في النفس منه شيء وذلك لما يلي :
( أولاً) أنَّ الرواية الموجودة في مصنف بن أبي شيبة والمشهورة عن بن أبي شيبة هي :
(( أبو أسامة عن سفيان الثوري عن معاوية بن صالح عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير
عن أبيه ))
وليست (( أبا أسامة عن بحير بن سعد عن معاوية بن صالح عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه )) .
وقد يجاب عن هذا باختلاف النسخ ، أو وجود نقص في المخطوطة ، أو أنَّ الطبراني وغيره رواه من طريق آخر عن بن أبي شيبة في غير مصنفه..... ونحو ذلك .
فالروية الثانية يتيمة ، لم أجدها إلاَّ في معجم الطبراني الكبير .
(ثانياً) أنَّ كل من وقفت عليه ممن ترجم لمعاوية بن صالح لم يذكروا ضمن تلاميذه بحير بن سعد .
(ثالثاً) وكذلك كل من وقفت عليه ممن ترجم لبحير بن سعد لم يذكروا من شيوخه معاوية بن صالح .
بل على العكس فقد ذكروا أنَّ معاوية بن صالح ممن روى عن بحير بن سعد لا العكس ، بل وجدت الذهبي في تذكرة الحفاظ (1/132) يقول :(( بحير بن سعد حمصي: حافظ يكنى أبا خالد السحولي الكلاعي له نسخة عن خالد بن معدان وشيء عن مكحول ليس إلا)) فقول الذهبي (( ليس إلاَّ) ظاهرها أنَّه لم يرو عن غيرهما ، ولعل ذلك هو الصواب .
(رابعاً ) يظهر أنَّ في نسخة ( معجم الطبراني الكبير ) - التي بين أيدينا- من السقط والتصحيف الشيء الكثير ، ولعل هذا منها ، فيمكن أن تكون بحير بن سعد تصحيف عن سفيان بن سعيد الثوري .
كما أنني لم أطلع على مصدر آخر يمكن من خلاله معرفة الصواب في ذلك ، والله أعلم .
وهنا يصير لدينا احتمالان :
[[ الاحتمال الأول ]] أن يكون السند المذكور في معجم الطبراني عن بحير بن سعد هو الصواب ، وبناءً عليه فتكون متابعة بحير لسفيان صارفةً الوهمَ عن سفيان إلى معاوية بن صالح ، فيكون الوهم منه ، و لاسيما وهو صدوق له غرائب .
[[ الاحتمال الثاني ]] أن يكون ذكر بحير في هذا الإسناد خطأً، ويكون الوهم حينئذٍ من أبي أسامة الراوي عنه وعن سفيان ، أو أنَّه مصحف عن سفيان بن سعيد .
فإذا كان ذلك كذلك فيرجع الإسناد على سفيان الثوري فحسب ، ويكون سفيان الثوري قد تفرد به ، ووهم فيه كما قال بن خزيمة :(( أصحابنا يقولون : الثوري أخطأ في هذا الحديث ))
ومع ذلك فيرى بعض أهل العلم أنَّ الحديثين صحيحان منهم أبو حاتم الرازي ، وأبو زرعة الدمشقي
حيث قال ابن أبي حاتم في العلل (4/596-599) برقم (1667) :(( وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ رواهُ سُفيانُ الثّورِيُّ ، عن مُعاوِية بنِ صالِحٍ ، عن عَبدِ الرّحمنِ بنِ جُبيرٍ ، عن عُقبة بنِ عامِرٍ ، قال : سألتُ النّبِيّ  عنِ المُعوِّذتينِ.
فقِيل لأبِي : إِنَّ أبا زُرعة ، قال : هذا خطأٌ.
قال أبِي : الّذِي عِندِي أنّهُ ليس بِخطأٍ ، وكُنتُ أرى قبل ذلِك أنّهُ خطأٌ ، إِنّما هُو مُعاوِيةُ بنُ صالِحٍ ، عنِ العلاءِ بنِ الحارِثِ ، عنِ القاسِمِ بنِ عَبدِ الرّحمنِ ، عن [مُعاوِية] – هكذا كتبت وانظر تعليق المحقق على هذه اللفظة -، عنِ النّبِيِّ .
قيل لأبي : كذا قاله أبُو زُرعة.
قال أبِي : وليس هو عندي كذا ، الذي عندي أنه صحيح ، الذي كان [الحديثين]-هكذا - جميعا كانا عند مُعاوِية بن صالِح ، وكان الثّورِيّ حافظًا ، وكان حفظ هذا أسهل على الثّورِيّ من حديث العلاء ، فحفظ هذا ولم يحفظ ذاك ومما يدل أن هذا الحديث صحيح أن هذا الحديث يرويه الحمصيون ، عن عَبد الرّحمن بن جُبير ، عن عقبة ، ومحال أن يغلط بين هذا الإسناد إلى إسناد آخر ، وإنما أكثر ما يغلط الناس إذا كان حديثا واحدًا من اسم شيخ إلى شيخ آخر ، فأما مثل هؤلاء فلا أرى يخفى على الثّورِيّ.)) أهـ.
ويقول أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1/500) :(( قلت له- يعني أحمد بن صالح - : فإن سفيان الثوري يحدث عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عقبة بن عامر عن النبي  في قراءة " قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَق " .
قال: ليس هذا من حديث معاوية عن عبد الرحمن بن جبير، إنما روى هذا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن القاسم بن عقبة.
قال أبو زرعة: وهاتان الروايتان عندي صحيحتان، لهما جميعاً أصل بالشام عن جبير بن نفير عن عقبة، وعن القاسم عن عقبة.)) أهـ .
وأمَّا رواية معاوية عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن عقبة بن عامر
فقد روى النسائي (5435) وفي الكبرى (7800) من طريق محمد بن بشار
وروى النسائي أيضاً في الكبرى (7801) من طريق عمرو بن علي
كلاهما ( أعني محمد بن بشار وعمرو بن علي ) عن عبد الرحمن قال حدثنا معاوية عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن عقبة بن عامر:(( أن رسول الله  قرأ بهما في صلاة الصبح)) هذا لفظ محمد بن بشار
أمَّا لفظ عمرو بن علي :((عن عقبة بن عامر أن رسول الله  قرأ في صلاة الصبح بحم السجدة))
قال المزي في تحفة الأشراف (7/323) بعد ذكره لرواية عمرو بن علي : ((ليس في الرواية ولم يذكره أبو القاسم.))
قلت : وهو غير موجود في سنن النسائي الصغرى
وهذا إسناد فيه علتان :
(( الأولى ))الانقطاع ، فإنَّ مكحولاً – رحمه الله – لم يسمع من عقبة بن عامر .
يقول الحاكم في كتابه معرفة علوم الحديث (355) :(( ..وأن عامة حديث مكحول عن الصحابة حوالة))
ويقول كما في سؤالات السجزي (برقم 204):(مكحول لم يسمع من عقبة بن عامر ولم يره)
ويقول المزي في تحفة الأشراف (7/323):((مكحول أبو عبدالله الشامي عن عقبة بن عامر –ولم يلقه ))
(( الثانية )) وجود المخالفة ، فقد خالفهما عبدالرحمن بن مهدي عند أحمد في مسنده (17392) ومن طريقه الحاكم (877) وابن خزيمة (535) فرواه عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن القاسم بن عبدالرحمن عن عقبة بن عامر  - كما مرَّ معنا سابقاً -
وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف .

وإذا كنا قد تكلمنا عن رواية جبير بن نفير من طريق بحير بن سعد عن معاوية بن صالح عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه .
فسوف نتكلم عن رواية بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر
في الحلقة الخامسة