وفي نفس السياق
الفيصل: كيف نعرف بلداً يحتوي على جنود ليسوا من جنسيته إلا بالاحتلال وخادم الحرمين وصف أمراً واقعياً
أكد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل أن وصف خادم الحرمين الشريفين للأوضاع في العراق بالاحتلال "وصف حقيقي نابع من واقع الأمور"، مشيرا إلى ما يتسم به من طبع الصراحة والشفافية وعدم تجميل الأمور الواقعية بأشياء دبلوماسية.
وقال الفيصل في مؤتمر صحفي مشترك مع أمين جامعة الدول العربية عمرو موسى عقب ختام القمة العربية في الرياض أن لقاء الزعماء العرب اتسم بروح من المسؤولية من خلال وضع الحلول العملية التي تراعي التطورات والمستجدات والظروف الإقليمية والدولية السائدة، مؤكدا أن القضية الفلسطينية تصدرت محادثات القمة باعتبارها قضية العرب الأولى ومحور الأزمات في المنطقة، حيث كان اتفاق مكة بين الفصائل الفلسطينية مبعث ارتياح كبير للقادة العرب وما تمخض عنه من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، مما يعزز الموقف الفلسطيني في الدفاع عن قضيته المشروعة، وهو الأمر الذي انعكس على قرار القمة الذي أكد مجددا وبوضوح على السلام كخيار استراتيجي للعرب والتمسك بمبادرة السلام العربية بكافة بنودها، خاصة أن القادة العرب قد استذكروا ما قررته الدول العربية باتباع استراتيجية واضحة تقوم على مبادرة السلام العربية.
وأضاف أن القادة العرب أخذوا علما بالتزام حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية بقرارات القمة العربية، كما حرصت القمة على دعم تحقيق الاستقرار في كل من العراق ولبنان، وهو الأمر الذي عبرت عنه قراراتها بشكل واضح.
وأضاف: شهدت القمة على هامشها نشاطا جانبيا مكثفا بمبادرة من الرئاسة للاستفادة من التواجد الدولي لضيوفها، حيث ترأس خادم الحرمين الشريفين اجتماعا بين البشير والأمين العام للأمم المتحدة وبحضور رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي وأمين الجامعة العربية بهدف بناء الثقة بين السودان والأمم المتحدة لدعم الجهود العربية والإفريقية والدولية لحل مأساة دارفور من كافة جوانبها.
وقال: تم الاتفاق على ضرورة تكثيف وتضافر هذه الجهود في إطار كثرة المقترحات التي قدمها الأمين العام السابق للأمم المتحدة، ودعم اتفاق أبوجا وقوة حفظ السلام الإفريقية، على أن تقوم الأمم المتحدة بتوفير كافة أشكال الدعم اللوجستي للقوات الإفريقية لتمكينها من القيام بمهامها على النحو المطلوب في الإقليم.
وأضاف: دعا خادم الحرمين الشريفين في اجتماع على هامش القمة لبحث قضية الصومال بمشاركة كل من وزير خارجية كينيا رئيس منظمة "الإيجاد" ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي والأمناء العامين للأمم المتحدة والمؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية إضافة إلى الممثل الأعلى للسياسات الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي بمشاركة وزير خارجية السعودية، ونجم عن الاجتماع التوافق حول أفضل السبل لتشجيع انعقاد مؤتمر للمصالحة الوطنية الصومالية وحشد الدعم العربي والإفريقي والدولي لإنجاحه وتحقيق أمن واستقرار الصومال والمساعدة في إعادة إعماره ودعم مؤسساته لتمكينها من الاضطلاع بدورها.
وأشار وزير الخارجية إلى القرار الخاص بالأمن القومي العربي الذي يشكل بعدا هاما في منظومة العمل المشترك والنهوض به واستعادة روح التضامن وحل المشكلات القائمة والتصدي للتحديات التي تواجه أمتنا العربية، مؤكدا أن أهمية هذا القرار تنبع من كونه يشكل رابطا بين جميع القرارات والتوصيات الصادرة عن الجامعة العربية وتفعيلا لمؤسساتها وهياكلها التي نص عليها الميثاق ومعاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي، ووثيقة العهد والوفاق والتضامن ومجلس الأمن والسلم العربي وذلك في إطار التعامل مع الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل من كافة جوانبه السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية وتفعيل الجهد العربي المشترك.
وقال: أثبتت التجربة أن الجهد العربي المخلص قادر على حل الأزمات العربية، وأن الحلول الخارجية لم تساعد سوى في تعميقها وتوسيعها، وأن الدلالات التي ترمز إليها هذه الخطوات تنبع من أهدافها الرامية إلى توظيف إمكاناتنا العربية لخدمة أوطاننا وشعوبنا وقضايانا العادلة وصون هويتنا الحضارية والثقافية مما يعترضها من تهديدات ومحاولات لتقويضها.
كما أكد وزير الخارجية أن بيان الرياض ركز على الجانب الثقافي والهوية العربية والاحتفاظ بهويتنا العربية حتى تكون ركيزة لقدرتنا على المضي سويا في مواجهة التحديات التي نواجهها.
وكشف الفيصل أنه لم يستغرب أن تعارض إسرائيل المبادرة العربية وكان هذا نهجها دائما عندما يظهر العرب بقرارات واضحة وصريحة وشفافة حول توجههم نحو السلام، وترفضه رفضا قاطعا، وبالتالي لا يعبر ذلك عن موقف إيجابي لدولة تريد سلاماً حقيقياً.
وفي تعليقه حول تصريح وزير الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس الذي قالت فيه إن هدفها عقد مصالحة للعرب مع إسرائيل، قال الفيصل: " أنا أعتقد أن ما حصل في مكة من اتفاق خطوة إيجابية لأن السلام لا يأتي إلا إذا كان سلاما مبنيا على قناعات والقناعات لا تبنى إلا إذا كانت مبنية على رؤية واضحة لكيفية الوصول إلى المصالح والاتفاق بين الفلسطينيين، وبدون شك هذا أكبر تعريف عن مطالب الفلسطينية التي ترتكز عليها عملية السلام فتوحيد الرؤى الفلسطينية بدلا من أن يكون مؤخرا للسلام سيكون مساعدا للسلام، والسلام لا يصنع من قبل فرد، ولا يمكن أن تدفع أحداً للقبول به، والدخول فيه لأنه لابد أن يبنى على حقائق وقضايا واقعية.
وأضاف: الذي حصل في مكة قدم هذه العملية للأمام وأنا أعتقد أن البيان عن مبادرة السلام حدد مفهوم السلام بالنسبة للحكومة الوطنية الفلسطينية، وحدد منظورها بالتزامها النهج السياسي لحل القضية لأنها التزمت بقرارات القمم العربية، مؤكدا أنه لا يرى في ذلك إلا أمرا إيجابيا لعملية السلام.
من جانبه أكد أمين جامعة الدول العربية عمرو موسى على نجاح قمة الرياض نافيا وجود أي مبرر لقول بفشلها.
وقال: " بعد نهاية يومين من العمل المستمر وشهرين من الإعداد لمختلف القرارات والتقارير المطروحة لا أعتقد أننا نتحدث بفشل، والحقيقة أن هذه القمة ستكون مؤثرة للعمل العربي المشترك وأن القمة نجحت في التأكيد على المبادرات القائمة وتنوعت المبادرات بين سياسية لتأكيد موقف العرب من المبادرات المختلفة مشيرا إلى أن الجلسة المغلقة شهدت توافقا عربيا حول الأمن الإقليمي".
وحول قضية دارفور قال موسى إن "الاجتماع أدى إلى عبور أكثر من مطب ونحن لا نتحدث عن تسهيل للأمور ولكن كانت هناك مناقشة طويلة بين المجتمعين، وبالتالي هناك تقدم لا يقاس بموضوع قوات حفظ السلام،وإنما يقاس بنواح سياسية"، فيما شدد الفيصل، من جانبه، على أن الاجتماع حل قضية هامة تمثلت في الاتفاق على سرعة وصول المواد الإغاثية للمتضررين في دارفور.
وحول الجدول الزمني للمبادرة العربية، أكد الفيصل أن المبادرة العربية لا ترتبط بسقف زمني محدد فمتى ما قبلت إسرائيل بها وانسحبت من الأراضي التي تحتلها فإن الدول العربية ستطبع العلاقات معها.
وعن الموقف الإسرائيلي من المبادرة، قال موسى: " لم يرد رد من إسرائيل فيما يتعلق بالسلام سوى رغبتها في التطبيع دون ثمن، وشدد على أنه ليس هناك شيء مجاني، فإذا كانت تريد التطبيع فلابد أن تتقدم بمقابل، وحتى الآن لا نرى إلا رسائل سلبية.
وحول ردود الفعل في واشنطن على ما تضمنته كلمة خادم الحرمين الشريفين بأن العراق يقع تحت احتلال غير شرعي، قال وزير الخارجية إن الملك لم يتحدث عن وجود معين، ولكن قال العراق تحت الاحتلال "ولا أدري كيف نعرف بلدا يحتوي على جنود ليسوا من جنسيته إلا بالاحتلال ولو كانت باختيار البلد فهذا أمر آخر، أما أي عمل عسكري لا يكون بدعوة من البلد المعني فهذا تعريف الاحتلال، وخادم الحرمين الشريفين في كلمته كان يصف أمراً واقعياً".
وحول ما ورد في إعلان الرياض حول تأكيد الحاجات الأمنية والدفاعية للدول العربية، قال الفيصل إن اتفاقية الدفاع العربي المشترك وثيقة واضحة تحدد حقوق وواجبات كل دولة عربية ويجمعنا حماية أراضينا ومصالحنا، وأي دولة يعتدى عليها يعتبر اعتداء على الدول الأخرى، وبالتالي تفعيل وإحياء مؤسساته من الأمور الضرورية لحفظ مصالح الدول العربية، وهذا ما حصل.
وعن إمكانية تحقيق القمة حلاً للخلافات العربية، قال وزير الخارجية إن كل الدول العربية توافقت توافقاً عظيماً حيث أنهت القمة جلساتها المغلقة في وقت قياسي بفضل الاتفاق بين القادة العرب، ولم يبقي القادة أي شيء لم يتحدثوا عنه.
من جانبه قال عمرو موسى حول القضية الفلسطينية إن الجامعة العربية خلال الحصار حولت ما يزيد عن 120 مليون دولار للسلطة الفلسطينية، كما حولت الدول العربية ما يصل إلى 450 مليون دولار، مبيناً أن الحصار لم يوقف تحويل الأموال لأن الحصار خدمة موجهة لإسرائيل.
وقال: "لدينا الآن حكومة وحدة وطنية، ما هو مبرر الحصار الآن؟، وأنتهز الفرصة لأحيي دولة النرويج والسويد وإسبانيا، وأدعو دول الاتحاد الأوروبي للقيام بخطوات عملية تجاه الحكومة الفلسطينية والتعامل معها، والعالم يجب أن يساعد الفلسطينيين لفك الحصار الذي لا مبرر له.
وفي سؤال حول وجود قرارات سرية بين القادة العرب في حال اندلعت الحرب بين الغرب وإيران قال الأمير سعود: كل بلد مسؤول عن حماية مواطنيه، ولا أعتقد أن القادة الذين اجتمعوا تجاهلوا مصالح بلدانهم وخطر أي حرب في الخليج سيكون أثرها كبيراً على المنطقة، ولكن ما أستطيع أن أجزم به أن دول المنطقة جميعاً ستحتاط بكل ما تستطيع من إمكانيات لحماية أمنها وحماية أمن مواطنيها.
وعن معالجة القضية الفلسطينية في حال امتناع إسرائيل عن قبول المبادرة العربية، قال الأمين العام للجامعة العربية: نحن انتهينا من الطريقة التي كانت تدار بها عملية السلام، وطلبنا تقييم الوضع في صورته، بمعنى هل هناك فائدة أم لا، أو هي كلام ودوائر مغلقة وضياع وقت؟
وأضاف: أكثر من دولة عربية أكدت عملها على إحياء المبادرة العربية للسلام، ولذا لابد من تقييم الوضع في وقت قصير حتى لا يضيع الوقت، عام 2007 عام كثير الحساسية.
وأكد موسى على أن الجميع في حالة غضب إزاء المماطلة والطريقة التي تدار بها عملية السلام، وعلى الدول العربية اتخاذ المسار اللازم في حال فشلت كل الجهود لحل القضية.
وحول هجوم الرئيس الليبي على السعودية وجامعة الدول العربية قال الفيصل إن "الخلاف الليبي مع ليبيا وليس مع السعودية وليس هناك اختلاف معهم، كان هناك حادث وتجاوزناه وأنهينا ذلك، وإذا كان لديه شيء ضد السعودية فهو لم يفصح عنه"، مؤكدا من جديد أنه "لا يوجد خلاف سعودي ليبي بل ليبي ليبي".
وفي الملف اللبناني، قال الفيصل إن "مشكلة لبنان خلاف لا ندري من أين ندخل عليه، ومن أين نخرج معه، هنا بلد متوقف بقرار تلقائي عن العمل وترك المجال للشعب اللبناني أن يعمل ويكسب عيشة.
واستطرد الفيصل قائلاً: "إذا كان هناك خلاف سياسي فما ذنب الناس الذين لا يستطيعون الذهاب لأعمالهم؟ وإذا كانت الخلافات بين السياسيين فليحصروا بعضاً ويتركوا الشعب اللبناني أن يقوم بكسب عيشة، مشيرا إلى أن الأمين العام للجامعة العربية بذل جهداً كبيراً وتحمل كثيراً، قيل عنه ما قيل واتهم بما اتهم به، وكله في سبيل عمل شيء للبنان هذا البلد الذي قاسى أهله من حروب وويلات وآن له أن يرتاح".
وبشأن عقد لقاء بين الدول العربية وإيران لمناقشة الملف العراقي والتهديد النووي، أكد الفيصل أن العراق دولة عربية، والرئيس العراقي أكد في كلمته على عروبة العراق والتزامه بقرارات القمم العربية، والدول العربية قدمت ما تستطيع حيال العراق، وكذا الجامعة لا تزال تقوم بدور جيد في العراق.
وشدد الفيصل على أن العراق لا يحتاج لأحد للخروج من الأزمة بل يحتاج لتوافق أبنائه لحل أزمتهم لأن الدول العربية تبذل جهودا مستمرة لمساعدتهم.
أمريكا تصف إعلان القمة العربية بـ"الإيجابي جدا"
واشنطن: رويترز
رحبت الولايات المتحدة بتأكيد الزعماء العرب أمس على مبادرة السلام التي أعلنت قبل خمس سنوات لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. وقال المتحدث باسم الوزارة الخارجية شون مكورماك "هذا شيء نعتبره إيجابيا جدا" وذلك عند رده على سؤال حول نتائج القمة العربية ومصادقتها على خطة عام 2002 التي صاغتها القمة السابقة في بيروت. وأضاف مكورماك: "إننا نشجعهم لاستخدامها كنقطة انطلاق لدبلوماسية نشطة وكوسيلة لتنشيط قوة الدفع نحو السلام في الشرق الأوسط. وهذه الجهود من جانبهم ومن جانب غيرهم لديها دور هام تقوم به". ورفض مكورماك الإدلاء بالمزيد من التعليق على مصادقة القمة على الخطة حتى تصله تفاصيل أكثر، لكنه قال إن رايس تريد من الدول العربية القيام بدور أكثر نشاطا لتشجيع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وخلال زيارتها التي استمرت أربعة أيام أجرت رايس محادثات منفصلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس حيث وافق الجانبان على الاجتماع مرتين كل شهر. لكن أي محادثات جوهرية حول ما يسمى بمسائل "الوضع النهائي" الأصعب أمام الحل لن تكون على جدول الأعمال في الوقت الحالي.