أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


اعتنى به: عمرو الشرقاوي

نكمل ما وقفنا عليه حول كلام الإمام الطبري عن الأحرف المقطعة .
[1/223 - 224]
قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى:
((
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدِي فِي تَأْوِيلِ مَفَاتِحِ السُّوَرِ الَّتِي هِيَ حُرُوفُ الْمُعْجَمِ: أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَهَا حُرُوفًا مُقَطَّعَةً وَلَمْ يَصِلْ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ فَيَجْعَلَهَا كَسَائِرِ الْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ الْحُرُوفَ؛ لِأَنَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَرَادَ بِلَفْظِهِ الدَّلَالَةَ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ لَا عَلَى مَعْنَى وَاحِدٍ، كَمَا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَإِنْ كَانَ الرَّبِيعُ قَدِ اقْتَصَرَ بِهِ عَلَى مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا. وَالصَّوَابُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْهُ يَحْوِي مَا قَالَهُ الرَّبِيعُ وَمَا قَالَهُ سَائِرُ الْمُفَسِّرِينَ غَيْرُهُ فِيهِ، سِوَى مَا ذَكَرْتُ مِنَ الْقَوْلِ عَمَّنْ ذَكَرْتُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يُوَجِّهَ تَأْوِيلَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ حُرُوفُ هِجَاءٍ اسْتَغْنَى بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهُ فِي مَفَاتِحِ السُّوَرِ عَنْ ذِكْرِ تَتِمَّةِ الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ بِتَأْوِيلِ: أَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ، {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2] ، مَجْمُوعَةٌ {لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] ، فَإِنَّهُ قَوْلُ خَطَأٍ فَاسِدٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَقْوَالِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ، فَكَفَى دَلَالَةً عَلَى خَطَئِهِ شَهَادَةُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِالْخَطَأِ مَعَ إِبْطَالِ قَائِلِ ذَلِكَ قَوْلَهُ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْهُ، إِذْ صَارَ إِلَى الْبَيَانِ عَنْ رَفْعِ {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2] بِقَوْلِهِ مَرَّةً إِنَّهُ مَرْفُوعٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ وَمَرَّةً أُخْرَى أَنَّهُ مَرْفُوعٌ بِالرَّاجِعِ مِنْ ذِكْرِهِ فِي قَوْلِهِ: {لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] وَمَرَّةً بِقَوْلِهِ: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] وَذَلِكَ تَرْكٌ مِنْهُ لِقَوْلِهِ إِنَّ {الم} [البقرة: 1] رَافِعَةٌ {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2] وَخُرُوجٌ مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي ادَّعَاهُ فِي تَأْوِيلِ {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 1] وَأَنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ: هَذِهِ الْحُرُوفُ {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2] .)).
التعليق:
بعد أن أطال الإمام ذكر الأقاويل، مع التعليل لهذه الأقاويل، رجع إلى الرأي الذي يراه في هذه الحروف، وهي:
أنها جاءت مقطعة ولم يوصل بعضها ببعض كسائر الكلام المتصل، ففيه إشارة إلى كونها حروفًا، وهذه الحروف المرجع فيها إلى أحد أمرين:
1. إما ببيان الشارع لها، ونحن لم نجد للشارع فيها بيان .
2. وإما إلى لغة العرب، ونحن لم نجد للحرف في لغة العرب معنى .
والمقصود؛ أن هذه الحروف لا معنى لها في كلام العرب، ولا كلام الشارع، فصارت مجرد حروف، لها مغزى .
وهناك فرق بين الماهية، والمغزى، والماهية لا تُعرف إلا ببيان الشارع، أو بلغة العرب.
وقوله: ((لِأَنَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَرَادَ بِلَفْظِهِ الدَّلَالَةَ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ لَا عَلَى مَعْنَى وَاحِدٍ، كَمَا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَإِنْ كَانَ الرَّبِيعُ قَدِ اقْتَصَرَ بِهِ عَلَى مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا. وَالصَّوَابُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْهُ يَحْوِي مَا قَالَهُ الرَّبِيعُ وَمَا قَالَهُ سَائِرُ الْمُفَسِّرِينَ غَيْرُهُ فِيهِ، سِوَى مَا ذَكَرْتُ مِنَ الْقَوْلِ عَمَّنْ ذَكَرْتُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يُوَجِّهَ تَأْوِيلَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ حُرُوفُ هِجَاءٍ اسْتَغْنَى بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهُ فِي مَفَاتِحِ السُّوَرِ عَنْ ذِكْرِ تَتِمَّةِ الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ)).
فالطبري - رحمه الله - يرى أن قول من ذكرهم من السلف يرجع إلى قول الربيع، ويدخل فيه .
فكل قول ذكره الطبري هي عنده صواب، ولا يعترض عليها .
وأما القول الذي اعترض به على قول أحد اللغويين، وجعله خارجًا عن جميع أقوال الصحابة والتابعين - مع اختلافهم -، ومن بعدهم من الخالفين .
وهذه فائدة مهمة جدًا في كيفية التعامل مع الخلاف، وبخاصة في تفسير السلف، وهي: أن اختلافهم على أقوال نوع من الإجماع على أن المعنى لا يخرج عما قالوه.
فكأنه يقول إن المعنى لا يخرج عما أجمعوا عليه، وقد يشكل للناظر أنه يسميه إجماعًا مع أنهم قد اختلفوا؟.
ووجه الإجماع أنهم لم يذكروا غير هذه الأقوال، ومع قرب هذا القول من أقوالهم إلا أنهم لم يذكروه، فدل هذا على أنه خارج المعنى المراد..
فترك السلف لأحد الأقوال مع قربه منهم، دليل على تخطئتهم له، وهذه من القواعد المهمة التي يستخدمها الطبري - رحمه الله -، وبعض طلبة العلم لا يتنبه لمثل ذلك .
وهذا الأسلوب أصيل وعميق جدًا من الطبري رحمه الله تعالى .
[1/244]
قال الطبري رحمه الله:
((فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَرْفٌ وَاحِدٌ شَامِلًا الدَّلَالَةَ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ مُخْتَلِفَةٍ؟ قِيلَ: كَمَا جَازَ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ مُخْتَلِفَةٍ كَقَوْلِهِمْ لِلْجَمَاعَةِ مِنَ النَّاسِ: أُمَّةٌ، وَلِلْحِينِ مِنَ الزَّمَانِ: أُمَّةٌ، وَلِلرَّجُلِ الْمُتَعَبِّدِ الْمُطِيعِ لِلَّهِ: أُمَّةٌ، وَلِلدِّينِ وَالْمِلَّةِ: أُمَّةٌ. وَكَقَوْلِهِمْ لِلْجَزَاءِ وَالْقِصَاصِ: دِينٌ، وَلِلسُّلْطَانِ وَالطَّاعَةِ: دِينٌ، وَلِلتَّذَلُّلِ: دِينٌ، وَلِلْحِسَابِ: دِينٌ؛ فِي أَشْبَاهٍ لِذَلِكَ كَثِيرَةٍ يَطُولُ الْكِتَابُ بِإِحْصَائِهَا مِمَّا يَكُونُ مِنَ الْكَلَامِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ.)).

التعليق:
وهذا ما يسمى في اللغة بالمشترك اللغوي .
فكما يوجد في اللغة من الكلمات ما يدل على أكثر من معنى، فلا يمتنع كذلك من أن يكون للحرف أكثر من معنى .
[1/224 - 225]
قال الطبري رحمه الله:
((وَكَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {الم} [البقرة: 1] وَ {المر} [الرعد: 1] وَ {المص} [الأعراف: 1] وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ الَّتِي هِيَ فَوَاتِحُ أَوَائِلِ السُّوَرِ، كُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا دَالٌّ عَلَى مَعَانٍ شَتَّى، شَامِلٌ جَمِيعَهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاتِهِ مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ مِنَ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُمْ؛ وَهُنَّ مَعَ ذَلِكَ فَوَاتِحُ السُّوَرِ كَمَا قَالَهُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ. وَلَيْسَ كَوْنُ ذَلِكَ مِنْ حُرُوفِ أَسْمَاءِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَصِفَاتِهِ بِمَانِعِهَا أَنْ تَكُونَ لِلسُّوَرِ فَوَاتِحَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدِ افْتَتَحَ كَثِيرًا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ بِالْحَمْدِ لِنَفْسِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهَا، وَكَثِيرًا مِنْهَا بِتَمْجِيدِهَا وَتَعْظِيمِهَا، فَغَيْرُ مُسْتَحِيلٍ أَنْ يَبْتَدِئَ بَعْضَ ذَلِكَ بِالْقَسَمِ بِهَا. فَالَّتِي ابْتُدِئَ أَوَائِلُهَا بِحُرُوفِ الْمُعْجَمِ أَحَدُ مَعَانِي أَوَائِلِهَا أَنَّهُنَّ فَوَاتِحُ مَا افْتَتَحَ بِهِنَّ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ، وَهُنَّ مِمَّا أَقْسَمَ بِهِنَّ؛ لِأَنَّ أَحَدَ مَعَانِيهِنَّ أَنَّهُنَّ مِنْ حُرُوفِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَصِفَاتِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا الْبَيَانَ عَنْهَا، وَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ مَعْنَى الْقَسَمِ بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَهُنَّ مِنْ حُرُوفِ حِسَابِ الْجُمَلِ، وَهُنَّ لِلسُّوَرِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهِنَّ شِعَارٌ وَأَسْمَاءٌ. فَذَلِكَ يَحْوِي مَعَانِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا مِمَّا بَيَّنَّا مِنْ وُجُوهِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ الدَّلَالَةَ عَلَى مَعْنَى وَاحِدٍ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ ذَلِكَ دُونَ سَائِرِ الْمَعَانِي غَيْرِهِ، لَأَبَانَ ذَلِكَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبَانَةً غَيْرَ مُشْكِلَةٍ، إِذْ كَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا أَنْزَلَ كِتَابَهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ. وَفِي تَرْكِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبَانَةَ ذَلِكَ أَنَّهُ مُرَادٌ بِهِ مِنْ وُجُوهِ تَأْوِيلِهِ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ أَوْضَحُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ مُرَادٌ بِهِ جَمِيعَ وُجُوهِهِ الَّتِي هُوَ لَهَا مُحْتَمِلٌ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِيلًا فِي الْعَقْلِ وَجْهٌ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ تَأْوِيلِهِ وَمَعْنَاهُ كَمَا كَانَ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ اجْتِمَاعُ الْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ لِلْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ.)).

التعليق:
هنا فائدة مهمة جدًا في قوله: ((لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ الدَّلَالَةَ عَلَى مَعْنَى وَاحِدٍ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ ذَلِكَ دُونَ سَائِرِ الْمَعَانِي غَيْرِهِ، لَأَبَانَ ذَلِكَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبَانَةً غَيْرَ مُشْكِلَةٍ، إِذْ كَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا أَنْزَلَ كِتَابَهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ. وَفِي تَرْكِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبَانَةَ ذَلِكَ أَنَّهُ مُرَادٌ بِهِ مِنْ وُجُوهِ تَأْوِيلِهِ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ أَوْضَحُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ مُرَادٌ بِهِ جَمِيعَ وُجُوهِهِ الَّتِي هُوَ لَهَا مُحْتَمِلٌ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِيلًا فِي الْعَقْلِ وَجْهٌ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ تَأْوِيلِهِ وَمَعْنَاهُ كَمَا كَانَ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ اجْتِمَاعُ الْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ لِلْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ.)).
يذكر هنا قاعدة، وهي أنه إذا لم يرد بيان من النبي صلى الله عليه وسلم، والآية محتملة فالأصل أن تكون محتملة لمعان شتى، مما يذكره أهل الحجة من التفسير .
والاحتكام إلى العقل - بالطريقة التي ذكرها الطبري - لا يرفض قولًا من الأقوال التي ذكرها في تأويل الأحرف المقطعة .
فكل ما ذكر من تأويلها جائز ومحتمل، كما جاز اجتماع المعاني الكثيرة للكلمة الواحدة، باللفظ الواحد .
فهذه قاعدة في التعامل مع الأقوال المختلفة التي لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها بيان صريح، كالأحرف السبعة - مثلًا -، فالأمر يرجع إلى اجتهاد المفسرين.
[1/225]
قال الطبري رحمه الله:
((وَمَنْ أَبَى مَا قُلْنَاهُ فِي ذَلِكَ سُئِلَ الْفَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ سَائِرِ الْحُرُوفِ الَّتِي تَأْتِي بِلَفْظٍ وَاحِدٍ مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى الْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ الْمُخْتَلِفَةِ كَالْأُمَّةِ وَالدِّينِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ. فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدٍ ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ.)).

التعليق:
وهذه قاعدة عقلية كثيرًا ما يستخدمها الطبري، وهي قضية الإلزام بالقول نفسه.
فكأنه يسأل رحمه الله، ما الفرق بين جعل مثل لفظ (الأمة) دال على معان متعددة، ولا يجعل حرف (الألف) من (الم) دال على معان متعددة ؟
ولن يجيب المعترض بجواب إلا كان جوابًا لنا - أيضًا - .
ولا ينقض هذه الكلام الذي ذكره، إلا إن قيل: بأنه قياس مع الفارق، وأما مع عدم التفريق فكلامه متجه جدًا .
[1/225]
قال الطبري رحمه الله:
((
وَكَذَلِكَ يُسْأَلُ كُلُّ مَنْ تَأَوَّلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ دُونَ الْأَوْجُهِ الْأُخَرِ الَّتِي وَصَفْنَا عَنِ الْبُرْهَانِ عَلَى دَعْوَاهُ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي يُحِبُّ التَّسْلِيمَ لَهُ ثُمَّ يُعَارَضُ بِقَوْلِهِ يُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ، وَيُسْأَلُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ: مِنْ أَصْلٍ، أَوْ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَصْلٌ، فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ.)).
التعليق:
جعل الطبري الحجة أيضًا على الأقوال بعضها على بعض، فمن أنكر كون الأحرف قسمًا، وقال بأنها فواتح، سئل عن حجته على التخصيص، فما سيذكره من حجة، سيلزمه الآخر بها .
وهذا إشارة من الطبري إلى احتمالية الأقوال جميعًا، وأن السلف لم يقصدوا ببيانهم التخصيص بكلامهم .
[1/225 - 227]
قال الطبري رحمه الله:
((وَأَمَّا الَّذِي زَعَمَ مِنَ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ بَلْ فِي قَوْلِ الْمُنْشِدِ شِعْرًا: بَلْ،
مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا
وَأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَةٌ فِي الْكَلَامِ مَعْنَاهُ الطَّرْحُ؛ فَإِنَّهُ أَخْطَأَ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى: أَحَدُهَا: أَنَّهُ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِأَنَّهُ خَاطَبَ الْعَرَبَ بِغَيْرِ مَا هُوَ مِنْ لُغَتِهَا وَغَيْرِ مَا هُوَ فِي لُغَةِ أَحَدٍ مِنَ الْآدَمَيِّينَ، إِذْ كَانَتِ الْعَرَبُ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ كَانَتْ تَفْتَتِحُ أَوَائِلَ إِنْشَادِهَا مَا أَنْشَدَتْ مِنَ الشِّعْرِ بِبَلْ، فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْهَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَبْتَدِئُ شَيْئًا مِنَ الْكَلَامِ بِ {الم} [البقرة: 1] وَ {الر} [يونس: 1] وَ {المص} [الأعراف: 1] بِمَعْنَى ابْتِدَائِهَا ذَلِكَ بِ (بَلْ) وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنِ ابْتِدَائِهَا، وَكَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا خَاطَبَهُمْ بِمَا خَاطَبَهُمْ مِنَ الْقُرْآنِ بِمَا يَعْرِفُونَ مِنْ لُغَاتِهِمْ وَيَسْتَعْمِلُونَ بَيْنَهُمْ مِنْ مَنْطِقِهِمْ فِي جَمِيعِ آيِهِ، فَلَا شَكَّ أَنَّ سَبِيلَ مَا وَصَفْنَا مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهَا أَوَائِلُ السُّوَرِ الَّتِي هُنَّ لَهَا فَوَاتِحُ سَبِيلُ سَائِرِ الْقُرْآنِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْدِلْ بِهَا عَنْ لُغَاتِهِمُ الَّتِي كَانُوا بِهَا عَارِفِينَ وَلَهَا بَيْنَهُمْ فِي مَنْطِقِهِمْ مُسْتَعْمِلِينَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ سَبِيلِ لُغَاتِهِمْ وَمَنْطِقِهِمْ كَانَ خَارِجًا عَنْ مَعْنَى الْإِبَانَةِ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا الْقُرْآنَ، فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {نَزَل بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذَرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193] وَأَنَّى يَكُونُ مُبِينًا مَا لَا يَعْقِلُهُ وَلَا يَفْقَهُهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ فِي قَوْلِ قَائِلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَلَا يُعْرَفُ فِي مَنْطِقِ أَحَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ فِي قَوْلِهِ؟ وَفِي إِخْبَارِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ مَا يُكَذِّبُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَيُنْبِئُ عَنْهُ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا بِهِ عَالِمِينَ وَهُوَ لَهَا مُسْتَبِينٌ. فَذَلِكَ أَحَدُ أَوْجُهِ خَطَئِهِ.)).

التعليق:
فقصد أن الذي جعلها بمعنى (بل)، خروجها عن سنن العرب في الكلام، فثم فرق واضح بين بل، والأحرف القطعة .
وتأتي بل غالبًا للانتقال، فلا تأتي في أول الكلام .
قال الطبري:
((وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ خَطَئِهِ فِي ذَلِكَ: إِضَافَتُهُ إِلَى اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ خَاطَبَ عِبَادَهُ بِمَا لَا فَائِدَةَ لَهُمْ فِيهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي سَوَاءٌ الْخِطَابُ بِهِ وَتَرْكُ الْخِطَابِ بِهِ، وَذَلِكَ إِضَافَةُ الْعَبَثِ الَّذِي هُوَ مَنْفِيٌّ فِي قَوْلِ جَمِيعِ الْمُوَحِّدِينَ عَنِ اللَّهِ، إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ.)).

التعليق:
الذي يبدو - والله أعلم - أن الأمر الذي جعل القائل يقول بأنها بمعنى (بل)، ليس لأنها ليس لها فائدة، بل لها فائدة فهي آتية للتنبيه على الانتقال من ضرب لآخر من ضروب الكلام .
وذكر الطبري هنا قاعدة كلية وهي أن الله تعالى إذا خاطب العباد يخاطبهم بما فيه فائدة، وبما فيه حكمة.
قال الطبري:
((وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنْ خَطَئِهِ: أَنَّ بَلْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَفْهُومٌ تَأْوِيلُهَا وَمَعْنَاهَا، وَأَنَّهَا تُدْخِلُهَا فِي كَلَامِهَا رُجُوعًا عَنْ كَلَامٍ لَهَا قَدْ تَقَضَّى كَقَوْلِهِمْ: مَا جَاءَنِي أَخُوكَ بَلْ أَبُوكَ؛ وَمَا رَأَيْتُ عَمْرًا بَلْ عَبْدَ اللَّهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ، كَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ:
وَلَأَشْرَبَنَّ ثَمَانِيًا وَثَمَانِيًا ... وَثَلَاثَ عَشْرَةَ وَاثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعَا
وَمَضَى فِي كَلِمَتِهِ حَتَّى بَلَغَ قَوْلَهُ:
بِالْجُلَّسَانِ وَطَيِّبٌ أَرْدَانُهُ ... بِالْوَنِّ يُضْرَبُ لِي يَكُرُّ الْأُصْبُعَا
ثُمَّ قَالَ:
بَلْ عدَّ هَذَا فِي قَرِيضٍ غَيْرِهِ ... وَاذْكُرْ فَتًى سَمْحَ الْخَلِيقَةِ أَرْوَعَا
فَكَأَنَّهُ قَالَ: دَعْ هَذَا وَخُذْ فِي قَرِيضٍ غَيْرِهِ. فَبَلْ إِنَّمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى هَذَا النَّحْوِ مِنَ الْكَلَامِ. فَأَمَّا إِفْسَاحًا لِكَلَامِهَا مُبْتَدَأٌ بِمَعْنَى التَّطْوِيلِ وَالْحَذْفِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدُلَّ عَلَى مَعْنَى، فَذَلِكَ مِمَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا ادَّعَاهُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَمَنْطِقِهَا، سِوَى الَّذِي ذَكَرْتُ قَوْلَهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَصْلًا يُشَّبَهُ بِهِ حُرُوفُ الْمُعْجَمِ الَّتِي هِيَ فَوَاتِحُ سُوَرِ الْقُرْآنِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهَا لَوْ كَانَ لَهُ مَشْبَهَةً، فَكَيْفَ وَهِيَ مِنَ الشَّبَهِ بِهِ بَعِيدَةٌ؟)).

التعليق:
وهنا ذكر قياس مع الفارق، حيث فرق بين استخدام (بل) في هذا الموطن، وطريقة الأحرف المقطعة كما سبق الكلام عليه .
وبهذا ينتهي كلام الطبري رحمه الله، وملخص ما ذكره الطبري:
1. لا نجد أن واحدًا من علماء السلف توقف في الكلام عنها، بل نجد الكلام من الصحابة فمن بعدهم.
وهناك روايات عن الخلفاء الأربعة، ولم يثبت منها شيء، بأنها سر الله، وإنما ثبت عن عامر الشعبي، وكلامه مجمل محتمل لأكثر من تأويل، وكذلك ما أورد الطبري عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران: 7] قَالَ: «أُمُّ الْكِتَابِ فَوَاتِحُ السُّوَرِ مِنْهَا يُسْتَخْرَجُ الْقُرْآنُ» {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2] «مِنْهَا اسْتُخْرِجَتِ الْبَقَرَةُ» ، وَ {الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: 1] «مِنْهَا اسْتُخْرِجَتْ آلُ عِمْرَانَ»([1]).
والكلام في الأثر هنا فيه إجمال، وغموض ويحتاج إلى فك، وسنأتي إليه إن شاء الله .
وأما كلام الشعبي أنها سر، فنقول: أن كلام الشعبي يحتمل أمورًا، منها:
1. أن كلامه فيمن ادعى أن لها معانٍ، لكن هذه المعاني مما أخفاه الله .
2. ويحتمل أنها تحتوي على شيء من الأسرار، كالسر في افتتاح سورة بـ (الم) دون (المص)، والسر في افتتاح بعضها بثلاثة أحرف، وافتتاح الأخرى بأكثر أو أقل .
وهذا الباب من أبواب الحكم لا الماهية، والماهية هي أنها أحرف، ومرجعنا فيها إلى بيان الشارع، أو لغة العرب، فالأول لم يرد عنه بيان، وفي الثاني الحرف لا معنى له .
إذا علمت ذلك، فانظر لكلام السيوطي رحمه الله، حيث قال([2]):
((افتتح سبحانه بالحروف المقطعة تسعا وعشرون سورة، فيها أقوال كثيرة استوعبتها في الإتقان، أصحها سبعة أقوال، أرجحها أنها من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله)) .
واحتج بقول الشعبي، والمشكلة هنا؛ هي عدم التفريق بين الماهية وبين الحكمة، وعلى ما ذكرناه سابقًا عن السلف، فلا يصح لنا القول: أنها من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله .
فهناك تخليط من المتأخرين في التعامل مع تفسير كلام الله سبحانه وتعالى .
وأشار الراغب الأصفهاني رحمه الله([3]) في كتابه جامع التفاسير، إلى هذه المسألة:
((اختلف الناس في الحروف التي في أوائل السور، فقالوا فيها أقوالًا جلها مراد باللفظ وغير متناف على السبر، لكن بعضها مفهوم بلا واسطة، وبعضها مفهوم بواسطة، فنقول وبالله التوفيق: إن المفهوم من هذه الحروف الأظهر بلا واسطة ما ذهب إليه المحققون من أهل اللغة كالفراء وقطرب، وهو قول ابن عباس - رضي الله عنهما - وكثير من التابعين على ما بين من بعد، وهو أن هذه الحروف لما كانت هي عنصر الكلام ومادته التي تركب منها، بين تعالى أن هذا الكتاب من هذه الحروف التي أصلها عندكم تنبيهًا لهم على إعجازهم، وأنه لو كان من عند البشر لما عجزتم مع تظاهركم عن معارضته)).
التعليق:
ذكر هنا الماهية والحكمة من هذه الأحرف.
ثم قال: ((وأما اختصاص هذه الحروف وهذا العدد المخصوص وكونها في سور معدودة وجعل بعضها مفردًا، وبعضها ثنائيًا وثلاثيًا ورباعيًا وخماسيًا، ثم لم يتجاوز ذلك واختصاصها ببعض الحروف دون بعض، ففيها عجائب وبدائع إذا اطلع عليها علم أنه كما وصفه تعالى بقوله: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ}))([4]).
التعليق:
ومعنى الكلام أنه قد تظهر لنا بعض اللطائف في هذه الأحرف، فلا بأس من استنباط بعض اللطائف، لكنها ليست من باب التفسير، وقد يذكرها متأخر كما يذكرها متقدم .
قاعدة: باب اللطائف والحكم ممدود، أما باب المعاني فمحدود .
فيجب أن نفرق بين المعنى والماهية، وبين الحكم والاستنباطات مفتوح، فقد يأتي المتأخر بما لم يأت به المتأخر، والأصل أن يبقى على ما ذكره المتقدمون إلا لعلة صحيحة معتبرة .
قال رحمه الله: ((والقول في ذلك إن حروف التهجي قد قيل: ثمانية وعشرون.
وقيل: تسعة وعشرون، وهذا الخلاف من حيث إن "الألف" حرف لا صورة له في اللفظ، حتى قال بعض الناس: الألف - في حروف التهجي: حرف لا ساكن ولا متحرك، وإنما هو مد لا اعتماد له)).
التعليق:
ونحن نعلم أنه عد كحرف عند الصحابة والتابعين .
ثم ذكر معلومات متعددة متعلقة بالأحرف، ثم قال:
((وما روي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن هذه الحروف اختصار من كلمات، فمعنى " الم ": أنا الله أعلم، ومعنى " المر " أنا الله أعلم وأرى، فإشارة منه إلى ما تقدم.
وبيان ذلك ما ذكره بعض المفسرين([5])، أن قَصْدَه بهذا التفسير ليس أن هذه الحروف مختصة بهذه المعاني دون غيرها، وإنما أشار بذلك إلى ما فيه الألف واللام والميم من الكلمات تنبيهًا أن هذه الحروف منبع هذه الأسماء، ولو قال: إن اللام يدل على "اللعن"، والميم على "المكر" لكان يحمل، ولكن تحرى في المثال اللفظ الأحسن، كأنه قال: هذه الحروف هي أجزاء ذلك الكتاب.
ومثل هذا في ذكر نبذ تنبيها على نوعه قول ابن عباس - رضي الله عنهما في قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} أنه الماء الحار في الشتاء، ولم يرد به أن النعيم ليس إلا هذا، بل أشار إلى بعض ما هو نعيم تنبيها على سائره، فكذلك أشار بهذه الحروف على ما يتركب منها، وعلى ذلك ما رواه السدي عنه أن ذلك حروف إذا ركبت يحصل منها اسم الله.
وكذا ما روي عنه أنه قال: هي أقسام غير مخالف لهذا القول، وذلك أن الأقسام الواردة في فواتح السور إنما هي بقسم وأجوبتها تنبيه عليها.
فيكون قوله: {الم} ذلك الكتاب جملة في تقدير مقسم بها.
وقوله: " لا ريب فيه " جوابها، ويكون إقسامه بها تنبيهًا على عظم موقعها، وعلى عجزنا عن معارضة كتابه المؤلف منها.
فإن قيل: لو كان قسمًا لكان فيه حرف القسم.
قيل: إن حرف القسم يحتاج إليه إذا كان المقسم به مجرورًا.
فأما إذا كان مرفوعاً نحو و " أيم الله، أو منصوباً، نحو يمين الله فليس بمحتاج إلى ذلك وما قاله زيد بن أسلم والحسن، ومجاهد، وابن جريج أنها أسماء للسور فليس بمناف للأول، فكل سورة سميت بلفظ متلو منها، فله (معنى) في السورة معلوم.
وعلى هذا القصائد والخطب المسماة بلفظ منه يفيد معنى فيها، وكذلك ما قاله أبو عبيدة، وروي أيضًا عن مجاهد، وحكاه قطرب والأخفش: أن هذه الفواتح دلائل على انتهاء السورة التي قبلها، وافتتاح ما بعدها، فإن ذلك يقتضي من حيث إنها لم تقع إلا في أوائل السور ولا يقتضي أن لا معنى لها سواه، كما أن بسم الله في أوائل السور يقتضي ما قالوه ولا يوجب ذلك أن لا معنى سواه.
وما ذكر من أن هذه الحروف قصد بها الرد على من قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتلقن ما يودعه القرآن من بعض الأعجمين، وذلك في قوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} فذلك شبيه أن هذه الصورة المخصوص بها القرآن، هي من النظم الذس أصوله عندكم، وذاك أن القوم لم يدعوا أن لفظ هذا القرآن أعجمي، وإنما ادعوا أن معناه مأخوذ عنهم ولهذا قال تعالى: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} فإذا: المعنى يرجع إلى ما تقدم بأنه تنبيه على إعجازه.
وما قاله قطرب إنه قصد بها صرف أسماع المشركين إلى الاستماع إليه لما تواصوا بأن لا يستمعوا له حتى قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} فإنما يشير به أيضاً إلى المعنى المتقدم، لأنه تعالى قصد بصرف أسماعهم تنبيههم على عجزهم عن معارضته، وأن من حقكم إذا عجزتم عن مثله أن تتدبروا آياته، وأن تعرفوا أنه حق فلا تلغوا فيه.
وما روي عن اين عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: الألف من " الم " على " الله "، اللام على " جبرائيل "، والميم على " محمد "، فدل بذلك على أن القرآن (من الله) - عز وجل - مبدؤه، وأن الواسطة: " جبريل "، ومنتهاه إلى محمد.
فهذا صحيح ودال على ما تقدم، وفيه نبه بمخرج " الألف " الذي هو مبدأ مخارج الحروف على المبدأ، وهو الله تعالى، وبمخرج اللم الذي هو أوسط المخارج على جبريل، وبمخرج الميم الذي هو منتهى المخارج على المنتهى الذي هو النبي - عليه السلام -.
فكأنه قال: من هذه الحروف الدالة على الأسباب الثلاثة حصول الكتاب الذي عجزتم عن الإتيان بمثله.
وما قاله الربيع بن أنس أن هذه الحروف حروف الجمل، وأن ذلك من علوم خاصتهم، وقد نبه بها على مدد، فذلك غير ممتنع أن يكون مع المعنى الأول مراداً، بدلالة أن النبي - عليه السلام - لما أتاه اليهود فسألوه عما أنزل عليه، تلا عليهم " الم "، فحسبوه، وقالوا: إن ملكاً يبقى إحدى وسبعين سنة لقصير المدة فعل غيره؟ فقال: " الر "، و " المر " و " المص " فقالوا: خلطت علينا، فإنا لا ندري بأيها نأخذ.
فتلاوة النبي - عليه السلام - ذلك عليهم، وتقريرهم على استنباطهم دلالة أنه لا يمتنع أن يكون في كل واحدة دلالة على مدة لأمر ما([6]).))([7]).
فنبه رحمه الله: أن كل ما ذكره من الأقوال يدخل في المعنى الذي قاله، وأنها من التنبيه على أن هذه الأحرف يتركب منها الكلام، وما عدا ذلك فمن الحكم .
فملخص القول؛ أن الكلام في هذه الأحرف لا يخرج عن أن يكون:
1- كلام عن الماهية، ونحن نعلم يقينًا أن هذه الأحرف ليس لها ماهية معينة، ولهذا خرج السلف من الماهية إلى التنبيه على ما يمكن أن يتركب منها .
2- أو كلام عن الحكمة منها .
وبهذا لا يكون عندنا إشكال في الأحرف المقطعة بحمد الله .



ملحق في الأحرف المقطعة
القول في الأحرف المقطعة([8]):
هل الأحرف المقطعة من المتشابه؟.
الجواب: فيه تفصيل، فإن كان المراد أنها من المتشابه النسبي الذي قد يخفى على قوم، فنعم.
وإن كان المراد أنها من المتشابه الكلي، فلا، ومن أدخلها في المتشابه الكلي، فقد أخطأ، لأن السلف قد تعرَّضوا للقول فيها، ولو كانت من المتشابه الكلي لما قالوا فيها شيئًا، وهذا من أدلِّ الدليل على خروجها عن أن تكون من المتشابه الكلي الذي لا يعلمه إلا الله.
ويورد بعض أعلام المتكلِّمين هنا سؤالًا:
هل يجوز أن يخاطبنا الله بما لا نعلم معناه؟.
أو هل في القرآن ما لا نعلم تأويله؟ ([9]).
وبعضهم يبنون على هذا أنَّ الأحرف المقطعة، وغيرها من المتشابه الكلي الذي لا يعلمه إلا الله، لذا يقولون في تفسيرها: الله أعلم بمراده بها.
وتركيب السؤال غلط، لأنه لا يوجد في القرآن ما لا يُعلمُ معناه، حتى يخفى على الجميع، وما يوجد فيه مما لا يصل إليه علم البشر هو خارج عن المعنى وداخل في أمر آخر، وهو أمر الغيبيات التي سبق الإشارة إليها من وقت وقوعها وكيفياتها، وكذا بعض الحِكِمِ التي أخفاها الله على عباده، فكل هذه لا علاقة لها بفهم المعنى، بل هي خارجة عنه.
وإذا تأملت الأحرف المقطعة وما قال العلماء فيها، وجدتهم فريقين:
الفريق الأول: من قال: إن الله استأثر بعلمها، وفحوى قولهم أن لها معنى، لكن لا يعلمه إلاَّ الله.
الفريق الثاني: من تعرَّض للحديث عنها، وذكر فيها كلامًا، وهم على قسمين:
قسم يظهر من كلامهم أن لها معنى، ولها تفسير يعلمُ معناه.
وقسم يجعلها حروفًا لا معنى لها، لأن الحرف في لغة العرب لا معنى له.
والصحيح في ذلك - والله أعلم - ما لخَّصه العلاَّمةُ أبو عبد الله محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى (ت: 1421)، فقد قال في جواب له عنها: ((هذه الحروف ليس لها معنى، ولها مغزى)) .
وهذا الجواب مبني على أنَّ الحرف في لغة العرب لا معنى له، والقرآن نزل بلغتهم، كما قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف: 2]، والعرب لم تجعل للحرف المفرد معنى، فحرف الصاد بمفرده لا معنى له، وكذا حرف الدال، وحرف القاف، لكن إذا جمعتها إلى بعضها تركَّب منها كلمة لها مدلول، وهي ((صدق))، وهكذا غيرها من الأحرف التي هي مباني الكلام.
ولما كان الحرف لا معنى له في لغتهم، فإنه لا يُتطلَّب لهذه الأحرف معنى محدَّدًا تدلُّ عليه.
وإذا تأمَّلت جمهور تفسير السلف، وجدته راجعًا إلى هذا التحرير الذي ذكرته لك، وقد أشار إلى ذلك بعض المحققين.
قال الراغب الأصفهاني (ت: بعد 400) : (( ... وقال: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ) [البقرة: 1- 2] تنبيهًا على أن هذا الكتاب مركب من هذه الحروف التي هي مادة الكلام))([10]).
وقال: ((إن المفهوم من هذه الحروف، الأظهر بلا واسطة، ما ذهب إليه المحققون من أهل اللغة، كالفراء وقطرب - وهو قول ابن عباس وكثير من التابعين على ما نبينه من بعد - وهو أن هذه الحروف لما كانت عنصر الكلام ومادته التي يتركب منها، بيَّن تعالى أنَّ هذا الكتاب من هذه
الحروف التي أصلها عندكم، تنبيهًا على إعجازهم، وأنه لو كان من عند البشر لما عجزتم - مع تظاهركم - عن معارضته))([11]).
وقال: ((وما روي عن ابن عباس أن هذه الحروف اختصار من كلمات، فمعنى: ((ألم)) : أنا الله أعلم، ومعنى ((ألمر)) : أنا الله أعلم وأرى، فإشارة منه إلى ما تقدم. وبيان ذلك ما ذكره بعض المفسرين أنَّ قصده بهذا التفسير ليس أن هذه الحروف مختصة بهذه المعاني دون غيرها، وإنما أشار بذلك إلى ما فيه الألف واللام والميم من الكلمات تنبيهًا أن هذه الحروف منبع هذه الأسماء، ولو قال: إنَّ اللام يدل على اللعن، والميم على المكر، لكان يُحمل، ولكن تحرَّى في المثال اللفظ الأحسن، كأنه قال: هذه الحروف هي أجزاء ذلك الكتاب.
ومثل هذا في ذكر نُبَذٍ تنبيهًا على نوعه، قول ابن عباس في قوله تعالى: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) [التكاثر: 8] أنه الماء الحار في الشتاء، ولم يُرِدْ به أن النعيم ليس إلا هذا، بل أشار إلى بعض ما هو نعيم تنبيهًا على سائره، فكذلك أشار بهذه الحروف إلى ما يتركب منها، وعلى ذلك ما رواه السُّدِّيُّ عنه أن ذلك حروف إذا رُكِّبت يحصل منها اسم الله.
وكذلك ما روي عنه أنه قال: هي أقسام = غير مخالف لهذا القول، وذلك أن الأقسام الواردة في فواتح السور إنما هي بنعم، وأجوبتها تنبيه عليها، - فيكون قوله: (الم ذَلِكَ الْكِتَابُ) [البقرة: 1- 2] جملة في تقدير مقسم به. وقوله: (لاَ رَيْبَ فِيهِ) [البقرة: 2] جوابها، ويكون إقسامه بها تنبيهًا على عِظَمِ موقعها، وعلى عجزنا عن معارضة كتابه المؤلف منها.
فإن قيل: لو كان قسمًا، لكان فيه حرف القسم.
قيل: إن حرف القسم يُحتاج إليه إذا كان المقسم به مجرورًا. فأما إذا كان مرفوعًا نحو: ((ويمُ الله)) ، أو منصوبًا نحو: ((يمينَ الله)) ، فليس بمحتاج إلى ذلك.
وما قاله زيد بن أسلم والحسن ومجاهد وابن جريج أنها أسماء للسور، فليس بمناف للأول، فكل سورة سُمِّيت بلفظ متلو منها، فله في السورة معنى معلوم. وعلى هذا القصائد والخطب المسماة بلفظ منها ما يفيد معنى فيها.
وكذلك ما قاله أبو عبيدة، وروي أيضًا عن مجاهد وحكاه قطرب والأخفش: أن هذه الفواتح دلائل على انتهاء السورة التي قبلها، وافتتاح ما بعدها، فإن ذلك يقتضي من حيث إنها لم تقع إلاَّ([12]) في أوائل السور = يقتضي ما قالوه، ولا يوجب ذلك أن لا معنى سواه ... ))([13]) .
ومن هذا يتبين أن هذه الأحرف تخرج عن المتشابه الكلي، كما لا تدخل في السؤال الذي يطرحه بعض العلماء، وهو هل في القرآن ما لا يعلم معناه؟ لأنها أحرف لا تحتوي على معنى بذاتها فيطلب منها، أما إذا تركب منها الكلام، فلا يمكن أن يكون في القرآن كلام لا يعرف معناه، والله الموفق.
وبقي في هذه الأحرف مسألة، وهي المغزى من هذه الأحرف، وهو على التحقيق: ما ذكر ابن كثير (ت: 774)، قال: ((وقال آخرون: بل إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانًا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه مُرَكَّبٌ من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها.
وقد حَكَىَ هذا المذهب الرازيُّ في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين، وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا، وقرَّره الزمخشريُّ في كشافه، ونصره أتم نصر، وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية، وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي، وحكاه لي عن ابن تيمية.
قال الزمخشري: ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن، وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت كما كررت قصص كثيرة، وكرر التحدي بالصريح في أماكن.
قال: وجاء منها على حرف واحد، كقوله: (ص) (ن) (ق)، وحرفين مثل: (حم)، وثلاثة مثل: (الم)، وأربعة مثل: (المر) و (المص)، وخمسة مثل: (كهيعص) و (حمعسق)، لأن أساليب كلامهم على هذا: من الكلمات ما هو على حرف وعلى حرفين وعلى ثلاثة وعلى أربعة وعلى خمسة لا أكثر من ذلك.
قلت: ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف، فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء، وهو الواقع في تسع وعشرين سورة، ولهذا يقول تعالى: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ) [البقرة: 1- 2] .
(الم * اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [آل عمران: 1- 2] .
(المص * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ) [الأعراف: 1- 2] .
(الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) [إبراهيم: 1] .
(الم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ) [السجدة: 1- 2] .
(حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [فصلت: 1- 2] .
(حم * عسق * كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الشورى: 1- 3] .
وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر والله أعلم))([14]).
وبهذا ينتهي الحديث عن الأحرف المقطعة، وبالله التوفيق.





(*) يمكن الاستماع للمحاضرة صوتيًا على هذا الرابط .
(1) جامع البيان: (5/202) .
(2) في كتابه، قطف الأزهار في كشف الأسرار .
(3) فائدة: توفي في أوائل القرن الرابع، وقد استفاد البيضاوي من تفسيره. ولم يشر إليه رحمه الله تعالى .
(4) تفسير الراغب: (1/70).
(5) قال الشيخ: ويحتمل هنا أنه يقصد الطبري رحمه الله.
(6) هذا على فرض صحته، وقد علمت أنه لم يصح .
(7) تفسير الراغب: (1/73-75).
(8) نقل هذا الملحق من كتاب: مفهوم التفسير، والتأويل، ...، د. مساعد الطيار: (ص 147) .
(9) ينظر على سبيل المثال: مقدمة جامع التفاسير للراغب الأصفهاني، تحقيق: أحمد حسن فرحات (ص: 86) .
(10) مقدمة جامع التفاسير (ص: 105) .
(11) مقدمة جامع التفاسير (ص: 142) .
(12) ليس في الأصل ((إلَّا)) ، وقد زدتها لأن المقام يقتضيها.
(13) مقدمة جامع التفاسير (ص: 147- 148) .
(14) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ط: 3 (1: 38) . وقد نصر هذا القول الشنقيطي في أضواء البيان واستدل بالاستقراء الذي أشار إليه ابن كثير، ينظر: أضواء البيان (3: 5- 7) .