أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي (وفقه الله)، نفعنا الله وإياكم بها.

هذا ما يريده أعداء الدين في بلاد المسلمين!!!

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد و على آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن أمتنا اليوم أيها الأحبة الكرام تمر بوقت عصيب جدا!،حيث تكالب عليها الأعداء،وتحالف عليها البغضاء! من أجل إفساد دينها الحنيف،فوظفوا لذلك كل ما يملكون من جهد ومال،والله المستعان.
لقد سلك أعداء الدين طرقا متنوعة لبث أفكارهم المنحرفة!ومحاربة الإسلام وإفساد المسلمين!،ومن أخطرها وأشدها فتكا وسائل الإعلام والاتصال بأنواعها!!.
فصوروا المرأة المسلمة بمفاتنها وجعلوا منها ممثلة! ومغنية! وراقصة! وأثنوا على تبرجها!! وزينوا لها الاختلاط بالأجانب! وأنها تساوي الرجال في جميع الحقوق والواجبات!!وزعموا أن ذلك يمثل الحضارة والازدهار! وتنقصوا من مكانة العفيفة المتحجبة الملتزمة بأمر رب البريات والبعيدة عن المحرمات، وقالوا أن ذلك يمثل التخلف وعدم التطور!!.
وأبعدوا شباب الأمة عن تعاليم الإسلام وذلك بتزيين المعاصي والآثام من شرب المسكرات وتعاطي المخدرات وغير ذلك من المنكرات والملهيات!!.
وكذلك أنشأوا لنشر سمومهم! جمعيات حقوقية!!في بلداننا! تُصرف عليها أموال طائلة!وتزعم زورا وبهتانا أنها تحرص على حقوق الإنسان! وتحارب الظلم والاضطهاد!.
وللأسف أيها الأفاضل قد انخدع بهؤلاء المفسدين من هم من أبناء ديننا!! فصاروا لهم أدوات!! يستعملونهم في نشر المنكرات،والله المستعان.
إن أعداء الدين من الكفار والمنافقين اليوم لم يكتفوا بإبعاد الكثير من المسلمين عن تعاليم دينهم الحنيف!وإماتة عقيدة الولاء و البراء في قلوبهم!بل نراهم يسعون بشتى الطرق والوسائل لإثارة الفوضى ونشرها في البلدان الإسلامية! وذلك من أجل نشر التفرقة والاختلاف بين المسلمين،وإضعاف شوكتهم، وإشغالهم بأنفسهم!.
و قد تمكنوا وللأسف من تحقيق هذا المخطط الخبيث في بعض بلدان المسلمين اليوم، فقد أريقت فيها الدماء!وانتهكت الأعراض! وسلبت الأموال! مع أن البشير النذير قد حذرنا من ذلك أشد التحذير،فقال صلى الله عليه وسلم:" كُلُّ الْمُسْلِمِ على الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ".رواه مسلم(2564)
يقول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- :"يعني أن المسلم حرام على المسلم في هذه الأمور الثلاثة، أي في كل شيء؛ لأن هذه الأمور الثلاثة تتضمن كل شيء، الدم: كالقتل والجراح وما أشبهها، والعرض: كالغيبة، والمال: وكأكل المال، وأكل المال له طرق كثيرة؛ منها السرقة، ومنها الغصب- وهو أخذ المال قهراً - ومنها أن يجحد ما عليه من الدين لغيره، ومنها أن يدعي ما ليس له وغيره ذلك.
وكل هذه أشياء حرام، ويجب على المسلم أن يحترم أخاه في ماله ودمه وعرضه".شرح رياض الصالحين (2/588)
أيها الكرام إن مما يجب علينا اليوم أن نحذر من تلك الأفكار الخبيثة التي يبثها أعداء الدين من أجل الإخلال بالأمن في ديار المسلمين ونشر الخوف والاضطرابات بينهم!
ومن تلك الأفكار المسمومة التي جرَّت على المسلمين الويلات!والتي كانت سببا في تأجيج نار الفتنة وانتشار القتل والفوضى في كثير من بلدان المسلمين،والتي أقيمت من أجلها الندوات!وسُيرت بسببها المظاهرات!و نُظمت الإعتصامات! ورفعت لها الرايات! هي المطالبة بالحريات!!.
وللأسف أي حرية أرادوا؟!......
أيها المسلم! إياك أن تنخدع بهذا الشعار الذي ظاهره الرحمة و العيش في رغد!!وباطنه العذاب! ومخالفة أوامر العزيز الوهاب، وهو سبب في انتشار الفتن وازدياد المحن!.
أتظن -حفظك الله- أن أعداء الدين من الكفار والمنافقين! يبحثون لك عن الرخاء و التطور والازدهار؟!.
كلا والله! بل يريدون أولا، إفساد دينك الذي هو عصمة أمرك، وإبعادك عن اتباع ما أمرك به الجبار!.
ويسعون لنشر الشحناء وقطع أواصل المحبة والإخاء بين المسلمين الذين هم من نفس بلد واحد!.
فإذا أردت -سددك الله- أن تعرف مكر هؤلاء فاقرأ قول الله جل جلاله:(ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) [البقرة:120]
يقول الشيخ السعدي –رحمه الله-:" فهذا فيه النهي العظيم عن اتباع أهواء اليهود والنصارى والتشبه بهم فيما يختص به دينهم، والخطاب وإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أمته داخلة في ذلك، لأن الاعتبار بعموم المعنى لا بخصوص المخاطب، كما أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب". تفسير السعدي (ص 65)
أيها الأحبة إن علينا نسأل أنفسنا،ماذا جلبت هذه الشعارات الكاذبة اليوم للمسلمين؟!.
والله لم نستفد منها إلا الاستخفاف بالدماء!وانتشار القتل والدمار ،وعدم الأمن والاستقرار !!.
أيها الأفاضل إننا لا ننكر وجود بعض أنواع الظلم والتعدي من بعض ولاة أمور المسلمين!،ومنعهم لبعض حقوق رعيتهم! فهذا أمر واقع نراه ونسمعه!،قد قدره الله جل جلاله كونا قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة،وهذا لحكمة منه سبحانه وتعالى،وقد أخبرنا عنه كذلك نبينا صلى الله عليه وسلم، فقال:"إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا...". رواه البخاري(6644) ومسلم (1843) واللفظ له.
يقول القاضي عياض-رحمه الله- :" أي يستأثر عليكم بأمور الدنيا، ويفضل غيركم عليكم نفسه, ولا يجعل لكم في الأمر نصيب".مشارق الأنوار (1/ 18)
لكن هل إزالة هذا المنكر أيها الأفاضل تكون:بالتوبة والرجوع إلى رب البريات،والتخلص مما نرتكبه من المحرمات،يقول تعالى:(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) [ الرعد:11]
يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- "فإن غير- أي العبد- المعصية بالطاعة غير الله عليه العقوبة بالعافية، والذل بالعز".
الجواب الكافي (ص 49)
يقول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- :" أما والشعب كما نعلم الآن؛ أكثرهم مفرط في الواجبات، وكثير منتهك للحرمات، ثم يريدون أن يولي الله عليهم خلفاء راشدين، فهذا بعيد ".شرح رياض الصالحين(3/233)
أو تكون بمشابهة الكفار والخروج في مسيرات ومظاهرات؟!.
يقول الشيخ العلامة صالح الفوزان-حفظه الله-:"ديننا ليس دين فوضى، ديننا دين انضباط، دين نظام، دين سكينة، والمظاهرات ليست من أعمال المسلمين،وما كان المسلمون يعرفونها،ودين الإسلام دين هدوء ودين رحمة لا فوضى فيه ولا تشويش ولا إثارة فتن،هذا هو دين الإسلام، والحقوق يتوصل إليها دون هذه الطريقة،بالمطالبة الشرعية والطرق الشرعية.
هذه المظاهرات تحدث فتنا كثيرة،تحدث سفك دماء وتحدث تخريب أموال،فلا تجوز هذه الأمور".الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة(ص 232)
إن المرء أيها الأفاضل ليعجب من الذين يشجعون الثورات!ويؤيدون المظاهرات والاعتصامات! ويؤيدون الخروج على الولاة!مع أن ذلك لم يجر على المسلمين قديما وحديثا إلا المآسي والويلات!.
يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله-:" فإنه أَسَاسُ – أي الإنكار على الولاة والملوك بالخروج عليهم-كل شر وفتنة إلى آخر الدهر، .... ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار، رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على مُنْكَرٍ فطلب إزَالَتَهُ فَتَوَلَّدَ منه ما هو أكبر منه".إعلام الموقعين( 3/4)
والعجب!!أيضا أيها الكرام ممن يُقبل عند حدوث النوازل والمحن !على الجهلة!والمتعالمين!ويترك الرجوع إلى العلماء الراسخين الربانيين مخالفا بذلك ما أمره به رب العالمين:(وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) [النساء:83].
قال الشيخ السعدي-رحمه الله-:"هذا تأديب من الله لعباده،عن فعلهم هذا غير اللائق،وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن،وسرور المؤمنين،أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا،ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر،بل يردونه إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم أهل الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة،الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها..." .تفسير السعدي(ص190)
فعلينا أيها الأحبة الأفاضل أن نترك كل الأفكار المنحرفة المستوردة من خارج الإسلام!،وأن نتمسك بتعاليم ديننا الحنيف الذي أعزنا الله جل وعلا به،يقول أمير المؤمنين عمر الفاروق-رضي الله عنه-:"إنا كنا أذلَّ قوم،فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلبُ العزةَ بغير ما أعزَّنا الله به أذَلَّنا الله".رواه الحاكم في المستدرك(1/130)، وصححه الشيخ الألباني-رحمه الله-في السلسلة الصحيحة (51)
ولنجتهد في تحقيق ما خلقنا من أجله في هذه الدنيا الفانية وهو عبادة الباري جل جلاله كما أمرنا سبحانه ، يقول تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون (56)ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون(57)إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين(58) [الذاريات:56-58]
يقول الإمام النووي-رحمه الله-:"وهذا تصريح بأنهم خلقوا للعبادة، فحق عليهم الاعتناء بما خلقوا له، والإعراض عن حظوظ الدنيا بالزهادة،فإنها دار نفاد لا محل إخلاد، ومركب عبور لا منزل حبور، ومشروع انفصام لا موطن دوام، فلهذا كان الأيقاظ من أهلها هم العباد، وأعقل الناس فيها هم الزهاد".رياض الصالحين(ص3)
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يربط المسلمين بعلمائهم الربانيين العاملين الذين عُرفوا باتباع هدي خير المرسلين وأن يُبطل مخططات أعداء الدين،وأن يحفظ المسلمين من كيد المفسدين، فهو سبحانه أرحم الراحمين وولي المتقين.

وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أبو عبد الله حمزة النايلي