اقرا الكلام اللي تحت وبعدين أحكم
وجوب أداء الصلاة في الجماعة
السلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، أما بعد
· فقد بلغني أن كثيراً من الناس قد يتهاونون بأداء الصلاة في الجماعة ، ويحتجون بتسهيل بعض العلماء في ذلك ، فوجب علي أن أبين عظم هذا الأمر وخطورته ، وأنه لا ينبغي للمسلم أن يتهاون بأمر عظم الله شأنه في كتابه العظيم ، وعظم شأنه رسوله الكريم ، عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم ..
· ولقد أكثر الله سبحانه من ذكر الصلاة في كتابه الكريم ، وعظم شأنها ، وأمر بالمحافظة عليها وأدائها في الجماعة ، وأخبر أن التهاون بها والتكاسل عنها من صفات المنافقين ، فقال تعالى : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ) " سورة البقرة ، الآية :238 "
· وكيف تعرف محافظة العبد عليها وتعظيمه لها وقد تخلف عن أدائها مع إخوانه ، وتهاون بشأنها ؟! وقال تعالى : ( وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ) " سورة البقرة ، الآية : 43 " .
وهذه الآية الكريمة نص في وجوب الصلاة في الجماعة ، والمشاركة للمصلين في صلاتهم . ولو كان المقصود إقامتها فقط لم تظهر مناسبة واضحة في ختم الآية بقوله سبحانه : ( واركعوا مع الراكعين ) ، لكونه قد أمر بإقامتها في أو الآية ، وقال الله تعالى : ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ) " سورة النساء ، الآية : 102 " .
فأوجب سبحانه أداء الصلاة في الجماعة في حال الحرب ، فكيف في حال السلم
· ولو كان أحد يسامح في ترك الصلاة في جماعة لكان المصافون للعدو ، المهددون بهجومه عليهم أولى بأن يسمح لهم في ترك الجماعة ، فلما لم يقع ذلك ، علم أن أداء الصلاة في جماعة من أهم الواجبات ، وأنه لا يجوز لأحد التخلف عن ذلك .
· وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر بالصلاة فتقام ، ثم آمر رجلاً أن يصلي بالناس ثم انطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم ) الحديث ..
· وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ( لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق علم نفاقه أو مريض ، وإن كان المريض ليمشي بين الرجلين حتى يأتي الصلاة ) .
وقال : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى ، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه ) ..
· وفيه أيضاً عن قال : ( من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بهن ، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى ، وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد ، إلا كتب الله له بكل خطوة يخوها حسنة ، ويرفعه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ).
· وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أعمى قال : ( يارسول الله ، إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد ، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : هل تسمع النداء بالصلاة ؟ ، قال : نعم ، قال : فأجب )
· والأحاديث الدالة على وجوب الصلاة في الجماعة ، وعلى وجوب إقامتها في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه كثيرة جداً ، فالواجب على كل مسلم العناية بهذا الأمر ، والمبادرة إليه والتواصي به مع أبنائه وأهل بيته وجيرانه وسائر إخوانه المسلمين ، امتثالاً لأمر الله ورسوله ، وحذراً مما نهى الله عنه ورسوله ، وابتعاداً عن مشابهة أهل النفاق الذين وصفهم الله بصفات ذميمة ، من أخبثها تكاسلهم عن الصالة ، فقال تعالى : ( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً ( 142 ) مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً ) " سورة النساء ، الآية : 142 ، 143 " .
· ولأن التخلف عن أدائها في الجماعة من أعظم أسباب تركها بالكلية ، ومعلوم أن ترك الصلاة كفر وضلال وخروج من دائرة الإسلام ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة ) " أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه " . ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) . والآيات والأحاديث في تعظيم شأن الصلاة ووجوب المحافظة عليها وإقامتها كما شرع الله ، والتحذير من تركها كثيرة ومعلومة .
· فالواجب على كل مسلم أن يحافظ عليها في أوقاتها ، وأن يقيمها كما شرع الله وأن يؤديها مع إخوانه في الجماعة في بيوت الله ، طاعة لله سبحانه وتعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وحذراً من غضب الله وأليم عقابه .
· ومتى ظهر الحق واتضحت أدلته لم يجز لأحد أن يحيد عنه لقول فلان أو فلان ، لأن الله سبحانه يقول : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) " سورة النساء ، الآية : 59 " . ويقول سبحانه : ( فلحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةً أو يصيبهم عذاب أليم ) " سورة النور ، الآية : 63 " .
· ولا يخفى ما في الصلاة في الجماعة من الفوائد الكثيرة والمصالح الجمة ، ومن أوضح ذلك التعارف والتعاون على البر والتقوى ، والتواصي بالحق والصبر عليه ، وتشجيع المتخلف ، وتعليم الجاهل وإغاظة أهل النفاق ، والبعد عن سبيلهم ، وإظهار شعائر الله بين عباده ، والدعوة إليه سبحانه بالقول والعمل ، إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة ..
وفقني الله وإياكم لما فيه رضاه وصلاح أمر الدنيا والآخرة وأعاذنا جميعاً من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، ومن مشابهة الكفار والمنافقين إنه جواد كريم .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ..
قاله الشيخ العلامة/عبد العزيز بن عبد الله بن باز "رحمه الله" .