أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قال رحمه الله
أما بعد، فإن الله جل جلاله، وتقدست أسماؤه، خلق خلقه من غير ضرورة كانت به إلى خلقهم، وأنشأهم من غير حاجة كانت به إلى إنشائهم، بل خلق من خصه منهم بامره ونهيه، وامتحنه بعبادته، ليعبدوه فيجود عليهم بنعمه، وليحمدوه على نعمه فيزيدهم من فضله ومننه، ويسبغ عليهم فضله وطوله، كما قال عز وجل: «وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ» .
فلم يزده خلقه إياهم- إذ خلقهم- في سلطانه على ما لم يزل قبل خلقه إياهم مثقال ذرة، ولا هو إن أفناهم واعدمهم ينقصه افناؤه إياهم ميزان شعره، لأنه لا تغيره الأحوال، ولا يدخله الملال، ولا ينقص سلطانه الأيام والليال، لأنه خالق الدهور والأزمان، فعم جميعهم في العاجل فضله وجوده، وشملهم كرمه وطوله، فجعل لهم أسماعا وأبصارا وأفئدة، وخصهم بعقول يصلون بها الى التمييز بين الحق والباطل، ويعرفون بها المنافع والمضار، وجعل لهم الأرض بساطا ليسلكوا منها سبلا فجاجا، والسماء سقفا محفوظا، وبناء مسموكا، وأنزل لهم منها الغيث بالإدرار، والأرزاق بالمقدار، واجرى لهم فيها قمر الليل وشمس النهار يتعاقبان بمصالحهم دائبين، فجعل لهم الليل لباسا، والنهار معاشا، وخالف- منًّا مِنْه عليهم وتطولا- بين قمر الليل وشمس النهار، فمحا آية الليل وجعل آية النهار مبصرة، كما قال جل جلاله وتقدست أسماؤه: «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا

هل في هذا ما النص ما يخالف عقيدة أهل السنة و الجماعة

و كذا قوله رحمه الله
القول في الدلالة على أن الله عز و جل القديم الأول قبل شيء وأنه هو المحدث كل شيء بقدرته تعالى ذكره
فمن الدلالة على ذلك أنه لا شيء في العالم مشاهد إلا جسم أو قائم بجسم وأنه لا جسم إلا مفترق أو مجتمع وأنه لا مفترق منه إلا وهو موهوم فيه الائتلاف إلى غيره من أشكاله ولا مجتمع منه إلا وهو موهوم فيه الافتراق وأنه متى عدم أحدهما عدم الآخر معه وأنه إذا اجتمع الجزءان منه بعد الافتراق فمعلوم أن اجتماعهما حادث فيهما بعد أن لم يكن وأن الافتراق إذا حدث فيهما بعد الاجتماع فمعلوم أن الافتراق فيهما حادث بعد أن لم يكن
وإذا كان الأمر فيما في العالم من شيء كذلك وكان حكم ما لم يشاهد وما هو من جنس ما شاهدنا في معنى جسم أو قائم بجسم وكان ما لم يخل من الحدث لا شك أنه محدث بتأليف مؤلف له إن كان مجتمعا وتفريق مفرق له إن كان مفترقا وكان معلوما بذلك أن جامع ذلك إن كان مجتمعا ومفرقه إن كان مفترقا من لا يشبهه ومن لا يجوز عليه الاجتماع والافتراق وهو الواحد القادر الجامع بين المختلفات الذي لا يشبهه شيء وهو على كل شيء قدير فبين بما وصفنا أن بارىء الأشياء ومحدثها كان قبل كل شيء وأن الليل والنهار والزمان والساعات محدثنات وأن محدثها الذي يدبرها ويصرفها قبلها إذ كان من المحال أن يكون شيء يحدث شيئا إلا ومحدثه قبله وأن في قوله تعالى ذكره أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت لأبلغ الحجج وأدل الدلائل لمن فكر بعقل واعتبر بفهم على قدم بارئها وحدوث كل ما جانسها وأن لها خالقا لا يشبهها
وذلك أن كل ما ذكر ربنا تبارك وتعالى في هذه الآية من الجبال والأرض والإبل فإن ابن آدم يعالجه ويدبره بتحويل وتصريف وحفر ونحت وهدم غير ممتنع عليه شيء من ذلك ثم إن ابن آدم مع ذلك غير قادر على إيجاد تصريفه وتقليبه لم يوجده من هو مثله ولا هو أوجد نفسه وأن الذي أنشأه وأوجد عينه هو الذي لا يعجزه شيء أراده ولا يمتنع عليه إحداث شيء شاء إحداثه وهو الله الواحد القهار

هل هذا قول استعمال خاص لدليل الحدوث و التغير أم الاستدلال غير ذلك