تحاصر الأزمة المالية الخانقة نادي الاتحاد وتهدد بتقويض جهود إدارته الفتية في إعادة بناء العميد بعد سلسلة من القرارات التي شكلت منعطفا في تاريخ الأصفر العملاق.
وما يزيد الأمر سوءا أن الإدارة الحالية الصامدة, ما أن تنفست قليلا بعد بطولتها الأخيرة التي أثبتت صحة مساعيها وقراراتها, حتى أفاقت على انتهاء عقد الشريك الاستراتيجي, وعدم رغبة الأخير في التجديد وفق العقود السابقة, بل بعقد مالي أقل, يستثمر بعض مكونات النادي لا كلها.
.. قدر إدارة الرجل الوقور المحبوب محمد الفايز, أنها مثّلت المستقر الأخير لكرة الثلج (الديون) التي ظلت أربع إدارات تتقاذفها, والكرة تكبر وتتضخم, والقوم غارقون في تصفية النفوس لا الديون, فلا النفوس طابت ولا الديون تناقصت.
.. ومع الخطوات الجادة للإدارة الحالية, الساعية إلى استصدار اتحاد جديد, لا تعلو فيه رقبة على مظلة الكيان, ولا صوت على النظام, تبدو المسيرة الصفراء المنتظرة مهددة بالتعثر أو الدخول في مآزق معطلة.
في القطب الآخر لجدة الساحلية, ينفي مسيرو النادي الأهلي أي ديون على ناديهم, وهو أمر جيد لا يمكن المصادقة عليه ما لم تظهر الإدارة بياناتها المالية.
في النصر لا يبدو الحال أفضل من الاتحاد, منذ أن جاء الأمير فيصل بن تركي والنادي الأصفر يوقع الصفقات الكبرى محليا وخارجيا, بمبالغ عالية وبشيكات مؤجلة, ويحث المسير نحو منصات الذهب المفقود, والثمن رصيد يتضخم ويكبر بالسالب, ورغم وعود الأمير المتحمس أنه "لن يغادر كرسيه وعلى الفريق ريال واحد لدائن", إلا أن الأمر يبدو صعبا للغاية.
غير بعيد عن النصر, يعاني الهلال والشباب على السواء تأخر بعض الالتزامات المالية, ولدى الفريقين مأزق أقل سوءا من الأصفرين, تكبر ولم تصل إلى ما وصل إليه الأصفران من تضخم المديونيات.
هذه هي الأندية الكبيرة ماليا في البلاد, وهذا وضعها المالي لا يسر عدوا ولا حبيبا, ومع بالغ التقدير للدور الذي يضطلع به رؤساء الأندية السعودية, وبذلهم الكثير من أموالهم دون عوائد مالية منتظرة, إلا أن هذا لا يعفي مؤسسة الرياضة من التوقف أمام هذه القضية ومحاولة محاصرتها قبل أن تنفجر كرة الديون وتتحول الأندية إلى كيانات خاوية على عروشه.
كيف يمكن أن تحاصر الرئاسة العامة لرعاية الشباب هذه الديون؟ الحل بسيط لكنه يحتاج إلى جرأة في التنفيذ, ومراقبة مالية صارمة. كيف؟ تحتاج المؤسسة الرياضية إلى سن قانون عاجل ذي علاقة طردية بين الديون والصفقات, والقانون المفترض يمنع الأندية التي تجاوزت ديونها عشرين مليون ريال, من عقد صفقات محلية ما لم تخفض المبلغ إلى النصف, ويمنعها من أي تعاقدات خارجية تتجاوز العشرة ملايين ما لم تهبط بديونها 20 في المائة في كل موسم حتى يتم تصفيتها تماما. هذان الإجراءان سيكون لهما فوائد عدة غير تخفيض الديون, إذ من شأنهما أيضا العودة إلى أرقام مالية واقعية في الصفقات المحلية, ومنع التسابق نحو اللاعبين الخارجيين بأرقام خيالية تخرب الصفقات المستقبلية لا تساهم في عقدها.
الأمر الآخر المهم, أعتقد أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب, مدعوة إلى تفعيل دورها الرقابي على إدارات الأندية, فلا يمكن أن تقيد الديون على النادي في فترة رئاسية ما, ويغادر الرئيس ومجلسه وتبقى الديون, و(يبحل) بها المجلس الخلف. القضية خطرة جدا, ومن الحكمة بحثها الآن قبل أن تتفجر, ويحدث ما لا تحمد عقباه.


المقال للزميل بتال القوس نقلا عن الاقتصادية