بسم الله الرحمنالرحيم



يجب أن نرجع إلى أدب الخلافالذي كان عليه أصحاب رسولالله صلي الله عليه وسلم كانوا يختلفون مع بعضهم لكن كان مبدأهم(الخلاف لايُفسد للود قضية)سأختلف معك لكن لا أشتمكولا أغتابك ولا أشوه صورتك أمام الخلق ولا أشنع عليك لأن ذلك يتنافى مع كونيمسلماً



ما صفة المسلم؟ وما صفةالمؤمن؟ قال النبي صلي الله عليه وسلم{إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِاللَّعَّانِ وَلا الطَّعَّانِوَلاالْفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ}[1]المؤمن ليس فيه صفة من هذهالصفات لا يسب حتى الكفار لأنك لو سببته سيسبك{وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِندُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ}الأنعام108



وكذلك لا يلعن حتىالأشياء التي يستخدمها فعن السيدة عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّصليفِي سَفَرٍ فَلَعَنَتْ بَعِيرًا لَهَا فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلي الله عليهوسلمأَنْ يُرَدَّ وَقَالَ{لا يَصْحَبُنِي شَيْءٌ مَلْعُونٌ}[2] وأمرها أن تتركه يمشي في الصحراء لتُكفر عنذنبها رضي الله عنها وأرضاها ولاألعن السيارة ولا ألعن الحمار فالمسلم لا يلعن لأناللعن في القرآن واضح{فَلَعْنَةُاللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ} البقرة89{أَلاَلَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }هود18



لكن كلمة مؤمن معناهامصدق فكيف ألعن رجل من الصادقين؟ والمؤمن ليس بفاحش فلا يخرج منه إلا الكلام الطيباللين والمؤمن ليس ببذيء أي لا يخرج منه الكلام الذي يخدش الحياء



وإذا اختلفت معأحدإما أن نحتكم إلى رجل نتوسم فيه أنه أعلم منا ونعرض عليه القضية فيحكم بيننابمايرضي الله فلا يميل مع هذا ولا يميل مع ذاك وإما يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرضهذاوخيرهما الذي يبدأ بالسلام ومدة الخصام يجب ألا تزيد عن ثلاثة أيام{لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍأَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّهَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُبِالسَّلامِ}[3] وقال فيمن يهجر أخاه سنة{ مَنْ هَجَرَ أَخَاهُسَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ}[4]



إذاً إذا اختلفالمؤمنون في أمر يردوه إلى الله وإلى الرسول أو إلى أولي الأمر منهم أو يعرض هذاويعرض هذا ثم يبدأ أحدهم بالسلام



وصل الخلافإلى أن حدثت حرب بينالإمام علي وبين الخوارج وكانت هذه بداية الفتنة فقال جماعة للإمام عليّ: أكفارهم؟ قال: من الكفر فرُّوا قالوا: ما هم إذن؟ قال: إخواننا بغوا علينا أخذالإمامعليّ بنص القرآن{وَإِنطَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْإِحْدَاهُمَاعَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَىأَمْرِاللَّهِ}الحجرات9



سيدنا الإمام علي مع أنهصاحب الحق وهو الخليفة والكل بايعه إلا أنه رفض أن يصفهم بالكفر وإنما وصفهم بماوصفهم به كتاب الله فقال: إخواننا بغوا علينا لم يقل قتلاهم في النار وقتلانا فيالجنة هذا كلام لا يليق بين المسلمين



وعندما جاء سيدنا الحسن بنعلي ّرضي الله عنه ووجد أن دماء المؤمنين يقتلها المؤمنون تنازل عن الخلافة فيسبيل حقن دماء المؤمنين وهذه كانت معجزة نبوية لرسول الله صلي الله عليه وسلم لأنالنبي صلى الله عليه وسلم قال في الحسن رضي الله عنه{إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْن ِمِنَ الْمُسْلِمِينَ}[5]




وصفهم النبي صلي اللهعليه وسلم بالمسلمين فالحرب لم تخرجهم من دائرة الإسلام لأنهم يصلون ويصومونويقرأون كتاب الله ويقولون لا إله إلا الله فكيف أصفه أنا أو غيري بالكفر؟منأعطاني هذا الحق؟الخلافلايجعلني أتحول عن الحق وأرميه زوراً وبهتاناً لأن هذا هو الأساس الإسلامي الذيعلَّمه لنا نبي الله صلي الله عليه وسلم



تنازل الحسن عن الخلافةمع أنه كان معه مائة ألف مقاتل بسيوفهم ليحقن دماء المسلمين فعرَّفنا ألانفتعلمعارك مع المسلمين أو نثير خلافات بين المؤمنين أو نخترع معارك وهمية أوحقيقية بينالموحدين



إذاً أهم شيء يجبعلينافي هذه الأيام أن نحافظ عليه هو ألفتنا فكل إنسان له رأيه وهو حر فيه فلايوجد في الإسلام حجر على الفكر إذا كان الإيمان نفسه قال لنا الله فيه{لاَ إِكْرَاهَ فِيالدِّينِ}البقرة256وقال للنبي صلي اللهعليه وسلم{أَفَأَنتَ تُكْرِهُالنَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْمُؤْمِنِينَ}يونس99




لا يجوز أن يدخل أحدالإسلام بالسيف بل لا بد أن يقتنع به أولاًبقلبه هذا له رأى وهذا له رأى ولا مشكلةفي ذلك وما دامت الدولة قد عرضت الرأي ينفلا يوجد رأى حرام ورأى حلال



وإذا تناقشنا فيجب أنيكون النقاش كما علَّمنا الأدب أصحاب المذاهب الأربعة مالك وأبو حنيفةوالشافعي وابنحنبل كانوا يختلفون مع بعضهم لكن بالأدب كل واحد له حجته من كتاب الله ومن سنةرسول الله صلي الله عليه وسلم لكن لا اختلاف ولا تغير قلوب ولا إحن في الصدور ولامؤامرات ولا خلافات ولا تأجيج شباب بسلاح ولا مليونيات كالتي نراها الآن والتيعطلت مصالح الناس في كل الأرجاء والتي ستدمر الاقتصاد وللأسف نحن نمد يدنا لمن لايرحم وهم الكافرون لأنهم لن يعطونا إلا بشروط وهذه الشروط في صالحهم والشروط لا بدأن يكون فيها تنازل عن دين الله



إذاً لامانع منالاختلاف لأن المسألة اجتهادية وليست نصية لأنها لو كانت نصية لما كان فيهااستفتاء وكل إنسان يعبر عن رأيه ونحن لا نستفتي على كتاب الله أو شرع الله أوسنةالنبي ولكن نستفتي على مجموعة قوانين قام بعملها بشر والبشر قد يخطئون وقديصيبون



إذاً الخطأ الأكبر أننعادي بعض أو نسب بعض أونحارب بعض أو نكفر بعض أو نكون عصابات ضد بعض ونقسم البلدنصفين فاختلاف الرأي لايفسد علاقتنا ومودتنا وصلتنا مع بعضنا لأننا أخوة مؤمنينمتآلفين متوادين متواصلين أيدينا في أيدي بعض لنعمل بكتاب الله وننفذ سنة رسولالله صلي الله عليه وسلم



والذي يريد أن يعرض رأيهلامانع لكن لا يُلزم به أحد لأن الإسلام ليس فيه فرض رأى أو عصبية وهذا ما أدعوهلوجه الله لأني مع الله ويصعب علىَّ هذا الشعب المسكين الضائع بين هذه الخصوماتلأنهم يتنافسون على المقاعد والكراسي



ونحن مقبلون علىكارثة اقتصادية وصراعهم على المناصب والكراسي جعلهم لا يرون ذلك الأمرلكن نبدأ نحنمع بعضنا بأن نجعل أيدينا في أيدي بعض فلا نفترق ولا نختلف ولا نتخاصمولا نتشاتمبل نكون كما قال الله{إِنَّمَاالْمُؤْمِنُون َإِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }الحجرات10



[1] مسند الإمام أحمدوالمستدرك

[2] مسند الإمام أحمد والطبراني

[3] الصحيحان البخاري ومسلم عنأبي أيوب الأنصاري

[4] سنن أبي داود ومسند الإمام أحمد والمستدرك عن أبيخراشالسلمي رضي الله عنه

[5] البخاري والترمذي وأحمد وسنن أبيداود

http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...C9&id=92&cat=2

منقول من كتاب [أمراض الأمة وبصيرةالنبوة]للشيخفوزى ابو زيد