أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


مقدمة الحافظ أبي بكر الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى

قال أبوبكر الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى:
ثم نشرع فيما له رسمنا هذا الكتاب ونجعله ملخصا على نسق واحد الحروف المرتبة والأبواب ولعل بعض من ينظر فيما سطرناه ويقف على ما لكتابنا هذا ضمناه يلحق سيء الظن بنا ويرى أنا عمدنا للطعن على من تقدمنا وإظهار العيب لكبراء شيوخنا وعلماء سلفنا وأنى يكون ذلك وبهم ذكرنا وبشعاع ضيائهم تبصرنا وباقتفائنا واضح رسومهم تميزنا وبسلوك سبيلهم عن الهمج تحيزنا وما مثلهم ومثلنا إلا ما ذكر أبو عمرو بن العلاء قال: (ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال).
ولما جعل الله تعالى في الخلق أعلاما ونصب لكل قوم إماما لزم المهتدين بمبين أنوارهم والقائمين بالحق في اقتفاء آثارهم ممن رزق البحث والفهم وإنعام النظر في العلم بيان ما أهملوا وتسديد ما أغفلوا إذ لم يكونوا معصومين من الزلل ولا آمنين من مقارفة الخطأ والخطل وذلك حق العالم على المتعلم وواجب على التالي للمتقدم .
وعسى أن يضح العذر لنا ثم من وقف على كتابنا المصنف في (تاريخ مدينة السلام) وأخبار محدثيها وذكر قطانها العلماء أهلها ووارديها فإنا قد أوردنا فيه من مناقب البخاري وفضائله ما ينفي عنا الظنة في بابه والتهمة في إصلاحنا بعض سقطات كتابه إن شاء الله تعالى.
وقال الأحنف بن قيس الكامل من عدت سقطاته..
حكى المزني يعني أبا إبراهيم إسماعيل بن يحيى أنه قال لو عورض كتاب سبعين مرة لوجد فيه خطأ أبى الله أن يكون كتاب صحيحا إلا كتابه.
قال عبدالله بن أحمد بن حنبل قال عارضت بكتاب لأبي ثلاث عشرة مرة فلما كان في الرابعة خرج فيه خطأ فوضعه من يده ثم قال قد أنكرت أن يصح غيركتاب الله عز وجل .
قال أبوعلي صالح بن محمدقال لي أبو زرعة يا أبا علي نظرت في كتاب محمد بن إسماعيل هذا أسماء الرجال فإذا فيه خطأ كثير. فقلت له بليته إنه رجل كل من كان يقدم عليه من العراق من أهل بخارى نظر في كتبهم فإذا رأى اسما لا يعرفه وليس عنده كتبه وهم لا يضبطون وتكون منقوطة فيضعه في كتابه خطأ وإلا فما رأيت خراسانيا أفهم منه لولا عي في لسانه وفي ذلك الكتاب أسام لا تعرف ولم يبين من روى عنهم وعمن رووا ونصف شيء رووا فيتحير الإنسان فيه .
قال الخطيب وقد جمع عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي الأوهام التي أخذها أبو زرعة على البخاري في كتاب مفرد ونظرت فيه فوجدت كثيرا منها لا تلزمه وقد حكى عنه في ذلك الكتاب أشياء هي مدونة في تاريخه على الصواب بخلاف الحكاية عنه ومن العجب أن ابن أبي خاتم أغار على كتاب البخاري ونقله إلى كتابه في الجرح والتعديل وعمد إلى ما تضمن من الأسماء فسأل عنها أباه وأبا زرعة ودون عنهما الجواب في ذلك ثم جمع الأوهام المأخوذة على البخاري وذكرها أن يقدم ما يقيم به العذر لنفسه ثم العلماء في أن قصده بتدوين تلك الأوهام بيان الصواب لمن وقعت إليه دون الانتقاص والعيب لمن حفظت عليه ونحن لا نظن أنه ذلك فإنه كان بمحل من الدين وأحد الرفعاء من أئمة المسلمين رحمة الله عليه وعليهم أجمعين حدثت عن أبي أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الحافظ النيسابوري قال كنت بالري فرأيتهم يوما يقرءون على أبي محمد بن أبي حاتم كتاب الجرح والتعديل فلما فرغوا قلت لابن عبدويه الوراق ما هذه الضحكة أراكم تقرءون كتاب التاريخ لمحمد بن إسماعيل البخاري على شيخكم على الوجه وقد نسبتموه إلى أبي زرعة وأبي حاتم فقال يا أبا أحمد اعلم أن أبا زرعة وأبا حاتم لما حمل إليهما هذا الكتاب قالا هذا علم حسن لا يستغنى عنه ولا يحسن بنا أن نذكره عن غيرنا فأقعدا أبا محمد عبدالرحمن حتى سألهما عن رجل بعد رجل وزادا فيه ونقصا ونسبه عبدالرحمن إليهما أخبرني أبو القاسم الأزهري قال سمعت محمد بن حميد اللخمي يقول سمعت القاضي أبا الحسن محمد بن صالح الهاشمي يقول سمعت أبا العباس ابن سعيد يقول لو أن رجلا كتب ثلاثين ألف حديث لما استغنى عن كتاب تاريخ محمد بن إسماعيل البخاري .
موضح أوهام الجمع والتفريق - (1 / 10-6)