سَعِدَ الَّذِينَ تَجَـنَّـبُوا سُبُلَ الرَّدَى
وَتَيَمَّمُوا لِمَنَازِلِ الرِّضْوَانِ
فَهُمُ الَّذِينَ قَدْ أَخْلَصُوا فِي مَشْيِهِم
مُتَشَـرِّعِينَ بِشِرْعَةِ الإِيمَانِ
وَهُمُ الَّذِينَ بَنَوْا مَنَازِلَ سَيْرِهِم
بَيْنَ الرَّجَا وَالخَوْفِ لِلدَيَّانِ
وَهُمُ الَّذِينَ مَلَا الإِلَهُ قُلُوبَهُم
بِوِدَادِهِ وَمَحَبَّةِ الرَّحْمَانِ
وَهُمُ الَّذِينَ قَدْ أَكْثَرُوا مِن ذِكْرِهِ
فِي السِّرِ وَالإِعْلَانِ وَالأَحْيَانِ
يَتَقَـرَّبُونَ إِلَى المَلِيكِ بِفِعْلِهِم
طَاعَاتِهِ وَالتَّرْكِ لِلعِصْيَانِ
فِعْلُ الفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ دَأْبُهُم
مَعَ رُؤْيَةِ التَّقْصِيرِ وَالنُّقْصَانِ
صَبَرُوا النُّفُوسَ عَلَى المَكَارِهِ كُلِّهَا
شَوْقًا إِلَى مَا فِيهِ مِنْ إِحْسَانِ
نَزَلُوا بِمَنْزِلِةِ الرِّضَى فَهُمُ بِهَا
قَدْ أَصْبَحُوا فِي جَنَّةِ وَأَمَانِ
شَكَرُوا الَّذِي أَوْلَى الخَلَائِقَ فَضْلَهُ
بِالقَلْبِ وَالأَقْوَالِ وَالأَرْكَانِ
صَحِبُوا التَّوَكُّلَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِم
مَعَ بَذْلِ جُهْدٍ فِي رِضَى الرَّحْمَانِ
عَبَدُوا الإِلَهَ عَلَى اعْتِقَادِ حُضُورِهِ
فَتَبَوؤُا فِي مَنْزِلِ الإِحْسَانِ
نَصَحُوا الخَلِيقَةَ فِي رِضَى مَحْبُوبِهِم
بِالعِلْمِ وَالإِرْشَادِ وَالإِحْسَانِ
صَحِبُوا الخَلَائِقَ بِالجُسُومِ وَإِنَّمَا
أَرْوَاحُهُم فِي مَنْزِلٍ فَوْقَانِي
بِاللهِ دَعْوَاتُ الخَلَائِقِ كُلِّهَا
خَوْفًا عَلَى الإِيمَانِ مِن نُّقْصَانِ
عَزَفُوا القُلُوبَ عَنِ الشَّوَاغِلِ كُلِّهَا
قَدْ فَرَّغُوهَا مِن سِوَى الرَّحْمَانِ
حَرَكَاتُهُم وَهُمُومُهُم وَعُزُومُهُم
للهِ لا لِلخَلْقِ وَالشَّيْطَانِ
نِعْمَ الرَّفِيقُ لِطَالِبِ السُّبُلِ التِي
تُفْضِي إِلَى الخَيْرَاتِ وَالإِحْسَانِ