في رحلة السقوط لا توجد محطة نهائية لأنك تظل تهبط إلى القاع بشكل لا نهائي دون أن تصل إلى قرار، لا تظن أن بهبوطك إلى دركات اليأس واستسلامك لواقع قاس وعدم مبالاتك ستحقق لك الراحة بل ستجعل منك إنسانا لا قيمة له أو كالريشة في مهب الريح لا تملك من أمرها شيئا بل كأسير حرب مقيد لا يستطيع حتى أن ينطق ببنت شفه ويتوجه بنظره إلى الأرض حتى يبت في أمره.
احذر اخي ذلك الرجل المستسلم بخنوع وخضوع لمصير حياته أو الذي ينتظر الفرج وتشبث برأيك وكن صاحب مبدأ لأن الحياة عقيدة وجهاد وأعلم أن النجاح فاتورته دائما باهظة ومكلفة جدا على حساب وقتك وصحتك وأعصابك ولكن صدقني ما إن تصل إلى ما تريد حتى تنسى مرارة الصعود وتعب المحاولة والتكرار وإرهاق العقل في التفكير عن البدائل وكيفية خلق الفرص للوصول إلى المراد، إن كثيرا منّا لا يعلم أن النجاح عدوى وكذلك الفشل وأن الانهزامية فيه تغير تماما نظرته للأمور وتؤثر في كل كيانه كما تؤثر في انطباعه عمن حوله، لا تستلم يا صديقي للسقوط وحاول ثم حاول حتى تصل إلى ما تريد وتذكر أن الدنيا تؤخذ غلابا وأنها لا تعترف ولا تحترم إلا أصحاب الهمم العالية الذين لا يعرف اليأس الطريق إليهم والذين لهم أنفس تواقه لا تمل ولا تكل في البحث عن إجابات لتساؤلات الحياة والكون والماضي والحاضر وفك طلاسم المستقبل وقد صدق الشاعر العربي أبو الطيب المتنبي الذي خاطب هذه النفوس بقوله
وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
بالفعل ما أتعب هذه الأجسام ولكن ما أخف أرواحهم التي تترك بصماتها الراسخة والثابته على جداريات الزمن القاسية والتي تحلق راضية في ملكوت المولى الرحبة .