أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الكتاب الرابع : غاية المقصد في زوائد أحمد :
اسم الكتاب كما هو في كل النسخ المخطوطة التي حصرتها هو : ( غاية المقصد في زوائد المسند ) كذا نسبه كل من ترجم للإمام الهيثمي رحمه الله .
وطبع هذا الكتاب عدة طبعات هي :
1. طبع الكتاب طبعة واحدة فيما أعلم بعد حصرها بتحقيق خلاف محمود عبد السميع ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط 1 ، 1421 / 2001 .
2. حقق الجزء الثالث رسالة دكتوراه من جامعة أم القرى سنة ( 1401 هـ ) على يد د. سيف بن عبد الرحمن مصطفى .
3. رسالة دكتوراه في قسم منه على يد الدكتور حمزة المليباري وهذا القسم هو القسم الثاني يشمل جزءً بسيطاً من كتابه .

وللكتاب ثلاثة نسخ مخطوطة حسب الحصر فيها وهي :
1. النسخة التركية وهي في استنبول في مكتبة سراي فيها ( 260 ) ورقة ولكل ورقة صفحتان كما في فهرس المخطوطات المصورة ( 1 : 88 ) قسم الحديث .
2. نسخة جمهورية مصر العربية نسخة الإسكندرية وهذه النسخة في مكتبة بلدية الإسكندرية فيها اثنان وعشرون وأربعمائة ورقة كما ذكرها بروكلمان في تاريخ الأدب العربي ( 3 : 311 ) .
3. نسخة الخزانة العامة في الرباط وتقع في مئة وسبع وسبعين ورقة مخطوطات الأوقاف ، وناسخ النسخة كما هو مبين على طرتها سيد حسن الحسيني في مكة المكرمة سنة ( 1133 هـ ) .

منهج الهيثمي في كتابه :
يعتبر كتابه غاية المقصد في زوائد أحمد أول كتاب للهيثمي رحمه الله ، وكأول كتاب في جمع الزوائد ظني بالهيثمي أنه جمعه على عجل ، قال في مقدمته : كنت قد كتبت من زوائد الإمام أحمد رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة مثواه زوائده على الكتب الستة ، بغير تأمل تام ولا نظر كاف ، ثم شُغلت عنه بزوائد أبي بكر البزار وأبي القاسم الطبراني وبمعجميه الأوسط والصغير ، وأبي يعلى الموصلي ، فرأيت حين جمعت زوائد هذه الكتب أني قد فرطت في زوائد المسند لما ظهر لي من الخلل من سقوط أحاديث فيه بسبب سنن النسائي الكبير وما فيه من الزوائد على المجتبى وغير ذلك بسهو مني فاهتممت لذلك ، لأن إفراد المسند غالباً أصح من إفراد ما ذكرت من هذه الكتب ، فصرفت إليه ، وسألت الله تبارك وتعالى الإعانة عليه .
قلت : وفي هذا الكلام النفيس منتهى الأمانة العلمية ، ومنتهى الإخلاص من المؤلف لما كتبه بشأن الزوائد ، فلما رأى أن المقصد فيه خللاً من سقط بعض الأحاديث ، بعدما جمع الزوائد من المعاجم والمسانيد ، قرر إعادة صياغته من جديد ، فما معنى أن المقصد ألف في مرتين مرة قبل مجمع البحرين ، وكشف الأستار ، والبدر المنير ، ومرة بعدهما وهي المرة الأخيرة .
وقال الهيثمي في مقدمته : فذكرت فيه ما انفرد به الإمام أحمد وولده أبي عبد الرحمن من حديث مرفوع بتمامه وحديث شذ لهم فيه أو بعضهم وفيه زيادة فربما كانت الزيادة في أول الحديث وهو طويل فاقتصر عليها وربما كانت في آخره فتارة أقتصر عليها وتارة أذكره كله وأزيد بقولي رواه فلان خلا فلان باختصار .
وربما سمع عبدالله بن الإمام أحمد الحديث من أبيه ومن شيخ أبيه فيقول : حدثنا أبي حدثنا عبدالله بن أبي شيبة وسمعته أنا من ابن أبي شيبة فأذكره وكذلك وما زاده عبدالله فأقول أوله : قال عبدالله : حدثنا فلان وأما ما زاده النسائي في ( سننه الكبرى ) فكتاب التفسير ، والمناقب ، والسير ، والنعوت والمحاربة ، وأكثر عشرة النساء ، وبعض الصوم ، فمن ذلك أحاديث ( أفطر الحاجم والمحجوم ) ، وعمل اليوم والليلة وغير ذلك وأذكر أيضاً ما رواه أبو داود في المراسيل إذا انفرد به ، فيما لم يحصل لي روايته ، وما رواه البخاري معلقاً ، أو خارج الصحيح ، والترمذي في الشمائل ، ونحو ذلك .
وقد سميته غاية المقصد في زوائد المسند وأسأل الله النفع به آمين وقد أنهيت زوائد الشيخ أبي عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري قراءة عليه في الرحلة الأولى بدمشق سنة أربع وخمسين وسبعمائة .

مما سبق تبين لنا ما يلي :
1. ذكر الهيثمي رحمه الله في هذا الكتاب زيادتين في زوائد أحمد ، الأولى زيادة الإمام نفسه ، والثانية ما زاده عبدالله على أبيه .
2. إن أفراد زوائد الإمام أحمد رحمه الله أصح إفراد من كل زوائد الكتب التي جمعها فاهتم بهذه الزوائد أيما اهتمام ذلك أن نسبة الأحاديث الضعيفة والغريبة والمنكرة قليلة جداً بالنسبة لباقي الزوائد .
3. ميز الهيثمي رحمه الله الزيادة عند أحمد وربما دمج زيادات أحمد على غيرها من كتب السنة الستة فيقول مثلاً : رواه فلان خلا فلان باختصار .
4. راعى الإمام الهيثمي طول الزيادات في بعض الأحاديث عند أحمد فكان يختصرها ويقتصر على موطن الشاهد فيها .
5. وزاد معه ما رواه البخاري معلقاً أو خارج الصحيح والترمذي في الشمائل ونحو ذلك .
6. جمع رحمه الله في زيادات أحمد ما زاده النسائي في الكبرى من كتاب : التفسير ، والمناقب ، والسير ، والنعوت ، والمحاربة ، وأكثر عشرة النساء ، وبعض الصوم ، وذكر معها ما رواه أبو داود في المراسيل إذا انفرد به بما لا يحصل له روايته .
7. رتب الهيثمي كتابه على الأبواب الفقهية كما هو عادة كل مصنف ، وقد قسم الكتاب إلى أربعين كتاباً مبدوءاً بالإيمان وفقيهاً بالبعث والنشور .
8. أورد الهيثمي رحمه الله مع كل حديث إسناده وعلى غير عادته لم يعلق شيئاً على تلك الأحاديث إلا ما ندر ، خلاف منهجه في مجمع الزوائد .
9. قسم كل باب إلى أبواب ووضع تحت كل قسم من الباب ما يخدمه من الأحاديث .
10. وكان رحمه الله يتوقف في الأحاديث التي لا يعرف هل هي في الصحيحين ، أو أحدهما أم لا كما في الحديث رقم ( 450 ) ( أفضل العمل الصلاة لوقتها ) . قال : هو في الصحيح من حديث أبي عمرو عن ابن مسعود فالله أعلم أهو هذا أم لا ؟
قلت ( عماد ) : هو كما ظن في صحيح البخاري ( 7534 ) .
11. كان الهيثمي رحمه الله يراعي الدقة في إخراج زوائده على الكتب الستة ، ولكن بعد الاستقراء تبين أن هناك أحاديث ليست على شرط الكتاب ، أي ليست من الزوائد وهي :
الحديث الأول : ( ج 2 : ص 27 ) عن ربيعة بن عباد الديلي قال : ( إن لم أبي رجال شاب ، أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبع القبائل ووراءه رجل أحول وضيء ذو حجَّه يقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على القبيلة ويقول : يا بني فلان إني رسول الله إليكم آمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وأن تصدقوني حتى أُنفذ عن الله ما بعثني به ، فإذا فرغ رسول الله من مقالته قال الآخر من خلفه : يا بني فلان إن هذا يريد منكم أن تسلخوا اللات والعزى وحلفاءكم من الحي بني مالك بن أقيش إلى ما جاء بزمن البدعة والضلالة فلا تسلموا له ولا تتبعوه ) فقلت لأبي من هذا ؟ قال : عمه أبو لهب .
قلت ( عماد ) : هذا ليس من الزوائد ، بل هو حديث أصيل رواه أحمد في مسنده ( 3 : 492 ) برقم ( 16068 ) وقد كرره في عدة مواضع من كتابه .
الحديث الثاني : حدثنا عبدالله ، حدثني أبي ، حدثنا يزيد أنبأنا محمد بن إسحاق عن أبيه قال : قال أبو داود المازني ( ح ) حدثنا عبدالله حدثنا أبي حدثنا يزيد ، أنبأنا محمد بن إسحاق عن أبيه قال : قال محمد فحدثني أبي عن رجل من بني مازن عن أبي داود المازني وكان شهد بدراً قال : إني لأتبع رجلاً من المشركين لأضربه إذا وقع قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أنه قد قتله غيري .
قلت ( عماد ) : وهذا الحديث ليس من الزوائد في شيء بل هو نفس الحديث بسنده ومتنه عند أحمد في المسند ( 5 : 450 ) برقم ( 23829 ) .

الكتاب الخامس : موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان :
وهو الاسم المعروف والمتداول بين أهل العلم الذين اعتنوا بهذا الكتاب ، ولقد سماه مؤلفه نفسه بهذه التسمية كما في مقدمته فقال : وقد سميته ( موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ) وهو الاسم الذي سماه كل من ترجم للهيثمي رحمه الله ، وعدوه من كتبه التي زاد بها ابن حبان على الصحيحين .
وطيع كتاب موارد الظمآن عدة طبعات من أشهرها :
1. طبعة دار الكتب العلمية ، بيروت ، حققه ونشره محمد عبد الرزاق حمزة .
2. صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان مضموماً إليه الزوائد على الموارد ، محمد ناصر الدين الألباني ، ط 1 ، 1422 / 2004 ، دار الصميعي للنشر والتوزيع .
3. موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ، حققه وعلق عليه شعيب الأرنؤوط ومحمد رضوان عرقسوسي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط 1 ، 1414 / 1993 .

منهج الهيثمي في كتابه :
قال الهيثمي رحمه الله : لقد رأيت أن أفرد زوائد صحيح أبي حاتم محمد بن حبان البستي رضي الله عنه على صحيح البخاري ومسلم رضي الله عنهما ، مرتباً ذلك على كتب فقه أذكرها لكي يسهل الكشف منها ، فإنه لا فائدة في عزو الحديث إلى صحيح ابن حبان مع كونه في شيء منهما ، وأردت أن أذكر الصحابي فقط وأسقط السند اعتماداً على تصحيحه ، فأشار علي سيدي الشيخ العلامة الحافظ ولي الدين أبو زرعة ابن سيدي الشيخ العلامة شيخ الإسلام أبي الفضل عبد الرحيم بن العراقي بأن أذكر الحديث بسنده لأن فيه أحاديث تكلم فيها بعض الحفاظ ، فرأيت أن ذلك هو الصواب فجمعت زوائده ورتبتها على كتب أذكرها هي : كتاب الإيمان ، كتاب العلم ، كتاب الطهارة ، كتاب الصلاة ، كتاب الجنائز ، كتاب الزكاة ، كتاب الصيام ، كتاب الحج ، كتاب الأضاحي وفيه الصيد والذبائح والعقيقة والوليمة ، كتاب البيوع ، كتاب الأيمان والنذور ، كتاب القضاء ، كتاب العتق ، كتاب الوصايا ، كتاب الفرائض ، كتاب النكاح والطلاق والعدة ، كتاب الأطعمة ، كتاب الأشربة ، كتاب الطب وفيه الرقى وغير ذلك ، كتاب اللباس والزينة ، كتاب الحدود والديات ، كتاب الإمارة ، كتاب الجهاد ، كتاب السير وفتح فارس وغيرها ، كتاب التفسير ، كتاب التعبير ، كتاب القدر ، كتاب الفتن ، كتاب الأدب ، كتاب البر والصلة ، كتاب علامات النبوة وفيه من ذكر من الأنبياء صلى الله على نبينا وعليهم أجمعين ، كتاب المناقب ، كتاب الأذكار ، كتاب الأدعية ، كتاب التوبة ، كتاب الزهد ، كتاب البعث ، كتاب صفة النار ، كتاب صفة الجنة ، وقد سميته ( موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ) وأسأل الله النفع به لي وللمسلمين آمين .
وقد أخبراني بصحيح ابن حبان المسمى بالتقاسيم والأنواع خلا ما فيه من الكلام على الحديث الشيخان الإمامان الحافظان العلامة بهاء الدين عبدالله بن محمد ابن أبي بكر بن خليل المكي بقراءتي عليه ، وقاضي المسلمين عز الدين أبو عمر عبد العزيز ابن قاضي المسلمين بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني قراءه عليه ، وأنا أسمع بقراءة سيدي وشيخي شيخ الإسلام زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي قالا : أخبرنا الشيخ الإمام رضي الدين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبري ، قال الشيخ بهاء الدين بقراءتي عليه وقال الآخر قراءة عليه وأنا أسمع قال : أنبأنا الشيخ شرف الدين أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن محمد بن أبي الفضل المرسي قال : أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي ( ح ) قال ابن جماعة وأنبأنا به أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر عن أبي روح قال : أنبأنا تميم بن أبي سعيد الجرجاني قال : أنبأنا علي بن محمد البحاثي قال : أنبأنا محمد بن أحمد بن هارون الزوزاني قال : أنبأنا أبو حاتم ابن حبان البستي .
مما سبق تبين لنا المنهجية الواضحة لكتاب موارد الظمآن ، وكيفية صناعته الحديثية فيه ، وكيف رتبه رحمه الله .
وقبل البدء في بيان منهج الهيثمي في الموارد لا بد من ذكر معلومة مهمة ألا وهي : أن أول من صنف على زوائد ابن حبان وهو الإمام مغلطاي بن قليج الحنفي ( ت 762 ) ، وظني أن الإمام الهيثمي ربما اطلع على ما كتبه مغلطاي فاستفاد من طريقته .
1. أفرد زوائد ابن حبان على الصحيحين فقط ولم يفردها عن الستة فقد أورد أحاديث زائدة على الصحيحين وفي أحدها وجود عند أصحاب السنن الأربعة مثاله :
حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من جلس في مجلس كثر فيه لفظه ثم قال قبل أن يقوم : سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك إلا غفر له )) . ذكره ابن حبان في الموارد وهو عند أصحاب السنن وليس له ذكر في الصحيحين .
مع أن مسلماً رحمه الله كان مطلعاً على هذا الحديث بالذات وله مع شيخه البخاري فيه قصة ، أورد الحاكم في كتابه معرفة علوم الحديث : أن مسلم بن الحجاج جاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري فقبل بين عينيه وقال : دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين ، وطبيب الحديث في علله ، حدثك محمد بن سلام قال : ثنا مخلد بن يزيد الحراني قال : أخبرنا ابن جريح عن موسى بن عقبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كفارة المجلس فما علته ، قال محمد بن إسماعيل : هذا حديث مليح ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث ، إلا أنه معلول ، حدثنا به موسى بن إسماعيل هذا أولى فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماعاً من سهيل .
ولذلك لم يخرجاه رحمهم الله للعلة الآنفة .
2. ذكر أنه رتب كتابه على الكتب الفقهية ليساعد ذلك الباحثين عن حديث رسول الله سهولة استخراج النص ، سيما أن صحيح ابن حبان التقاسيم والأنواع رتبه صاحبه رحمه الله على الأوامر فجاء عسراً جداً ، حتى جاء الأمير ابن بلبان فرتبه على الأبواب الفقهية وسماه ( الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ) حققه الشيخ شعيب الأرنؤوط .
3. كان يريد في البداية إسقاط السند مع بقاء اسم الصحابي معتمداً على تصحيح تلكم الزيادات على ابن حبان رحمه الله ، حتى أشار عليه شيخه وابن شيخه أن يذكر الحديث بسنده ، والسبب في ذلك أن بعض أحاديث ابن حبان تكلم عليها بعض الحفاظ فأرادوا بذلك إيراد الإسناد ليتسنى لغيره دراسته .

ما أخذ على الموارد :
وكما فعلنا في غير مكان من هذا الكتاب فإن الحافظ الهيثمي رحمه الله لم يعرِّف شرطه كتابه ، فإنه قال في مقدمة كتابه : ( قد رأيت أن أفرد زوائد صحيح أبي حاتم محمد بن حبان على صحيحي البخاري ومسلم ) وهذه الزوائد لا بد أن تكون زائدة على أصل النص المزيد عليه ، فيشاركه صاحب الأصل في مقطع أو جزء ولكن لا يتطابقان بالجملة ، من هنا درست بعض أحاديث الموارد وطابقتها على أصل الزائد عليه وهو الصحيحين فوجدت ما يلي :
1. حديث رقم ( 1 ) عند الهيثمي حديث حمران عن عثمان رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة )) وهو بقضه وقضيضه عند مسلم حديث رقم ( 145 ) فماذا زاد ابن حبان على ما في صحيح مسلم لا سنداً ولا متناً ؟
2. الحديث الثاني عند ابن حبان في الموارد وهو حديث أبي الدرداء (( من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ، قلت يا رسول الله : وإن زنى وإن سرق ، قال : وإن زنى وإن سرق )) .
قلت : وهو بلفظه وسنده إلا قليلاً عند البخاري ( 6268 ) ومسلم ( 283 ) ، فماذا زاد ابن حبان ؟
ولو استعرضت لطال بنا المقام ويكفي هذا المثالان لبيان أن الهيثمي لم يستقرأ زوائد ابن حبان على الصحيحين جملة .

الكتاب السادس : بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث :
قلت : وهو الحارث بن محمد بن أبي أسامة واسم أبيه داهر ( ثقة ) صاحب السند المشهور , ولم يرتبه على الأبواب الفقهية و لا على الصحابة .
وهذا الاسم : هو الذي عرف وشاع وذاع بين أهل العلم بالحديث الشريف وهو الذي سماه صاحبه الإمام الهيثمي رحمه الله فقال في المقدمة : وقد سميته بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث . و هو الاسم الذي نسبه كل من ترجم للهيثمي رحمه الله وعده من كتبه التي جمع زوائدها .
و للكتاب طبعتان متداولتان في الأسواق وين يدي الناس ، هما :
الطبعة الأولى تاريخ ( 1413 / 1992 ) في المملكة العربية السعودية حماها الله , تحقيق الدكتور حسين أحمد صالح الباكري , وهي مطبوعة في مركز خدمة السنة النبوية بالجامعة الإسلامية .
والطبعة الثانية طبعت عن دار الطلائع , حققها مسعد بن عبد الحميد السعدني .
و أصل الكتاب مخطوط بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام و لم يتيسر لي الحصول على نسخه منها , يسر الله ذلك .

منهج الهيثمي في كتابه :
قال الهيثمي في مقدمة كتابه : فإن سيدي وشيخي الإسلام زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي - أحسن الله إليه وأرضاه وجعل الجنة مثوانا ومثواه - أهلني لإفراز كتب فسررت بذلك ، ثم أمرني بتخريج زوائد الحارث بن محمد بن أبي أسامة ، وزادني في ذلك رغبة حظ سيدي وشيخي وابن شيخي الشيخ ولي الدين أبو زرعة ولد شيخي - أحسن الله إليه على ذلك - فجمعتها من نسخة من تجزئة سبعة وثلاثين جزءاً ، فوجدتها ناقصة الجزء الثالث عشر ، ومقداره عشر ورقات أو نحوها ، وصفحة من أول الجزء الحادي عشر ، وصفحة من أول الجزء الأخير ، وأنا أتطلب ذلك إلى الآن لم أجده ، وعسى أن يسهلها الله بمنه وفضله آمين .
وقد سميته ( بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث ) ، ورتبته على كتب أذكرها لكي يسهل الكشف منه : كتاب الإيمان ، كتاب العلم ، كتاب الطهارة ، كتاب الصلاة ، كتاب الجنائز وفي أوله كفارة المرض والعيادة ، كتاب الزكاة وفيه فضل الصدقة ، كتاب الصيام ، كتاب الحج ، كتاب الأضاحي وفيه العقيقة والصيد والذبائح ، كتاب البيوع ، كتاب الإيمان والنور ، كتاب القضاء والشهادة ، كتاب الوصايا ، كتاب العتق ، كتاب الفرائض ، كتاب النكاح ، كتاب الطلاق ، كتاب اللباس ، كتاب الزينة ، كتاب الإمارة ، كتاب الجهاد ، كتاب المغازي ، كتاب التفسير ، كتاب التعبير ، كتاب القدر ، كتاب الفتن ، كتاب الأدب ، كتاب البر والصلة ، كتاب علامات النبوة وفي أوله ذكر الأنبياء ، كتاب علامات نبوة رسولنا صلى الله عليه وسلم ، كتاب المناقب ، كتاب الأذكار ، كتاب الأدعية ، كتاب المواعظ ، كتاب التوبة ، كتاب الزهد ، كتاب البعث ، كتاب صفة النار ، كتاب صفة الجنة .

يتبين لنا من منهج الهيثمي ما يلي :
1. بلغت الأبواب الفقهية ما يقارب الاثنين والأربعين باباً بدأها بالإيمان وأنهاها بكتاب صفة الجنة .
2. رتب الهيثمي هذه الزوائد على كتب الفقه أو ما تسمى في عرضهم ( أبواب ) .
3. لم يبين لنا رحمه الله طريقته في جمعه لزوائد الحارث بن أبي أسامة ، هل جمعها على زوائد الصحيحين أم هي كما عند أهل العلم على الكتب الستة ؟ والذي أرجحه أنها مجموعة على الكتب الستة كما في جمع زوائده باستثناء الموارد لابن حبان .
4. أخرج الهيثمي زوائد الحارث بن أبي أسامة على الستة مقتفياً أثر نفسه في جمعه للزوائد التي سبقت الحارث بن أبي أسامة .
5. جمع كتابه ( البغية ) من نسخة مجزئة إلى سبعة وثلاثين جزءاً ناقصة الجزء الثالث عشر ، ومقدار عشر ورقات أو نحوها .
6. ولم يراع رحمه الله شرطه في جمعه للزوائد أن الزائد على الكتب الستة هو الذي يجب جمعه ، وهو الشرط المتعارف عليه بين أهل العلم . قال الدكتور خلدون الأحدب معرفاً علم الزوائد : علم يتناول إفراد الأحاديث الزائدة في مصنِّف رويت فيه الأحاديث بأسانيد مؤلفة على أحاديث كتب الأصول الستة أو بعضها من حديثه بتمامه لا يوجد في الكتب المزيد عليها ، أو هو فيها عن صحابي آخر ، أو من حيث شارك فيه أصحاب الكتب المزيد عليها أو بعضهم وفيه زيادة مؤثرة عنده .
قلت : ولم يعرف الهيثمي شروطه في كتبه بل ندَّ عنه كثير من الأحاديث التي ظنها زائدة على الأصول الستة ، ولو جمعت من جميع كتبه لجاءت في مجلدين كبيرين .
ولنؤخذ أمثلة :
الحديث الأول : بغية الباحث ( ج 1 : ص 305 ) حديث رقم ( 201 ) حدثنا روح بن عبادة ثنا نور بن يزيد عن عثمان الشامي انه سمع أبا الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس الثقفي عن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من غسَّل واغتسل ، وغدا وبكر ، ودنا فاقترب ، واستمع وأنصت ، كان له بكل خطوة أجر قيام سنة وصيامها )) .
الحديث عند أصحاب السنن .
قال الترمذي ( 496 ) رحمه الله : حدثنا محمد بن غيلان ، حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان وأبو جنان يحيى بن أبي حية عن عبدالله بن عيسى ، عن يحيى بن الحارث ، عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من اغتسل يوم الجمعة وغسل ، وبكر وابتكر ، ودنا واستمع وأنصت كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها )) .
قلت ( عماد ) : أترك للقارئ المقارنة بين النصين فماذا فعل الهيثمي في زوائد الحارث ، والحارث رواه كما هو في أصله من السنن ، وهو في سنن النسائي الكبرى ( 1381 ) .
الحديث الثاني : ( ج 1 : ص 325 ) حديث رقم ( 209 ) حدثنا عبدالله بن عون ، ثنا فرج بن خضالة عن عبد العزيز عامر الأسلمي ، عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيد سبغ تكبيرات في الأولى وخمساً في الآخرة .
الحديث عند أصحاب السنن .
أخرج أبو داود في سننه ( 1149 ) حدثنا قتيبة ، ثنا ابن لهيعة ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثامنة خمساً .
قلت ( عماد ) : فماذا صنع الهيثمي في هذا النص ؟ ولو أن الهيثمي أخذ الحديث الذي بعده من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ( التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كليهما ) لأجاد .
لم يتكلم على الأحاديث صحة وضعفاً ، جرحاً ولا تعديلاً ، والله أعلم .