أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


معذرة بانياس ... فقد فقدنا الإحساس!!



بقلم: (أبي عبد الله) علي أبو هنيّة

معذرة بانياس..
يا قلعة الأجلاس..
معذرة بانياس..
يا دمعة الأكياس..
مجازرك الوحشية رأيناها..
أحداثك الدمويّة تابعناها..
أرقام القتلى أحصيناها..
نساؤك المغتصبات والثّكلى عايناها..
أطفالك اليُتَّم شاهدناها..
فغضبنا وزمجرنا والنفير أعلنّا ودققنا الأجراس..
وأزبدنا وأرعدنا وقلنا: الويل ثم الويل للروافض الأنجاس..
والهلاك والدمار للنصيرية وحزب الشيطان الأرجاس..
وشجبنا واستنكرنا بجميع اللغات ومن كل الأجناس..
حتى جوارحنا تحركت واضطربت فضربنا أخماساً بأسداس..
ولكن؛ معذرة إليكم, وأكثر من ذلك لا تطلبوا منا..
فنحن مشغولون من أخمصنا إلى أعلى الراس..
وشبابنا مشغولون!
وفتياتنا مشغولات!
بصراحة: نحن مشغولون كباراً وصغاراً..
ليلاً ونهاراً..
سراً وجهاراً..
فلا تسألوا عنا وائذنوا لنا أن نقول: لا مساس..
حتى الدعاء لا تطلبوه منا..
وفي أي مكان ومهما حصل لا تسألوا ولا تبحثوا عنا..
فشبابنا مشغولون مشغولون مشغولون..
مشغولون بقصات الشعر وإصلاح اللباس..
ومهتمون بالتدخين والشم والعطاس..
ومنهمكون بهز الخصور وثني الأرداف في الأعراس..
وفتياتنا مشغولات بالمكياج والموضات وعمليات التجميل والكوافير والصالونات وتحسين المقاس..
والتقليعات ولبس الفيزون وشد الحزام فوق البنطلون واقتناء الذهب والماس..
واعذرونا فالليلة أيضاً لن نتابع أحداثكم, ولا نستطيع مشاهدة أخباركم..
لا لشيء! اللهم..
أننا فقط مشغولون بمباراة مهمة مهمة ننتظرها بحماس..
بين الريال والبرشة؛ مباراة حامية ولا وقعة أوطاس..
وعندنا ما يهمنا من التصويت لمطربنا في قناة الإمباس..
في الـ(عرب أيدول) في قناة التهتك والخنا والأرجاس..
وكذا تعليقاتنا ستأخذ من وقتنا ومشاركاتنا على التويتر والواتس والفاس..
ورجالنا أقصد ذكورنا وما أدراك ما ذكورنا؟!
هم غارقون في ديماس..
فمنهم من يشعل الأرجيلة ليطيب الأنفاس!
ومنهم من يدخن الحشيشة ليعبي الراس!
ومنهم من يشرب الكاس تلو الكاس!
لماذا؟!
حتى ينسى الهم ومكابدة الناس!!
يا مسيكين! لا تتعب نفسك فأنت فاقد الإحساس..
ومنا من يقول معزياً نفسه..
متجرعاً آخر جرعة من مروءته..
محاولاً إيقاظ شيء من نخوته:
قتل وسفك ومجازر دموية, ونهب واغتصاب ومصائب يومية..
ماذا نفعل لإخواننا وما نقول لأشقائنا؟!
نعم, وجدتها؛
أطفال سوريا أنتم شهداء فلا باس..
رجال الشام أنتم الأحرار فلا تاس..
أخواتنا في سوريا أنتن الحرائر وشجر الآس..
نعم, هذه حقيقة مرة..
نحن أمة مريضة متعبة..
نحن أمة مهزومة ومغلوبة لا غالبة..
قد تلف منا الراس وتهتّك الأساس..
وخالفنا النقل والعقل وحتى القياس..
يا أبناء أمتي لا أدري! لعلكم محسودون من الناس..
ارقوا أنفسكم من أعين الجنة والناس..
واقرؤوا عليها سورتي الفلق والناس..
فإنني أخشى عليكم هذا الوسواس..
وأخاف عليكم الشيطان الخناس..
آه, آه, آه!!
نحن أمة مريضة مرضها الفشل والياس ..
ودواؤها الذي وصفه لها أطباؤها -من أعدائها- النوم والنعاس..
فإذا استيقظنا ازداد مرضنا..
وإذا صحونا اشتد عياؤنا..
وإذا قمنا تضاعف ألمنا..
لذا اعذرونا على هذا الارتكاس..
فلنا عذرنا أن نبقى في إبلاس..
فنحن لم نعد إلا ربات حجال وللبيوت أحلاس..
فلن نثأر لكليب ولو انحنى أمامنا جسّاس..
ولن نغضب على عدونا ولو عبّدنا للصخر والنحاس..
وإياكم إياكم أن تظنوا أن هذا انتكاس..
لا, بل هذا تقدم إلى الوراء..
وهذه مشية للأمة تسمى المطيطاء..
وكأننا أمة لم تذق للعز طعماً ولا كأنها خير أمة أخرجت للناس..
رجاء لا تقرنونا بأسلافنا ولا حتى من باب الاقتباس..
فهم قوم ملكوا رقاب غيرهم ونحن رضينا بالإفلاس..
ومن أبناء أمتنا من باتوا للفضيلة أعداءً وللرذيلة حراس..
يا أمتي! كسّروا سيوفكم, قطّعوا قسيكم, ألقوا رماحكم, بيعوا الأفراس..
فمثلكم لا حاجة له بها, ولا تهفو نفسه لها, ولا خطرت بباله من الأساس..
إخواننا في سوريا وبانياس..
اعذرونا فلم نجد لنصرتكم إلا الدواة والقرطاس..
فنحن قوم ألفنا الذل وأحببنا الإبساس..
لا شرعنا حكّمنا, ولا سلفنا اتبعنا, ولا رضينا بالعدل والقسطاس..
أين همم أسلافنا, أين الصحابة والتابعون, وأين بنو العباس؟!
بل أين أبو تمام والمتنبي وأين الشاعر أبو فراس؟!
أين شعراء الحماسة أين الكميت وابن مرداس؟!
ذهبوا وذهبت أشعارهم..
وفنوا وفنت أعمارهم..
ودفنوا ودفنت أخبارهم..
إذ لم يعد هناك ما يروونه للناس..
حقاً من لم يذد عن حوضه بسلاحه يوطأ بمنسم ويضرس بأضراس..
كفى, كفى..
استيقظوا يا قوم أيها الناس..
فكلكم سيشرب من نفس الكاس..
معذرة أهلنا في سوريا وبانياس..
على كل هذا الإحباط والياس..
عند قوم فقدوا الإحساس وما فوق الإحساس..
فلم تجد محنتكم شاعراً ولكن تعثّرت بمسلم لهمكم مواس..


الثلاثاء: 26 جمادى الآخرة 1434هـ


الموافق 7 /5 / 2013م