أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


جائزةالأحوذي في التعليقات على سنن الترمذي
للشيخ الحافظ أبي النصر ثناء الله عيسى خان المدني الباكستاني


لا تخفى أهمية سنن الإمام الترمذي – رحمه الله – بين كتب الحديث ، فإنه من المراجع الحديثية المهمة ، ومن المصادر التي لا يستغني عنها باحث . قال ابن الأثير في (جامع الأصول ) مثنيا على الإمام الترمذي ومشيرا إلى ميزات كتابه :
" كتابه الصحيح أحسن الكتب و أكثرها فائدة و أحسنها ترتيبا و أقلها تكرارا ، وفيه ما ليس في غيره من ذكر المذاهب و وجوه الاستدلال و تبيين أحوال الحديث من الصحيح و السقيم والغريب ، وفيه جرح و تعديل "
وقال محدث الهند الشاه ولي الله الدهلوي في كتابه ( حجة الله البالغة ) عن الإمام الترمذي :
" فجمع كلتا الطريقتين ( طريقة الشيخين و طريقة أبي داؤد ) و زاد عليهما بيان مذاهب الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار فجمع كتابا جامعا و اختصر طرق الحديث اختصارا لطيفا " .
وقال حفيده الشاه عبد العزيز الدهلوي في كتابه الثمين ( بستان المحدثين ) :
" تصانيف الترمذي في هذا الفن كثيرة و أحسنها هذا الجامع ، بل هو أحسن من جميع كتب الحديث من وجوه ... الخ " .
و حيث إن المدارس الإسلامية بالهند قد قررت في مناهجها تدريس الكتب الستة أو بعضا منها فإن المدارس السلفية فيها قد رسمت لنفسها خطة خاصة لتدريسها امتازت بالسير على منهج المحدثين – رحمهم الله تعالى – و باتقاء الأدواء التى ابتلي بها أخيرا بعض الشخصيات الدينية و المؤسسات التعليمية من التعصب والتحامل .
و منهج المحدثين هذا كان جديرا بأن يحظى بالقَبول والعناية لدى العلماء والباحثين ، وتجري الدراسات في ضوئه و تبرز ميزاته لدى المشتغلين بالعلم ، و توضح الخطوات التى يجب اتخاذها في خدمة السنة النبوية الشريفة . و قد جعل علماء أهل الحديث بالهند هذا المنهج نصب أعينهم فألفوا في علم السنة ، وشرحوا أمهات الكتب في هذا العلم ، و وفروا المراجع الحديثية للعلماء والطلاب . و من هذه الشروح كتاب ( تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ) الذي ألفه العلامة الشيخ عبد الرحمن المباركفوري المتوفي سنة 1353هــ . هذا الإمام الفذ قد رزقه الله تعالى علما عزيرا و بيانا ناصعا و قبولا واسعا ، فأقبل العلماء و الفضلاء في الشرق و الغرب على كتابه ، يستفيدون منه في علم الحديث و المنهج ، ويتزودون بالنكات اللطيفة في استنباط الأحكام و معرفة الرواة و مراتب الحديث في الصحة والضعف وما إلى ذلك من دقائق هذا العلم . ( مأخوذ من كلمة الناشر بتصرف يسير )
إلا أن هذا السفر الجليل مع غزارة نفعه و كثرة فائدته يحتاج إلي من يعتني به اعتناء جيدا بحيث يلخصه و يهذبه حتى يسهل التناول من هذا الكتاب العظيم و ينبه على بعض الأوهام (وجل من لا يسهو) و يحرر المقال في بعض المسائل العقدية و يشرح من الأحاديث ما فات المؤلف شرحه و يدقق في بعض المسائل الفقهية والحديثية فانتخب الله لهذا العمل الجليل الشيخ الإمام أحد الأعلام ، جامع العلوم و الفنون ، فقيه العصر الحافظ أبي النصر ثناء الله عيسى خان المدني - حفظه الله و متعنا بطول حياته – صاحب الأسانيد العالية والمسموعات الغالية كما هو مشهور و معروف عند أهل العلم من العرب والعجم ، فإنه أجاد فيه و أفاد ، و لخص و هذب و حرر و زاد، فجزاه الله عنا و عن جميع المسلمين خيرا .

منهج المؤلف و كيفية عمله و كميته في الكتاب :

قال – حفظه الله – في المقدمة ( ص 14 ) :
و قد ركزت فيه على الأمور التالية :
1- اختصار كتاب " تحفة الأحوذي " مع جمع فوائد غزيرة من باقي الشروح والحواشي .
2- شرح غريب ألفاظ الحديث و الآثار نقلا عن أئمة هذا الفن .
3- تلخيص معاني الأحاديث عند الضرورة اعتمادا على ما بينه الأسلاف من هذه الأمة .
4- الإيماء عند البحث والفحص في مسائل كثيرة إلى مظانها من الكتب المطولة .
5- ذكرت أحيانا المسائل المستبطة والمستخرجة من الأحاديث من دقائق مسائل الخلاف مما اختلفت فيه أنظار العلماء و دق وجه الصواب فيه .
6- أوردت الأشياء المهمة الكثيرة بعنوان " التنبيه " و الفوائد " .
7- حاولت الجمع والتطبيق والتوفيق بين الأحاديث المتخالفة والمتعارضة بقدر الاستطاعة .
8- التعليق على المذاهب المتنوعة ، وبيان الراجح منها ، مبينا على النهج القويم الذي سار عليه أئمتنا من أهل الحديث ، و هو أنه لا حجة إلا فيما قال الله أو قال رسوله ، وكل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
9- لم آل جهدا في إعادة النظر على المتون والأسانيد على طريقة أهل الحديث وفي حدود مصطلحهم مع قصد الاختصار و عدم الإطالة ما أمكن إلا فيما لا بد منه ، ولم أقلد الإمام الترمذي – رحمه الله – في الحكم –أعني – في التصحيح والتحسين والتضعيف ، وإنما أحكم بما أداني إليه بحثي و نقدي .
أما الطريقة التي سلكتها فهي :
• إذا كانت الموافقة مع المصنف في الحكم سكت بتاتا .
• و إذا هو لم يحكم على الحديث اجتهدت للحكم عليه .
• وفي صورة عدم الموافقة والمطابقة أشرت إلى ما وقع له في ذلك من الأوهام والعصمة لله الواحد القهار ، و و ضحت سبب الاختلاف والترجيح لما ادعيته استنادا مما ذكره أئمة هذا الشان .
10- منهجي في اختصار كتاب " تحفة الأحوذي " في النقاط الآتية :
* إذا نسخت أي عبارة منه منسوبه إلى المرجع الموثوق به : حاولت الرؤية والنظر إليها في المظان سواء أحال بها العلامة المباركفوي أو سكت عنها و ذلك ليطمئن قلبي ، لأنه كثيرا ما يتغير المعنى بتغير الألفاظ ، شاهدتها فعلا عند المراجعة في بعض الأمكنة .
* رأيت أحيانا الموصوف ينقل عبارة عن الأشاعرة أو الماتريدة وغيرهم المؤولين ويكون فيها نوع من التأويل والتحريف في مسألة الأسماء والصفات و هو لم ينتبه لذلك : أصلحته على منهج سلفنا الصالح أو حذفته و أتيت بعبارة مناسبة يقتضيها المقام .
* قد يحصل منه ذهول في بعض الشئ عقبته و أصلحته بنية خالصة لله عز و جل المرجو منه الأجر و المثوبة .
* استدركته بعض الأحاديث فات عنه شرحها .
11- رددت ردا علميا على من تحامل على صاحب " التحفة " بالسب والشتم من متعصبي الحنفية إن دعت الضرورة إليه كمثل ما فعله الشيخ البنوري في " معارف السنن " حيث شتمه و شنعه بغير جريمة ارتكبها .
12- أدخلت في هذا السفر الجليل فتاوى العلماء الثقات و آرائهم بالمناسبات أمثال :
• سماحة الوالد العطوف الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمهما الله تعالى .
• العلامة فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى .
• مربي الأول المحدث الشهير الحافظ عبد الله الأمرتسري الروبري رحمه الله تعالى الذي يدور عليه رياسة الإفتاء في زمانه في شبه القارة الهندية .
• محدث العصر العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى .
• اللجنة الدائمة ، وما إلى ذلك .
وإذا كان الخلاف مع أحدهم في وجهة النظر أبديت رأيي حسبة لله عز و جل .
هذا ، وإنني في هذا قد بذلت كل ما في وسعي و إمكاناتي من جهد و وقت ، فإن وفقت فيما قدمت فهو بتوفيق من البارئ تبارك و تعالى و فضل منه و إن كان غير ذلك فهو من نفسي فذلك عمل بشري يعتريه القصور و النقصان ولا أستطيع أن أقول إلا كما قال الشاعر :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
كما أن عين السخط تبدي المساويا
انتهى كلام شيخنا - حفظه الله - من المقدمة .

طبعة الكتاب :

الكتاب طبع من قبل إدارة البحوث الإسلامية بالجامعة السلفية ، بنارس ، الهند بتعاون من جمعية إحياء التراث الإسلامي بدولة الكويت .
سنة الطبع : رجب المرجب 1426 هــ / أغسطس 2005م .
ونفدت نسخ الكتاب كلها بعد طبعه بزمن قليل و إلى الآن لم يوجد من يعيد طبعه
فلهذا أردت أن أرفعه على النت لكي يعم النفع بنسخته الإلكترونية ... ولله الحمد والمنة .

للتحميل يرجى الضغط هنا .