أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
[وبه نستعين]
قال الإمام البخاري-رحمه الله-:
[حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
«بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ»]
من المعلوم أن كل بداية في أي علم من العلوم تكون صعبة بعض الشيء، يفتقر صاحبها إلى من يوجهه ويرعاه، يسدد خطاه، ويسير به لمطلوبه ومرتجاه..!
فالعلوم شتى، متشعبة المسائل والأقسام وكتبها كثيرة، منها ما هو صعب عسير، ومنها ما هو سهل يسير..!
هذا معلوم ،ولكن الشيء شبه العسير وضع الخطة، ورسم الطريقة، وإيضاح مسلك المسيرة..
فكثير من طلبة العلم عند البداية لغفلته أو لهيجان وفرة وفرط همته..!!
تراه ينكب على صعاب المسائل ،ويسهر على قراءة تصانيف وعرة المسالك..
يريد أن يرقى قمم الجبال، وأن يصعد سفوح العاليات، ويتخطى كل المفاوز ويقطع كل القفار من أول وهلة ،ومن أول لحظة وخطوة..!وأنى له ذلك..
فتراه بعد أن ينتبه لنفسه بعدة مدة، يا ليتها بالقصيرة..! فيجدها قد أُنهكت، والهمة قد تحطمت، والعزيمة قد كسدت، والجلد في الطلب قد تلاشى وذهب..!
فينظر ميمنة وميسرة، خلفه وأمامه، يفتش ويقمش، يعمل ذهنه ويعصر لبه..
ليبحث عن ثمار ،يجب أن يكون قد جناها بعد كل هذه الأوقات الغاليات، والأيام النفيسات، فلا يرى إلا شيء يسير منها ،بعضها خرب، والآخر لم ينظج كما يجب..!
فلا علم مؤصل قد حصل، ولافائدة ترجى بعد هذا التعب قد أستفادها بعد ماكان يؤمل..!
ولتلاشي هذه المصائب، وتفادي هذه الخسائر ،وتجنب كل هذه المتاعب..!
كان ما يسمى ب(بالمنهجية في طلب العلم)
فطالب العلم، في سيره الحثيث، في خضم هذه العلوم، وكثرة المتشعب عنها من المسائل والفروع..!
يكون المطلوب والزاد المحمول ،لتخطي كل هذه الأمور والجني الوفير للثمار مع وفرة في المحصول، يكون:
نية..وصبر..وهمة وجلد..مع منهجية تحدد طريق وسير الطلب..!
إذن فبعد هذه المقدمة،نشرع بالمقصود ونلج المطلوب:
[علم الحديث]
لا يخفى لكل ذي بصيرة ما له من أهمية كبيرة، وما لأصحابه من مكانة فضيلة..
قال الإمام الشافعي-رحمه الله-: " أهلُ الحديث في كل زمان كالصحابة في زمانهم ، وكان يقول : إذا رأيتُ صاحبَ حديثٍ فكأني رأيت أحدًا من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
" .

أهل الحديث همُ أهل النبيِّ وإن*** لم يصحبوا نفْسه أنفاسَه صحِبوا
ففضائله معروفة، مشتهرة بين العلوم له المكانة المرموقة..!
وليس المقام مقام بيان ،وسرد لما له ولأهله من مزية وشرف ،فمن أراد تتبع ذلك فعليه بالتصانيف المألفة
والكتب المصنفة، في هذا الباب فيجد ما يسره،
ويبهج قلبه..!

فإذا تقرر هذا ،يجب أن يعُلم أن من العلوم على ضربين:
أحدهما: علوم غاية.
الثاني:علوم آله.
فمن الأول: الفقه والتفسير والعقيدة..
ومن الثاني: أصول الفقه، ومصطلح الحديث..
والثانية كالقارب الذي يُركب ويستعمل لقطع المسافة التي يُريد ،للوصول للمؤمل ،والإنتهاء لمطلوبه وغايته..
فالمهم والأساس واللهف هو لغاية الشيء ومنتهاه..
فإذا عُلم هذا، تبين خطأ كثير من طلبة العلم الذين يتوسعون أو بمعنى أخر ينكبون على علوم الآلة والتي منها(مصطلح الحديث) شهور بل وسنون، منشغلين به و له، عن أقسام العلم الآخرى، والتي لا تقل أهمية بل هى المهم والمستحقة لبذل الجهد وإمضاء الأوقات في الإنكباب عليها قراءة ودراسة وحفظ وفهم.. للوصول للحكم على الحديث تصحيحاً وتضعيفاً ،بطريقة عليمة رصينة وصحيحة.
وبعد كل هذا ،أقول على كل من صار وولج هذا العلم الشريف، وعلم أصوله وخبر فروعه، وهم -بإذن الله- كثر في هذا الملتقى المبارك.
أن يدلو بما لديهم من خبرة وفوائد في هذا المجال[ مجال المنهجية في دارسة علوم الحديث] ،فهم المقصودين بالحديث أعلاه، فيجب عليهم إسداء النصح، لإخوانهم من طلبة العلم ، وليذكروا ما لهذا الأمر من ثواب وأجر عظيم عند الله جزيل..!

تنبيهان..!
الأول:الرجاء عدم ذكر منهجية في علم مصطلح الحديث، وذلك لكثرتها ،ولأن هذا الموضع أُسس ووضع لمن شارف أو إنتهى منه، والله أعلم.
الثاني:على الأخوة ذكر كل علم من العلوم بالترتيب حسب الأهمية ودرجة الفائدة والنفع، فمثلاً:
*منهم من يرى البدأ بدراسة كتب تخريج الأحاديث كالتلخيص ونصب الراية...
*ومنهم من يرى بالبدأ بعلم الرجال، وكتبه كتهذيب الكمال،وتهذي التهذيب وتقريبه، وغيرها..
*ومنهم من يرى البدأ بعلم العلل.. كالتميز وعلل الترمذي، وما يتعلق بهذا الشأن، من دراسات وكتب وبحوث..وهكذا على هذا النسق..
هذا وأرجوا من الأخوة التفاعل ،والنشاط وعدم البُخل في إبداء التوجيه وإسداء الصح..!
أخوكم/أبو بكر..