أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قال الإمام الهيتمي رحمه الله في تحفة المحتاج في شرح المنهاج :

نَعَمْ تُكْرَهُ ذَاتُ الْجَمَالِ الْبَارِعِ ؛ لِأَنَّهَا تَزْهُو بِهِ وَتَتَطَلَّعُ إلَيْهَا أَعْيَنُ الْفَجَرَةِ ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَحْمَدُ : مَا سَلِمَتْ أَيْ مِنْ فِتْنَةٍ ، أَوْ تَطَلُّعِ فَاجِرٍ إلَيْهَا ، أَوْ تقوله عَلَيْهَا ذَاتُ جَمَالٍ أَيْ بَارِعٍ قط اهـ .

وقال الإمام المناوي رحمه الله في فيض القدير شرح الجامع الصغير :

ومن ثم كره نكاح ذات الجمال البارع لما ينشأ عنه من شدة التيه والإدلال والعجب والتحكم في المقال ، وقد قيل : من بسطه الإدلال قبضه الإذلال .

وقال في موضع آخر :

وقد كرهوا شدة الجمال البارع لما يحدث عنه من شدة الإدلال المؤدي إلى قبضة الإذلال اهـ .

وقد قيل : آفة الجمال أي البارع الخيلاء .

وفي مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشيخ محمد الخطيب الشربيني :

قال الماوردي : لكنهم كرهوا ذات الجمال البارع ، فإنها تزهو بجمالها ، وإن الإمام أحمد قال لبعض أصحابه : ولا تغال في المليحة فإنها قل أن تسلم لك اهـ .

كما أن الجمال الفائق في حد ذاته قد يكون نقمة على الفتاة حين يسوقها إلى التبرج والسفور وإثارة الشهوات، أو الإدلال به على الزوج؛ فإن كثيراً من الجميلات متعثرات في حياتهن الزوجية؛ ولهذا لم يكن العرب الأوائل يستحبون الجمال البارع في الزوجة مخافة الفتنة بها، وشدة الإدلال، وبلوى المنافسة والتنازع، كما أن الفتاة الجميلة بقدر ما تُولِّد من الحب والميل في قلوب الرجال، فإنها - في الجانب الآخر- تولِّد من الحقد والكراهية في قلوب النساء، فليس الجمال دائماً في صالح الفتاة، ومن القواعد المعلومة أن: "النِّعمة بقدر النِّقمة".

وكلامنا منصب على الجمال البارع خلافا للجمال المقبول ، أو المعقول ، أو المتوسط .

وقد وردت بعض الأحاديث الصحيحة تتكلم عن الجمال المقبول ، أو المعقول وهي كالتالي :

5609 - خير النساء التي تسره إذا نظر و تطيعه إذا أمر و لا تخالفه في نفسها و لا مالها بما يكره .
تخريج السيوطي
( حم ن ك ) عن أبي هريرة .
تحقيق الألباني
( صحيح ) انظر حديث رقم : 3298 في صحيح الجامع .

5610 - خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و تحفظ غيبتك في نفسها و مالك .
تخريج السيوطي
( طب ) عن عبدالله بن سلام .
تحقيق الألباني
( صحيح ) انظر حديث رقم : 3299 في صحيح الجامع .

وفي فيض القدير شرح الجامع الصغير : ( خير النساء التي تسره ) يعني زوجها ( إذا نظر ) لأن ذات الجمال عنده عون له على عفته ودينه .

وينبغي أن نوضح أن الشريعة الإسلامية إنما حثت على طلب الزوجة الصالحة ذات الدين، وكذلك الزوج الصالح صاحب الدين المستقيم ، فالدين هو المقصد الأول والرئيس ، وغيره من الصفات كالجمال والمال والحسب والنسب إنما هي تابعة ، ليست مذمومة في نفسها ، ولا هي مقصودة بالأساس ، ولكنها صفات تكميلية إذا وجدت فهي الغنيمة الكاملة ، وإذا لم توجد فالدين معيار كل خير .