رفض علماء سعوديون فتوى أطلقها الشيخ عبد المحسن العبيكان وتجيز الاستعانة بالسحرة والجن لفك السحر عن المسحور ، لكن العبيكان أكد أن لديه أدلة شرعية على فتواه. وأكد الشيخ اللحيدان حرمة الذهاب للسحرة والمشعوذين، موضحا أن من يقل بجواز الذهاب إليهم يرد الكلام على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.، بحسب ما ذكرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية الجمعة 7-7-2006. وفي وصفه للشيخ العبيكان، قال اللحيدان : " العبيكان أعرفه معرفة جيدة، أعرفه طالب علم متمكنا وجيدا، لكن الثقة قد يجوز عليه الخطأ، وهذا مذهب أهل الجرح والتعديل من علماء الحديث، الطبقة الثانية والثالثة والرابعة إلى طبقة البخاري الحادية عشرة»، موجها له الدعوة إلى "التريث قليلا". ووجه الشيخ اللحيدان النصيحة إلى كافة العلماء بالتريث وعدم التعجل "فحينما يسأل عالم عن مسألة من مثل هذه المسائل يجب أن يراجعها ويتصل بالحفظة من أهل الحديث الذين يعرفون النواسخ والمنطلقات والعمومات وأدلة الاختلاف والاستنتاجات العقلية والنظرية". ولم تقتصر الجبهة المعارضة على الشيخ اللحيدان، بل امتدت إلى الدكتور سعد بن محمد النباتي أستاذ الفقه بكلية المعلمين بمكة المكرمة، حيث انتقد تصريحات الشيخ العبيكان في مسألة حل السحر بالسحر، وقال إن هذا القول قد جانب ما أثر عن أهل العلم، مستشهدا بقول ابن عطية: " السحرة يعلمون أن لا حظ ولا نصيب لهم في الآخرة، فكيف يجوز الذهاب إليهم "وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى". ولفت الدكتور النباتي إلى أن الرخصة في ذلك ستؤدي إلى «نهب أموال الناس بالباطل.. ، وربما يكثر عمل السحر حتى يلجأ الناس إلى السحرة الكهنة لطلب العلاج فتصبح الأمة سلعة رخيصة بين يدي السحرة والكهنة". من جانبه ، قال الشيخ الدكتور صالح بن سعد اللحيدان المستشار القضائي الخاص والأمين العام للجمعية العالمية للصحة النفسية في السعودية والخليج رداً على العبيكان: «أخطأ الشيخ العبيكان عندما أعلن ذلك دون أن يستشير العلماء حفاظ الحديث ويجمع عقله لعقولهم»، واستطرد قائلا: «ان العبيكان طالب علم وينبغي أن لا يخوض في مثل هذه المسائل دون الرجوع للعلماء وسؤالهم ويستشهد بأقوال ويعممها على فقهاء الحنابلة ويُقَوِلُهُم ما لم يقولوا». أدلة العبيكان في المقابل ، قال الشيخ العبيكان لصحيفة الشرق الأوسط إن هناك أدلة على فتواه. منها "ما روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم ـ أو ذات ليلة ـ وهو عندي، لكنه دعا ودعا، ثم قال: «يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه؟، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة، وجف طلع نخلة ذكر. قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان» فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه، فجاء فقال: يا عائشة كأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين». قلت: يا رسول الله: أفلا استخرجته؟ قال: «قد عافاني الله، فكرهت أن أثير على الناس فيه شرا» فأمر بها فدفنت". ويقول العبيكان: «فقول عائشة رضي الله عنها (أفلا استخرجته) معناه: أظهرته بين الناس؛ كما أوضح ذلك الإمام النووي، وليس المقصود إخراجه من البئر لأنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك». ويضيف : قال الإمام ابن كثير في تفسيره (تفسير القرآن العظيم ج/1 ص/158): مسألة: وهل يسأل الساحر حلا لسحره؟ فأجاز سعيد بن المسيب فيما نقله عنه البخاري وقال عامر الشعبي: لا بأس بالنشرة وكره ذلك الحسن البصري، وفي الصحيح عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله هلا تنشرت، فقال: "أما الله شفاني وخشيت أن أفتح على الناس شرا". ومن المعلوم قطعا ـ والحديث للشيخ العبيكان ـ أن عائشة رضي الله عنها لا تقصد النشرة بالرقية الشرعية لأن الرسول فعلها عندما قرأ المعوذتين فانحلت العقد. إذا فهي تقصد النشرة الأخرى التي هي بفعل الساحر. ويقول العبيكان "من المعلوم أنه لا يعرف مكان السحر لاستخراجه في الغالب إلا الجن عن طريق ساحر، وإلا فكيف يستخرج، والذين يأمرون الناس بالاقتصار على الرقية يخالفون ما فعله الرسول من استخراج السحر وحله". وحول ما قد تسببه هذه الفتوى من السماح للسحرة بمزاولة عمل السحر اوضح العبيكان أن هذا الكلام باطل والمطلوب القضاء على السحرة وهذا ما تقضي به أنظمة بلادنا، ولكن ـ والحديث عبيكان ـ هناك من يقوم بمزاولة العمل سرا منذ سنين طويلة ولم تستطع السلطة القضاء التام عليهم.ويعجب العبيكان من الذين يحرمون حل السحر بمثله حيث لا يوجد حل لديهم سوى الصبر، مضيفا ان الصبر مطلوب لكنه لا يتعارض مع بذل الأسباب فالنبي لم يأمر المريض بالصبر فقط. وأشار إلى أن عددا من الأئمة والفقهاء أباحوا حل السحر من قبل ساحر منهم سعيد بن المسيب والحسن البصري والإمام احمد وابن الجوزي والإمام البخاري ونص عليه عدد من فقهاء الحنابلة في كتبهم المعتمدة التي يفتي بها ويحكم بها القضاة في السعودية. وأوضح إلى استدلال بعض المشائخ كسماحة المفتي عبدالعزيز ال الشيخ والشيخ عبدالله المطلق بالآية القرآنية (ولا يفلح الساحر حيث أتى) ويقول إن هذا الاستدلال لم يستدل به أحد من العلماء السابقين لعلمهم بأن هذا لا يدل على ما يقولون لا من قريب ولا من بعيد.. فإن كان قصدهم الفلاح بالآخرة (وهذا هو المقصود) فنحن نتفق أن الساحر لا يفلح وأن عمله باطل.. وإن كانوا يقصدون لا يفلح بمعنى انه لن ينجح في العلاج وحل السحر فنقول لهم: القرآن يكذب هذا المعنى الذي يقولون به، فالله عز وجل يقول (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) فيحصل منهم التفريق والواقع يؤكد أن السحرة ينجحون في هذا التفريق كما انهم ينجحون في حله. وبالتالي لا يمكن ان تفسر تلك الآية بأن الساحر لا ينجح في حل السحر لأن هذا مصادم للقرآن وللواقع. وبسؤال الشيخ العبيكان حول تطبيقه لفتواه في حال أن سحر أحد أقاربه، قال: «نعم.. إذا وجدت أن الضرورة تقتضي أن يعالج قريبي وأن يفك سحره لدى ساحر لا شك أنني لن أتردد.. لأنني مطمئن كل الاطمئنان إلى أن هذا الحكم صحيح ولا إشكال فيه».