أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد:


وقد فُسِّرَ هذا الظنُّ الذي لا يليقُ باللهِ، بأنه سبحانه لا ينصُرُ رسولَه، وأن أمْرَهُ سيضمحِلُّ، وأنه يُسلِمُه للقتل، وقد فُسِّرَ بظنهم أن ما أصابَهم لم يكن بقضائه وقدره، ولا حِكمة له فيه، ففسر بإنكارِ الحِكمة، وإنكارِ القدر، وإنكارِ أن يُتمَّ أمرَ رسوله ويُظْهِرَه على الدِّين كُلِّه، وهذا هو ظنُّ السَّوْءِ الذي ظَنَّهُ المنافقُونَ والمشرِكُونَ به سبحانه وتعالى في ‏(‏ سورة الفتح ‏)‏ حيث يقول‏:‏
{‏وَيُعَذِّبَ الْمُـنَافِقِينَ وَالْمُـنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً‏}‏ ‏
[‏الفتح‏:‏5‏]‏،



وإنما كان هذا ظنَّ السَّوْءِ، وظنَّ الجاهلية المنسوب إلى أهل الجهل، وظنَّ غير الحق، لأنه ظنَّ غير ما يليق بأسمائه الحسنى، وصفاتِهِ العُليا، وذاتِه المبَّرأة من كُلِّ عيبٍ وسوء، بخلافِ ما يليقُ يحكمته وحمدِه، وتفرُّدِهِ بالربوبية والإلهيَّة، وما يَليق بوعده الصادِق الذي لا يُخلفُهُ، وبكلمته التي سبقت لرسله أنه ينصُرُهم ولا يخذُلُهم، ولجنده بأنهم هُمُ الغالبون،


فمَن ظنَّ بأنه لا ينصرُ رسولَه، ولا يُتِمُّ أمرَه، ولا يؤيِّده، ويؤيدُ حزبه، ويُعليهم، ويُظفرهم بأعدائه، ويُظهرهم عليهم، وأنه لا ينصرُ دينه وكتابه، وأنه يُديل الشركَ على التوحيدِ، والباطلَ على الحقِّ إدالة مستقرة يضمحِلّ معها التوحيد والحق اضمحلالاً لا يقوم بعده أبداً، فقد ظنَّ بالله ظن السَّوْء.
</B>