( لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً )
يرتقي العبد بالصدقة أذا أخلص فيها لله ، ولم يرج بها نوال دعوة مكروب ، أو ثناء ، أو طلب شهرة ، أو تحصيل مطمع من زخرف الحياة ، فإذا تصدقت على فقير فلا تتصدق عليه لأجل أن يدعو لك ؛ بل أنفق عليه ابتغاء مرضاة الله ، لتكن في سلك المنظومين تحت قوله تعالى: " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ" [ البقرة207].


قال شيخ الإسلام-الفتاوى (11/111)-: في قوله تعالى: " وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا"[الإنسان8-9].


قال رحمه الله : ومن طلب من الفقراء الدعاء أو الثناء خرج من هذه الآية ، فإن في الحديث الذي في سنن أبي داود: (من أسدى إليكم معروفـًا فكافئوه ، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافئتموه).


ولهذا كانت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها - إذا أرسلت إلى قوم بهدية تقول للرسول : اسمع ما دعوا به لنا حتى ندعو لهم بمثل ما دعوا ، ويبقى أجرنا على الله.


وقال بعض السلف : ( إذا أعطيت المسكين فقال بارك الله عليك ، فقل بارك الله عليك ) . أراد أنه إذا أثابك بالدعاء فادعُ له بمثل ذلك حتى لا تكون اعتضت منه شيئـًا.


وقال أيضـًا-الفتاوى(1/55)-: ( ومن طلب من العباد العوض ثناء أو دعاء أو غير ذلك لم يكن محسنـًا إليهم لله).


فبين شيخ الإسلام أن الصدقة من أجل الدعاء لا يدخل صاحبها في قوله تعالى: "إنما نطعمكم لوجه الله".


فالمسلم يتصدق لوجه الله ، وما يحصل بها من تفريج الكروب وإزالة الهموم فهي ثمرات من ثمار الصدقة لوجه الله.(أ.هـ)