أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


شرح سلم الوصول في علم الأصول (4/ 4، بترقيم الشاملة آليا)
عرفنا أن توحيد الربوبية هو الإقرار الجازم، لا بد أن يكون جازمًا، ولا بد أن يكون إقرارًا بمعنى اعتقاد بالقلب يصحبه إقرار باللسان، فلا يكفي الاعتقاد فحسب، لماذا؟ لأنه من مقتضيات معنى لا إله إلا الله، فلا بد فيها من الإخبار، إذ الشهادة لا تحقق إلا بماذا؟ إلا بالإخبار، إذًا إقرار، ثم هذا الإقرار يكون جازمًا لا يقبل الريب والشك، لأنه منافٍ للتوحيد، الإقرار الجازم بأن الله وحده رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق للعالم، المحيي المميت، الرزاق ذو القوة المتين، لم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، لا راد لأمره، ولا معقب لحكمه، ولا مضاد له، ولا مماثل، ولا سميّ، ولا منازع له في شيء من معاني ربوبيته ومقتضيات أسمائه وصفاته. هذا ذكره في التيسير ((تيسير العزيز الحميد)) وهو مفصل للمراد بتوحيد الربوبية، والمشهور أن توحيد الربوبية هو إفراد الله تعالى بأفعاله، يعني الإيمان بأفعاله الواردة في الكتاب والسنة، والإيمان بأنه منفرد جل وعلا في هذه الأفعال، ولذلك قلنا: أن توحيد الربوبية يشتمل على أمور أربعة لا بد من إثباتها ولا ثَمَّ خلل في الاعتقاد.
الأول: إثبات الذات، أي الإيمان بوحدانيته في ذاته، تثبت ذاتًا وأنها واحدة لا ثاني لها، هذا أولاً، لا بد منه، ومن هنا قلنا عبارة المصنف فيها قصور، لماذا؟ لأنه اختص بالنوع الأول فحسب، (إثْبَاتُ ذَاتِ الرَّبِّ جَلَّ وعَلاَ) هل توحيد الربوبية هو إثبات الذات فحسب؟ الجواب: لا، وإنما إثبات الذات مع إثبات الأفعال، مع الإيمان بالقضاء والقدر، مع إفراده جل وعلا في كل ذلك، لا بد من أربعة أمور:
أولاً: إثبات الذات.
الثاني: الإيمان بأفعال الله تعالى العامة كـ: الخلق، والرَّزق، والتدبير، والملك، والإحياء، والإماتة، ونحو ذلك.
ثالثًا: الإيمان بقضاء الله وقدره، إذ هو من توحيد الربوبية.
رابعًا: إفراده تعالى فيما ذُكر.
شرح سلم الوصول في علم الأصول (4/ 5، بترقيم الشاملة آليا)
لا بد منه، لماذا؟ لأن التوحيد الربوبية، هو توحيد، وعرفنا أن التوحيد مصدر وَحَّدَ يُوَحِّدُ تَوْحِيدًا، وعرفنا أنه مأخوذ ومشتق من الوحدة، حينئذٍ الوحدة ما هي؟ الانفراد، إذًا كل أنواع التوحيد الثلاثة لا بد أن يكون ماذا؟ أن يكون فيه إفراد، والإفراد لا يتحقق في أنواع التوحيد الثلاثة إلا بالإثبات والنفي، لا بد أن يُثبت وأن ينفي، كيف تثبت؟ تثبت أن الله تعالى خالق جل وعلا، هل إثبات كون الله تعالى خالقًا هكذا ونكتفي، هل هذا توحيد الربوبية؟ الجواب: لا، لا بد أن تثبت أنه الخالق على ما جاء في الكتاب والسنة، يعني: على المعنى الذي أراده الله عز وجل دون تحريف، ثم تفرده، بمعنى أنك تعتقد أنه لا شريك له في هذه الصفة، هكذا في سائر الصفات، إذًا لا بد فيه من الإفراد، فلا يتحقق الإفراد إلا بإثباتٍ ونفي، لا بد من اجتماعها كلها، ولذلك فتوحيد الربوبية هذا من إضافة العام إلى الخاص، لأن التوحيد أعم من الربوبية، إذ يصدق على توحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، حينئذٍ المعنى اللغوي، أو المعنى الشرعي وهو اعتقاد أن الله واحد لا شريك له، لا بد أن يكون موجودًا في جميع مفردات توحيد الربوبية، إذًا هذه أربعة أمور لا بد أن ينتظمها توحيد الربوبية وإلا كان فيه خللاً، ولذلك عبارة الناظم فيها شيء من الخلل.
وبينا فيما سبق أن الربوبية على نوعين: ربوبية عامة، وربوبية خاصة. مما يذكر هنا فيما يتعلق بالأقسام أن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، إذا آمنا بتوحيد الربوبية على ما ذُكِر، على الوصف السابق حينئذٍ يستلزم ماذا؟ يستلزم توحيد الألوهية، بمعنى أنه إذا جاء بتوحيد الربوبية على الوجه الشرعي الذي أمر به من جهة الشرع لزم منه أن يوجد توحيد الألوهية، فإذا انتفى توحيد الألوهية كان ذلك خللاً في توحيد الربوبية، هذا معنى الاستلزام، ولذلك يقال كذلك: توحيد الربوبية دليل على توحيد الألوهية، وكم من آية يستدل الله عز وجل على أنه هو المعبود الحق بما كان في الكون من الخلق وغير ذلك، توحيد الربوبية يعتبر ملزومًا، وتوحيد الألوهية يعتبر لازمًا، توحيد الربوبية دليل، وتوحيد الألوهية مدلول عليه، وهذا كله مأخوذ من الكتاب والسنة.
حينئذٍ سؤال دائمًا نطرحه هل دعت الرسل إلى توحيد الربوبية؟
الجواب: نعم، خلافًا لما يظنه البعض من طلاب العلم.
السؤال الآخر، لأن بالأسئلة الجواب يكون معينًا هذا من فوائد الأسئلة.
هل دعت الرسل إلى توحيد الربوبية؟
الجواب: نعم.
هل أرسلت وبعثت الرسل من أجل توحيد الربوبية؟ الجواب: لا.
اتضحت الفائدة؟
هل دعا الرسل إلى توحيد الربوبية؟
نعم قطعًا، دعت الرسل إلى توحيد الربوبية، ما أُرسل الرسل إلا من أجل التوحيد بأنواعه الثلاثة، فعلَّمُوا الناس وأقاموا الحجة على الخلق ببيان الأنواع الثلاثة، لكن هل أرسلت الرسل والأنبياء من أجل توحيد الربوبية؟
الجواب: لا، وإنما أرسلوا من أجل تحقيق لا إله إلا الله.
شرح سلم الوصول في علم الأصول (4/ 9، بترقيم الشاملة آليا)
انتبه - الأسماء الحسنى الوصف هنا بالحسنى، هل الْحُسْنُ راجع إلى الألفاظ، أو إلى المعاني؟
يقول ابن الوزير: وذلك أن الحسنى من صفات المعاني، فكل لفظ له معنيان: حَسَنٌ، وَأَحْسَن. فالمراد الأحسن منها حتى يصح جمعه على حُسْنَى، ولا يفسر بالْحَسَنِ منهما إلا الأَحْسَنُ بهذا الوجه.