كان ابن جحا يخشي دائما كلام الناس، ولا يريد ان يفعل شيئاً لا يعجبهم، وأراد أبوه أن يقنعه بأن رضاء الناس شيء مستحيل، فأحضر حماره وركب فوقه، وطلب من ابنه أن يسير وراءه ومرا في طريقهما علي مجموعة من النساء، ونظرن إليه في غضب شديد وصرخن في وجهة، وقالت له واحدة: "أيها الرجل، أليس في قلبك رحمة، تركب الحمار وتترك ابنك الضعيف يسير علي قدميه؟" نزل جحا من علي الحمار، وأركب ابنه فوقه، ومشي هو وراءه، وما ان سار قليلاً حتي قابله مجموعة من الشيوخ، فنظروا إليه يضربون كفا بكف ويقـولون: " هل رأيتم عقوق الأبناء.. لهذا يفسد الأبناء.. كيف أيها الشيخ تمشي وأنت في هذه السن، وتترك ابنك يستريح فوق الحمار؟ . هل تنتظر منه بعد ذلك أن يتعلم الأدب والحياء؟"
نظر جحا إلي ابنه وقال: هل سمعت؟ هيا نركب الحمار معاً وسار الموكب، الحمار وفوقه جحا وابنه، فمروا علي جماعة من أصدقاء جحا.. فصرخوا فيهما: " ألا تخافان الله.. كيف تركبان أنتما الاثنان هذا الحمار الهزيل؟.. ألا تعرفان أن كلاً منكما به من اللحم والشحم ما يزيد علي وزن الحمار؟ قال جحا لابنه: هيا ننزل من علي الحمار ونسير علي أقدامنا ويسير الحمار أمامنا، فلا تغضب منا الناس، ولا الشيوخ ولا الأصدقاء، وفي هذه اللحظة رآهم بعض الأولاد وقالوا ضاحكين: الواجب أن يحمل الرجل وابنه الحمار.
فتحول جحا إلي شجرة ونزع منها غصناً قوياً متيناً وربط فيه الحمار، ووضع طرف الغصن علي كتفيه والطرف الآخر علي كتف ابنه، وسارا يحملان الحمار.. ورآهم الناس، فاخذوا يجرون وراءهم مهللين ضاحكين، حتي اجتمعت حولهم البلدة كلها، وأخيراً وصلت الشرطة وفضت الزحام، وأخذت جحا وابنه إلي مستشفي الأمراض العقلية.. وهنا نظر جحا إلي ابنه وقال: هل رأيت يا بني هذه آخر عاقبة من يحاول إرضاء كل الناس
يعني لا أحد يحاول يرضي كل الناس
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ