أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


مناهج المحدثين في كتب الزوائد

الزوائد :

المراد الأغلب في هذا الاستعمال عند المخرجين وعلماء الحديث ، ولا سيما من تأخر منهم ، هو الأحاديث الزوائد أي التي تفرد بروايتها بعض الكتب المسندة دون كتب أخرى مسندة أيضاً ؛ أي هي الأحاديث التي يزيد بها بعض كتب الرواية على بعض آخرَ معيَّنٍ منها؛ والغالب أن تكون تلك الكتب التي تجمع زوائدها ، أو الزوائد عليها ، من الأصول والأمّات.

ترى العلماء يقولون أحياناً : (هذا الحديث من زوائد البخاري على مسلم) ، أو يقولون : (هو من زوائد أبي داود على الصحيحين) ، مثلاً ، ومعنى ذلك في الحديث الأول أنه أخرجه البخاري دون مسلم ، وفي الحديث الثاني أنه أخرجه أبو داود دون الشيخين .

وقد اشتهر هذا الاسم (الزوائد) حتى كاد أن يكون عند المتأخرين والمعاصرين عَلَماً على فرع من علوم الحديث هو (علم الزوائد) ، وبذلك صارت كلمة (الزوائد) أهلاً لأن تدخل في جملة مصطلحات المحدثين .

وقد أفرد العلماء ولا سيما ممن تأخرت عصورهم زوائد كتب كثيرة ، بالتأليف ؛ وتعرف باسم كتب الزوائد.

وكتب الزوائد متباينة في مادتها ، فمنها ما أفرد لزوائد كتاب واحد ، ومنها ما جَمع زوائد أكثر من كتاب .

فمن الصنف الأول ما يلي:

زوائد مسلم على البخاري .

زوائد أبي داود على الصحيحين .

زوائد الترمذي على الثلاثة : البخاري ومسلم وأبي داود.

زوائد النسائي على الأربعة المذكورين.

زوائد ابن ماجه على الخمسة المذكورين.

استخرج هذه الزوائد الخمس ابن الملقن ، وشرحها في خمسة كتب ، ولكنها احترقت قبل موت مصنفها ، وقد ذكر ابن حجر أنه كان رآها قبل احتراقها .

زوائد ابن حبان على الصحيحين ، لمغلطاي بن قليج الحنفي (ت762هـ).

موارد الظمآن في زوائد ابن حبان ، أي على الصحيحين ، للهيثمي ، وأحاديثه نحو من (2647) حديثاً.

مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه ، أي على الكتب الخمسة ، للبوصيري رحمه الله.

وهو من الكتب المحررة المتقَنة، وفيه كلام على الأحاديث ورواتها.

فوائد المنتقي لزوائد البيهقي ، أي في (سننه الكبرى) ، على الكتب الستة ، للبوصيري أيضاً.

زوائد مسند البزار على مسند أحمد والكتب الستة ، لابن حجر العسقلاني .

وأصل هذا الكتاب هو (مجمع الزوائد) لنور الدين الهيثمي ، أخذه ابن حجر فحذف منه الأحاديث المروية في مسند الإمام أحمد ؛ وزاد على ذلك أموراً أهمها ما يلي :

أ- حذف الإسناد المكرر ، بتمامه ، ويبدله بقوله (بهذا الإسناد).

ب- اختصار المتون المكررة أو المطولة ، اختصاراً غير مخل.

ج- تقطيع الحديث الطويل ، وتوزيعه على أبوابه ، بحسب موضوع كل قطعة؛ ويشير في كل موضع إلى تمامه في الموضع الآخر.

د- الاستدراك على البزار وعلى شيخه الهيثمي عند الحاجة ، باقتضاب شديد.

هـ- توضيح كلام البزار في تعليقاته عند الحاجة.

و- الحكم على بعض الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً.

غاية المقصد في زوائد المسند ، أي مسند أحمد ، على الكتب الستة ، للهيثمي .

وقد رتبه الهيثمي على الأبواب والتزم فيه ذكر الأسانيد ؛ وقال في خطبته :

(ذكرتُ فيه ما انفرد به الإمام أحمد رضي الله عنه ، من حديث بتمامه ، ومن حديث شاركهم فيه أو بعضَهم، وفيه زيادة عنده ؛ فربما فصلتُ الزيادة بأن تكون في أول الحديث وهو طويل، فأذكرها ثم أقول : فذكره ؛ وربما كانت في آخره ، وهو طويل جداً ، فأذكر أول الحديث ، ثم أقول : إلى أن قال كذا وكذا.وربما ذكرتُ الحديثَ ونبهتُ عليها.وربما سكتُّ لوضوحها عندي.

كشف الأستار عن زوائد البزار ، للهيثمي أيضاً ؛ وهو مطبوع بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي ، في أربعة أسفار ؛ ولكن تحقيقه وتخريجه لم يكونا من الدرجة الفائقة.وعدد أحاديث النسخة المطبوعة (3698).

المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي ، عليها أيضاً .

وهو مطبوع ؛ وقد بين الهيثمي منهجه فيه في خطبته فقال :(---- فذكرت فيه ما تفرد به عن أهل الكتب الستة ، من حديث بتمامه ، ومن حديث شاركهم فيه ، أو بعضهم وفيه زيادة

وأنبّه على الزيادة بقولي : (أخرجه فلان خلا قوله كذا) أو (لم أره بتمامه عند أحد منهم)، ونحو هذا من الفوائد.

وربما ذكر الإمام أبو يعلى بعضَ الحديث أحياناً ، ثم يقول : فذكره ، أو ذكر نحوه ؛ فإذا ذكرتُ ذلك أقول : قال : فذكره.

وما كان من ذلك ليس فيه (قال) فهو من تصرفي.

وما كان من ذلك رواه البخاري تعليقاً ، والنسائي في (الكبير) ذكرتُه ؛ وما كان في (النسائي الصغير) المسمى بالمجتبي ، لم أذكره).

البدر المنير في زوائد المعجم الكبير ، للهيثمي أيضاً .

جمع فيه زوائد (معجم الطبراني الكبير) على الكتب الستة ؛ وهذا الكتاب كان في حكم الكتب المفقودة ، ولا أدري مصيره اليوم.

وللهيثمي أيضاً (مجمع البحرين في زوائد المعجمين) جمع فيه زوائد معجمي الطبراني (الأوسط) و(الصغير). ثم جمع الهيثمي هذه الزوائد الستة كلها في كتاب واحد محذوف الأسانيد سماه (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد) .

بغية الباحث عن زوائد الحارث ، للهيثمي أيضاً. وقد صنفه - هو وسائر كتبه في الزوائد - بأمرِ شيخه زين الدين العراقي .

وهناك جهود معاصرة في هذا الباب ، منها :

تشنيف الآذان بسماع الزائد على الستة عند ابن حبان ، لعبد السلام محمد علوش ، المكتب الاسلامي ، بيروت ، ط1 ، 1416هـ ، في مجلدين.
زوائد الأجزاء المنثورة على الكتب الستة المشهورة ، لعبد السلام محمد علوش ، المكتب الإسلامي ، ط1 ، 1416هـ . تضمن (1169) حديثاً.
زوائد تاريخ بغداد على الكتب الستة ، للدكتور خلدون الأحدب ، دار القلم ، دمشق ، 1417هـ .طبع في عشرة مجلدات ، وفيه (2223) حديثاً.
إرشاد القاري إلى أفراد مسلم عن البخاري ، لعبد الله بن صالح العبيلان ، طبع في دار غراس بالكويت ، سنة 1423هـ. وبلغت زوائد مسلم على البخاري فيه (1156) حديثاً.
تلبية الأماني بأفراد الإمام البخاري ، لعبد الكريم بن أحمد العمري الحَجُوري.الفاروق الحديثة - مصر ؛ مكتبة صنعاء الأثرية - اليمن ؛ ط1 (1424هـ).وبلغت زوائد البخاري على مسلم بحسب ما ورد في هذا الكتاب (813) حديثاً.
زوائد الأدب المفرد على الصحيحين ، لمحمد بن محمود الإسكندري .طبعته دار ابن حزم ، بيروت ، سنة 1423هـ؛ وبلغ عدد أحاديثه (500) .
الحافظ ابن الجارود وزوائد (منتقاه) على الأصول الستة ، لمقبل بن مريشيد الحربي .طبعته أضواء السلف ، الرياض ، سنة 1425هـ. وعدد الزوائد فيه (26) حديثاً فقط.
نفح المواسم من زوائد أبي عبد الله الحاكم ، لعبد السلام محمد علوش ، ولا أدري أطبع أم لا
وأما كتب الصنف الثاني فمن أجمعها وأنفعها هذان الكتابان :

الأول : (إتحاف الخِيَرَة المهَرة بزوائد المسانيد العشرة) ، أي على الكتب الستة ، للحافظ أحمد بن أبي بكر البوصيري (ت 840هـ) .

والمسانيد العشرة هي : مسند الطيالسي ، ومسدّد ، والحميدي ، وإسحاق بن راهويه(1) ، وابن أبي شيبة ، والعدني ، وعبد بن حميد ، والحارث بن أبي أسامة ، وأحمد بن منيع ، ومسند أبي يعلى الكبير . ورتب أحاديثها على ترتيب كتب الأحكام .وتكلم البوصيري على طائفة كبيرة من أحاديث كتابه هذا.قال عبد السلام محمد علوش في (علم زوائد الحديث) (ص254) : (وللشيخ البوصيري رحمه الله طريقته في الإيراد والتعاليق والكلام على الحديث بما لا يبعد عن طريقة الشيخ الهيثمي رحمه الله ، من حيث الأصل ، ولكن بزيادة تدقيق ، وبسطِ كلام على صحة الحديث وضعْفه ، بما لا تجده على نحوه عند الشيخ الهيثمي).ويوجد للكتاب نسختان :

الأولى : مسندة ، أتمها سنة 823 هـ ؛ وهي مطبوعة .

والثانية : مجرّدة من الأسانيد ، أتمها سنة 832 هـ .

الثاني : (المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية) ، أي على الكتب الستة ومسند أحمد ، للحافظ ابن حجر العسقلاني (ت : 852هـ) .

وابن حجر إنما جمع في كتابه هذا زوائد تسعة مسانيد هي (المسانيد العشرة) التي جمع زوائدها البوصيري في (إتحاف الخيرة المهرة) باستثناء مسند أبي يعلى ، فإن ابن حجر لم يذكر زوائده في (المطالب العالية) ، لأنه اكتفى بورود زوائده في (مجمع الزوائد) لشيخه الهيثمي ، مثلما اكتفى بذلك عن زوائد مسند البزار ومعجم الطبراني الكبير، وهو مسند أيضاً.

ولكن ابن حجر تتبع ما فات الهيثمي من مسند أبي يعلى الكبير فإن فيه أحاديث زائدة على الرواية المختصرة ، فأدخلها في (المطالب العالية).

وكذلك لم يعد ابن حجر في كتب الزوائد مسندَ إسحاق بن راهويه لأنه لم يذكر في (المطالب العالية) زوائده كاملة ، فإنه لم يقف منه إلا على نحو نصفه، فذكر زوائد ذلك القدر الذي وقف عليه.

والحاصل مما تقدم أن حقيقة مجموع ما تتبعه ابن حجر في تصنيف هذا الكتاب هو عشرة دواوين .وكان ابن حجر قد وقف على قطع من عدة مسانيد مثل : مسند الحسن بن سفيان ، ومسند الرّوياني وغيرهما ، ولكنه لم يدخل زوائدها في (المطالب العالية) ، لأنه كان ينوي أن يعود بعد أن يفرغ من (المطالب العالية) فيتتبع زوائدها ويضيف إليها الأحاديث المتفرقة من الكتب التي على فوائد الشيوخ ونحوها.ورتب ابن حجر كتابه على كتب الأحكام قريباً من ترتيب (إتحاف الخيرة) و(مجمع الزوائد).

وقد طبع (المطالب العالية) مؤخراً أكثر من طبعة .

منها طبعة غنيم بن عباس وياسر بن إبراهيم .

ومنها طبعة دار الكتب العلمية ، وبهامشها (إتحاف المهرة) .

ومنها طبعة جامعة الإمام محمد بن سعود ؛ فقد حُقق (المطالب العالية) في عدة رسائل علمية ، في الجامعة ، ثم جمع تلك الرسائل ونسقها الدكتورُ سعد الشثري ، وبدأ بطباعتها في سنة 1419هـ .

ويوجد لهذا الكتاب نسخة مجرّدة من الأسانيد ، كشأن (إتحاف المهرة) ، وقد نشرها الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في أربعة مجلدات .

وتظهر أهمية (المطالب العالية) و(إتحاف الخيرة المهرة) أنهما حفظا علينا زوائد بعض كتب الحديث المسندة التي فقدت ، مثل مسند العدني وأحمد بن منيع والحارث بن أبي أسامة .

وأما كتاب الهيثمي (مجمع الزوائد) فأصوله باقية والحمد لله ؛ ثم هو مع ذلك محذوف الأسانيد ، وبذلك فإنه قد لا يرتقي في أهميته عند الباحثين ، إلى منزلة هذين الكتابين.

وقد استخرج بعض الباحثين زوائد (مصنف عبد الزاق) على الكتب الستة ، فبلغ عدد الزوائد : أربعة عشر ألف حديث ؛ ولكن القدر المرفوع من هذه الزوائد بحسب استقراء باحث آخر يقارب خمسها فقط والباقي آثار غير مرفوعة .

زوائد - أو زيادات - الرواة في الأصول :

قد يُلحق بعض رواة الكتب في الأصل ما ليس منه ، مع تمييزه بذكر الإسناد ؛ وقد حفلت بعض الكتب بزيادات كثيرة ، كزيادات عبدالله في مسند أبيه الإمام أحمد ، وفي كتاب (الزهد ) له ، وكزيادات رواة (الزهد) لابن المبارك فيه ، وكذلك هناك بعض الزيادات في بعض الكتب الستة ، كزيادات أبي الحسن القطان في (سنن ابن ماجه) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في (فتح الباري) (12/151) : (عادة الحفاظ إذا وقع لهم الحديث عالياً عن الطريق التي في الكتاب المروي لهم يوردونها عالية عقب الرواية النازلة ، وكذلك إذا وقع في بعض أسانيد الكتاب المروي خلل ما من انقطاع أو غيره وكان عندهم من وجه آخر سالماً أوردوه ) .

منقول