رموز وهمية هي ,, ثالثة الأثافي

إذا أردت أن تعرف لماذا تصاب بعض المجتمعات بالكساح الحضاري والثقافي والمعرفي , فابحث عن التعليم , التعليم هو الوعاء الثاني وربما الفاعل والمشكل لكينونة الإنسان في أي مجتمع , فالوعاء الأول هو المنزل , ومن خلاله يتلقى الطفل أبجديات الحياة في عالمه الخاص والداخلي , ثم يخرج للعالم الخارجي في أولى خطواته عبر المدرسة , ومن المدرسة تبدأ عملية تهذيب وتعديل ما علق بذهنه من أمراض وتشوهات , ربما , اكتسبها من وعائه الأول , والحديث عن هذا الوعاء لا نهاية له , وربما يطول ما طالت بنا الحياة , ولكننا مطالبون وخاصة ( ممن هم ممارسون وواقعون في خضم هذا الوعاء ومسئولون عن سكب عقول الناشئة عبر دهاليزه المتشعبة ) بطرح ولو جزء يسير حول مرئياتنا عنه , ربما لنساهم ولو بلبنة لبناء قاعدة ( ذات زمن ) تصحح مسار هذا الوعاء وتضيف غليه تجارب ومقترحات تساعد أصحاب القرار في بناء مستقبل أفضل .
وعبر هذه ألـــ(وجهة نظر الخاصة) أطرح ألــــ( أثفية ) الأولى والأهم :
التربية و التعليم :
للأسف لم يعد للتربية مكانة بارزة تذكر (رغم تصدرها لذلك المسمى) من توجيه لسلوك الناشئة في المدارس , وأصبحت العملية لا تعدوا كونها عملية (حشو) للمعلومات وتجارب متتالية للتطوير المستمر تفتقر في غالبها للواقعية وتلمس الاحتياجات الحقيقية وعدم إشراك صاحب الكلمة الأولى في هذه الجزئية (المعلم) غالبا في أخذ مرئياته وخبرته المكتسبة من خلال التعامل المباشر مع الطلاب (جيل المستقبل) , والإشارة هنا تحتاج للمئات من الصفحات لتفصيلها , ولكن المؤكد أن جيل اليوم يفتقد لمنهج واضح وصارم ليمازج التربية بالتعليم في مدارسنا .
والقصور هنا ولا شك , يكمن في قلة أو ضعف الدراسات من قبل القائمين على العملية التعليمية في تفعيل دور التربية في المدارس , ثم ينتقل هذا الضعف أو حتى التهاون والتراخي في تفعيل القرارات المعنية (على قلتها) من بعض القائمين على العملية التعليمية ابتداء من مدير المدرسة (القائد التربوي) ومرورا بالمرشد الطلابي وانتهاء بالمعلم (الذي فقد كل أداة يمتلكها في تفعيل عنصر التربية غير إمكاناته الشخصية التي تعتمد على الفروقات الفردية بين المعلمين في إدارتها ) .
وكما قلت سابقا , هذه العناصر تحتاج لتفصيل أكثر دقة , وتقريبها أكثر للمتابع العادي , وربما يأتي يوم نجد هذه التفاصيل متوفرة .
ثم نأتي للشق الثاني (التعليم) :
وهو أكثر تعقيدا من الأول , فهو المحور الأساس والركيزة الأولى لتواجد الطالب في المدرسة , والذي وضعت فيه الدولة كل ثقلها من تخصيص لميزانيات فلكية واهتمام بالغ لتمكينه من نقل أجيالنا الواعدة نحو غد مشرق .
ولن أتجرأ أبدا لقول أنني سأوفي هذا العنصر ولو جزء لا يكاد يرى من أحقيته الواقعية , ولكنها مجرد أفكار عابرة تحتاج للنقد مرة وللتصحيح مرات , ولكل عنصر من عناصر هذه الإشكالية همومه وتفاصيله التي لا تنتهي مثل :
- تأهيل المعلم ابتداء لحمل هذه المسئولية العظيمة .
- تطويره والوقوف بجانبه وتذليل كافة العقبات التي قد تعيقه عن أداء مهامه .
- تزويده بكل وسائل التقنية التي تتواكب مع طرق توصيل المعلومات الحديثة .
- منحه قدر كافٍ من الثقة بالنفس , وحفظ كرامته أمام الطلاب وأولياء أمورهم والمجتمع .
- اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب , وعدم الاكتفاء بالشكليات والعلاقات الخاصة أو التقيمات السقيمة العابرة عند توكيله بمهام حيوية ومؤثرة وفاصلة للمرحلة التعليمية المناسبة خاصة (المرشد الطلابي ومسئولي النشاط وغيرهم ) .
- تفعيل ( مراكز ومصادر التعلم ) في المدارس لاستخلاص المردود الثقافي والتربوي من إنشائها , وعد الاكتفاء بوجودها كشكل (ديكوري) جامد لا فائدة منه , وتأهيل الأمناء لها تأهيلا حقيقيا وليس شكليه مثل ( دورة شبكات في ثلاثة أيام ولمدة ساعتين في اليوم , ودورة تصتيف "ديوي" خلال أسبوع , وهي معارف تؤخذ خلال سنوات وتحضر لها الماجستير والدكتوراه .
- اختيار مشرفين تربويين مؤهلين تأهيلا حقيقيا (وليس بالواسطة , كمشرف تقنيات لا يعرف كيف ينقل صور الكاميرا لجهاز الكمبيوتر و أو مشرف تقنيات لا يتقن التعامل مع برنامج الباور بوينت , أو آخر لا يعرف أبجديات البحث في الشبكة ) أو إرسال مشرفين ربما على مدى سنوات وهو لا يحمل غير سؤالين ( كم طاولة لديك ؟ كم جهاز كميوتر لديك ) , والحديث يطول ويطول ويطول , ( وربما يأتي وقت سأفصل في كل ذلك ) .
- مراقبة مدرسي المراحل الأولية (الأول والثاني والثالث) مراقبة يومية دقيقة , لكونهم الشرارة الأولى لانطلاق أو تعثر الطالب عبر حياته الدراسية كاملة .
- خلق فصول علاجية خاصة لتلافي القصور الفاحش في مستوى طلاب المراحل العليا (الرابع والخامس والسادس ) والذي قد يدفع ثمنه معلمي هذه المرحلة على حساب القصور السابق من غيرهم , فمن غير المقبول أن تطلب من معلم الفصول العليا أن يحقق إنجازا في تجاوز مهارات المرحلة وهو يصطدم بعوائق المهارات السابقة للطالب , فلا هو حقق إنجازا في تجاوز مهارات مرحلته ولا هو وجد وقتا لمعالجة قصور المهارات السابقة .
- معالجة أوجه القصور الواضحة تربويا وإداريا في بعض المدارس (إذا لم نقل معظمها ) , من اهتمام بالمتابعة ودخول وخروج من الحصص وعدم التغيب قبل انتهاء الفصل رسميا وغيرها من الأمور الكثيرة .
- وربما من أخطر العناصر , هو عشوائية التقييم , والاكتفاء (بتقييم أتقن) هروبا من هموم المتابعة والمساءلة وتوضيح الصورة الحقيقية لمستوى الطالب , والذي يعتبر السبب الرئيسي في تردي مستوياتهم التحصيلية التراكمية عبر سنواتهم المختلف , إن هذه الجزئية هي أخطر ما يواجه جيلنا الحالي والقادم من حيث تردي مستوياتهم التحصيلية , وهو عدم تحري الدقة في التقييم و والغريب والأغرب , رضا وابتهاج القادة التربويين لهكذا نتائج , والتي تحسب لهم كمستوى متقدم من تحقيق نتائج نجاح بمعدلات عالية , وللأسف جلها معدلات كاذبة وهمية متهربة من مسئولية التقييم الصحيح والدقيق والذي ساهم فيه كثيرا الخلل الفاحش والقاتل المكتسب من المراحل الأولي .
- إعادة النظر في (كامل) نظام الإشراف التربوي وطرق عمله , ومراجعة شاملة ودقيقة ومفصلية لاختيار وأداء المشرفين التربويين ومستوياتهم الثقافية العامة وكيفية توجيهها لمفاصل عملهم , ووضع أولويات محددة ودقيقة لما هو مطلوب منهم , وتكليفهم برفع تقارير شهرية دقيقة (خاصة) لأداء معلمي المراحل الأولية , والتأكد بشكل مباشر ودقيق ومفصل لمستوى كل طالب على حدة في نهاية كل شهر دراسي ( ولو عن طريق تخصيص كادر تربوي لهذه المهمة , لما لها من أثر بالغ وخطير في تردي كل ما يتبعها من مراحل ومشاكل وتراكمات خطيرة تعيق المعلم والطالب في القيام بما هو مطلوب من كل منهم بعد ذلك ) .

- البيئة الدراسية !!!

فلو تجنبنا الحديث عن المدارس المستأجرة والتي لا يمكن توافقها مع ابسط قواعد التحضر البشري وتقديم أدنى المستويات المساعدة لتهيئة بيئة تعليمية سليمة , إلا أننا سنتجاوزها لمدارسنا الحكومية الحديثة , هذه المدارس وباطلاع سريع لما وصلت إليه مدارس الأمم المتقدمة تعليميا , ربما وكملاحظة سريعة , لم تصمم لتشتمل على معامل مجهزة كاملة منذ إنشائها , ولكننا نجبرها على التأقلم مع تلك المعامل التي نحتاجها لا حقا , ولو ذكرنا بعض تلك المعمل لذكرنا منها :
- معمل للغة الإنجليزية .
- معمل للرياضيات .
- معمل للعلوم ومختبراته المجهزة على أحدث التقنيات .
- معمل للقرآن الكريم .
- معمل للغة العربية .
- مركز مصادر التعلم .
- معمل خاص لصعوبات التعلم والطرق العلاجية للمتأخرين دراسيا .
- معمل للتربية الفنية .
- قاعات للتربية البدنية مجهزة تجهيزا حديثا , مع ملاعب آمنة وصحية .

إن إلقاء الأوصاف والمراتب والدرجات , والاهتمام بالشكليات والمجاملات , لن يخلق جيلا واعيا مثقفا متحضرا ,, وهي مسئولية ملاقاة بالكامل على مشرفي مراكز التربية المختلفة , فمستويات الطلاب تأتي في المقدمة على أي اعتبارات أخرى شكلية وجمالية وتجاملية , فالفصول الدراسية لأي بيئة تعليمية حديثة تكون خالية من أبسط متطلبات التطوير المعرفي ونقصد به ( البرجكتور والاتصال الشبكي في كافة المراحل وخاصة العليا منها ) , يأتي قبل منح الألقاب كـــ(رائدة ونموذجية وضمن مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم ) , ينبغى تقييم الفصول الخالية من هذه المبادئ الأولية لتوفير بيئة تعليمية فاعلة " كفصول بدائية غير صالحة للعملية التعليمية " ( وهنا لا يعني بالضرورة أننا نقصد مدارس بعينها ولكن الأمر ينسحب على كافة مدارس الوطن ) .

وهذا الرابط يشير إلى جزئية أخرى :
ركن .. قصي - الصفحة 29 - جسد الثقافة

وهذا الرابط :
ركن .. قصي - الصفحة 29 - جسد الثقافة

وينبغي لإدارات التعليم وضع هذه الجزئية في قائمة اهتماماتها للعام الدراسي القادم .

هذه على عجالة , وكما نسمع فإن ميزانية التربية والتعليم تكفي لكل هذه التحديثات كما يبدو .

الحديث هنا لا ينتهي ولكنها نقاط عامة , وربما فاتني الكثير , وربما للحديث بقية .

ألــــ( أثفية ) الثانية المجتمع :
لنتذكر أن محور حديثنا عن الكساح الحضاري الذي يصيب بعض المجتمعات , وهنا نأتي على (الأثفية) الثانية التي تعتبر سبب مباشر في ظاهرة ألــــ(كساح الحضاري) :

المجتمع , نعم المجتمع الذي تعود على السقطات الحضارية والتي نشاهد أخبارها عبر الصحف الورقية والألكترونية (إلا من رحم ربي ) , فقد تعود (البعض منا ) على أخبار الفساد وسرقة المال العام , وتعودنا على العنصرية الأممية والقبائلية والدينية , والقذف والاتهامات والتكفير , وأصبحنا نتلقى من تلقي به النوافذ الألكترونية من فضائيات وتويتر وفيسبوك ومنتديات على أنها ( حقائق لا شك فيها ) , وكأننا أمة خرجت من ظلمات الجهل لفضاء المعرفة فجأة وعلى غير موعد ليختلط الحابل بالنابل لدينا , نعم لقد أصبحنا رهناء للإعلام بكافة أشكاله وطرقه .
وفي ظل كل ذلك اختفت القدوة الصالحة لأجيال اليوم وشبابه , وتركنا لهم السوق الفضائي ليتخيروا الصالح والطالح بلا رقيب ولا موجه , فظهرت بيننا عقول تائهة ونفوس ضائعة مضطربة , فتارة تنحو نحو أقصى اليمين وتارة ترتمي يسارا بكل جنوح .
المجتمع بكل أطيافه وفعالياته , يركب سفينة واحدة , ربما يسود سطحها الهرج والمرج والتجاذب والتنافر والاختلاف والوحدة , ولكنها إذا غرقت غرق جميع من عليها .

من يأخذ هذه ألـــ(سفينة) نحو شواطئ النجاة ؟
إنها ألــ(الأثفية) الأولى " التربية والتعليم ,,, والتربية قبل التعليم ) التي تعتبر هي القاعدة الصلبة , التي إذا صلحت صلح بها المجتمع , وإذا فسدت فسد معها المجتمع ,

أما ما يأخذها لبر الأمان فهي ألــ(الأثفية الثالثة) :
رموز المجتمع
( تعليما وثقافة وتحضرا وسلوكا وأمانة ,,, وليس زيفا وخداعا ) ...

هنا (ربما اكتفي بهذا الرابط الذي طرحت فيه وجهة نظري عن بعض تلك الرموز :
ط³ظ‚ط·ط© ط*ط¶ط§ط±ظٹط© ط¨ظ‚ظ„ظ…:ط¹ط§ط¯ظ„ ط¨ظ† ظ…ظ„ظٹط* ط§ظ„ط£ظ†طµط§ط±ظٹ | ط¯ظ†ظٹط§ ط§ظ„ط±ط£ظٹ
وهنا :
ركن .. قصي - الصفحة 30 - جسد الثقافة


هذه القيادات التي تقبع في بقعة الضوء المجتمعي , هي التي تقدم القدوة لنا وللجيل الحاضر وربما القادم .
ولكن أليس من السقوط الحضاري أن نصطدم بهذا الكم من تلك الرموز بهذه الحقيقة المرة المرعبة ؟
إن ألــ(بعض) منهم أصابونا في مقتل , وأصبح الحديث عنهم يجتذب إليه الأقلام , واستأثروا ببقعة ضوء كان أحق بها من يحملون مؤهلات حقيقة (وهم كثر والحمد لله) , ولكنهم أساؤوا لنا ولمجتمعنا قبل أن يسيئوا لنفسهم , وقدموا القدوة السيئة لكل متصيد , وزرعوا الإحباط وعدم الثقة في نفوس الشباب الذين وثقوا بهم وتسابقوا لنيل المعارف ( الزائفة ) منهم .
هنا يأتي دور رجال المجتمع المخلصين كمواطنين ومتابعين ومسئولين لإعادة الأمور لنصابها الصحيح , وتعريتهم بل من الواجب عقابهم على تلك الخيانة (الحضارية والوطنية والثقافية) لمجتمعهم .
إن المكاشفة والمصارحة بعيوبنا وأخطائنا تأتي قبل التصحيح وإعادة البناء , وسد تلك الثغرات الحضارية يأتي قبل متابعة المسير بعربة ثقبت عجلاتها .
.
.
نحن ,,,,,,,,, نستطيع ,,,,,,,,, لو أردنا ذلك