أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي ( وفقه الله) وهي بعنوان "احذروا من مشابهة النصارى في أعيادهم!" ، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها.

احذروا من مشابهة النصارى في أعيادهم!


الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد وعلى آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
لقد جاءت الشريعة الإسلامية الصافية والكاملة لكل مصالح الدين والدنيا بالنهي عن مشابهة الكفار حتى في عاداتهم الظاهرة،لأن المشابهة في الظاهر تورث الموافقة في الشعائر والباطن،والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"إن المشاركة في الهدى الظاهر تورث تناسبا وتشاكلا بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس فإن اللابس لثياب أهل العلم مثلا يجد من نفسه نوع انضمام إليهم واللابس لثياب الجند المقاتلة مثلا يجد في نفسه نوع تخلق بأخلاقهم ويصير طبعه مقتضيا لذلك إلا أن يمنعه من ذلك مانع ".اقتضاء الصراط (1/ 11)
ولهذا حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أشد الحذر من مشابهتهم،فقال:"من تشبه بقوم فهو منهم ".رواه أبو داود(3872 ) من حديث عبد الله بن عمرو–رضي الله عنهما-،وصححه الشيخ الألباني–رحمه الله-.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:"وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله (ومن يتولهم منكم فإنه منهم )[ المائدة:51]".اقتضاء الصراط(1/ 83)
وقال الإمام ابن كثير–رحمه الله-:" ففيه دلالة على النهي الشديد والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار في أقوالهم، وأفعالهم،ولباسهم،وأعيادهم ،وعباداتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولم نقرر عليها".تفسير ابن كثير (1/149)
ومما ينبغي على المسلم الموحد تَجنبه في هذه الأيام وتحذير إخوانه منه،هو الاحتفال الذي يقيمه النصارى يوم 25 ديسمبر ويستمر إلى 6يناير،ويسمونه عيد الميلاد أو(الكريسمس)،يزعم أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أن عيسى عليه السلام ولد في هذا اليوم !ولا دليل صحيح يدل على زعمهم في ديننا الحنيف،بل حتى في كتبهم الباطلة خلاف في تعيين هذا اليوم!.
وحتى لو عرفنا تاريخ ميلاد عيسى عليه السلام فليس من الدين الكريم الاحتفال بهذا اليوم وإظهار البهجة فيه،فالعلم به لا ينفع والجهل به لا يضر،يقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:"فعامة أنواع العبادات والأعياد التي هم عليها– أي النصارى-لم ينزل بها الله كتابا ولا بعث بها رسولا ".مجموع الفتاوى(28/611)
ومن مظاهر هذا العيد الباطل المحدث في هذا اليوم:
1-شراء شجرة يسمونها بشجرة الميلاد:وهي شجرة صنوبرية مخروطية الشكل يقتنيها النصارى ويزينونها بالأضواء الملونة و التماثيل ويضعونها في منازلهم ومتاجرهم .
2-لباس بعضهم لملابس حمراء ووضع لحية كثة بيضاء ويسمى عندهم ببابا نويل( سانت كلوس ) وهذه الصورة تعبر عن قس نصراني وكان على زعمهم يحب الفقراء و اليتامى والأرامل ويتفقدهم في بيوتهم ويلقي الدراهم وهم لا يشعرون به وتروي أساطيلهم الكاذبة أنه يعيش في القطب الشمالي وأنه يأتي على عربة تجرها غزلان يحمل فيها الهدايا.
3– تخصيص بعض الأطعمة فيه كوجبة الديك الرومي،التي تعتبر هذه الأكلة الرئيسية في عيد الميلاد عندهم.
فأعيادهم الباطلة جمعوا فيها بين الكفر وذلك بزعمهم أن عيسى عليه السلام هو الله أو هو ابن الله قاتلهم الله أنَّى يؤفكون، وبين الشهوة من تنعم بملذات الدنيا الفانية.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:"وأما أعياد المشركين فجمعت الشبهة والشهوة والباطل،ولا منفعة فيها في الدين،وما فيها من اللذة العاجلة فعاقبتها إلى ألمٍ، فصارت زورا وحضورها شهودها،وإذا كان الله قد مدح ترك شهودها الذي هو مجرد الحضور برؤية أو سماع،فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل الذي هو عمل الزور لا مجرد شهوده". اقتضاء الصراط (1/183)
أيها الأحبة الكرام،قد منَّ الله علينا بنعمة الإسلام ووفقنا لاتباع سنة خير الأنام نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام، ففي ديننا الكريم ما يُغنينا عن مشابهة هؤلاء القوم في باطلهم، وموافقتهم في طريقتهم !فعلينا الابتعاد في هذا اليوم عن سعيهم الضال وفعلهم الباطل فلا نتشبه بهم ولا نغتر بصنيعهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:"لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم، لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران،ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء، ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد، ولا إظهار زينة
وبالجملة ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم،بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم".مجموع الفتاوى(25/ 329)
و لا نشهد أعيادهم ولا نحضر أفراحهم ،لأن الله جل وعلا نهانا عن ذلك،فقال سبحانه واصفا عباد الرحمن:(و الذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما)[ الفرقان :72]
قال جماعة من المفسرين:"هي أعياد المشركين ".تفسير ابن كثير (6/130)
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الفقيه الشافعي –رحمه الله-:"ولا يجوز للمسلمين أن يحضروا أعيادهم،لأنهم على منكر وزور، وإذا خالط أهل المعروف أهل المنكر بغير الإنكار عليهم كانوا كالراضين به، المؤثرين له، فنخشى من نزول سخط الله على جماعتهم فيعم الجميع، نعوذ بالله من سخطه".أحكام أهل الذمة لابن القيم (2/722)
وقال الإمام الذهبي–رحمه الله-:"فإذا كان للنصارى عيد،ولليهود عيد،مختصين به فلا يشركهم فيه مسلم، كما لا يشاركهم في شرعتهم،ولا في قبلتهم".تشبه الخسيس بأهل الخميس(ص27)
وسئل الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-: "عن حكم مخالطة المسلمين لغيرهم في أعيادهم؟
فأجاب –رحمه الله- قائلا: مخالطة غير المسلمين في أعيادهم محرمة لما في ذلك من الإعانة على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى:(وتعاونوا عَلَى البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)[المائدة:2]،ولأن هذه الأعياد إن كانت لمناسبات دينية، فإن مشاركتهم فيها تقتضي إقرارهم على هذه الديانة والرضاء بما هم عليه من الكفر،وإذا كانت الأعياد لمناسبات غير دينية، فإنه لو كانت هذه الأعياد في المسلمين ما أقيمت،فكيف وهي في الكفار؟لذلك قال أهل العلم: إنه لا يجوز للمسلمين أن يشاركوا غير المسلمين في أعيادهم؛لأن ذلك إقرار ورضا بما هم عليه من الدين الباطل، ثم إنه معاونة على الإثم والعدوان". مجموع الفتاوى الشيخ(3/32)
ولا يحل لنا كذلك أن نبيع لهم ما يعينهم على منكرهم ولا نساعدهم عليه،قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- :" ولا يبايع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس والبخور لأن في ذلك إعانة على المنكر ".مجموع الفتاوى (25 /320)
ولا نقدم لهم الهدايا ولا نقبل ما يقدمونه لنا من مأكلهم في عيدهم الباطل،قال ابن النحاس –رحمه الله-:"واعلم أن أقبح البدع وأشنعها موافقة المسلمين للنصارى في أعيادهم ، بالتشبه بهم في مأكلهم ، وأفعالهم ، و الهدية إليهم وقبول ما يهدونه من مأكلهم في أعيادهم".تنبيه الغافلين(ص323)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- :"وكذلك نهوا عن معاونتهم على أعيادهم بإهداء أو مبايعة، وقالوا :إنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا للنصارى شيئا من مصلحة عيدهم، لا لحما ولا دما ولا ثوبا، ولا يعارون دابة، ولا يعاونون على شيء من دينهم، لأن ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك، لأن الله تعالى يقول:(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) [المائدة:2]". مجموع الفتاوى (25 /332)
ولا يجوز لنا كذلك تهنئتهم بعيدهم لأن في ذلك إقرارا لهم على منكرهم،يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- :"وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد، ونحوه فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر ،وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام، ونحوه ،وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه، وقد كان أهل الورع من أهل العلم يتجنبون تهنئة الظلمة بالولايات وتهنئة الجهال بمنصب القضاء والتدريس والإفتاء، تجنبا لمقت الله وسقوطهم من عينه، وإن بُلي الرجل بذلك فتعاطاه دفعا لشر يتوقعه منهم فمشى إليهم ولم يقل إلا خيرا ودعا لهم بالتوفيق والتسديد فلا بأس بذلك،وبالله التوفيق".أحكام أهل الذمة (1/441)
وقال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- :"مسألة: هل يجوز أن نهنئهم...؟
الجواب: أما التهنئة بالأعياد فهذه حرام بلا شك، وربما لا يسلم الإنسان من الكفر؛ لأن تهنئتهم بأعياد الكفر رضا بها، والرضا بالكفر كفر، ومن ذلك تهنئتهم بما يسمى بعيد (الكريسمس)، أو عيد (الفَصْح) أو ما أشبه ذلك، فهذا لا يجوز إطلاقاً، حتى وإن كانوا يهنئونا بأعيادنا فإننا لا نهنئهم بأعيادهم، والفرق أنّ تهنئتهم إيانا بأعيادنا تهنئة بحق، وأن تهنئتنا إياهم بأعيادهم تهنئة بباطل، فلا نقول: إننا نعاملهم بالمثل إذا هنؤونا بأعيادنا فإننا نهنئهم بأعيادهم للفرق الذي سبق.
وأما تهنئتهم بأمور دنيوية كما لو ولد له مولود، أو وجد له مفقود فهنأناه، أو بنى بيتاً فهنأناه، أو ما أشبه ذلك فهذه ينظر، إذا كان في هذا مصلحة فلا بأس بذلك، وإن لم يكن فيه مصلحة فإنه نوع إكرام فلا يهنَّؤون، ومن المصلحة أن يكون ذلك على وجه المكافأة، مثل أن يكون من عادتهم أن يهنِّئونا بمثل ذلك فإننا نهنئهم".الشرح الممتع(8/75)
وسئلت اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ ابن باز –رحمه الله- :"ما حكم الإسلام في تهنئة النصارى في أعيادهم؛ لأنه عندي خالي جاره نصراني يهنئه في الأفراح وفي الأعياد وهو أيضا يهنئ خالي في فرح أو عيد وكل مناسبة، هل هذا جائز تهنئة المسلم لنصراني والنصراني للمسلم في أعيادهم وأفراحهم؟ أفتوني جزاكم الله خيرا.
فكان الجواب:لا يجوز للمسلم تهنئة النصارى بأعيادهم؛ لأن في ذلك تعاونا على الإثم وقد نهينا عنه قال تعالى:(ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)[المائدة:2]كما أن فيه توددا إليهم وطلبا لمحبتهم وإشعارا بالرضى عنهم، وعن شعائرهم وهذا لا يجوز، بل الواجب إظهار العداوة لهم وتبيين بغضهم؛لأنهم يحادُّون الله جل وعلا ويشركون معه غيره ويجعلون له صاحبة وولدا". فتاوى اللجنة الدائمة(3/435)
فعلينا أيها الأفاضل أن نسير على الصراط المستقيم وذلك بالتمسك بديننا القويم ففيه كل الخير والنفع،وأن نجتنب صراط الضالين وهم اليهود ومنهج المغضوب عليهم وهم النصارى فإن فيهما الضلال والانحراف.
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفق المسلمين للتمسك بدينهم الحنيف ويثبتهم على ذلك، ويحفظهم من كيد أعداء الدين ويُبعد عنهم شر شياطين الإنس والجن فهو سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أبو عبد الله حمزة النايلي