أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الفرق بين علم أصول الفقه وعلم القواعد الفقهية.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد، فإن علم القواعد الفقهية أكثرُ العلوم اشتباها بعلم أصول الفقه؛ لذا فإنني أذكر أهم الفروق بينهما؛ ليتم التمييز، ويتضح الفرق بينهما لطالب العلم.
غير أني أسأل إخواني قبل الشروع في ذكر الفروق ألا يبخل واحد منهم علم فرقا لم أذكره أن يفيدنا به، ويعلمنا إياه، وجزاه الله خيرا.
أهم الفروق بين القواعد الأصولية، والقواعد الفقهية ([1])، أربعة:
الفرق الأول: في الموضوع، الفرق الثاني في الشمول، الفرق الثالث: في الحكمة والغرض، الفرق الرابع: في الوجود.
وهاك تفصيل القول في هذه الفروق:
الفرق الأول في موضوعهما: أن موضوعَ علم أصول الفقه هو البحث في أدلة الفقه، أما موضوع علم القواعد الفقهية، فهو البحث في مسائل الفقه.
- مثال ذلك أن من قواعد علم الأصول: (القراءة الشاذة حجة في الأحكام)، فهذه قاعدة في الدليل الأول من أدلة الفقه (القرآن)، ومن القواعد الفقهية: (الشك بعد الفعل لا يؤثر عليه)، فهذه القاعدة يندرج تحتها كثير من مسائل الفقه([2])، ولا علاقة لها بالأدلة الفقهية.
الفرق الثاني في شمولهما: أن قواعد علم أصول الفقه كلية تضم جميع جزئياتها، بخلاف علم القواعد الفقهية؛ فإنها ــ في الغالب ــ أغلبية قد يتخلف عنها بعض جزئياتها.
- مثال ذلك من قواعد علم الأصول قاعدة: الأمر المطلق يفيد الوجوب؛ فإنها تضم جميع جزئياتها، فكل أمر مطلق يفيد الوجوب، ولا يتخلف أمر مطلق عن الوجوب أبدا.
- ومثال ذلك في القواعد الفقهية قاعدة: يحكم على الشيء بحكم أكثره وأغلبه؛ فإن كان أكثره حلالا، وأقله حراما فإنه يعامل معاملة الحلال الخالص، والعكس بالعكس؛ فإن كان أكثرُه حراما وأقله حلالا فإنه يعامل معاملة الحرام الخالص.
- هذه القاعدة قاعدة أغلبية بمعنى أنه قد يتخلف عنها بعض جزئياتها فلا تندرج تحتها، وأضرب لك أمثلة توضح هذا:
- مثال تحقق هذه القاعدةِ يبين لك في تحريم إطلاق البصر؛ فإن أكثر النظر يكون بشهوة، وقليلا منه بلا شهوة، فحرم الله تعالى كل النظر ، وعومل الكلُّ معاملة الأغلب والأكثر.
- ومثال آخر لتحققها يتبين لك في جواز الفطر في رمضان للمسافر؛ لأن الغالب أن المسافر يلقى مشقة في سفره، فجوز الله الفطر لكل مسافر حتى وإن لم يجد مشقة في سفره، فعامل الكل معاملة الغالبِ والأكثر.
- أما مثال تخلفها في لبس ثوب الحرير بالنسبة للرجل؛ فإن كان الحرير في ثوب الرجل علما أكثر من أربع أصابع متصلة، فإنه يحرم لبسه ولو كان غير الحرير أكثر منه، لحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم: «لم يرخص في الحرير إلا إذا علما أربع أصابع فما دون» رواه مسلم.
الفرق الثالث في الحكمة والغرض منهما: أن علم أصول الفقه يعنى بطرق استنباط الحكم الشرعي، فـالغرض منه هو تيسير استنباط الحكم الحكم الشرعي من الدليل.
أما علم القواعد الفقهية، فإنه يعنى بمجموعة من الأحكام التي استنبطت لكنها ترجع إلى علة واحدة تجمعها، فـالغرض منها هو تسهيل المسائل الفقهية فقط.
الفرق الرابع في وجودهما: أن القواعد علم أصول الفقه قد وجدت قبل الفروع، بخلاف القواعد الفقهية فإنها وجدت بعد وجود الفروع.

([1]) استفدت هذه الفروق من كتاب الجامع لمسائل أصول الفقه وتطبيقاتها على المذهب الراجح (ص: 12) وزدت عليها أمثلة وبعض الإيضاحات .

([2])انظر شرح منظومة أصول الفقه وقواعده ص: (154).