أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


تقدَّم في قول المصنف رحمه الله تعالى في المسألة الأولى والثانية قوله: (يجوز)، والجواز أحد مراتب الحكم التكليفي عند الحنابلة وغيرهم، وهو المذكور باسم (الجائز).

والجائز عند الحنابلة يطلق على أربعة معانٍ:

أحدها: ما لا يمتنع شرعا.

وثانيها: ما لا يمتنع عقلا.

وثالثها: ما استوى فيه الأمران فعلا وتركا.

ورابعها: المشكوك فيه المتردِّد بين الاعتبارين المتقدِّمين من الوجود والعدم.

وأكثر المراد منه عندهم هو الأول أنه ما لا يمتنع شرعًا، فيشمل كلَّ مأذون به، وربما خصوه من المأذون بما يكون موافقا لمعنى المباح؛ وهو المستوي فيه الأمر بين الفعل والترك تخييرا.

ومما ينبه إليه أن الألفاظ التي يُدل بها على الأحكام في مذهبٍ ما تبين معانيها وفق اصطلاحات أهل ذلك المذهب، فليس لأحد أن يأتي إلى عبارة حنبلي بذكر الجواز أو الوُجوب أو الاستحباب أو الشَّرطية أو الفساد ثم يفسرها بما ينقله عن كتابٍ صنَّفه الشافعية أو الحنفية أو المالكية في أصول الفقه؛ بل لابد أن يعول على مصنفات الحنابلة في أصول الفقه.

وقل مثل هٰذا في بقية المذاهب فما صار عليه الناس اليوم مما يدعونه تحقيقًا للكتب، ثم يعمد أحدهم إلى كتاب فقهي حنبلي أو شافعي أو مالكي أو حنفي فيبين كلام مصنفه بمذهب آخر فهٰذا من الغلط عليه، ويلزمه أن يبين مقاصد كلامه وفق اصطلاحات ذلك المذهب، لأن من قواعد العلم أن اصطلاحات كل مذهب يُعوَّل فيه على أهله، وكذا كل علم فليس للإنسان أن ينقل اصطلاحات علم مصطلح الحديث من كتب أصول الفقه وإن وجدت فيها؛ بل يعول ما ذكره المصنفون في علم مصطلح الحديث.