أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
التحزب إلى أين..........؟!
عنوان أخي ربما استوقفك لأنك ذقت مرارته وواجهت آثره في حياتك اليومية اعلم ذلك جيداً، لكن سأكتب مقالتي هذه لعلي أخفف من حدة هذا المرض العضال الذي استشرى في مجتمعنا والله المستعان فانتقلت الأحزاب والتجمعات من وسيلة إلى غاية ومن أداة بناء إلى معول هدم.
بل إن بعض الأحزاب هدموا ركناً ركيناً من أركان ديننا هو ركن الأخوة في دين الله ركن الولاء للمؤمنين كل هذا من أجل الحزب بل ربما صار الحزب عند الكثير من الناس طاغوتاً يُعبد من دون الله من حيث لا يشعرون ، ومثاله طاعة الحزب فيما يغضب الله كمقاطعة رجل صالح لأن آرائه ربما خالفت آراء الحزب وتهنئة كافر لأن منفعة ترجى من وراءه ، فميعت العقيدة من أجل الحزبية ولا حول ولا قوة إلا بالله ، أكره تشخيص المرض أكثر من ذلك فطوام الحزبية أكثر من أن تحصى فالحزبية دخلت في أمر الزواج والبيع والشراء والحب والبغض بل وربما العلاج والمساعدات الإغاثية وحدث ولا حرج.
وأنا هنا سأستدل بآي القرآن وأحاديث النبي العدنان وأقوال أهل العلم على حرمة ذلك الأمر فربما تصل مقالتي لرجل غاصت قدمه في وحل الحزبية فينتصح ويرجع أو وصلت لرجل عالم فاهم يحذر من الحزبية فيزداد حذره والله الموفق وعليه التكلان.
والعمدة في هذا الباب قوله تعالى"إنما المؤمنون إخوة"وقوله تعالى"أذلة على المؤمنين"وقول النبي(صلى الله عليه وسلم):"المسلم أخوالمسلم"
وفي مجال إثبات الإخوة الإيمانية آيات وأحاديث لا يسع ذكرها في هذا المقال القصير، ولكن أود أن ألفت انتباه أخي أنه من المعلوم بديهة أن لفظة المؤمنين عندما ترد في مثل هذه الآيات والأحاديث إنما يقصد بها كل مؤمن موحد ، لا حزبا بعينه فكل مؤمن أخوك وإن ولم يكن من حزبك ، تفرح لفرحه وتحزن لحزنه ، تنصحه إذا استنصحك ،وتعاونه على البر والتقوى وتنصره إذا استنصرك فهو أخوك حقيقة والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.
أما التفرق بسبب التعصب للأشخاص والآراء والتجمعات فهذا بدعة منبوذة عند علماء السلف ومن سار على دربهم من الخَلف،وهذا واضح في كتب السلف المشهود لهم بالخير، وفي هذه المناسبة أنقل لك أخي كلاما نفيساً لشيخ الإسلام بن تيمية – قدس الله روحه –حيث قال: :( وأما " رأس الحزب " فإنه رأس الطائفة التي تتحزب أي تصير حزبا فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ولا نقصان فهم مؤمنون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم . وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا مثل التعصب لمن دخل في حزبهم بالحق والباطل والإعراض عمن لم يدخل في حزبهم سواء كان على الحق والباطل فهذا من التفرق الذي ذمه الله تعالى ورسوله فإن الله ورسوله أمرا بالجماعة والائتلاف ونهيا عن التفرقة والاختلاف وأمرا بالتعاون على البر والتقوى ونهيا عن التعاون على الإثم والعدوان . وفي الصحيحين عن النبي أنه قال : { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر } وفي الصحيحين عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : { المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا }).
نعم أخي ليس محرماً أن تنتمي لجماعة إسلامية سليمة المنهج والهدف ،ولكن المحرم هو التعصب لاجتهادات هذه الجماعة وإن خالفت الصواب ،أو الدفاع عن أخطائها وعقد الحب والبغض والموالاة والمعاداة على هذه الجماعة أو على أحد زعمائها، فهذا محرم باتفاق كل من اشتم رائحة العلم قال ابن تيمية :( وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصا يدعو إلى طريقته ويوالي ويعادي عليها غير النبي ولا ينصب لهم كلاما يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصا أو كلاما يفرقون به بين الأمة يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون .)
لذلك يا أخي الحق هو ما قام عليه الدليل ،ولا يعرف الحق بكثرة الرجال بل بالدليل فلا يذهلنك قلة الآخذين بالدليل الحق ولا يُعمي عليك أقزام الفكر المتسولين على موائد الغرب أن هذا القول شاذ – القول الحق – لأن الآخذين به قليل ، فالقلة والكثرة ليست بميزان عند أهل العلم بل الميزان هو الدليل الواضح الدال على المدلول وإن قل الآخذين به قال بن القيم: :( القول الشاذ هو الذي ليس مع قائله دليل من كتاب الله ولا من سنة رسول الله فهذا هو القول الشاذ ولو كان عليه جمهور أهل الأرض وأما قول ما دل عليه كتاب الله وسنة رسول الله فليس بشاذ ولو ذهب إليه الواحد من الأمة فإن كثرة القائلين وقلتهم ليس بمعيار وميزان للحق يعير به ويوزن به وهذه غير طريقة الراسخين في العلم وإنما هي طريقة عامية تليق بمن بضاعتهم من كتاب الله والسنة مزجاة وأما أهل العلم الذين هم أهله فالشذوذ عندهم والمخالفة القبيحة هي الشذوذ عن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة ومخالفتها).
واعلم أخي بارك الله فيك أنه يجب عليك إتباع الدليل لا إتباع الحزب فدر مع الدليل حتى ولو خالف أهواء الحزب قال تعالى: " يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66)
وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)".-سادتنا : زعمائنا ، كبراؤنا :علماءنا- .
فإني أعيذك ونفسي من أن نكون من هذا الصنف وحتى نفر من هذا يجب علينا أن نتبع الحق بدليله بدون الالتفاف إلى أهواء الحزب قال الشافعي: :( أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله لم يكن له أن يدعها لقول أحد كائناً من كان) فالدليل الدليل در معه حيث دار اعرف الحق تعرف أهله، واترك التعصب أخي استحلفك بالله، فاتركه فوالله إنه يورد المهالك إي والله التعصب للآراء دون مستند شرعي وتقديس الرجال يورد المهالك لعلك ترد الحق بسبب التعصب هذا فيسخط الله عليك، فهل ينفعك حزبك حينها لا والله ، قال الله تعالى: " قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا " لا أريد أن أطيل ولو تركت المجال لقلمي ما أظن أني أنتهي ففي النفس من هذه القضية – قضية التحزب - زفرات وفي القلب الحسرات فقد ذقت مرارة الحزبية ولكن نجاني الله منها .
بمحض فضله وإرادته والحمد لله رب العالمين فما أجمل القلب حين يصفو وما أقبحه حين تخالطه العصبية والتحزب فلن يعرف للحق طريقاً إلا إذا وافق أهواء حزبه والعياذ بالله ، لذلك أخي أنصح لك حباً لك حتى لا تقع فيما وقعت فيه ولا يضرك أن تخالفني أو توافقني الرأي.
بل اتخذ لنفسك رأياً خاصاً بشرط أن لا تبغض مخالفيك ، هذا طبعاً في الأمور التي يسع فيها ذلك أما الأمور التي قضى الله فيها من فوق سبع سماوات وقضى فيها رسوله فلا يحل لي ولا لك أن نقدم قولاً ولا رأياً على قول الله ورسوله .
بل ليس لنا في هذا المقام إلا الالتزام والتسليم قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)" وقال تعالى:" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا "
نتبع ولا نبتدع ، نسير وفق هديهم حتى و لو خالفهم من في الأرض جميعاً.
" وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)".