[align=center]قضايا أودُّ نقاشها
مستنبطة بتصرف من كتاب " قال وقلت "
للمؤلف : أحمد السباعي
القضية الأولى : علينا أن ننشئهم على الاعتدال[/align]
قالت:أرأيتِِ هذا الذي يأبى على ولده الصغير أن يشارك الصغار ألعابهم , وأن يخالطهم في لهوهم وجريهم بحجة حاجته إلى الدأب على مواصلة الدرس ...فلا يجب في رأيه أن يتخلل الدأب شيء من الإستجمام لأن الوقت كما يقول : أثمن من أن يضيع في اللعب ...
قلت: إننا في أكثر مآتينا ننسى فضيلة الاعتدال فتذهب جهودنا سدى بين الإفراط والتفريط , إن هذا الدأب المتتابع لايهيئه للانتاج , فذهنيته إذا كلّت بطول الدأب الذي يُفرض عليها عجزت عن أداء وظيفتها وتعطلت ملكتها ؛فلابد أن تمنح فرصة كافية يُرخى لها العنان لتبدد السأم ؛ لتستأنف نشاطها من جديد ...
وعندما قلت:" أن جهودنا في كثير من مأتينا تذهب سدى بين الإفراط والتفريط ... " أعنى ماأقول بكل معانيه , وفي قصة الصغير وعلاقته بإفراط أبيه شاهد على ما أقول ..
فقد نشأ الأب أميًا محرومًا من التعليم نتيجة لتفريط والده قبله , نشأ الوالد مدللا فلم يخضع لنظام المدرسة واستثقل تكاليفها , فا سلس له أبوه العنان وتركه يقضي حياته عابثًا , فلما تكامل , واستوى عوده أدرك مبلغ مانتهى إليه التفريط , وشعر أنه خسر الكثير وأن الحياة التي واتت غيره من زملاء الحياة قعدت به في مؤخرة الصفوف فترك هذا من رد الفعل في نفسه ماوجد أثره اليوم في صغيره المسكين .
لقد صور له خياله أن نجاح الحياة رهين بالمثابرة الجادة المتواصلة التي
لا تعرف الراحة ولا تتخللها فترات الاستجمام فأخذ صغيره بهذا الجد , وحرمه حقوقه من عبث الصغار ولعبهم حرمانًا تامًا .
ولو علم أن العمل الشاق المتواصل لايقل فشله بحال عن العبث المستهتر
ولو أدرك أن التفريط والإفراط صنوان لاتختلف نتائج أحدهما عن الآخر
في حياة الإنسان ؛ لاختط لنفسه وصغيره أسلوبا يميل إلى الاعتدال , ويؤمن بالتوسط في كل مآتي الحياة .