د . عائض القرني
كم من مهموم سبب همه أمر حقير تافه لا يذكر !!.
انظر إلى المنافقين , ما أسقط هممهم , وما أبرد عزائمهم .
هذه أقوالهم :
{ لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ }
﴿التوبة: ٨١﴾
{ائْذَن لِّي وَلَا تَفْتِنِّي } .
﴿التوبة: ٤٩﴾
{ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ}
﴿الأحزاب: ١٣﴾
{ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ }
﴿المائدة: ٥٢﴾
{ مَّا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا }
﴿الأحزاب: ١٢﴾


يا لخيبة هذه المعاطس يا لتعاسة هذه النفوس .

همهم البطون والصحون والدور والقصور , لم يرفعوا أبصارهم إلى سماء المثل , لم ينظروا أبدا إلى نجوم الفضائل , هم أحدهم ومبلغ علمه : دابته وثوبه ونعله ومأدبته , وانظر لقطاع هائل من الناس تراهم صباح مساء سبب همومهم خلاف مع الزوجة , أو الابن أو قريب أو سماع كلمة نابية , أو موقف تافه , هذه
مصائب هؤلاء البشر , ليس عندهم من المقاصد
العليا ما يشغلهم , ليس عندهم من الاهتمامات الجليلة ما يملأ وقتهم .



وقد قالوا : إذا خرج الماء من الإناء
ملأه الهواء , إذا ففكر في الأمر الذي تهتم له وتغتم هل يستحق هذا الجهد وهذا العناء , لأنك أعطيته من عقلك ولحمك ودمك وراحتك ووقتك , وهذا غبن في الصفقة , وخسارة هائلة ثمنها بخس , وعلماء النفس يقولون : اجعل لكل شيء حدا معقولا , وأصدق من هذا
قوله تعالى :

{ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا }
﴿الطلاق: ٣﴾


فأعط القضية حجمها ووزنها وقدرها وإياك والظلم والغلو .


هؤلاء الصحابة الأبرار همهم تحت الشجرة الوفاء بالبيعة , فنالوا رضوان الله , ورجل معهم أهمه جمله حتى فاته البيع فكان جزاءه الحرمان والمقت .


فاطرح التوافه والاشغال بها تجد أن أكثر همومك ذهبت عنك وعدت فرحا مسرورا