إذا مااتجه الفكر الى السماواتفي ظلمة الليل حيث تنتشر النجوم وتمتد الأفاق الى مالانهاية له فخشعت النفس من رهبة السكون الشامل، فإنك تشرق بوجهك الكريم ، وتمس بعظمتك النفس الخاشعة . حينئذن تبدو الآفاق المظلمة .. باسمة مشرقة
فينبعث في كل ركن من نلافيف الكون صوت يقول :( أنت أنت الله!).
وحيثما تأمل المتأمل على شاطيء البحر وأرسل بصره بعيداً حيث يختلط خط البحر بزرقة السماء ، وحيث تنحدر الشمس رويدا رويداً وتضفي لونها المبهر على السماء وترسمه على وجه البحر شفقاً ساحراً يجعل نفس المتأمل تشهق بالجمال الذي يتبدى لها والعظمة التي أوجدت هذا الجمال فلا يملك الاأن يلهج بالشكر ويعنو للقدرة التي أوجدته فيسبح قائلا :
( أنت أنت الله)!.
وإذا ماأنطلقت السفينة في البحر وابتعدت رويداً رويدا وغابت في لجة البحر ، وهبت الرياح وثار الموج ، وغامت الرؤية
واكفهر وجه السماء وضاع الرشد وغاب الصواب وحفت المكاره وانقطعت الأسباب وعجزت الحيلة وعم اليأس ...وارتفعت أكف الضراعة وعلى نداء المكروبين ... إذ ذاك يشق ضياءك عتمة السماء ، وتنزل رحمتك آيات النجدة وتوصل حبالك رجاء المنقطعين فيلهجون بعظمتك وبحمدك ويردد القلب فيهم :( أنت أنت الله).
إذا مايئس الناس من الحبيب.. ولم ينفع معه الطبيب ، واشتدت به العلل وانقطع عن شفائه الأمل ، وجزعت عنده النفوس
ووجفت القلوب ، واشتدت الكروب ترتفع الأيدي وتتضرع القلوب ...الأمركله بيدك (أنت أنت الله)!.
واذا ماتأمل الإنسان الدنيا تأمل المعتبر.... إذ ينظر الى المال فيلقاه زائلاً ، والى الآمال فيلقاها بتطلة ، والى الشهوات فيجدها خادعة والى الأجل فيجده قريب هناك حين يكون كل شيء ماخلا الله باطلاً يهتف برجاء الرحة والمغفرة:( أنت أنت الله)!!.
إذا ماوقعت العين على منابع الجمال ... في جمال الفجر ... في غناء الروض ... في تفتح كم زهرة .. في وجه صبوح ..في تغريدة عصفور ... في ظل شجرة على صفحة نهر .. هناك ينشرح الصدر ويملأ النفس الحبور وتمتليء العين بدموع الشكر ويهتف القلب غبطة :( أنت .. أنت الله)!...

أنت أنت الله!!........أنت أنت الله!!..