السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الغضب هو انفعال، ورد فعل طبيعي إزاء بعض المواقف المستعصية. غير أن التعبير عنه بالطريقة
الخطأ قد يجعل المواقف الصعبة أكثر صعوبة وأسوأ تأثيرا. فيما يلي نصائح للتخلص من الغضب
ومعالجته:
ابحث عن وسيلة للتعبير عن غضبك دون الإساءة للآخرين: حاول أن تفرّغ مشاعرك
بالرسم أوغيره من الأعمال الفنية أو بالاستماع إلى الموسيقا. وإذا شعرتَ بتنامي مشاعر الغضب
لديك، قم بالمشي أو الهرولة لفترة قصيرة، ويمكنك التعبير عن غضبك بالصراخ في مكان تكون
فيه بمفردك، وبعيداً عن الآخرين. كما أن كتابة مذكرات يومية تساعد على تحديد بواعث الغضب
ودوافعه وقد تعين في التفكير بطرق للتعامل معه منهجياً.
اغفر وسامح، وانسَ: حين تشعر بسطوة الغضب، اسألْ نفسك إذا كان الموضوع
المتنازع حوله سيكون ذا شأن يذكر بعد 10 سنين أو حتى بعد 10 دقائق! قد يساعد هذا على
تغيير منظورك في رؤية المشكلة والتعامل معها. واسأل نفسك “هل فَعَل هذا الشخص ما فعله
عن قصد؟” قد لا يكون الأمر كذلك في كثير من الأحيان، وربما لم يكن قصده إيذاءك.
التنفّس العميق: ربما سمعت أن العد من 1 إلى 10 عند اندلاع ثورة الغضب يساعد
على ارتخاء الأعصاب، ويجنّبك التلفّظ بما لا يليق بك. غير أن هذا المنهج مشكوك في فعاليته. لذا
جرّب هذا الأسلوب المعدّل: قم أثناء العدّ بالتنفّس العميق من الحجاب الحاجز. يجدر بالذكر أن
رياضة اليوغا التي تركّز على التنفّس العميق تمنح مزيداً من الصبر، ومزيداً من ضبط الأعصاب،
والثقة بالنفس، والنشاط.
استخدم مخيلتك في محاولة الاسترخاء: تخيّل تجربة مبهجة مررتَ بها أو استحضر
أفكاراً تمنحك السعادة والهدوء. أرخ عضلاتك بالتمدد على الفراش، أو اذهب إلى مكان
لاستنشاق الهواء الطلق، وتنفّس بعمق أثناء ذلك.
ردد في خاطرك كلمات أو تعابير تعينك على الاسترخاء: ترديد كلمات مثل “النوم”
و”الهدوء” أثناء التنفس العميق ربما يعين في تخفيف التوتر والغضب، وتخيُّل منظر جميل هادئ في ذهنك، كمشهد السماء الصافية، قد يساعد أيضاً.
عن أبي هريرة رضي الله عنها أن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يقول : " أربع من كن فيه وجبت له الجنة وحفظ من الشيطان : من يملك نفسه حين يرغب وحين يرهب وحين يشتهي وحين يغضب " .
وقد نقل العلامة ابن حجر الطوخي قوله : " أقوى الأشياء في دفع الغضب استحضار التوحيد الحقيقي وهو أن لا فاعل إلا الله وكل فاعل غيره فهو آلة له ، فمن توجه إليه بمكروه من جهة غيره ، فاستحضر أن الله لو شاء لم يمكن ذلك الغير منه ، اندفع غضبه " . قال ابن حجر : " قلت وبهذا يظهر السر في أمره صلى الله عليه وسلم الذي غضب أن يستعيذ بالله من الشيطان لأنه إذا توجه إلى الله في تلك الحالة بالاستعاذة من الشيطان أمكنه استحضار ما ذكر "
عن سلمان بن سرد رضي الله عنه قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم وأحدهما يسب صاحبه مغضباً قد احمر وجهه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "
يقول د. إبراهيم الراوي ينصح علماء الطب النفسي الأشخاص الذين يتعرضون إلى نوبات الغضب إلى تمارين خاصة تؤدي إلى نتائج مذهلة ، هذه التمارين تسبب استرخاء في الذهن يؤدي إلى انطفاء نار الغضب وإخماد الثورة العصبية ، منها أن يعدّ الشخص من 1ـ 2ـ 3 .. وحتى 30 قبل أن ينطق بأي حرف . هذه الحقيقة في مجال الطب النفسي اكتشفها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم حين أمر الغاضب أن يتعوذ بالله عدة مرات وهذا واضح من مفهوم الآية الكريمة : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العلم )
ويبدوا من هذا القبيل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم الغاضب إلى السكوت وعدم النطق بأي جواب . عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا غضب أحدكم فليسكت " .
وتغيير الوضعية ، هدي نبوي كريم له فائدة عظيمة في تهدئة ثورة الغضب عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع " .
ويعلق د. الراوي قائلاً : يوصي الطب الحديث كل من يتعرض للغضب الشديد والانفعالات النفسية بالاسترخاء قبل إطلاق العنان للجوارح واللسان . وهذه الحقيقة الطبية كان لها بالغ الأثر في الوقاية من أخطر الأزمات عندما يوفق المرء في تمالك نفسه عند الغضب والتي اكتشفها نبي الرحمة في أعماق النفس البشرية حين أمر الغاضب الواقف أن يجلس .
وقد وفق د. حسان شمسي باشا إلى كشف الإعجاز الطبي في هذه الوصفة النبوية إذ كتب يقول :" جاء في كتاب هاريسون الطبي أنه من الثابت علمياً أن هرمون النور أدرينالين يزداد بنسبة 2_ 3 أضعاف لدى الوقوف بهدوء لمدة خمس دقائق أما هرمون الأدرينالين فيرتفع ارتفاعاً بسيطاً في الوقوف لكن الضغوط النفسية تزيد من نسبته في الدم … ولا شك أن ارتفاع العاملين معاً ، الغضب والوقوف يرفع نسبة هذين الهرمونين بشك كبير .
فمن علم النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الهرمونات تزداد بالوقوف وتنخفض بالاستلقاء حتى يصف هذا العلاج ؟ .. لا شك أنه وحي يوحى إليه، عليه الصلاة والسلام .
ومن هذا القبيل ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الغضب جمرة في قلب ابن آدم ، ألا ترون إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه ، فمن وجد من ذلك شيئاً فليلصق خده بالأرض "
وهذا إشارة إلى الأمر بالسجود وتمكين أعز الأعضاء من أذل المواضع لتستشعر به النفس الذل وتزيل به العزة والزهو الذي هو سبب الغضب .
والاغتسال بالماء البارد أو غسل الوجه واليدين به ، أحدث توصية طبية لها أثرها البالغ في تهدئة الجهاز العصبي . فالغضب يتولد من الحرارة العامة والتعرق والإحساس بالضيق ، ويأتي الماء البارد ليخفف من هذا الأعراض . والوضوء الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم يضفي ، فوق ذلك ، شعوراً بالعبودية لله عند قيام الغاضب بهذا الفعل التعبدي ، يزيد من إحساسه بالأمن والرضى . وهذا مصداق ما رواه عطية السعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا غضب أحدكم فليتوضأ فإنما الغضب من النار " وفي رواية " إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء ، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ "
واحب اذكر اخر حديث للرسول صلى الله عليه وسلم انه قال (( اذا غضب احدكم فاليتوضى فإن الوضوء يطفئ الغضب كما يطفئ الماء النار))
او كما قال عليه الصلاة والسلامعن أبي هريرة رضي الله عنها أن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يقول : " أربع من كن فيه وجبت له الجنة وحفظ من الشيطان : من يملك نفسه حين يرغب وحين يرهب وحين يشتهي وحين يغضب "
ودمتم سالمين....