قال تعالى : ( وَإِذَا رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَاءهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـؤُلاء شُرَكَآؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْ مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ)[ [النحل 86]. فهؤلاء المشركون كانوا يدعون بشرا مثلهم كما قال تعالى:(إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم) [الأعراف194]. وهؤلاء البشر يتبرءون منهم. فتأمل كيف وصف الله دعاء غيره بالشرك. وموضوع الآيات كان الدعاء وليس الصلاة أو السجود.
دعاء غير الله كفر
قال تعالى : (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولو كره الكافرون) [غافر14]. فالكافرون يكرهون أن يدعى الله وحده , وقال تعالى :
(حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ)[الانعام130]. قارنها بهذه الآية :(ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ 73 مِن دُونِ اللَّهِ قالوا ضلوا عنا بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُو مِن قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِين)إلى أن قال: [غافر73]. الآية الأولى: ( أين ما كنتم تدعون من دون الله) والآية الثانية: أين ما كنتم تشركون.
وقال تعالى : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ) إلى أن قال سبحانه : (وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ) [الرعد 14].
مرتكب الشرك مشبه لله بخلقه
قال تعالى : (فَلا تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُون) [البقرة22]. سئل عليه الصلاة و السلام أي الذنب أعظم؟ قال « أن تجعل لله نداً وهو خلقك» قال الشيخ ملا علي قاري « أي تجعل نظيراً لله في دعائك وعبادتك» (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 1/218. محققة). فالشرك تشبيه لله بخلقه، قال تعالى:(تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ 97 إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[الشعراء97]. يحلف الذين كانوا يدعون الأولياء أنهم كانوا يشبهونهم برب العالمين . وقال تعالى :(وَإِذَا مَسَّ الإنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار) [الزمر8]. قال الطبري « كانت العرب تقر بوحدانية الله غير أنها كانت تشرك به في عبادته» (تفسير الطبري 1/128).
دعاء غير الله تأليه لغير الله
قال تعالى : (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ) [المائدة116]. لأنهم يدعون مريم مع الله فهو تأليه لها وإن لم يصرحوا بأنها إلهة مع الله.
وقال تعالى : (فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ) [هود101].
الدعاء في لغة القرآن والحديث هو العبادة
قال تعالى : (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[الأنعام56]. فدعاء غير الله مناف للإسلام لرب العالمين.
وقال تعالى : (يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ)[الحج12]. فوصف الله دعاء غير الله بأنه ضلال بعيد. وقال:
قال تعالى : (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ)[يونس18]. وقال : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي)[غافر60].قال السدي: أي دعائي (تفسير الطبري 16/51 الجزء 24 ص51). قال الحافظ « وضع عبادتي موضع دعائي» (فتح الباري 11/95) وهذا دليل على أن الدعاء مستلزم للعبادة.
أليس الله بكافيكم حتى تلتجئوا إلى غيره؟
قال تعالى : (أليس الله بكاف عبده)[الزمر36]. قال الزبيدي « وقبيح بذوي الإيمان أن ينزلوا حاجتهم بغير الله تعالى مع علمهم بوحدانيته وانفراده بربوبيته وهم يسمعون قوله تعالى (أليس الله بكاف عبده). (إتحاف السادة المتقين 9/498 و5/119).
لا يكشف الضر إلا الله
قال تعالى : (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)[النمل62]. وهؤلاء يقولون لك: هناك مخلوقون: يجيبون المضطر إذا دعاهم ويكشفون السوء. ثم يزينون لك هذا الشرك بعبارة بإذن الله. مع أن الله يجعل ذلك خاصا به وحده فيقول:(وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ)[الانعام17]. وأما غيره فلا يكشفون ولا يستجيبون. قال تعالى : (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ)[الرعد14]. نعم، السارق يسرق بإذن الله الكوني لا الشرعي وكذلك المشرك فإنه يشرك بالله، وما أصاب الصحابة يوم التقى الجمعان فبإذن الله. ولكن أين الإذن الشرعي الدال على جواز الاستغاثة بغير الله؟
لا أقرب ولا أرحم ولا أعلم من الله
قال تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)[البقرة186]. وفي هذه الآية لفتة كريمة إلى نفي أي وساطة بين العبد وربه، حتى إن الله لم يقل: فقل لهم إني قريب. وإنما قال: فإني قريب.
وقال تعالى : (قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)[الزمر38].
فهؤلاء لا يتوكلون على الله لأنهم يدعونهم من دون الله.
اللهم هل بلغت اللهم اشهد "
منقوووول للفائدة "