المؤمن في هذه الدنيا مبتلى لا محاله لقوله تعالى { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ }[البقرة : 155 ].
إذا كان ذلك كذلك وأن الدنيا دار لا بد فيها من البلاء فإن للمؤمن مع البلاء والمصائب ميزة خاصة .
عن صهيب رضي الله عنه قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد مع أصحابه إذ ضحك فقال: (( ألا تسألوني مم أضحك قالوا يا رسول الله ومم تضحك قال عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابه ما يحب حمد الله وكان له خير وإن أصابه ما يكره فصبر كان له خير وليس كل أحد أمره كله له خير إلا المؤمن )) رواه الإمام أحمد بإسناده صحيح (23975 ).
أيها المبتلى أيها المريض أيها المصاب
اصبر و أبشر
فإن في مرضك خير
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من يرد الله به خيرا يصب منه )) البخاري (5645).
.أيها المريض أيها المبتلى
اصبر و أبشر
فقد جاءك الأجر
فمع صبرك يعظم أجرك
قال تعالى : (( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ))
قال الإمام السعدي رحمه : ((فوعد اللّه الصابرين أجرهم بغير حساب، أي: بغير حد ولا عد ولا مقدار)).
عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت بالمقاريض )) رواه الترمذي وهو حسن
أيها المريض أيها المبتلى
اصبر و أبشر
فقد جاءك الأجر
فمع صبرك تكفر السيئات
عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه )) رواه البخاري
وعن أم العلاء رضي الله عنها قالت عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضة فقال : (( أبشري يا أم العلاء فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الفضة )) رواه أبو داود وهو حديث صحيح
أيها المريض أيها المبتلى
اصبر و أبشر
فقد جاءك الأجر
فمع صبرك رفع الدرجات
عن محمد بن خالد عن أبيه عن جده وكانت له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله يقول : (( إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة فلم يبلغها بعمل ابتلاه الله في جسده أو ماله أو في ولده ثم صبر على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله عز وجل )) حديث صحيح ، رواه ابو داوود .
أيها المريض أيها المبتلى
اصبر و أبشر
فإن في مرضك دليل محبة الله لك
عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط )) حسن رواه الترمذي
أيها المريض أيها المبتلى
اصبر و أبشر
فقد جاءك الأجر
فمع صبرك يكون مرضك حضك من النار
وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( الحمى كير من جهنم فما أصاب المؤمن منها كان حظه من جهنم )) رواه أحمد . صحيح لغيره صحيح الترغيب ( 3446 ) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من وعك كان به فقال: (( أبشر فإن الله يقول هي ناري أسلطها على عبدي المذنب لتكون حظه من النار )) حديث صحيح . رواه الترمذي.
أيها المريض أيها المبتلى بفقد بصره
اصبر وابشر
واسمع ماذا اعد الله لك
عن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( إن الله عز وجل قال إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة يريد عينيه )) رواه البخاري .
أيها المبتلى بفقد ولده
اصبر وابشر
واسمع ماذا اعد الله لك
أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد )) حديث حسن. رواه الترمذي .
ومعنى استرجع قال : إن لله وإنا إليه راجعون .
أيها المبتلى بفقد حبيب من أم أو أب أو قريب أو صاحب
اصبر وابشر
واسمع ماذا اعد الله لك
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( يقول الله ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة )) رواه البخاري .
أيها المؤمن لا تنظر إلى الفجرة والكفرة وهم لا يمرضون ولا يبتليهم الله
فقد قال سبحانه : {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }آل عمران178.
قال الإمام السعدي رحمه الله : ((فالله تعالى يملي للظالم، حتى يزداد طغيانه، ويترادف كفرانه، حتى إذا أخذه أخذه أخذ عزيز مقتدر، فليحذر الظالمون من الإمهال، ولا يظنوا أن يفوتوا الكبير المتعال )) .
وتأمل أيها المؤمن هذا الحديث :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : دخل أعرابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (( هل أخذتك أم ملدم قط قال وما أم ملدم قال حر يكون بين الجلد واللحم ( يعني الحمى ) قال ما وجدت هذا قط قال فهل أخذك هذا الصداع قط قال وما هذا الصداع قال عرق يضرب على الإنسان في رأسه قال ما وجدت هذا قط فلما ولى قال من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا )) رواه أحمد ( 8376 ) بإسناده حسن .
أيها المريض أيها المبتلى
ليس مقصدنا ممن سبق أن لا يسعى الإنسان لعلاج وإنما المقصود
احتساب الأجر بلزوم الصبر
وليس في ذلك عدم التداوي
عن ذكوان عن رجل من الأنصار قال عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا به جرح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ادعوا له طبيب بني فلان )) . قال فدعوه فجاء فقال يا رسول الله ويغني الدواء شيئا فقال: ((سبحان الله وهل أنزل الله داء في الأرض إلا جعل له شفاء )) صحيح . الصحيحة ( 517 ) .
وعن أم الدرداء رضي الله عنها (( إن الله تعالى خلق الداء والدواء فتداووا ولا تتداووا بحرام )) حسن.الصحيحة ( 1633 ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث )) حديث صحيح . رواه ابو داوود.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفا عليه: (( إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم )) صحيح . الصحيحة ( 1633 ) .
ثم أعلم أن من خير الأدوية التي يتداوا بها الناس من المرض والبلاء
الدعاء
واذكر نبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام
فــ (( إن نبي الله أيوب ـ صلى الله عليه وسلم ـ لبث به بلاؤه ثمان عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه )) صحيح . الصحيحة ( 17 ) .
وبعد كل هذه السنين من المرض والضر
أرسل شكواه إلى مولاه
فأتاه الفرج بأمر الله
(( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ{83} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ{84})) سورة الأنبياء .
وزكريا عليه الصلاة والسلام
بعد تلك الأعواموبعد أن كبر السن
ورق العظم وهو يتمنى الولد
أرسل الدعاء
ليتجاوز السماء
وتأتي البشرى
وتحقيق المنى
(( وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ{89} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ{90})) الأنبياء .
ثمانية لا بد منها على الفتى ........ ولا بد أن تجري عليه الثمانية
سرور وهم , واجتماع وفرقة ......... وعسر ويسر , ثم سقم وعافية
اخوكم الصغير
النذير
رد مع اقتباس
<<أفهموها
[/align]
-new.gif)
