أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السؤال :
امرأة انجليزية اعتنقت الإسلام ، ولأنها كانت لا تزال غير مدركة لحرمة مصادقة الرجال الأجانب عنها ، فقد كانت قد صادقت شخصا ، والآن هذه المرأة متزوجة وتسأل قائلة: ماذا لو طلقني زوجي( فالعلاقة بيننا غير مستقرة) فأتى وتقدم للزواج بي ذلك الشخص الذي صادقته ، هل يجوز الزواج به؟ لقد تعلمت هذه الأخت وعرفت الآن أن المرأة يجب أن لا تصادق الرجال وأن لا تختلي بهم ، وعرفت خطورة ما فعلته آنذاك .

الجواب :
الحمد لله
أولا :
نهنئ أختنا الكريمة على ما أنعم الله به عليها من نعمة الإسلام والإيمان ، ونسأله سبحانه لها الثبات والتوفيق .
وما صدر منها من مخالفة لا تعلم تحريمها ، فلا إثم عليها في ذلك ، وعليها أن تسعى لتعلم ما تحتاجه من أمر دينها .
ثانيا :
إذا طلق زوجها ، وانقضت عدتها ، ثم تقدم لها ذلك الشخص الذي صادقته قبل علمها بحرمة ذلك، فلا حرج عليها في قبوله زوجا إذا كان مرضي الدين والخلق ، ولكن يجب أن تعلم أمرين :
الأول : أنه لا يجوز للمرأة طلب الطلاق إلا عند وجود العذر المبيح لذلك ، كسوء عشرة الرجل ، أو كراهتها له كراهة تمنعها من إعطائه حقه ؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا: ( إن المختلعات والمنتزعات هن المنافقات ) رواه الطبراني في الكبير (17/339) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (1934) .

لكن إن كرهت الزوجة زوجها لهيئته ، أو لسوء عشرته ، ولم تطق العيش معه ، فإنه يجوز لها طلب الطلاق حينئذ ، لأنه لا مصلحة من بقائها على هذا الحال ، وقد يدفعها بغضها لزوجها إلى التقصير في حقه ، فتأثم .
وقد روى البخاري في صحيحه ( 4867 ) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً ).
وقولها : " ولكني أكره الكفر في الإسلام " أي : أكره أن أعمل الأعمال التي تنافي حكم الإسلام من بغض الزوج وعصيانه وعدم القيام بحقوقه .. ونحو ذلك .
ينظر "فتح الباري" (9/400).
وعلى من يعرف هذه الأخت أن يسعى في الإصلاح بينها وبين زوجها بالمعروف .
والثاني : أنه لا يجوز لها أن تطلب الطلاق لتتزوج من ذلك الرجل ، ولا يجوز لهذا الرجل أن يعينها ويحرضها على ذلك ، فهذا من التخبيب المحرم ، وهو الإفساد بين الزوجين ، وصاحبه مقترف لكبيرة من كبائر الذنوب ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يحرم نكاحها على من خببها تحريما مؤبدا ، فعلى ذلك نكاحه لها لا يصح ، إن كان هو الذي أفسدها على زوجها.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ ) . رواه أبو داود ( 2175 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

وروى أبو داود ( 5170 ) – أيضاً - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال الشيخ عبد العظيم آبادي – رحمه الله - : ( مَن خبَّب ) : بتشديد الباء الأولى ، أي : خدع وأفسد .
( امرأة على زوجها ) : بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته ، أو محاسن أجنبي عندها " انتهى من " عون المعبود " ( 6 / 159 ) .
وقال : ( مَنْ خَبَّب زوجة امرئ ) : أي خدعها وأفسدها أو حسن إليها الطلاق ليتزوجها أو يزوجها لغيره أو غير ذلك . " عون المعبود " ( 14 / 52 ) .
وينظر في تحريم ذلك وخلاف الفقهاء في صحة نكاح المخبب : جواب السؤال رقم(84849) .

والله أعلم .


الإسلام سؤال وجواب
منقول من الإسلام سؤال وجواب بتصرف يسير