أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


و علم أصول الفقه من العلوم المهمة التي لها ثمرات عديدة:

* من هذه الثمرات أنه يمكن الإنسان من التفريق بين ما يصح أن يكون دليلا وبين ما لا يصح ، مثال ذلك : نجد أن بعض الناس يستدل لإثبات أحكام شرعية على رؤى منامية لبعض الناس ، هل الرؤى المنامية دليل أو لا ؟ أين نجد هذه المسألة ؟ في علم الأصول .
نجد أن بعض الناس يستدل بما ورد في الكتب السابقة سواء التوراة أو الإنجيل ، هل هذا دليل صحيح أو ليس كذلك ؟
نجد أن بعض المفتين يفتي بناء على ما ينقدح في ذهنه من المعاني ، هل هذا دليل صحيح أو ليس بدليل صحيح ؟ نبحثه في هذا العلم علم الأصول .

* الفائدة الثانية من فوائد علم الأصول : القدرة على فهم النصوص الشرعية كتابا وسنة ؛ فإذا أردنا أن نفهم القرآن أن نفهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم فإن الفهم ليس اعتباطيا ، بحيث يكون كل شخص مؤهلا لاستخراج الأحكام من الأدلة ، وإنما المؤهل هم من عرف هذا العلم علم الأصول ، الذين فهموا قواعد الاستنباط ، ولذلك قال تعالى : -(لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)- [النساء/83] يعني الذين يتمكنون من استخراج الأحكام من الأدلة .

* و الفائدة الثالثة من فوائد تعلم هذا العلم: معرفة الإنسان لقدر نفسه، بحيث ينظر في مقدار نفسه هل هو مؤهل لاستخراج الأحكام من الأدلة مباشرة أو يجب عليه سؤال العلماء ؟
وإذا كان ممن يجب عليه سؤال العلماء كيف يفرق بين أولئك المفتين ؟ نحن نشاهد في القنوات التلفزيونية أشخاصا عديدين يُفتون من مشارق الأرض ومغاربها ، كيف نفرق بين المؤهل للفتيا وبين من لا يتأهل لها ؟ من الذي يجوز أن نأخذ بقوله وفتياه ومن الذي لا يجوز ؟ هذا مما يبحث في هذا العلم .
ثم إذا حصل اختلاف بين الفقهاء فأفتى مفتٍ بجواز وآخر بتحريم وثالث بوجوب في مسألة واحدة فماذا نعمل ؟ وما هي الطريقة الشرعية التي تخرجنا مما نحن فيه ؟ هذا يبحث في علم الأصول .

* من فوائد تعلم هذا العلم أيضا القدرة على الحجاج والحوار ، وفي مثل عصرنا الحاضر فُتِحت مجالات للمناقشة والحوار عديدة سواء كانت القنوات التلفزيونية والبرامج الحوارية ، أو كانت المناظرات أو كانت المواقع والمنتديات التي يكون فيها مناقشة وحوار ، أين نعرف قواعد الحوار وكيفية الإجابة عن حجج المخالفين وكل هذا يبحث في هذا العلم .

* كذلك من فوائد تعلم هذا العلم أيضا : القدرة على فهم كلام الناس ، والقدرة على فهم الوصايا والوثائق والصكوك والأنظمة ، كل هذا نجده في هذا العلم علم أصول الفقه ، ولذلك فهو علم جدير بالعناية ، وعلم يجب على الإنسان المتأهل للفتيا أن يبحثه وأن يستوعبه وأن يتمكن من تطبيقه على النصوص الشرعية.

هذا العلم علم أصول الفقه هو من فروض الكفايات على عموم الناس ، لكنه بالنسبة للمأهل للفتيا من فروض الأعيان يتعين عليه ، ولا يجوز لإنسان أن يفتي أو يقضي حتى يكون عارفا بهذا العلم قادرا على تطبيقه على النصوص الشرعية ، وجمهور علماء الشريعة على أن البلد الذي لا يوجد فيه عارف بهذا العلم يجب على المسلمين أن يهاجروا منه ؛ لأنهم يحتاجون إلى من يفتيهم ويبين لهم حكم الشرع في مسائلهم ، ولا يتمكن من ذلك إلا الفقيه ، ولا يكون المرء فقيها إلا بمعرفة هذا العلم ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
لكن هذه المسألة قد يقال : في مثل عصرنا الحاضر بوجود وسائل المواصلات والاتصالات الحديثة التي تمكن المستفتي من عرض مسألته في يومه على المفتين الموثوقين يخف وطئها .



من شرح كتاب المحصول في أصول الفقه للعلامة ابن العربي المالكي -رحمه الله- ، لمعالي الشيخ الدكتــور سعد بن ناصر الشثـــــري -حفظه الله- ، الشريط الأول ، ضمـــن دورة علمية بدولة قطر .