هذه رسالة الشيخ ابن باز لـ ( سعد الحصين ) صاحب الدعوة السلفية و التي توضح انحراف هذه الفئة الضالة الظالمة و فيها توجيهات كبيرة و مهمة جدا من الشيخ رحمه الله رحمة واسعة .. و لكنهم رغم ادعائهم باتباع العلماء الا انهم كما رأينا لا يقيمون للعلماء وزنا الا عندما يوافق ما يقوله العالم لمقاصدهم
الرسالة :
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ سعد ابن عبدالرحمن الحصين وفقه الله لكلمة الحق في الغضب والرضا، وأعاذنا وإياه من شرور النفس والهوى آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
فقد وصلني كتابك المؤرخ 3/3/1408هـ ومشفوعاته كتابك لفضيلة الشيخ أبي بكر الجزائري وفضيلة الشيخ يوسف الملاحي وما أرفقت بهما واطلعت عليها كلها، ولا أكتمك سرًا إذا قلت أني لم أرتح لها ولم ينشرح لها صدري لأن هذه الطريقة التي سلكت لا تفيد الدعوة شيئًا لأنها تهدم ولا تبني وتفسد ولا تصلح وضرها أقرب من نفعها، ولم يعد ضررها إلا على الدعوة وعلى إخوانك في الله من خيرة المشايخ وطلبة العلم نشأوا على التوحيد والعقيدة الصحيحة علما وتعليما ودعوة وإرشادا،
وقد استغلها من لا بصيرة له في مناصبتهم العداء وتكفير بعضهم لهم واستباحة بعضهم لدمائهم والعياذ بالله مع الوشاية بهم واستعداء المسئولين عليهم وتهويل أمرهم عندهم وتخويفهم منهم ورميهم بالعظائم وإلصاق التهم بهم مما هم برءاء منه حتى حصل على الدعوة والدعاة من الضرر ما الله به عليهم .
أما من أقمتهم الدنيا وأقعدتموها من أجلهم فينطبق عليكم قول الشاعر : وناطح صخرة يوما ليوهنها ، فلم يضرها وأوهي قرنه الوعل لكونهم بمنأى عنكم في بلادهم سائرين في دعوتهم في حماية من دولتهم لاحترامها لهم لأنك ذكرت في بعض كتاباتك لنا أن رئيس الحكومة يحضر اجتماعاتهم ويشجعهم كما ذكر لنا هذه الأيام بعض أبنائنا المتخرجين من كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية ممن شاركهم في الدعوة سنين طويلة أن مركزهم في رواندي مفتوح 24 ساعة وجماعات تخرج في سبيل الله وجماعات ترجع فما دام الأمر هكذا فلن تخضعهم كتاباتك وكتابات أمثالك المشتملة على الفظاظة والغلظة والسب والشتم بل إن هذه الكتابات ستكون سببا في نفرتهم من الحق وبعدهم عنه لقول الله سبحانه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه ) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ( ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله)، (وأن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)، (وأن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ولا على ما سواه).
والله سبحانه وتعالى نهى عن سب الكفار إذا كان يفضي إلى سب الله كيف بسب المسلمين إذا كان يفضي إلى تنفيرهم من الحق وبعدهم عنه وعن الداعين إليه، الواجب أن تسعوا في الإصلاح لا في الإفساد وأن تخالطوهم وتنبهوهم على ما قد يقع من بعضهم من الخطأ بالرفق واللين لا بالعنف والقسوة أما تشديدك في إنكار البيعة على التوبة فقد اقترحت على قادتهم لما اجتمعت بهم في موسم الحج الماضي بمكة وحصل بيني وبينهم من التفاهم ما نرجو به الفائدة أن يكون [عهدا] بدل بيعه فقبلوا ذلك ولعلهم تعلقوا بما قرره شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في الجزء 18 ص21 من الفتاوى من عدم إنكار ذلك .
وكذلك تشديدك النكير عليهم في إبقائهم أحد الدعاة في المسجد للدعاء لهم ولعل قصدهم لاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حين بقي في العريش يوم بدر مع الصديق يناشد ربه النصر حتى سقط رداؤه عن منكبيه فرده الصديق وقال: يا رسول الله (بعض مناشدتك ربك فإن الله منجز لك ما وعدك)، ولا يوجب هذا العمل هذا التشنيع الفظيع هدانا الله وإياك وقد تمنيت أنك قبلت نصيحتي المتكررة لك وما أشرت به عليك سابقا ولاحقا في كتبي المرفق بعضها مع بعض صور مما صدر منك في الموضوع لأني كتبتها عن بصيرة وتأني ونظر في العواقب وموازنة بين جلب المصالح ودفع المضار وخبرة تامة بهم لتكرر اجتماعي بهم في مكة والمدينة والرياض مع ما استفدته من ثقات المشايخ الذين سافروا إليهم وحضروا اجتماعاتهم وأطلعوا عليها عن كثب وأعجبوا بها،
وكنت نصحتُك بما نصحتَ به محمود استانبولي لما تهجم عليهم على غير بصيرة كحال أكثر من شن عليهم الغارة في هذا الوقت بدافع الجهل والهوى نعوذ بالله من ذلك وقد قلتَ في رسالتك المذكورة لمحمود (وصلتني رسالة منك حول جماعة التبليغ ويؤسفني أن ينهج أحد الدعاة إلى الله هذا المنهج المخالف لشرع الله في سب أقرانه في الدعوة إلى الله وشتمهم وتضليلهم واتهامهم بتنفيذ مخططات أعداء الله في الكيد للإسلام والمسلمين،
كل ما في الأمر أن جماعة التبليغ نهجت في الدعوة إلى الله منهجا أخطأت – فيما نرى – في بعض جوانب منه ونرى من الواجب أن ننبههم على هذا الخطأ، كما نرى من الواجب الاعتراف بما في منهجهم من صواب وليت أخي يخرج معهم ليتعلم منهم اللين بدل القسوة والدعاء للمسلمين بدل الدعاء عليهم والجدل بالتي هي أحسن بدل الجهر بالسوء وكلنا محتاج لتفقد نفسه وتصحيح منهجه والرجوع إلى الله وإلى سنة رسوله في طاعة الله والدعوة إليه). انتهى كتابك بحروفه وقد كتبته بعد اختلافك معهم في الرأي ولكن الله انطقك بالحق فالحمد لله على ذلك. وإليك رسالتك المذكورة مع شكرنا لك عليها برفقه .
وربما اغتر بكتاباتك القاسية – ثقة بك – من لم يخالطهم في عمره ولم يخرج معهم ولم يعرف عنهم شيئا إلا من كلامك فيكون عليك وزرك ومثل أوزار من انخدع بما كتبت إلى يوم القيامة . فاتهم الرأي يا بُني وأعلم أن الله عند لسان كل قائل وقلبه وأن الله سيحاسب الإنسان عما يلفظ به أو يعمله، وألجأ إلى ربك وأضرع إليه أن لا يجعلك سببا في الصد عن سبيله وأذية المسلمين، واسأل الله عز وجل أن يشرح صدرك لما هو الأحب إليه والأنفع لعباده وأن يختم لي ولك بالخاتمة الحسنة إنه جواد كريم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد