مطلوب سعوديات للعمل ..!


وأنت تتسوق في بلاد كثيرة عربية وأجنبية تقرأ على أبواب كثير من المحال "مطلوب بائعة حسنة المظهر والسلوك"! كما أن شركات التسويق تستهدف الفتيات حِسان المظهر وعِذاب اللسان ومَنْ تُحسن اللبس والتزين، بل هناك شركات خاصة تعمل على سمسرة لتلك الموظفات من النساء.. وستلحظ أن كبيرات السن من 40 سنة فأكثر ليس لهن مكان! مع العلم أن هذا العمر تكون فيه المرأة محتاجةٌ إلى العمل والمصروف، ويكون غالباً لديها أولاد، وتتصف بالأمانة والتديٌّن والجدية، وقد وضع عنها الشرع بعض الأحكام، ودائماً تضرب المرأة كبيرة السن مَثَلاً حسناً بأنها تبيع وتشتري في "مباسط بيع" على جوانب الطريق في الأسواق، ولا مشاكل!

هذا دليل صحيح، ولكنه قياس فارق ومجحف وجاهل عندما تقارَن بفتاة صغيرة! الفَرْق ظاهر لكل عاقل بصير.

إن تخوُّف شريحة كبيرة من المجتمع من توظيف المرأة بدءاً من الباب الأول، وهو المحال الداخلية النسائية، سيكون فيه مدخل غير آمن مستقبلاً، سيؤدي إلى سلوكيات محتملة تجاههن لن ترضي الناس، وإن بدأن بداية نزيهة..

إن أردنا أن نوظف النساء بائعات، ونريد أن تشارك في البطولات الرياضية النسائية، ونريدها مثقفة تحضر منتديات المثقفين!! فلا بد أن ننجح أولاً في تربية الشباب على العمل، وأن ينجح شبابنا في جلب بطولات رياضية عالمية للوطن، وأن نضبط منتدياتنا الثقافية بالصورة المشرِّفة، ليس كالصورة التي ظهرت بها مع المثقفة السعودية، كما تناقلت الأخبار.

أنت لا تستطيع أن تأمن في بعض الأسواق والمنتزهات من الشباب المنفلت الذي يضايق العائلات؛ فكيف الحال إذا نُصِّبت الفتاة أمامهم في المحال وبين العمالة؟!

أعرف أن كثيرين يقولون هيمنة نظرية المؤامرة، أو التخوف غير المبرَّر، أو أن الاستدلال بقاعدة "سد الذرائع" مبالَغٌ فيه؟ فماذا يقولون عن بعض ما يُذكر من وضع النساء في المجتمعات المنفلتة أو في بعثات الدراسة؟ فإنهن بدأن من حيث ستبدأ به فتياتنا في الأسواق!! وهنا مكمن الخوف.

اليوم فتيات مجتمعنا كن - ولا يزلن - يتصفن بالحشمة والستر والاستقامة والحياء والعفة.. فلماذا لا تتم المحافظة على هذا المكتسب العظيم بدعمه وتسخير الوظائف المناسبة له كالأسواق النسائية المتخصصة، بدءاً من الملابس الداخلية إلى ما تحتاج إليه المرأة عموماً، وفي المستشفيات المتخصصة بأمراض النساء؟!! المجتمع هو المستهلك للتوظيف؛ فهو يريد شيئاً يوافق مكتسباته وعاداته وتديُّنه، ووزارة العمل لم تنظر لذلك!!؟
والمتأمل يجد أن توظيف المرأة في المحال النسائية مع بطالة الشباب سابقٌ لأوانه؛ فثقافة العمل لم تدخل عقول الشباب؛ فكيف بالنساء؟! وكثير من الأسواق تمتلئ بالعمالة الوافدة المختلفة الجنسيات والثقافات والعادات والأخلاقيات والسلوكيات!.. وهذا لا بد أن يؤثر سلباً وكارثياً في بناتنا اللاتي لم يخضن مثل هذه البيئات؛ فهل تستطيع وزارة العمل تهيئة بيئة منضبطة لبناتنا؟

لعل وزارة العمل الموقرة قبل تطبيق القرار تقوم بدراسة لمستوى سوق الملابس الداخلية من حيث الاستهلاكية، وكم معدل الرواتب؟ وهل تستطيع المحال صرف رواتب للسعوديات مع الأرباح المتدنية للمحال المستهدَفَة للتوظيف؟ ولتسأل الجهات ذات العلاقة كالشرطة وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما يتعلق بمناسبة بيئات الأسواق من أجل أن يوظِّف أحدنا أخته أو بنته أو زوجته في مثل هذه الأماكن؟ فهم المسؤولون أمام أمن واحترام كيان المرأة السعودية في السوق.

والخطط لا تُبنى إلا بأهداف مرحلية، ويتم الانتقال بين المراحل من خلال تحقيق أهداف مسبقة، ومن الفشل القفز لأهداف تتخطى ما قبلها، ومن العبث العشوائية في القرارات برد فعل معين!

حبذا لو استبينت وزارة العمل طبقات المجتمع المختلفة ماذا تريدون لنسائكم من أعمال مناسبة لدينكم وعاداتكم وثقافاتكم؟؟.. ولو وضعت شروطاً للعمل كما فعلت مع العمالة قبل سنوات بأن يكون عمر البائع فوق 40 سنة بأن تكون المرأة فوق 40 سنة، وأن تكون متزوجة، ونحو ذلك.. وأن تكون محال المستلزمات النسائية على الأقل مستقلة عن محال الرجال، أو تكون في دائرة مغلقة في الأسواق، كما هو الحال في المطاعم أو أماكن ألعاب الأطفال المستقلة بالنساء فقط، وأن يكون هناك أمن نساء في الأسواق.. فهل يمكن أن يكون؟
التاريخ لن يسامح مَنْ يجر الناس إلى قرارات سطحية النظرة وقريبة النظر، ولم يوضع لها توقعات لما قد يحدث.. وللنظر للنتائج ولو بعد سنوات..
فماذا نتوقع أن تكون دعاية العمل للفتيات عندنا ؟؟!! اكتبوا ما شئتم ...

م/ن