قال حدثنا : ان قيادة أمن الدولة في الحكومة المصرية السابقة والتي كان يطلق عليها شعبيا مسمى ( أمن الرئاسة ) ! .. كناية ان هذا النظام الأمني لم يكن مخصصا لحماية الوطن بل لحماية الرئيس المصري السابق فقط لاغير ! .. كان قد طرح ذات يوم مسودة دراسة يتناول من خلالها الاخطار المحتملة التي يمكن من خلالها اسقاط نظام حسني مبارك داخليا ! .. وكانت الدراسة قد توصلت الى خطرين رئيسيين .. وهما :

1 - الحركات الإسلامية ( الأخوان - السلفيين - التكفير والهجرة ) .. والتي أوصت من خلالها الدراسة الى تقويض نشاطهم وعملهم الاعلامي والنقابي من خلال مطاردة رموزهم الفكرية وقياداتهم والنشطاء من اتباعهم والزج بهم في السجون .

2 - المناطق العشوائية ( هنالك مناطق في مصر تسمى العشوائيات والتي يمكن ان نطلق عليها اماكن غير مخصصة للاستخدام الآدمي ! .. ويسكنها شريحة تشكل رقما مهما في سلم المجتمع المصري ويسود تلك المناطق الجهل المدقع وغياب الثقافة الدينية لذلك تعد بيئة خصبة للجريمة وممارسة الرذيلة ) .. وقد أوصت الدراسة على بقاء الوضع كما هو عليه !


وكان ان تفاجأ النظام بعد ذلك أن الثورة المصرية صنعها جيل شاب لا يحمل فكر الحركات الاسلامية ولا يحمل معاناة المناطق العشوائية بل أن هذه الفئة من الشباب كانت محط سخرية الآخرين في مجتمعهم وهم يصفونهم بالقول : دول عيال بابي ومامي .. ما يطلعش منهم حاجة ! .. الأمر الذي علقت عليه بالقول إنها مشيئة الله بأن تحل إرادته من حيث لا علم لنا ولا قوة .. وأمره تعالي اذا اراد شئ ان يقول له ( كن ) فـ ( يكون ) ،،،

فعلق احد اصدقائي بالقول : نعم .. هي مشيئة الله .. ولكن ما الذي يدفع هؤلاء الشباب للأقدام على مغامرة لا تحمد عقباها قد يكون مصيرهم فيها الموت ! .. ثم استطرد : ما الذي دفع شبابنا في الجامعات للخروج على النظام باليمن ؟ .. وفي ليبيا .. وفي سوريا وتونس ؟! .. نعم هي مشيئة الله .. ولكن لماذا ؟! .. لماذا الثورة ؟!

حاولت ان اتدارك نفسي امام هذا السؤال الذي داهمني وانا في لحظة سلام مع نفسي والعالم من حولي ! .. فقلت : هو الظلم !

قال صاحبي : الظلم موجود في كل مكان .. حتى كندا التي ازعجتنا بها يوجد فيها شئ من الظلم كما ذكرت على لسانك في حديث سابق .. فلماذا لم يخرج الكنديون يسقطون النظام ؟! .. ثم اردف ساخرا : هل خشى الكنديون على انفسهم من السجون السرية والمحاكمات الصورية وتعليق اعناقهم في المشانق !

قلت له وقد شعرت انه متحفز نحوي : وما رأيك أنت ؟

قال : أنا أسالك .. ولو كانت لدي اجابة لما سألتك !

قلت له وقد شعرت إنه تمكن مني جيدا هذا الصديق اللئيم ابن الـ ...... كما في رواية المشاغب ! .. ما الذي تريده يا صاحبي فانا اعلن انسحابي واكفني شرك !

قال يحاول استفزازي : ليست العادة أن تنسحب بهدوء ! .. وسأعد هذا انتصار بالضربة القاضية ،،،

قلت له ببرود وأنا أداعب أرنبة أنفي : لك ذلك .. مبروووك هذا النصر المبين !

قال ويبدو ان بردوي لم يروق له : في المرة القادمة امنحني اجابة مقنعه .. فنحن جميعا نعلم بمشيئة الله ولكن يبقى السؤال : لماذا ؟

مضت بضعة ايام ومفردة ( لماذا ؟! ) يتردد صداها في دهاليز عقلي .. استيقظ واضع رأسي على مخدتي ومفردة ( لماذا ؟! ) حاضرة لا تريد الرحيل ! .. حقيقة الأمر انني وجدت نفسي في صراع ذهني يروقني وانا ابحث عن ( لماذا ؟! ) التي صنعت الربيع العربي ؟! .. كلما تناولت سببا وجدت نفسي غارقا في تفاصيل عدة ! .. وكلما سطرت فكرة وجدت نفسي استرسل في اطروحات مختلفة ! .. حتى أتى ذلك اليوم الذي ارسلت الى صديقي رسالة عبر الهاتف الجوال اكتب له من خلالها في بضع سطور ..

عندما تصبح الكلمات لا معنى لها
ويصبح الألم ليس له ثمن !
والشعارات لا حقيقة لها
والمستقبل بلا حلم
حينها .. سوف نعرف لماذا ؟!



ولا زلت في إنتظار رد صاحبي !


ودمتـم في خيـر