بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحكمة في إمهال الظالمين
قصة من التاريخ
مرّ رجل على قصر الحجاج بن يوسف فرأى رجلاً مصلوباً قد عُذب عذاباً شديداً فرفع بصره إلى السماء وقال : يا رب حلمك على الظالم أضرّ بالمظلوم وأشار بيده إلى الرجل المصلوب .
ثم ذهب هذا الرجل إلى بيته فنام فرأى في المنام مناديا يقول له حلمي على الظالم جعل المظلوم في عليّين .
الله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير وقادر على أن يبطش بالظالمين لحظة ظلمهم ولكنه سبحانه يمهل الظالمين ولا يهملهم وله في تأخير عقوبتهم حكم كثيرة :
إمهال الظالم رجاء التوبة
( فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
وقد أرسل الله نبيه موسى عليه السلام إلى فرعون الطاغية : (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)
إمهال الظالم بهدف الاستدراج
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : (وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ ظَٰلِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ )
تسليط الظالمين بعضهم على بعض
(وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) فما من ظالم إلا ويبتلى بأظلم
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقال رجل : يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره ؟ قال : تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره"
صبر المظلوم على الأذية
عندما عُذب الإمام أحمد في فتنة القرآن قال لابنه: يا بني مررت بهذه الآية (فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) فنظرت في تفسيرها فإذا هو إذا كان يوم القيامة قام مناد فنادى لا يقوم إلا من كان أجره على الله فلا يقوم إلا من عفا، فسامح الإمام أحمد كل من عذبه وقال لابنه : وما على رجل ألا يعذب الله أحدا بسببه .
إن الله عدل يحب العدل فإنه يوم القيامة يقتص من الظالم فيأخذ من حسناته فإن لم يكن لديه حسنات أُخِذَ من سيئات المظلوم ثم طرحت عليه لتضاف إلى سيئاته
التعرف على مظاهر الشر
لو عوقب الظالم فور ظلمه لما شعر الناس بالشر ولما خافوا من الظلم والظالمين وما دعوا ربهم مخلصين أن ينجيهم.
انتفاء التكليف
لو عوقب كل ظالم فورا لأصبح الايمان بالله بديهياً، أي لاستسلم الكفار والمؤمنون معاً ولأنتفى التكليف وانسدّ بابه .
التدافع بين الخير والشر :
إمهال الظالمين جزء من سنة الله في خلقه سنة التدافع بين الخير والشر وعلى المسلمين ألا يركنوا للظالمين المعتدين الذين يعيثون في الأرض الفساد ويهلكون الحرث والنسل .