أنثى اليم
.
في ليلة ماطرة.. جلست على مرمى حجر من البحر
أسمع هديره الجبار.. تدافع أمواجه العنيفة.. ارتطامها بالصخور.. بقسوة
أغلق عيني.. آخذ نفس عميق.. فأرتوي من الرائحة الصاخبة
أرهف السمع.. ما هذه الأصوات
أيعقل أن تكون أصوات الذاكرة
تبعتني أيضا إلى هنا؟
قمت من على الرمال محاولة نفث الأصوات المتداخلة.. أسير وأسير..
هاجمتني الأفكار من جديد من كل ناحية .. لمَ نتغير؟.. لم لا نضل على حالنا ؟
منذ........... " .." ........ كنت ها هنا.. على نفس المنوال.. أمارس عادتي المترسخة..
التفرد بالبحر.. حين تداخل عناصر الطبيعة.. يم.. مطر.. غيوم.. طيور النورس.. تحوم.. وتجود بعويل يرهب الروح
لماذا هذه المرة لا أحسني أنا
لماذا أشعر أني مجرد شبح.. لتلك التي كانت هنا أمس البعيد..
القالب نفسه .. لكن الجوف تداعى ورمم آخر.. لم تبق منه إلا هذه الهواية السخيفة
حب البحر.. أثناء فصل المطر
لمَ كل ثانية تحمل تغير.. نتغير .. نختلف..لم تهدم البيوت الدافئة.. لتبنى عمارات منمقة.. تافهة..
لم أوجهني للشمس الحانية.. وما إن أألف السخونة.. حتى تمتد الغيوم المخيفة.. لتلتهم الشعاع.. وتجود بلسعة البرد
مع ذلك أحببت البرد كثيرا.. أن لا تشعر بأطرافك من فرط الصقيع.. هو بعينه هدف منحوت
لم.. لم أعد أنا.. كيف سمحت بهكذا انجراف..
تلاشت بسمة الصفاء.. لتحل محلها ضحكة سخرية رنانة ..تجوب كل الزوايا .. والأرجاء
تقهقرت أيادي الطيبة.. لتتخذ مكانها.. سحنة الغضب والريبة
تراجعت خطوات الألفة والشجاعة .. لتحوزها أشواط الاحتراز.. والتوجس.. بجرأة
هاهي أسراب النوارس تحوم في السماء ....تشخص عيناي معها حتي تختفي وراء الغيوم .. وأعود للسير من جديد
حل الغروب.. هذا المنظر الغريب.. جمال مع سأم.. رونق.. مع غصة وداع.. وألم..
خيوط برتقالية داكنة.. تلتهم الضوء و شعاع النور.. رويدا.. رويدا.. تخنق البصيص.. فتخنقني معه.. أحس ذرات الأمل تتلاشى.. الصبر يندثر .. طعم النهاية.. مذاق موت الأشياء.. يغوص للحلق.. يا لكرهي الشديد لهذا منظر.. ويالساعات انتظاري له.. بالفعل مفارقة غريبة
لسعات برد اجتاحت الصبر.. أحكمت معطفي حولي.. حشرت يداي في الجيوب بحثا عن دفء
وغيرت وجهتي صوب البحر.. قطعت المسافة الفاصلة بيني وبينه في خطوات سريعة.. أخيرا غاصت قدماي في الماء البارد.. أحسست نشوة طاغية.. فتحت ذراعاي للمدى.. متأملة الأمواج.. الزبد .. والأفق المترامي من بعيد..
سألته بحري الأزلي............. أو هذا هو النضوج؟؟
أو هذا هو التسرب والحياة..؟؟
أهكذا التواكب الجارف؟؟
أجابني الهدير.. وصوت ضياع يئن.. بصخب أمواج يقتل الصمت..
أن نعم هذه انتِ
وستضلين هكذا.. كما أنتِ
قلب طفلة................ بين ضلوع امرأة
بسمة براءة ............... تحتال ملامح ناضجة.. بثقة .................. بريبة.
من مذكراتي المغلقة
,
.