الورقة الأخيرة
انتقيتني من بين كل الزهرات....حين وطأت قدماك روضتي...اقتربت بخطاك حيثما زاويتي
طأطأت رأسك لتشتم عبيري....أفزعتني تلك الشهقة التي زفرتها ....وأرعبتني تلك اللمسة
من كفيك.
كل ذلك كان بلحظات.....أعجبتك....أنشتك عطوري....وأدفأك ملمسي .
أخذت أول قطافي...وكم كنت أنا سعيدة بذلك....إذ رأيت فيك التحنان علي بعد
أصبحت لك...ملكك...لا أحد يشاركك بي..
أويتني أرضك.....أغلقت النوافذ وأسدلت الستائر....أطفأت الأضواء
رفعت عيني متسائلة:ما الخطب سيدي؟
هدّئي من روعك زهرتي...أخشى عليك من عيون مُستَرِقة...ونسمات هواء باردة
ومن شدة ضوء فيه إيذاؤك...
ارتسمت ابتسامة رضا على شفتي....وحملت مقصاً خلعت به كل ما بي من أشواك
لئلا توخزه وتؤذيه.
مرت أيام وأيام...وبدأ إهمالي....بعد أن امتص رحيقي....واعتصر عبيري...ونفذ كل أريجي
وأخذت أوراقي تتساقط ورقة تلو الأخرى....فلم يتبق سوى عدة وريقات وورقة أنهكها الحرمان.
وذات يومٍ إذا به يدخل وبيديه وردة يانعة...جميلة ذكرتني بنضارة كانت مرتسمة يوما بي.
وها هو يفعل كما فعل حين اصطحبني في ذاك اليوم....وبنفس الكلمات بادر حديثه معها
نظرت إليها فرمقتني بنظرة ساخرة....ومدت يديها لتتباهى بأشواكها المدببة....ابتسامة ساخرة
رمتها لي ....وطلبت منه رميي خارجا.
مسكني بقوة دون رحمة ...طرحني أرضاً خارج فناء بيته....تساقطت الوريقات إلا ورقة.
ضحك ضحكة مدوية...ورفع قدمه ليدوس اخر أوراقي.
صرخت بوجهه قائلةً:
أتركها لي.....فما زال بها حياة روح....ونبضة قلب....ستحيا ولكن ليس لأجلك
وإنما لتدون لك ما تخفيه زهرتك الجديدة....وما ستناله من أذاها....فلديها أشواكها
لتغرسها في صميم قلبك....وتمزق أوردتك المجردة من المشاعر.
وستعلم الفرق بيني وبينهن مهما توالت عليك الأشكال والألوان.....وليس كلهن عندهن الحنان
أو التحنان.....ولسن متشابهات.
يا قاطفي:
ستشد ورقتي الأخيرة عودها....وتقف من جديد...وستأتيني يوما مطالبا الغفران
عندها سيصلك الجواب:
إذهب فأنت مطرود من روضتي....فلن أغفر لك
وستجدها مدونة على أخر ورقة...
لست بحاجتك....