~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~قصيدة : فِلَسْطِيْنُ تَبْكِيْ .. فِلَسْطِيْنُ تَضْحَكْ !
شعر / سـامي القريني
•إلى الشاعر الراحل / محمود درويش.
تَرَكْتَ الْحِصَانْ
يُلَمْلِمُ تِيْهَكَ فِيْ اللاَّمَكَانْ ..
وَيَسْأَلُ عَنْ غَيْمَةٍ عَبَرَتْ
طَلْقَةٍ شَرَدَتْ
مِنْ مُسَدَّسِ قَاتِلِهَا
فَأَصَابَتْ جِدَارَ الضَّبَابْ
وَعَنْ قُبْلَةٍ، فِيْ فَمِ الاِسْتِعَارَةِ لَمْ تُعْتَقَلْ
عَنْ قَمِيْصِ النَّدَى
عَنْ شَظَايَا التُّرَابْ
ثُمَّ يَكْتُبُ مَرْثِيَّةً لِلصَّدَى
هَازِئاً بِالأَمَلْ !
سَابِحاً فِيْ خِضَمِّ الغِيَابْ .
وَاقِفاً كُنْتَ حِيْنَ أَتَى
لَمْ يقلْ أيَّ شيءْ
رُبَّمَا كَانَ يَعْلَمُ أنَّكَ أَنْتَ الفَتَى ..
إِنَّهُ بَيْنَ ضَوْءٍ وَفَيءْ
إِنَّهُ فِيْ سُؤَالِكَ عَنْ كُلِّ لُغْزٍ :
- لِمَاذَا .. ؟
مَتَى .. ؟
إنَّهُ الْمَوْتُ ..
وَالرَّاحِلُوْنَ إِلَى كَهْفِهِ .. عَائِدُوْنْ
كُلُّهُمْ عَائِدُوْنْ !
بَعِيْداً عَنِ اللَّوْزِ ..
تَتْلُوْ عَصَافِيْرُكَ الأُغْنِيَاتِ اليَتِيْمَةَ
إِذْ كُلُّ أَرْضٍ هُنَا عَتْمَةٌ،
وَبَقَايَا رَمَادْ ..
فَفِيْ أَيِّ زَاوِيةٍ سَوْفَ نَرْفَعُ خَيْمَتَنَا / سُوْرَ خَيْبَتِنَا .. ؟
وَنُعَزِّيْ البلادْ !
تُفَتِّشُ عَنْ أَثَرٍ لِلْفَرَاشَةِ،
يُغْوِيْكَ مَوْتُكَ .. تَسْتَسْلِمُ اليَاسَمِيْنَةُ،
وَالرُّوْحُ تَطْفُوْ عَلَى مَا تَنَاقَضَ فِيْهَا / وَمِنْهَا،
فَهَلْ تَحْمِلُ الآنَ بَوْصَلَةَ الغَيْبِ ؟
كُلُّ الْجِهَاتِ أَمَامَكَ مُكْتَظَّةٌ بِالضَّحَايَا،
وَلا شَكْلَ لِلْمَوْتِ،
لا طَعْمَ لِلْمَوْتِ،
لا لَوْنَ لِلْمَوْتِ،
لَكِنَّهُ رِعْشَةٌ فِيْ كِيَانِ الْحَقِيْقَةِ،
فِيْ هَيْكَلِ الكَوْنِ،
أَوْ وَتَرٌ هَارِبٌ مِنْ فَضَاءَاتِ آلَتِهِ،
إِنَّهُ الْمَوْتُ رَقْصَتُنَا،
خَيْطُ شَمْعَتِنَا،
سِرُّ دَمْعَتِنَا حِيْنَ نَجْهَلُهَا !
إنَّهُ عَزْفُنَا الْمُنْفَرِدْ ..
رُبَّمَا هُوَ فِيْ كُنْهِهِ مَشْهَدٌ حَذَفَتْهُ الرِّقَابَةُ،
أَوْ جُمْلَةٌ نَقَصَتْ حِيْنَ أَكْمَلَهَا شَاعِرٌ
قَرَأَ الْمُسْتَحِيْلَ فَمَا زَادَهُ الشَكُّ إِلاَّ يَقِيْناً بِمَنْ سَيَجِيْءُ
وَمَا سَوْفَ يَحْدُثُ بَعْدَ الوَدَاعِ،
فَأَرْخَىْ السِّتَارَ ..
وَأَشْعَلَ آخِرَ سِيْجَارَةٍ
كَيْ يُطَمْئِنَ مَا فِيْهِ مِنْ قَلَقٍ وَاضِحٍ
فِيْ غُمُوِضِ الْحَنِيْنِ إِلَى البِئْرِ -
وَالْمَرْأَةِ الْـ غَادَرَتْ فِيْ القِطَارِ الأَخِيْرِ كَنِيْسَةَ تُفَّاحِهَا،
ثُمَّ لَمْ تَنْتَبِهْ ..
وَهْوَ لَمْ يَنْتَبِهْ .. !
إِنَّه الْحُزْنُ فَاكِهَةُ القَلْبِ،
وَالْمَوْتُ قَهْوَتُهُ !
رُبَّمَا هُوَ ذَاكَ الْحُضُوْرُ / الغِيَابُ،
الوِلادَةُ،
فَلْسَفَةُ اللاَّوُجُوْدِ / الوُجُوْدُ،
فَيَوْماً تَرَاهُ بِكُلِّ الوُجُوْهِ
وَيَوْماً تَرَاهُ بِكُلِّ الْخُطُوْطِ
وَيَوْماً تَرَاهُ بِكُلِّ الْخَرَائِطِ
حَتَّى إِذَا مَا تَوَصَّلْتَ لِلْحَلِّ
أَدْرَكْتَ أنَّكَ مَا زِلْتَ تَجْهَلُهُ !
كَئِيْبٌ سَرِيْرُ الغَرِيْبَةِ هَذَا الْمَسَاءْ
وَتِلْكَ السَّمَاءْ
سَتُجْهِضُ نَجْماً
تُحِسُّ انْسِدَادَ شَرَايِيْنِ هَذَا الْهَوَاءْ
فَلا تَنْتَظِرْ
إِنَّ كُلَّ الشُّمُوْسِ التِيْ جَرَّدَتْهَا الْمَجَرَّاتُ
- مِنْ رَمْزِهَا وَهُوِيَّتِهَا –
قُرْبَكَ الآنَ قَدْ بَدَأَتْ تَنْفَجِرْ
وَإنَّكَ فِيْ حَضْرَةِ الْمَوْتِ
بِالْحُبِّ وَالشِّعْرِ حَاوَلْتَ أَنْ تَنْتَصِرْ
وَحَاوَلْتَ ..
حَاوَلْتَ لِلْمَرَّةِ السَّابِعَةْ
وَغَيَّبَكَ الْمَوْتُ فِيْ السَّاعَةِ التَّاسِعَةْ
وَلَمْ تَعْتَذِرْ !
يُحَاصِرُكَ البَحْرُ .. تَمْدَحُهُ
تَرَى مَا تُرِيْدُ مِنَ الشَّوْكِ،
فَالْحُبُّ ضَوْءٌ وَظِلُّ
سَيَكْفِيْكَ كَيْ تَقْرَأَ الْمَاءَ أَكْثَرَ ..
وَرْدٌ أَقلُّ .. !
تَرَكْتَ الْحِصَانْ
وَأَنْتَ اخْتَفَيْتَ وَرَاءَ الصَّهِيْلْ
وَرَاءَ احْتِضَارِ القَنَادِيْلِ فِيْ زَحْمَةِ اللَّيْلِ
إِذْ كُلُّ مَا فِيْ القُرَى
مُبْهَمٌ ..
مُوْحِشٌ ..
مُوْجِعٌ ..
صَامِتٌ مِثْلَ جُرْحِ النَّخِيْلْ !
وَكُلُّ العَصَافِيْرِ مَاتَتْ بِصَدْرِ الْجَلِيْلْ !
فِلَسْطِيْنُ تَبْكِيْ .. فِلَسْطِيْنُ تَضْحَكْ !
فَأَغْمِضْ جُفُوْنَكَ
تُبْصِرْ سَمَاءَكْ
فَنَحْنُ الغَرِيْبُوْنَ نَعْشَقُ – حَدَّ الْجُنُوْنِ – غِنَاءَكْ ..
لَنَا لُغَةٌ تُتْقِنُ الآنَ فَنَّ البُكَاءِ عَلَيْكْ !
لَنَا وَطَنٌ خَبَّأَتْهُ الأَعَاصِيْرُ
- مُذْ أَنْكَرَتْنَا الْمَشَاوِيْرُ –
حَتَّى قَرَأْنَاهُ فِيْ رَاحَتَيْكْ ..
فِلَسْطِيْنُ تَبْكِيْ .. فِلَسْطِيْنُ تَضْحَكْ !
فَهَلْ يَسْتَطِيْعُ الْمُغَنِّيْ – إِذَا خَانَهُ العُوْدُ – شَرْحَكْ ؟
وَأَنْتَ كَمَنْجَتُكَ العَاصِفَةْ
فَنَمْ ..
سَوْفَ تَبْقَى فِلَسْطِيْنُ بِالعِزِّ فِيْ عُمْقِ أَعْمَاقِنَا وَاقِفَةْ
وَتَبْقَى مُكَلَّلَةً بِالشُّمُوْعِ،
وَمُثْمِرَةً بِجَنَى العَاطِفَةْ .
وَسَوْفَ تَجِيْئُكَ "ريتا"
تُرَتِّبَ بَرْزَخَكَ الآنَ ..
تُسْقِطُ عَنْ ظَهْرِكَ البُنْدُقِيَّةْ !
فأَثِّثْ خُلُوْدَكَ بِالأَبَدِيَّةْ
فَلا مَوْتَ بَعْدَ الذِيْ قَدْ تَقَمَّصْتَهُ -
قَبْلَ يَوْمَيْنِ - يَا فَارِسَ الأَبْجَدِيَّةْ
فِلَسْطِيْنُ تَبْكِيْ .. فِلَسْطِيْنُ تَضْحَكْ !
وَيَشْرَبُ غَيْمُ السَّمَاءِ دَمَكْ
وَأَنْتَ ..
تَرَكْتَ
الْحِصَانْ ..
يُعَالِجُ - مِنْ بَعْدِ مَوْتِكَ –
دَاءً بِقَلْبِ الزَّمَانْ !
فَمَا أَكْرَمَكْ ...
2008/8/12~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~