في ظلمه الليل المملوءه بالامطار ، في قسوه برد الشتاء ، كنت عائده الى البيت ، اوقفتني نظره حائره من طفل لا يكاد يبلغ السادسه من عمره ، تعمقت في عينيه الحزينتين الدامعتين المملوءتين بالحيره ، واللتين تبحثان بنظرتيهما عن شي ضائع ، تعمقت اكثر في تلك العينين اللتين تكادان تصرخان من شده الالم والحزن ، فأدركت ان الشيء المفقود هو "الحنان" .
شيء اثار فضولي لاظل واقفه حتى اعرف النهايه لأبحث عن هذا الشيء المفقود ، راقبت الطفل من بعيد حتى لا احدث له شيئا من الخجل ، مع انني كنت انظر اليه وهو في حال يبكي من ليس له قلب ، وينطق الحجر صارخا سائلا عن الحنان المفقود .
وقف الطفل دامع العينين ينظر الى من مثله من الاطفال الضاحكون الذين يلعبون ويمرحون.......
ظل واقفا املا في ان يأتي احد من هولاء الاطفال ويخرجه من حاله الحزن الى حاله الفرح والنشوه.....
ولكنهم كانوا مشغولين باللعب عن رؤيه من حولهم .... اتخذت قرارا بأن اساعد هذا الطفل كي يخرج من هذه الحاله بأي طريقه ، فذهبت اليه في خوف من ان يرفض التحدث معي خوفا من اكون واحده من ذوي القلوب المتحجره .
ذهبت اليه راجيه ان يطمئن لي وتخذ ما يبحث عنه في انسانه لا يعرفها . حاولت التحدث معه بشكل لطيف ، واخيرا أطمئان لي وتمتم بكلمات كثيره كما لو انه ما تكلم من قبل الا بعينيه المعبرتين عن كل الحزن والالم ....
تمتم بكلمات ما فهمت منها الا ان ساعدتني نظرات عينيه الحزينتين تصرخان وتقولان اين امي؟؟ !!... امي........ ضاعت مني ، امي ذهبت وتركتني وحدي في هذه الدنيا . فأخذت استرجع ما سمعنه من كلمات حتى تيقنت ان امه قد ماتت ، واباه تزوج وتخلى عنه وتركه لقساه القلب ، تركه بلا ام ولا اب ، تركه لزوجه اب قاسيه القلب...... عندما عرفت حكايه ذلك الطفل كاد وجهي يحترق غضبا من ذلك الاب القاسي....يا لهذا الاب القاسي!!! يا لهذا القلب المتحجر!!! ولكن قلت في نفسي : ما ذنب هذا الطفل البريء ؟؟؟!!! لم يرتكب ذنبا ليلقى كل تلك القسوه من اقرب الناس اليه......نظرت الى الصغير وابتسمت له ابتسامه تطمئنه وتقول له : ما زال هنالك خير في هذه الدنيا ...... واذا كان اقرب الناس قد تخلى عنك فهنالك من يتمنون ابتسامه بريئه تخرج من شفاه طفل جميل مثلك ...... اقتربت من الطفل واخذته في حضني ..... وضممته بين ذراعي فاحسست يقول الطفل لي......
اين كنت يا امي ؟؟؟!!!... بحثت عنك في كل مكان ...... اخيرا قد وجدت ما ابحث عنه في هذه الدنيا...."الحنان"......