مدخل الى مفهوم اللعب :
اللعب ساحة سحرية تحتوي العالم بأسره ، فهو كل ما يقوم به الطفل طوال يومه باستثناء النوم ، وهو وسيلة الطفل في ادراك العالم المحيط ، ووسيلة لاستكشاف ذاته وقدرته المتنامية ، أداة دافعة للنمو تتضمن أنشطته كافة العمليات العقلية ، وسيلة للتحرر من التمركز حول الذات ، وسيلة تعلم فعالة ، تنمي كافة المهارات الحسية والحركية والاجتماعية واللغوية والمعرفية والانفعالية وحتى القدرات الابتكارية ، وهو كذلك ساحة لتفريغ الانفعالات
(السيد ، 2001 ، 75) . ويعد اللعب الشكل الجوهري للتواصل بالنسبة للطفل ، حيث أنه خبرة تلقائية مستمدة من الحياة تدور في اطار زماني ومكاني (winnicotte , 1988 , 60) فضلاً عن كونه النشاط الذي يقوم فيه الأطفال بالاستطلاع والاستكشاف للأصوات والالوان والاشكال والاحجام وكل العالم الذي يحيط بهم ، حيث يظهر الأطفال قدراتهم المتنامية على التخيل والانصات والملاحظة والاستخدام الواسع للادوات والخامات وكل ذلك للتعبير عن أفكارهم للتواصل مع مشاعرهم ومع الآخرين (GRAFT ,2000 , 39) . ان تحديد مفهوم اللعب ليس بالامر البسيط بل انه أمر في غاية الصعوبة فهنالك مفاهيم وآراء متعددة بتعدد العلماء والفلاسفة والتربويين ، ولقد حاول هؤلاء التصدي لمفهوم اللعب ودوره في تربية الطفل ما قبل المدرسة الابتدائية، إلا ان هناك اجماعاً على أهمية اللعب واسهاماته في مرحلة الطفولة ، ويؤكد الكثير منهم أن اللعب عمل جاد ، بالرغم من ان العمل الجاد يعد في نظر الكثيرين نقيض ما عرف به اللعب ، وقد تكون هذه الطريقة متعمدة من جانب علماء التربية لجذب الاننتباه الى المعنى الحقيقي للعب (حسان ، 1986 ، 106) .
ويمكن الاشارة الى مفهوم اللعب "بأنه ظاهرة اجتماعية نشأت تاريخياً ونوع مستقل من أنواع النشاط للطفل كما يمكن أن يكون اللعب وسيلة لمعرفة الذات واللهو ووسيلة للتربية البدنية والاجتماعية العامة ووسيلة للرياضة وعنصراً لثقافة الشعوب " (مجيد ، وبيلفسكي ، 2000 ، 11). فضلا ًعن ذلك فأنه " نشاط حر ، يأتي به الطفل طواعية أو بايعاز من الكبار يقضي فيه وقتاً ساراً وليس به من وجهة نظر الطفل من هدف سوى الاستمتاع به لذاته"(الطحان،وآخرون،1989،209) . كما يمكن الاشارة الى مفهوم اللعب بأنه " نشاط موجه أو غير موجه يكون على شكل حركة أو عمل يمارس فردياً أو جماعياً ويستثمر طاقة الجسم الحركية والذهنية ، ويمتاز بالسرعة والخفة لارتباطه بالدوافع الداخلية ولا يتعب صاحبه ، وبه يتمثل الفرد المعلومات ويصبح جزءا من حياته ولا يهدف الا للاستمتاع" (بلقيس ، ومرعي ، 1982 ، 15).
ويرى الباحث ان مفهوم اللعب ليس فقط كونه وسيلة للتربية البدنية أو لقضاء وقت الفراغ والاستمتاع بل يتعدى مفهوم اللعب إلى اكثر من ذلك كونه عاملا مهما من العوامل التي تؤثر في التنشئة الاجتماعية للطفل وتكوين مقومات شخصيته بابعادها كافة لذلك يمكن اعتبار اللعب حقيقة ضرورية لنمو الطفل من الناحية العقلية والنفسية والاجتماعية والاخلاقية.
ويمكن تقسيم اللعب إلى نوعين رئيسين ، هما اللعب الفعال واللعب غير الفعال ، ففي اللعب الفعال يحصل الطفل على المتعة مما يقوم به مباشرة ، سواء كان ركضا أو رسما أو تكوين نماذج من طين ، بينما في اللعب غير الفعال تشتق المتعة من مراقبة نشاطات الآخرين. فالطفل يستمتع بمشاهدة الأطفال الآخرين وهم يلعبون ، أو مشاهدة الناس والحيوانات في التلفاز أو التطلع إلى الأشياء الهزلية، كل ذلك يعد لعبا لا يتطلب إلا جهدا قليلا من قبل الطفل والأطفال في كل الأعمار يشاركون في كلا النوعين من الألعاب ، وإن نسبة الوقت المخصص لكل منهما لا تعتمد على عمر الطفل فقط ، بل على صحته وعلى المتعة التي يحصل عليها من كل نوع منهما ايضا . ورغم ما يشاع من أن اللعب الفعال يسود في الطفولة الأولى ، وان اللعب غير الفعال يسود في فترة متأخرة من حياة الطفل ، فان ذلك لا يصح دائما . فالطفل الصغير قد يفضل التلفاز على اللعب الفعال ، لانه لم يتعلم بعد كيف يمارس الألعاب التي يقوم بها اقرانه في نفس سنه ، فاذا تعلم ان يلعب ما يلعبه أقرانه ، فان اهتمامه في اللعب الفعال يحول انتباهه عن التلفاز أو مراقبة ألعاب الناس وتسليتهم (الزوبعي،واخرون،2001، 159).